Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

تغريدة مصرية تشعل العلاقة بين ثالوث السياسة والبزنس والإعلام

الملياردير نجيب ساويرس يدخل معركة حامية الوطيس مع الإعلاميين باتهامهم بـ"التطبيل"

نشر رجل الأعمال المصري نجيب ساويرس صورة مركبة لإعلاميين يطبلون فأثارت عاصفة من الغضب والسخرية (أ ف ب)

أبى عام 2022 الساخن الصعب الشرس أن يمضي من دون أن يترك لملايين المصريين وغيرهم من المهتمين بشأنهم في أرجاء المعمورة بصمة صاخبة مخلفة "ترنداً" محتقناً وجدلاً محتدماً يؤهله ليكون افتتاحية لـ2023.

وعلى رغم أنه كان عاماً مليئاً بمعارك حامية الوطيس وخناقات لا تنقصها الإثارة، إلا أن تلك المعركة الأخيرة لا تترك وتراً حساساً إلا دقت عليه أو عصباً حائراً إلا وفاقمت من حيرته.

سياسة وبزنس وإعلام

ثالوث المعارك المحتدمة وأعمدة السجالات المشتعلة وأركان الأسرار المختبئة تفجرت في وجوه ملايين المصريين وغيرهم قبل ساعات من انتهاء العام الماضي وبداية السنة الجديدة.

السياسة والبزنس والإعلام، هذا الثلاثي شديد الارتباط عميق الاشتباك المرتبط منذ فجر الحضارة بعلاقة حب كراهية قرر أن "يسلي" الجموع الغفيرة في تلك اللحظات الحاسمة من وداع عام صعب مضى واستقبال آخر يبدو أنه سيكون أكثر صعوبة.

صعوبة تصديق ما جاء في تغريدة الملياردير المصري نجيب ساويرس نجمت عن فداحة السخرية وجرأة الاتهامات وصدمة المجاهرة، كعادة رجل الأعمال المثير للجدل، إن لم يكن بحجم مشاريعه فبفكره السياسي، وإن لم يكن هذا أو ذاك فبحس السخرية اللاذع المصحوب بروح دعابة صادم، المعمعة الأخيرة في 2022 بدأت بـ"تغريدة" مفجعة، وليتها كانت جديدة، بل معاد تدويرها.

صورة التطبيل

صورة لمجموعة من نجوم "التوك شو" في مصر هم عمرو أديب وأحمد موسى وتامر أمين ومحمد الباز ومعتز عبدالفتاح ومصطفى بكري، مع تعليق "فيه واحد ناقص".

10 ملايين قراءة، و11 ألف تعليق، و800 آلاف إعادة تغريد و70 ألف "لايك"، وعشرات من التداول الإعلامي للتغريدة الأيقونية المثيرة للقيل والقال والتأييد والاعتراض والضحك والغضب فتحت أبواباً ظن المصريون أنها أغلقت قبل سنوات.

قبل سنوات، وتحديداً 12 سنة، انخرط المصريون في غياهب القوائم السوداء وأخرى بيضاء، وتصنيفات تقسم الشخصيات العامة من ساسة وإعلاميين ورجال وسيدات أعمال وغيرهم كل بحسب علاقاته وانتماءاته وميوله على مدار ثلاثة عقود من حكم الرئيس السابق الراحل محمد حسني مبارك.

وظهرت في أعقاب أحداث يناير (كانون الثاني) 2011 سرعان ما انتشرت بين القنوات الفضائية المصرية والعربية، وهي تخصيص فقرات للحديث عن الأسماء الواردة في قوائم "العار السوداء"، اعتمدت الفقرات على سلخ أصحاب الأسماء الواردة في هذه القوائم من خلال ضيوف "ثوريين".

عودة القوائم

قوائم الإعلاميين السوداء والبيضاء وأحياناً الرمادية كانت الأكثر إثارة للجدل والسخرية والتنقيب في أغوار مقاطع البرامج، حيث ما قيل على الهواء مباشرة فترة حكم مبارك وقف أحياناً على طرف النقيض تماماً بينما كان نظامه يسقط.

ووصل الأمر إلى درجة استضافة صاحب الاسم في محاكمة تلفزيونية قاضيها ثوري ومدعيها العام ناشط سياسي حيث جرى توجيه اتهامات العار للإعلامي، وعليه الدفاع عن نفسه على الهواء مباشرة.

