تدور معارك ضارية على أطراف مدينة سوليدار الواقعة في شرق أوكرانيا والقريبة من باخموت أكثر النقاط سخونة على الجبهة حالياً، وفق ما أعلن قائد مجموعة "فاغنر" الروسية شبه العسكرية يفغيني بريغوجين.
وقال بريغوجين بحسب ما نقل عنه مكتبه الإعلامي عبر "تيليغرام"، "لنكن صادقين يقاتل الجيش الأوكراني بشجاعة من أجل باخموت وسوليدار. تدور معارك ضارية جداً ودامية في ضاحية سوليدار الجنوبية".
وأضاف، وفق وكالة الصحافة الفرنسية، أن "القوات المسلحة الأوكرانية تدافع بشرف عن أراضي سوليدار. مزاعم الفرار الجماعي من صفوفها لا تتوافق مع الواقع".
ومدينة سوليدار الواقعة على بعد نحو 10 كيلومترات شمال شرقي باخموت، مجاورة لبلدة باخموتسكي التي أكد الانفصاليون الموالون لروسيا السيطرة عليها.
وشدد دنيس بوشيلين، قائد الانفصاليين في منطقة دونيتسك التي أعلنت موسكو ضمها أخيراً، اليوم الثلاثاء، عبر التلفزيون الروسي على أن سوليدار "قريبة جداً من التحرير".
وتلعب مجموعة "فاغنر" دوراً رئيساً في معركة باخموت، وهي مدينة غير مهمة كثيراً على المستوى الاستراتيجي لكنها اتخذت قيمة رمزية كبيرة، إذ إن المعسكرين يتقاتلان للسيطرة عليها منذ أشهر.
وأشار بريغوجين، أمس الإثنين، إلى أن هجوم سوليدار يشنه أفراد من مجموعته "حصراً".
وأكدت وزارة الدفاع البريطانية، الثلاثاء، أن القوات الروسية ووحدات "فاغنر" حققت "تقدماً تكتيكياً" في سوليدار خلال الأيام الأربعة الأخيرة وتسعى "على الأرجح إلى تطويق باخموت من الشمال وتعطل خطوط الاتصال الأوكرانية".
وقالت الوزارة إن جزءاً من المعارك يهدف إلى السيطرة على مدخل منجم ملح قديم في سوليدار لأن أنفاقه تمر تحت خط الجبهة وربما تستخدم "للتسلل خلف خطوط العدو".
لكنها أوضحت أن ليس هناك خطر بأن تطوق روسيا باخموت "على الفور" لأن الجيش الأوكراني يملك "دفاعات مستقرة جداً" ويسيطر على طرق إمدادات عدة في الوقت الحالي.
تعزيز قدرات الجيش وسط الحرب في أوكرانيا
واليوم الثلاثاء، تعهد وزير الدفاع الروسي ببناء ترسانة أسلحة أشد قوة وتعزيز تكنولوجيا الطيران لتحسين قدرات تفادي الدفاعات الجوية وتطوير إنتاج الطائرات المسيّرة بعد سلسلة من الهزائم المذلة في ساحة المعركة بأوكرانيا.
ومنذ أرسل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين قواته إلى أوكرانيا في 24 فبراير (شباط)، تكرر تفوق الجيش الأوكراني الأصغر حجماً، المدعوم من الولايات المتحدة وحلفائها الأوروبيين، في الخطط والمناورات على الجيش الذي كان قوة جبارة لقوة عظمى سابقة.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وتحول الصراع إلى حرب استنزاف طاحنة تسببت في مقتل وإصابة عشرات آلاف الجنود من الطرفين إضافة إلى مدنيين في أوكرانيا ولا يوجد بصيص أمل في نهاية للحرب، إذ يعيد الطرفان التسلح بأسرع ما بوسعهما.
وقال وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو متحدثاً إلى كبار الجنرالات "نحتاج إلى التحليل بشكل متواصل ووضع النظم لتجارب مجموعاتنا في أوكرانيا وسوريا، وعلى ذلك الأساس سنعد برامج تدريبية للأفراد وخططاً للإمداد بالعتاد العسكري".
وأضاف أن روسيا سوف "تزيد من القدرات القتالية للقوات الجوية، سواء في ما يتعلق بعمل المقاتلات والقاذفات في المناطق حيث توجد منظومات دفاع جوي حديثة، أو في ما يتعلق بالمسيّرات".
وأردف "تتركز خططنا الفورية على توسيع ترساناتنا من الأسلحة الهجومية الحديثة. نحتاج إلى تعزيز منظومة الإدارة والاتصالات".
"هجمات جديدة وأكثر شدة"
وقال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي إن قواته تصمد أمام "هجمات جديدة وأكثر شدة" على سوليدار قرب مدينة باخموت في شرق البلاد التي تحاول موسكو السيطرة عليها منذ أشهر.
وأوضح زيلينسكي في خطابه اليومي، "أشكر جميع جنودنا الذين يحمون باخموت وجميع المقاتلين في سوليدار الذين يصمدون أمام الهجمات الجديدة والأكثر شدة".
وأضاف زيلينسكي، "بفضل صمود جنودنا هناك في سوليدار كسبنا وقتاً إضافياً لأوكرانيا". وتابع قائلاً، "كل شيء دمر تماماً. كل أرض سوليدار مغطاة بجثث وتشويهات خلفتها الانفجارات".
وفي وقت سابق أعلنت القوات الأوكرانية أنها صدت محاولة للسيطرة على سوليدار، لكن القتال استؤنف.
