بعد مرور 11 عاما على إنشاء المحاكم الاقتصادية وافق مجلس النواب المصري في جلسته العامة الاثنين 15 يوليو (تموز) الحالي نهائيا على تعديلات القانون رقم 120 لسنة 2008 بإنشاء المحاكم الاقتصادية.
11 عاما على إنشاء المحاكم الاقتصادية المصرية
المحكمة الاقتصادية هي نوع من المحاكم المتخصصة، تختصّ نوعيا ومكانيا بقوانين محددة، وقد تم استحداثها وإنشاؤها بموجب القانون رقم 120 لسنة 2008 الخاص بإنشاء المحاكم الاقتصادية، محددا اختصاصاتها وتشكيلها، وكافة المسائل المتعلقة بها، وتم العمل بهذا القانون اعتبارا من الأول من أكتوبر (تشرين الأول) سنة 2008.
التعديلات الجديدة
التعديلات الجديدة التي أدخلت على القانون، وبحسب ما تداوله مجلس النواب، شملت سرعة الفصل في المنازعات المنصوص عليها في القانون بواسطة قضاة مؤهلين ومتخصصين، يتفهمون دقة المسائل الاقتصادية وتعقيداتها في ظل العولمة وتحرير التجارة محليا وعالميا، ما يسهم في إيصال الحقوق لأصحابها على النحو الناجز مع كفالة حقوق الدفاع كاملة.
برلماني: التعديلات أخذت في الحسبان ثغرات القانون السابقة
بسنت فهمي، عضو اللجنة الاقتصادية بمجلس النواب المصري، قالت لـ"اندبندنت عربية" إن "التعديلات الجديدة أخذت في الحسبان الثغرات التي ظهرت مع تطبيق القانون 120 لسنة 2008 على مدار 11 عاما بعد التجارب العملية"، وأضافت أن "التعديلات أيضا تضمن سرعة الفصل في المنازعات الاقتصادية وصدور أحكامها وتنفيذها في وقت أسرع، إلى جانب زيادة فرص تسوية النزاعات الناشئة بشكل سلمي وودي بما يحافظ على حقوق جميع الأطراف".
وأشارت بسنت فهمي إلى أن "التعديلات الجديدة تطرقت أيضا إلى التقدم الآني للتكنولوجيا والتي أصبحت محددا أساسيا في الاستثمار والاقتصاد، حيث راعت على سبيل المثال المادة 13 إضافة وتعريف بعض المصطلحات الواردة في القانون، مثل السجل الإلكتروني، والعنوان الإلكتروني المختار، والإيداع الإلكتروني، والتوقيع الإلكتروني، والمستند أو المحرر الإلكتروني، والسداد الإلكتروني، والصورة المنسوخة، وسير الدعوى إلكترونيا، والإعلان الإلكتروني، وطرق حماية إقامة وسير الدعوى إلكترونيا، للجهات ذات الصلة".
التعديلات الجديدة بحسب البيانات الصادرة عن مجلس النواب المصري نظمت تعيين قضاة المحكمة وإعداد السجلات الخاصة التي يقيد بها الطلبات، وطريقة التنفيذ واختصاص قاضي التحقيق وطريقة التحضير والمدة اللازمة للانتهاء من تحضير الدعوى، وسلطة المحكمة المختصة في إنهاء النزاع أو إعادته مرة أخرى لمحاولة الصلح بين الأطراف، وتصحيح كل ما يرد في محاضر التسوية من أخطاء وطريقة الدعوة والقيود التي ترد على قاضي التحضير في أثناء نظر الدعوى.
كما تضمنت التعديلات نقل المادة 14 للمادة 22 من مشروع القانون لتوضيح طرق وإقامة الدعاوى أمام المحاكم الاقتصادية والرسوم المقررة وطريقة عمل قلم كتاب المحاكم الاقتصادية، وكذا وسائل التحضير وطريقة الإعلان للخصوم والجزاء المترتب على غياب الخصوم وطرق وحالات اعتبار الحكم حضوريا.