وكان المتهم الإعلامي يدافع عن نفسه تارة، ويبرر انتماءاته تارة أخرة، ويعلن استمرار تأييده للنظام الذي سقط أو يتبرأ منه معلناً أنه "لم يكن يعلم".

وتحولت هذه الفقرات إلى "الأكثر مشاهدة" في مصر ودول عدة، وذلك قبل أن يخفت نجمها ويتقلص أثرها، وبعد ما كانت الأعلى مشاهدة والأكثر تعليقاً تحولت تراثاً منسياً وأرشيفاً متجاهلاً، وما كان نظاماً ديكتاتورياً كريهاً قبل سنوات لم يعد بهذا السوء.

وإذا كان سقوط النظام السياسي المدوي قبل 12 عاماً أسقط معه رموزاً وشخصيات، فقد أثبتت الأيام أن السقوط بفعل فورة احتجاجات الشارع وثورة المشاعر المكتومة وأدرينالين الصخب الجمعي لم يكن أبدياً، حتى مبارك نفسه، رد إليه بعضهم الاعتبار أسفاً على أيامه وندماً على عدم تقدير سياساته.

في فوهة المدفع

لكن ظل الإعلاميون في فوهة مدفع المتابعين الذين بدأ بعضهم في إعادة حملات التنقيب عما قالوه ومن أيدوه وما برروه، ويمكن القول إن إعادة التنقيب هذه الآونة مرتبطة إلى حد كبير بتدهور الأحوال الاقتصادية بعد أن أكدت هذه الوجوه الإعلامية مراراً وتكراراً على أن الجنيه إلى ازدهار والدولار إلى اندثار والمواطن الغلبان إلى صعود والتنمية إلى انتعاش والإنتاج إلى اشتداد والأيام المرة إلى زوال.

الأوضاع العالمية من وباء نهش اقتصاد الكوكب وحرب روسية في أوكرانيا لم تترك دولة إلا وألحقت بها ضررا أو ضررين مضاف إليها وضع مصر الاقتصادي بالغ الصعوبة أيقظ التغريدات القاسية الساخرة الكائدة من سباتها، وبينها تغريدة الملياردير ساويرس الذي لا يخشى في التغريد لومة لائم، أو في السخرية معارضة معارض.

معنى التغريدة المعتمدة على صورة مركبة لوجوه الإعلاميين المشهورين الستة وكل منهم يحمل طبلة ويدق عليها وعلى وجه كل منهم ابتسامة عريضة، وصلت إلى كل مصري ومصرية يعي تماماً مغزى "التطبيل".

التطبيل، أي الثناء على الحاكم أو المسؤول أو من بيده الأمر، سواء أكان يستحق الثناء أو لا يستحقه، منظومة اجتماعية ومهنية وسياسية وكذلك اقتصادية ليست وليدة اليوم أو الأمس، بل هي قديمة قدم التاريخ وشديدة التأثر بالجغرافيا وعميقة الصلة بالأنثروبولوجيا.

السياسة مهنة الساسة؟

تبدو السياسة مهنة الساسة، لكنها في حقيقة الأمر مركز الكون و"هواية" الجميع التي يخفت نجمها حيناً ويبزغ أحياناً بين الجماهير الغفيرة لا سيما في أوقات الأزمات، وفي مصر أصبح الإعلام والإعلاميون الوجه الآخر للسياسة والسياسيين في العقود الثلاثة الأخيرة بشكل متزايد.

وسواء كانت تغريدة ساويرس "مزايدة" على إعلاميين انحازوا للثناء على هذا الحاكم أو ذاك، أو "وصفاً" لما يقومون به، أو "اعتراضاً" على ما يراه عدم دفاع عن استقلاليتهم الإعلامية وضرورة انحيازهم للشارع لا الحاكم، فإن التغريدة وما سبقها وما سيتلوها فتحت أبواب السجال العنيف والمتابعة النارية على مصاريعها، وستبقي عليها مفتوحة لبعض الوقت.

قبل وقت طويل، وتحديداً في عام 1910، كتب رجل الدين المسيحي والكاتب الأميركي صامويل ماكورد كروذرز (1857-1927) في "ذو أتلانتيك" أن "السياسة هي الرياضة الوطنية في بريطانيا، وأن البريطانيين يتابعون كل خطوة باهتمام شديد ويناقشون خصوصيات اللاعبين".

