علمت صحيفة "اندبندنت" أن بعض المرضى الذين يصابون بقصور في القلب في بريطانيا يُتركون في حال معاناة، فيما لا يتلقى آلاف من الأشخاص علاجاً للسكتات، لأن التأخير الذي تتسبب به سيارات الإسعاف وأقسام الحوادث والطوارئ "تقوض" الرعاية المنقذة للحياة في مرافق هيئة الخدمات الصحية الوطنية.
وأكد عدد من الأطباء لـ "اندبندنت" أن رعاية المصابين بالنوبات القلبية "قد تراجعت" وباتت تتسبب بحدوث وفيات يمكن تجنبها، بحيث تظهر أرقام جديدة أن أكثر من نصف عدد المرضى فقط الذين يحتاجون لتلك الرعاية يتلقونها في الوقت المناسب، وذلك في تراجع بنحو 10 في المئة مقارنة بالعام 2020 - 2021.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وقد بعث الأطباء برسالة إلى وزير الدولة للرعاية الصحية والاجتماعية ستيف باركلي، وإلى المدير الطبي لهيئة الخدمات الصحية ستيفن بويس هذا الأسبوع، يحذرونهما فيها من أن "وفيات يمكن تفاديها" تحدث بسبب هذه التأخيرات.
وأفاد البروفيسور مارتن جيمس الاستشاري المتخصص في السكتات الدماغية، بأن أحدث بيانات الهيئة حتى سبتمبر (أيلول) عام 2022، أشارت إلى أن ألف شخص سنوياً لا يتلقون العلاج الحيوي للسكتة، الذي ربما كانوا قادرين على الحصول عليه قبل فترة تفشي الوباء. واستناداً إلى التدقيق الوطني في علاج حالات السكتة الدماغية في عام 2021 - 2022، فقد تلقى 40 في المئة فقط من المرضى الرعاية التي يحتاجونها في غضون 4 ساعات من بداية حدوث السكتة.
تأتي هذه التحذيرات بعدما كانت "اندبندنت" قد كشفت عن احتمال تعرض نحو 6 آلاف مريض لأضرار صحية "بالغة" وطويلة الأمد أو دائمة، بسبب تأخير سيارات الإسعاف خارج المستشفيات.
وأشارت الدكتورة سونيا بابو نارايان المديرة الطبية المساعدة في "مؤسسة القلب البريطانية" والاستشارية في أمراض القلب، إلى أن حجم التأخيرات المتفاقمة و"الشديدة"، يعني أن المرضى لا يتلقون الرعاية اللازمة "قبل وقوع الضرر".
وأضافت أن "التعامل مع أزمة القلب والأوعية الدموية، هو أمر ممكن، لكنه بات يحتاج لإجراءات حاسمة الآن. وهذا يعني زيادة القوة العاملة من أطباء القلب والممرضات واختصاصيين في فيزيولوجيا القلب، لتلبية الطلب، مع ضمان توافر مرافق كافية متخصصة في رعاية مرضى القلب، ومناسِبة لهذا الغرض".
وفي هذا الإطار من المقرر أن تخضع "هيئة الخدمات الصحية في إنجلترا" لاستجوابٍ من جانب أعضاء البرلمان يوم الثلاثاء، في شأن العلاقة بين الزيادة المتفاقمة في الوفيات وتأخير الرعاية في الطوارئ.
وتؤدي التأخيرات المتفاقمة في أقسام "الحوادث والطوارئ" - بسبب الصعوبات في إدخال المرضى إلى المستشفى - إلى أوقات انتظار قياسية لطواقم سيارات الإسعاف قبل إنزال المرضى، وهذا بدوره يتسبب بتخفيض عدد فرق الإسعاف المتاحة للاستجابة لحالات الطوارئ.
الدكتور طوم جونسون الاختصاصي في أمراض القلب في مستشفى "ساوث ويست"، قال لـ "اندبندنت" إن رعاية مرضى النوبات القلبية الحادة في المملكة المتحدة قد تأثرت بشكل كبير خلال الأشهر الستة إلى الاثني عشر الأخيرة.
وأضاف: "نجحنا على مدى 10 إلى 15 عاماً في إنشاء شبكة قوية، بدءاً من مرحلة ما قبل المستشفى، مروراً بالرعاية داخل المستشفى، وحتى إعادة تأهيل القلب، من خلال الاعتماد على خدمة إسعاف مذهلة، لكن في غضون 6 إلى 12 شهراً تم تقويضها وتفكيكها بشكل كبير".