وحدات هجومية إضافية
وقالت نائبة وزير الدفاع غانا ماليار على "تيليغرام"، "بعد محاولة فاشلة للعدو للسيطرة على سوليدار، أعاد (الروس) تجميع صفوفهم واستعادوا القوى البشرية ونقلوا وحدات هجومية إضافية وغيروا التكتيكات، وبدأوا الاعتداءات".
وأضافت، "حالياً، نشر العدو عدداً كبيراً من الوحدات الهجومية المؤلفة من أفضل احتياطيي مجموعة (فاغنر). إنهم حرفياً يطئون على جثث جنودهم".
من جانبها، قالت القوات الانفصالية المدعومة من روسيا في منطقة دونيتسك إنها سيطرت على بلدة باخموتسكي الواقعة على مسافة كيلومترات قليلة من سوليدار.
على صعيد منفصل، قال مؤسس "فاغنر" يفغيني بريغوجين على وسائل التواصل الاجتماعي إن وحدات من "فاغنر" حصراً اقتحمت سوليدار.
روسيا تقاتل "الناتو" في أوكرانيا
وبحسب "رويترز"، قال أحد أقرب حلفاء بوتين، الثلاثاء، إن موسكو الآن تقاتل حلف شمال الأطلسي (ناتو) في أوكرانيا وإن الغرب يحاول محو روسيا من الخريطة السياسية للعالم.
وينظر بوتين إلى الحرب في أوكرانيا على أنها معركة وجودية مع الغرب الذي يصفه بأنه غاشم متغطرس وقال إن روسيا ستستخدم جميع السبل المتاحة لحماية نفسها وشعبها من أي معتد.
ويرى دبلوماسيون في الأمين العام لمجلس الأمن الروسي نيكولاي باتروشيف أحد أكثر المؤثرين في بوتين تشدداً. وتعهد الأخير بتحقيق النصر في أوكرانيا على رغم سلسلة من الانتكاسات في ساحة المعركة.
وقال باتروشيف في مقابلة مع صحيفة "أرغومينتي إي فاكتي"، "الأحداث في أوكرانيا ليست اشتباكاً بين موسكو وكييف، هذه مواجهة عسكرية بين روسيا وحلف شمال الأطلسي و(بين روسيا) والولايات المتحدة وبريطانيا في الأساس".
وأضاف "خطط الغربيين هي مواصلة تمزيق روسيا ومحوها في نهاية المطاف من الخريطة السياسية للعالم".
ألمانيا لن تتحرك بمفردها
قال المستشار الألماني أولاف شولتز، الإثنين، إنه لا يزال مقتنعاً بضرورة تنسيق تسليم الأسلحة إلى أوكرانيا مع الحلفاء، وذلك مع تصاعد الضغوط على برلين لإرسال دبابات "ليوبارد 2" إلى كييف.
وأعلنت ألمانيا، الأسبوع الماضي، أنها ستزود أوكرانيا بعربات القتال "ماردير" للمساعدة في صد القوات الروسية. وجاء هذا الإعلان في اليوم الذي تعهدت فيه الولايات المتحدة تزويد كييف بعربات "برادلي" القتالية، وبعد يوم من إعلان مماثل من جانب فرنسا.
وقال شولتز، الذي شدد في كثير من الأحيان على أهمية عدم تصعيد الصراع في أوكرانيا أو إعطاء روسيا سبباً لاعتبار ألمانيا طرفاً في الحرب، إن الحلفاء الغربيين أمضوا "وقتاً طويلاً في التحضير والمناقشة والتنظيم لهذا".
وطلبت كييف أيضاً مركبات قتالية مثل ليوبارد، مما سيمثل زيادة كبيرة في الدعم الغربي لأوكرانيا.
وقال شولتز في تجمع لحزبه الديمقراطي الاشتراكي، "لن تتحرك ألمانيا بمفردها. ستبقى ألمانيا دائماً متحدة مع أصدقائها وحلفائها، وأي شيء آخر سيكون غير مسؤول في مثل هذا الوضع الخطير".
وأصبحت ألمانيا من أكبر الداعمين العسكريين لأوكرانيا في مواجهة الهجوم الروسي. ومع ذلك، يقول منتقدون إن شولتز والحزب الديمقراطي الاشتراكي الحاكم بطيئان للغاية، وينتظران أن يتحرك الحلفاء أولاً بدلاً من تحمل مسؤولية ألمانيا باعتبارها القوة الغربية الأقرب إلى أوكرانيا.
البيت الأبيض: إيران قد تكون مساهمة في جرائم حرب
قال مستشار الأمن القومي بالبيت الأبيض جيك سوليفان إن إيران قد تكون مساهمة في جرائم حرب بأوكرانيا من خلال تزويدها روسيا بطائرات مسيرة.
وأضاف للصحافيين، "أسلحتهم تستخدم لقتل المدنيين في أوكرانيا ومحاولة إغراق المدن في البرد والظلام، وهو ما يضع إيران، من وجهة نظرنا، في موقف أنها قد تكون ممن يسهمون في جرائم حرب واسعة النطاق".
وفرضت الولايات المتحدة عقوبات على شركات وأشخاص تتهمهم بإنتاج أو نقل طائرات إيرانية مسيرة استخدمتها روسيا لمهاجمة البنية التحتية المدنية في أوكرانيا.
وقال البيت الأبيض، الأسبوع الماضي، إن الولايات المتحدة تدرس أيضاً سبلاً لاستهداف إنتاج إيران للطائرات المسيرة المسلحة من خلال العقوبات وقيود على التصدير.