النقاشات في البرلمان، حيث الطعن والوكز وكذلك الطعن والوكز المضادين توفر الترفيه للملكة (بريطانيا)، إنها لعبة "الجنتلمان"، أما في أميركا فلا نظهر هذه الروح الرياضية، نتعامل مع ملذاتنا السياسية بكثير من الحزن، وعلى رغم أن المواطن الأميركي يقر بأن السياسيين في حاجة إلى متابعة، إلا أنه لا يتعامل معهم وأنشطتهم تعامله مع متابعة لعبة كرة قدم مثيرة للاهتمام".

ويمضي كروذرز شارحاً "لعبة" السياسة ومتابعيها واختلاف المتابعة من دولة إلى أخرى بنكهة أنثروبولوجية ربما غير مقصودة ولكن تعني كثيراً، يقول "القواعد التي اعتمدناها في هذا البلاد (أميركا) تجعل اللعبة (السياسة) أقل إثارة للمشاهد مما هي عليه في دول أخرى، لكل فريق أتباعه في المعسكر، ولكل جسم طفيلياته في السياسة".

نظرية الطفيليات

الطفيليات، هذه الكائنات الحية الدقيقة التي تعيش على سطح أو في داخل كائن آخر وتتغذى من غذائه، ينظر إليها بعضهم نظرة دونية، يقولون إنها تعيش على حساب آخرين، لكنها سنة الحياة، ومنها ما ينمو ويتضخم، وربما يفوق في حجمه وأثره الجسم المضيف.

اللافت أن بعضهم يرى في مثل هذه العلاقات أوجه شبه مع ما يجري في عوالم السياسة، حيث شخصيات ورموز تكتسب شهرة وأهمية وانتشاراً لأنها وثيقة الصلة أو لسان حال أو واجهة للسياسيين والحكام، ومن بين هذه الشخصيات الإعلاميون.

وجهة النظر الشعبية السائدة هي أن الإعلاميين الذين سخر منهم نجيب ساويرس وغيرهم استمدوا جانباً معتبراً من شهرتهم وأهميتهم بسبب طرق تناولهم لـ"الحاكم" في ثلاثة عهود مختلفة للرؤساء مبارك ومحمد مرسي وعبدالفتاح السيسي.

وتمضي وجهة النظر الشعبية لتنطبق كذلك على ساويرس نفسه، إذ تعتبره أحد أبرز رجال الأعمال الذين اكتسبوا جانباً معتبراً من شهرتهم ونجاح أعمالهم وتوسع استثماراتهم وذيوع تغريداتهم واشتباكاتهم العنكبوتية لأسباب تتعلق بالأنظمة السياسية المستمر منها والمنتهي.

بدأ الجدل ولم ينته

لم ينته الجدل المستعر بتغريدة ساويرس الملتهبة، بل بدأ والنهاية لا تلوح في الأفق القريب، حالياً يعيش المصريون وغيرهم من المتابعين أوج لحظات الإثارة وقمة قفشات وتغريدات المكايدة والمعايرة والتلسين الصريح منه والمتواري، وإن كان تواتر التغريدات من الضالعين من الإعلاميين من المتهمين بـ"التطبيل" لم تترك مجالاً للمواراة.

عمرو أديب رد على التغريدة الساخنة بأسخن منها، "إحنا ماكسبناش (لم نكسب) من التطبيل قد (مثلما) ما أنت كسبت من تطبيلك يا نجيب، جايز تطبيلنا كان له أصوات، إنما تطبيلك كان له أبراج ودولارات، ويا خسارة وعجبي".

وتبعه أحمد موسى مغرداً "عيب عليك يا نجيب، نحن ندافع عن وطن وشعب، لن ننسى دورك وقناتك (التلفزيونية أون تي في) في 2011 التي استخدمتها لضرب القوات المسلحة والشرطة والقضاء على رغم أنك أكثر من كون ثروات في عهد الرئيس الراحل مبارك، هذا هو نجيب مصلحته أولاً، عيب عليك يا نجيب، وما خفي كان أعظم".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ما خفي من تغريدة نجيب كان بالفعل أعظم، فالتغريدة لم تثر غضب الإعلاميين الواردة صورهم كـ"مطبلاتية" في الصورة المركبة، لكن تعليق ساويرس "فيه واحد ناقص" فتح أبواب التكهنات على مصاريعها.

