أرجأ مجلس النواب الأميركي، الخميس، لليوم الثالث على التوالي، إلى ظهر الجمعة جلسة انتخاب رئيس له بعد خمس جولات اقتراع جديدة فشلت خلالها الأغلبية الجمهورية مجدداً في حشد الأصوات اللازمة لانتخاب مرشحها كيفن مكارثي رئيساً للمجلس.
وعلى غرار جولات الاقتراع العقيمة التي جرت يومي الثلاثاء والأربعاء، أدلى النواب بأصواتهم في خمس جولات اقتراع جديدة جرت الخميس، لكنها باءت كلها بالفشل إذ لم يتمكن مكارثي، النائب عن ولاية كاليفورنيا، في إقناع حوالى 20 نائباً جمهورياً من مؤيدي الرئيس السابق دونالد ترمب بانتخابه خلفاً لنانسي بيلوسي إذ إن هؤلاء ظلوا على رأيهم بأنه معتدل أكثر مما ينبغي.
وكان مكارثي قدم تنازلات كبيرة لهؤلاء النواب، ولكن ذلك لم يأت بأي نتيجة. فقد استمر هؤلاء النواب بالمعارضة في سيناريو غير مسبوق منذ قرن من الزمن. ويشل هذا الوضع المؤسسة برمتها، إذ من دون رئيس لا يمكن للنواب أن يؤدوا اليمين وبالتالي تمرير أي مشروع قانون.
وفي وقت سابق، قال الديمقراطي حكيم جيفريز، الخميس، "آمل اليوم أن يوقف الجمهوريون المشاحنات والطعن في الظهر حتى نتمكن من العمل في خدمة الشعب الأميركي".
ولا يثق هؤلاء النواب المنتمون إلى التيار المحافظ المتشدد في الحزب بمكارثي، ويستغلون الغالبية الجمهورية الضئيلة التي حققوها في انتخابات منتصف الولاية في نوفمبر (تشرين الثاني) لكي يفرضوا شروطهم.
ومن دون دعمهم لن يتمكن مكارثي من الوصول إلى المنصب، وقد وافق على أحد طلباتهم بتسهيل إجراءات عزل رئيس المجلس، بحسب وسائل إعلام أميركية.
غير أن المعارضة بوجه ترشحه تتبلور. وقال النائب عن كارولينا الشمالية دان بيشوب "نحن مصممون على إحداث تغيير عميق في هذه المؤسسة التي تسير في المسار الخطأ".
ويتطلب انتخاب رئيس مجلس النواب، ثالث أهم شخصية في السياسة الأميركية بعد الرئيس ونائبه، غالبية من 218 صوتاً. ولم يتمكن مكارثي من تجاوز عتبة الـ201 صوت. لكن السؤال يبقى إلى أي مدى سيستطيع مكارثي الاستمرار في ترشحه؟
ليس لدى النائب عن كاليفورنيا منافس حقيقي، ويجري فقط تداول اسم رئيس كتلة الجمهوريين ستيف سكاليس كبديل محتمل، إلا أن فرصه لا تبدو كبيرة.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وسيواصل النواب التصويت إلى حين انتخاب رئيس لمجلس النواب. هذا يمكن أن يستغرق ساعات أو أسابيع: ففي عام 1856 لم يتفق أعضاء الكونغرس على رئيس إلا بعد شهرين و133 دورة.
وقال النائب جون جيمس "لا شك في أن المشكلات التي ننقسم عليها اليوم أقل خطورة بكثير مما كانت عليه سنة 1856"، داعياً زملاءه للمسارعة إلى تأييد كيفن مكارثي.
وتحدث المرشح الديمقراطي خلال مؤتمر صحافي قبل اليوم الثالث من التصويت. ووصف الرئيس جو بايدن هذا الوضع بأنه "محرج" مؤكداً أن "بقية العالم" تتابع هذه الفوضى.
وفي صفوف النواب الجمهوريين غير المتشددين الذين يشكلون غالبية، بدأت أصوات تعلو من أجل التوصل إلى تسوية.
وقال النائب الجمهوري مايك غالاغر متأسفاً "لدينا عمل يتعين علينا القيام به ولا يمكننا متابعته". وبالتالي لا يمكن للجمهوريين أن يفتحوا التحقيقات الكثيرة التي وعدوا بها في حق جو بايدن.
وخرج ترمب عن صمته، الأربعاء، ودعا على شبكته للتواصل الاجتماعي، حزبه إلى بذل كل الجهود لتجنب "هزيمة". وقال "لقد آن الأوان حالياً لنوابنا الجمهوريين في مجلس النواب أن يصوتوا لصالح كيفن" مكارثي الذي سيقوم "بعمل جيد" أو حتى "عمل رائع".
لكن دعوة ترمب الذي باتت هيمنته على الحزب الجمهوري موضع شك في الأشهر الماضية، لم تكن كافية.
ويراقب الديمقراطيون هذا الوضع بشيء من المتعة، ويتكتل الحزب الديمقراطي خلف ترشيح حكيم جيفريز لكن النائب لا يتمتع بدعم عدد كاف من الأصوات لكي ينتخب رئيساً لمجلس النواب.
وقد تكون مواجهة مجلس نواب معاداً، ولكن غير منظم، مواتياً سياسياً لجو بايدن إذا أكد نيته الترشح مرة أخرى في 2024 - وهو قرار سيعلنه مطلع السنة.