ونصّ مشروع القانون على أنه "فيما عدا المنازعات والدعاوى التي يختص بها مجلس الدولة، تختص الدوائر الابتدائية بالمحاكم الاقتصادية دون غيرها، بنظر المنازعات والدعاوى، التي لا تجاوز قيمتها 10 ملايين جنيه، والتي تنشأ عن تطبيق القوانين التالية: قانون الشركات العاملة في مجال تلقي الأموال لاستثمارها، وقانون سوق رأس المال وقانون التأجير التمويل وقانون حماية الاقتصاد القومي من الآثار الناجمة عن الممارسات الضارة في التجارة الدولية، وقانون التجارة في شأن نقل التكنولوجيا والوكالة التجارية، وعمليات البنوك في التمويل العقاري، وقانون حماية حقوق الملكية الفكرية، وقانون تنظيم الاتصالات، وقانون تنظيم التوقيع الإلكتروني، وإنشاء هيئة تنمية صناعة تكنولوجيا المعلومات، وقانون حماية المنافسة ومنع الممارسات الاحتكارية، وقانون شركات المساهمة وشركات التوصية بالأسهم والشركات ذات المسؤولية المحدودة وشركات الشخص الواحد، وقانون البنك المركزي والجهاز المصرفي والنقد، وقانون التجارة البحرية، وقانون الطيران المدني في شأن نقل البضائع والركاب، وقانون حماية المستهلك، وقانون الضمانات المنقولة، وقانون المناطق الاقتصادية ذات الطبيعة الخاصة، وقانون تنظيم نشاط التمويل متناهي الصغر، وقانون الاستثمار وقانون الصكوك".
كما تختص المحاكم الاقتصادية بالحكم في دعاوى التعويض أو التأمين الناشئة عن تطبيق أحكام القوانين المشار إليها في الفقرة السابقة بحسب الأحوال، ويكون الحكم الصادر في الدعاوى المشار إليها في الفقرتين السابقتين نهائيا إذا كانت قيمة الدعوى لا تجاوز 500 ألف جنيه.
مستشار سابق لوزارة الاستثمار: القانون شابه سلبيات ظهرت مع التطبيق
سلامة فارس، المستشار القانوني السابق لوزارة الاستثمار المصرية، أكد أن قانون المحاكم الاقتصادية منذ إنشائه في عام 2008 يتضمن بعض السلبيات والثغرات التي تتعلق بعملية التطبيق الفعلي، وأضاف أن "أهم السلبيات كانت تتعلق بمدى أهلية القاضي الاقتصادية للفصل في المنازعات الاقتصادية والاستثمارية المختلفة، بخاصة في القضايا النوعية شديدة الخصوصية مثل منازعات البورصة وأسواق المال وقضايا الإفصاح والشفافية".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وأشار "فارس" إلى أنه "كان يتم التغلب على تلك الإشكالية الكبرى بإعادة تأهيل القضاة من الناحية الاقتصادية بدورات متخصصة إلى جانب الخبرة العملية التي يكتسبها القاضي"، واستدرك فارس و"لكن للأسف كانت عمليات التأهيل لا تأتي ثمارها بعد حين"، موضحا أنه "نتيجة للانتداب كان يُنقل القاضي المؤهل بعد الدورات والخبرات إلى محاكم جنائية أو مدنية، وليس إلى محاكم اقتصادية، لتبدأ عمليات التأهيل مع قاضٍ جديد، وهكذا تضيع خبرة هذا القاضي".
وطالب "فارس" القضاء المصري بالعمل على تأهيل قضاة المحاكم الاقتصادية بصقلهم بالدراسات الاقتصادية التي تجعلهم أكثر إلماما بالقضايا الاقتصادية المنظورة أمامهم وعدم الاكتفاء باختيار لجان الخبراء التي يلجأ إليها القاضي لحسم القضايا فقط.
الإفلاس... أداة استثمارية لا يدركها بعض القضاة
وحول قضايا الإفلاس، قال "فارس" إنه "يغيب عن مخيلة بعض القضاة أن الإفلاس هو أحد أدوات جذب الاستثمار"، موضحا أن "أزمة الاستثمار في مصر منذ عشرات السنين أن المستثمر الأجنبي يدخل السوق المصرية ولا يجد مخرجا، وهذه إشارة سلبية بالقطع، وإن كان قانون الاستثمار الجديد عالج على استحياء تلك الأزمة، ولكن تبقى الأزمة في التباطؤ في إعلان إفلاس شركة ما، والتي قد تستغرق سنوات وسنوات في المحاكم الاقتصادية دون حل".