وقال: "لدينا مرضى يصلون في وقت متأخر وهم أكثر مرضاً ويتجاوزون في بعض الأحيان نطاق العلاج الذي يمكن أن يشفيهم. وقد تسبب إخفاقنا في الحضور ونقل المرضى الذين يُشتبه في إصابتهم بنوبات قلبية إلى المستشفى، بوقوع حالات طوارئ حرجة، لم تتمكن من الحصول على الرعاية الطبية الفورية، وفي أسوأ الأحوال أدى إلى حدوث وفيات كان من الممكن تفاديها".
ورأى الدكتور جونسون أن "مسؤولية كبيرة" تترتب على الحكومة البريطانية لجهة الإقرار بالمشكلات التي تواجهها "الخدمات الصحية الوطنية"، والعمل على حلها، معتبراً أن تركيزها على "زيادة الإنتاجية" هو أمر مضلل.
لكنه رأى أنه "مع ذلك، يتحمل الناس أيضاً مسؤولية حماية مرافق هيئة الخدمات من خلال الاستخدام المناسب لخدمات الطوارئ، وضمان توافر فرق إسعاف لرعاية المرضى في أسرع وقت ممكن".
في هذا الإطار تظهر أرقام جديدة تضمنتها مراجعة وطنية لأوقات الاستجابة لمرضى النوبات القلبية، أجرتها "الجمعية البريطانية للتدخل القلبي الوعائي" (BCIS)، وتمت مشاركة نتائجها خلال مؤتمر مغلق يوم الجمعة، تدهوراً بنسبة 10 في المئة بين عامي 2021 و2022 والعام الذي تلى، لدى المرضى الذين يتلقون الرعاية في غضون 90 دقيقة و150 دقيقة بعد اتصالهم بخط الطوارئ 999 للإبلاغ عن نوبة قلبية.
وفي حديث مع "اندبندنت"، قال البروفيسور ماماس ماماس، العضو في جمعية BCIS، إنه بسبب تأخير سيارات الإسعاف، تجُرى معالجة مزيد من المرضى بأدوية "مضادات التخثر"، بدلاً من إجراء جراحة القلب المفتوح المعروفة باسم التدخل التاجي الأولي عن طريق الجلد PCI.
وقال إن الخدمة الصحية "تتقادم"، مع اضطرار الأطباء إلى استخدام هذا البرتوكول العلاجي الذي يعود إلى 15 عاماً، لأن المرضى لا يصلون إلى المستشفى في الوقت المناسب كي يُجرى إخضاعهم لإجراءات PCI.
وأضاف البروفيسور ماماس أن المرضى الذين لا يخضعون لهذا الإجراء في غضون فترة زمنية معينة، هم معرضون أكثر للإصابة بقصور أو فشل القلب.
وشملت أحدث البيانات المتعلقة بالوفيات الزائدة التي نشرها "المركز الوطني للإحصاء" نحو 10 آلاف حالة وفاة إضافية بسبب قصور القلب في عام 2022، مقارنةً بمتوسط الأعوام الخمسة. وسُجلت نحو 7 آلاف حالة وفاة إضافية بسبب قصور القلب في عام 2021، و6358 حالة في عام 2020.
وفي تعليق على ما تقدم قال متحدث باسم وزارة الصحة والرعاية الاجتماعية: "إننا نتخذ إجراءات عاجلة لتحسين دخول المرضى لتلقي العلاج. وفي الأسبوع الماضي، أعلن وزير الصحة والرعاية الاجتماعية عن تأمين تمويل يصل إلى 250 مليون جنيه استرليني (310 ملايين دولار) لتقليل إشغال أسرة المستشفيات على الفور، وتخفيف الضغوط عن وحدات "الحوادث والطوارئ"، وتخفيض أوقات التأخير في تسلم المرضى من سيارات الإسعاف".
وتابع قائلاً: "يُضاف هذا التمويل إلى مخصصات صندوق تسريح المرضى من المستشفيات، الذي تبلغ قيمته 500 مليون جنيه استرليني (619 ألف دولار أميركي)، لتسريع إخراج المؤهلين منهم طبياً لمغادرة المستشفى بشكل آمن، وزيادة سعة المستشفيات التابعة لـ "الخدمات الصحية" بما يعادل 7 آلاف سرير إضافي هذا الشتاء، وإنشاء نظام قائم على البيانات على مدار الساعة، طيلة أيام الأسبوع، في مراكز التحكم ضمن كل منطقة محلية، لإدارة الطلب والموارد".
© The Independent