الإعلاميون الذين يعتبرهم بعض الفئات خير من أنجبت مصر وأكثر المصريين وطنية لدفاعهم عن الدولة والرئيس والنظام والاستقرار والجيش والشرطة والقضاء والإعلام، ويعتبرهم بعضهم الآخر "مطبلاتية" أو مأجورين أو يمتثلون للأوامر أو ينصاعون للتوجيهات أو يدافعون ويدعمون ويثنون على الحاكم (أي حاكم) اندفعوا هم أنفسهم في التكهن باسم من قصده نجيب ساويرس بتعليقه.

المثير هو التعليقات والردود، سواء من قبل ساويرس الذي مضى قدماً في نهجه الساخر المفاخر بحس الفكاهة الحاد الممسك بتلابيب الثقة في النفس والمجاهرة باستمرار التأييد لأحداث يناير 2011 بتغريدة "شرف لي إني كنت في ثورة 25 يناير وستظل نقطة فارقة في تاريخ مصر على رغم أنها سرقت لعزوف شبابها عن السياسة وسيئاتها"، أو تأكيد عدم خوفه من "أي أحد" إلا من الله.

بطل مغوار؟

فريق من المصريين الغارقين في متابعة المعركة الحامية يرى في ما يكتبه الملياردير المصري صاحب الآراء السياسية الجريئة والمهرجانات السينمائية المثيرة والمشاريع الكبرى من طرق وبناء واتصالات وإعلام وغيرها والضالعة في الاقتصاد المصري، سواء بشكل مباشر أو غير مباشر، بطلاً مغواراً.

مكونات هذا الفريق تقف على أطراف نقيض، فكلما تحدث ساويرس، تلميحاً أو مباشرة، منتقداً سياسات وإجراءات النظام المصري الحالي، صفق المنتمون والمتعاطفون مع جماعة الإخوان في داخل مصر وخارجها، وبين تغريدة وضحاها يجد رجل الأعمال القبطي نفسه "حبيب الإخوان" "نصير تيار الإسلام السياسي".

كم التغريدات والتدوينات الصادرة عن أفراد محسوبين على الجماعة والمؤيدة والمثنية على تغريدة نجيب ساويرس رهيب، لكن هذا الكم الرهيب من التأييد لساويرس في تغريدته الساخرة والمنتقصة من الإعلاميين والمتهمة إياهم بالنفاق و"التطبيل" لا يمكن فهمه في ضوء انتماء رجل الأعمال القبطي للجماعة، بقدر ما يمكن فهمه في ضوء انتهاز أي فرصة تتاح أمام الجماعة وأنصارها للنيل من النظام، ولو كانت بالتضامن مع من يعتبرونهم عاملاً رئيساً في إطاحة جماعتهم، أي إطاحة الرئيس المخلوع الراحل محمد مرسي.

وعلى رغم الاختلاف، بل التنافر في المكونات، إلا أن بعضاً من معارضي النظام المصري من الثوريين والليبراليين والاشتراكيين وغيرهم يدعمون كذلك الأصوات المسموعة الطاعنة في النظام الحالي من دون النظر إلى مدى التناغم أو التنافر معها سياسياً وأيديولوجياً.

فريق آخر يرجح أن تكون التغريدة، التي تبدو في ظاهرها انتقاداً للإعلاميين وتحمل معارضة للنظام ورموزه، ما هي إلا تعبير عن ضيق من عدم ضلوع في بزنس كاف هنا أو فرص استثمار وربح هناك، كعادة رجال المال والأعمال على حد قولهم.

أجواء استقطاب

يسمون هذه الأجواء "استقطاباً"، وحين يصل الاستقطاب لدرجة أن يكتب الإعلامي مصطفى بكري، والمعروف بدعمه السياسي للرئيس السيسي وعدائه للإخوان، الذي لم يأت ذكر اسمه أو صورته في التغريدة الساخنة، ثلاثة أسباب وراء "حمأة" (حمقة) ساويرس ضد بعض الإعلاميين، إرهاب والإساءة ضد كل من يقف مع الجولة ويدعم مسيرتها في مواجهة مؤامرات إفشالها، دعم جماعة الإخوان وحربها ضد النظام الوطني وترديد نفس ادعاءاتها، وغسل سمعته على حساب آخرين وتقديم نفسه كمعارض للنظام"، فإن الأمر يستحق التأمل والدارسة.