رئيس الهيئة العامة للاستثمار: قوة مضاعفة للقضاء الاقتصادي
وقال محسن عادل، رئيس الهيئة العامة للاستثمار المصرية، إن "التعديلات الأخيرة على قانون المحاكم الاقتصادية تمثل قوة مضاعفة للنظام القضائي الاقتصادي المصري ومنح مزيد من القوة تساعد على سرعة الفصل في المنازعات القضائية الاستثمارية بما يثقل مصداقية الدولة المصرية أمام المستثمرين المحليين والأجانب".
وأضاف عادل أن "ثقة المستثمرين وبشكل خاص الأجانب منهم سترتفع لضمان سرعة الفصل في قضاياهم، بما يسهم في تهيئة المناخ الاستثماري المصري ليكون أكثر جاذبية"، موضحا أن "التعديلات الأخيرة استهدفت بشكل واضح تسهيل الإجراءات وتوسيع نطاق عمل المحاكم الاقتصادية بما يضمن سرعة الفصل في المنازعات والتي أثبتت التجارب السابقة أن التباطؤ في فض المنازعات أحد معوقات ضخ استثمارات أجنبية جديدة، هذا علاوة على رفع تصنيف مصر في تقارير ممارسة الأعمال التي يصدرها البنك الدولي دوريا والتي تحتلّ مصر فيه مركزا متأخرا في سرعة الفصل في قضايا المنازعات الاستثمارية".
شروط الانضمام للجنة الخبراء
وقال عبد المنعم السيد، العضو السابق باللجنة الوزارية لفض المنازعات الاستثمارية، إن "قانون المحاكم الاقتصادية حدد شروطا ضمن التعديلات لقيد لجنة الخبراء المتخصصين في مسائل المحاكم الاقتصادية بجداولها"، موضحا أن "لجنة الخبراء هي التي يلجأ إليها قاضي المحكمة الاقتصادية عند حسم قضية اقتصادية شائكة نوعية شديدة التخصص".
وأضاف السيد أن "لجنة خبراء المحاكم الاقتصادية المشكلة هي المختصة بفحص طلبات القيد وتجديد القيد والترشيحات ودراستها للتأكد من توفّر شروط القيد والتجديد، وإعداد كشوف بأسماء وبيانات المرشحين منهم، كما تختص اللجنة بمراجعة الجداول وتنقيحها واقتراح إضافة أسماء إليها أو شطب أي من المقيدين بها بناء على طلب منهم أو من تثبت فقده شرطا من شروط القيد، وذلك من تلقاء نفسها أو بناء على طلب رئيس إحدى المحاكم الاقتصادية".
وحول الشروط التي حددتها وزارة العدل لقيد الخبراء في جداول المحاكم الاقتصادية، قال السيد "يشترط أن يكون المقيد حاصلا على مؤهل عالٍ مناسب من إحدى الجامعات أو المعاهد في أحد المجالات المتعلقة بأحكام القوانين التي تدخل في اختصاص المحاكم الاقتصادية ويفضل الحاصلون على الدراسات العليا في تخصصاتهم".
وأضاف العضو السابق باللجنة الوزارية لفض المنازعات الاستثمارية "يجب أن يكون المقيد محمود السيرة حسن السمعة، وألا تقل مدة خبرته في تخصصه عن 7 سنوات بعد حصوله على المؤهل الدراسي، وأيضا ألا يكون من المشتغلين بمهنة المحاماة، علاوة على ألا يكون قد سبق الحكم عليه بعقوبة سالبة للحرية في إحدى الجرائم المخلة بالشرف والأمانة، أو حكم عليه من مجلس تأديب لأمر مخل بواجب عمله، أو سبق شهر إفلاسه، وأخيرا ألا يكون قد تم فصله من وظيفة عامة أو صدر قرار بمحو اسمه من سجل إحدى المهن التي ينظمها القانون".
نائب اتحاد المستثمرين: صاحب القضية كان يتوفى قبل حسمها
ورحّب محرم هلال، نائب اتحاد المستثمرين المصريين، بتعديلات قانون المحاكم الاقتصادية الأخيرة، مؤكدا أن "المستثمرين وبخاصة الأجانب كانوا يعانون خلال السنوات الماضية عند اللجوء إلى المحاكم الاقتصادية، وبخاصة في قضايا الإفلاس والتصفية"، قائلا "أحيانا كان يتوفى صاحب القضية قبل الفصل فيها من طول إجراءات التقاضي والبت فيها".