يخطئ من يظن أن أجواء الاستقطاب المشتعلة التي تأججت في أعقاب أحداث يناير 2011 ويونيو (حزيران) 2013 قد انتهت، خفتت ربما أو انزوت، لكن الاحتقان الجاري والتصادم الدائر يؤكدان أن الأجواء على قيد الحياة وعوامل تأجيجها لم تنقشع.

ربما انقشع اهتمام القاعدة العريضة من المصريين بمتابعة برامج الـ"توك شو" التي ظلت لسنوات طويلة قبل وبعد وأثناء أحداث 2011 و2013 نقطة الجذب الرئيسة ومثار الحراك والحراك المضاد، لكن الاهتمام يعود مع كل مستصغر شرر مرشح للاشتعال أو نبش في ماض قريب أثر على ملايين.

مدعاة لاستدعاء الدعابة

ملايين من المصريين المتابعين للمعركة الحالية وجدوا في عناصرها مدعاة لاستدعاء روح الدعابة التي غيبها الاقتصاد وحس الفكاهة الذي خنقه الدولار.

يتم تداول صور لعائلات تجلس على كنباتها في البيوت وأفرادها يأكلون "الفشار" بينما يتابعون "خناقة الملياردير (ساويرس) مع المليونيرات (الإعلاميين)".

آخرون وجدوا في شخصية "الكحيت"، المواطن البسيط لدرجة الفقر المدقع والمهتم بأخبار المال والأعمال والبورصة والمشاهير، وهو يرتدي بيجاما رثة وجوارب مثقوبة ويدخن سيجاراً فاخراً ويتابع مجريات الملاسنات والمكايدات والمعايرات بين رجل الأعمال والإعلاميين خير ما يمثل الموقف.

آخرون يخشون أن تنتهي المعركة المثيرة الحالية قريباً فينقبون وينبشون عمن ينتقد ساويرس أو يتهمه أو يزدريه ويحثونه على الرد عليه، وذلك للإبقاء على نيران الإثارة مشتعلة.

في تلك الأثناء، يتساءل فريق منزو بعيد نسبياً عن أجواء الإثارة الوقتية وحمم البراكين المتفجرة لسبب خفي هنا يتعلق بملايين ربحية مستعصية أو مواقف سياسية ملتبسة هناك أو جبهات إعلامية متأرجحة بين التأييد والتنديد هنا وهناك عن جدوى ومخاطر ومنافع الارتباط الوثيق بين الأنظمة السياسية والمنصات الإعلامية، وبين الساسة والإعلاميين حيث قدح أحدهم وتحويله إلى جبان ضعيف أو مدح آخر وجعله بطلاً مغواراً.

مقالة صامويل ماكورد كروذرز في "ذو أتلانتيك" قبل ما يزيد على 112 سنة أشارت إلى صناعة البطل، "البطل في السياسة هو الذي يقنع الناس بأنه يمتلك أقصى درجات الحكمة، إنه الرجل الذي كانوا يبحثون عنه ويتمنونه زعيماً، لكن أليست عبادة البطل هذه خطرة؟ نعم، كل تمجيد بطولي خطر، لكن الخطر ليس على عبدة الأبطال، بل على البطل".

البطل سواء أكان لاعب كرة قدم أو رجل دين أو حاكماً اعتاد أن يلقى الهجاء وكذلك المدح على مر التاريخ، الطريف أن بعضهم نقب عن أبيات من الشعر الجاهلي في مدح الملوك والأمراء وغردوا بها ضمن تعليقاتهم على الحرب الدائرة بين ساويرس والإعلاميين والناشطين والمتابعين، أبرز الأبيات التي لاقت استحساناً كانت للأعشى، الذي كان من أبرز من كتب قصائد المدح بغرض التكسب.

إلى هوذة الوهاب أهديت مدحتي...   أرجى نوالاً فاضلاً من عطائكا

سمعت برجب الباع والجود والندى...  فأدليت دلوي فاستقت برشائكا

وأنت الذي عودتني أن تريشني...   وأنت الذي آويتني في ظلالكا

ويبقى معنى الأبيات في بطن الأعشى، وكذلك في نية المغردين وعقول الباحثين عن المعاني، لكن لا صوت يعلو على صوت المعركة الافتراضية الدائرة رحاها حالياً، ففيها من الإثارة كثير، والضحك والسخرية والتنكيت وكذلك الدق على أوتار السياسة ما هو أكثر وأخطر.

المزيد من تحقيقات ومطولات