يبدو أن أموال #الدول_النفطية الثرية المحاذية للخليج العربي قد اتحدت على رفع شعار جديد للحلفاء، "لا تدفق لمزيد من الأموال والمنح من دون شروط وإصلاحات".
وبحسب تصريح جديد لوزير الخارجية الكويتي الشيخ سالم عبدالله الجابر الصباح يقول فيه إن "بلاده تعتزم مراجعة الطريقة التي تنتهجها في تقديم المساعدات للدول العربية والنامية عبر الصندوق الكويتي للتنمية الاقتصادية العربية"، وهو الموقف الذي يأتي متسقاً مع سياسات جديدة كشفت عنها دول خليجية أخرى كالسعودية والإمارات وقطر، التي بدأت بالتلويح إلى أن "عصر الودائع المصرفية غير المشروطة قد ولى"، مفضلة الاستثمار بدلاً من تقديم المساعدات المالية المباشرة.
وأضاف الوزير الكويتي في فيديو مصور وزعته وزارة الخارجية، "هناك تطورات على المستوى الدولي تتطلب منا أن نعيد النظر في آليات عمل الصندوق وتجيير (تسخير) عمل الصندوق للمحافظة على مصالحنا الوطنية".
ويهدف الصندوق إلى مساعدة الدول العربية والدول النامية الأخرى، في تطوير اقتصاداتها عبر القروض الميسرة والضمانات والمنح وتوفير المعونات الفنية، ولا يقدم مساعدات مالية لدعم ميزانيات الدول.
وبحسب أرقام اقتصادية، زاد عدد القروض التي قدمها الصندوق منذ تأسيسه عام 1961 على ألف قرض إلى 105 دول، بقيمة إجمالية بلغت 21.9 مليار دولار، طبقاً لموقعها الإلكتروني.
وتتركز عمليات الصندوق بشكل أساسي على قطاعات الزراعة والري والنقل والاتصالات والطاقة والصناعة والمياه والصرف الصحي، إضافة إلى القطاعات الاجتماعية، وتشمل الأبنية التعليمية والصحية.
انتقادات للصندوق
وفي السنوات الأخيرة تصاعدت لهجة الانتقادات الداخلية للصندوق الكويتي للتنمية، باعتباره يساعد الدول الأخرى في وقت تتزايد الحاجة فيه إلى مساعدة المواطنين الكويتيين في ظل زيادة نسب التضخم وارتفاع أسعار السلع والخدمات.
ولم يحدد الوزير الكويتي طبيعة التغيرات المقترحة على عمل الصندوق، إلا أن مصادر صحافية قالت إن "السياسة الجديدة للصندوق تجعل القروض بمقابل، سواء التصويت أمام مجلس الأمن أو الدعم السياسي في قضايا محددة".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ونقلت صحيفة "القبس" عن مصادر لم تسمها، القول إنه "ستتم إعادة النظر في إعطاء القروض بلا مقابل، فضلاً عن مراجعة الأعمال الإنسانية البحتة التي لا تحتوي على أي أجندة"، لكن وزير الخارجية استدرك خلال تصريحاته حرص القيادة الكويتية على مواصلة الحفاظ على "إرثنا الإنساني" الذي قال إنه "إرث عظيم... تم بناؤه على مدى ستين سنة. ونحن سنحافظ على هذا الإرث، ونعمل على تنميته".
السعودية: "لا مساعدات من دون شروط"
وفي موقف سابق مماثل لأكبر بلدان العالم تصديراً للنفط، قال وزير المالية السعودي محمد الجدعان خلال مؤتمر دافوس الاقتصادي في سويسرا في 18 يناير (كانون الثاني)، "إننا اعتدنا تقديم منح ومساعدات مباشرة من دون شروط، ونحن نغير ذلك. نعمل مع مؤسسات متعددة الأطراف لنقول بالفعل إننا في حاجة إلى رؤية إصلاحات". وأضاف الوزير السعودي، "نفرض ضرائب على شعبنا، ونتوقع من الآخرين فعل الأمر نفسه، وأن يبذلوا جهداً. نريد المساعدة، لكننا نريد منكم الاضطلاع بدوركم".
وتزامن هذا التصريح مع تخطيط صندوق الاستثمارات العامة السعودي، وهو صندوق سيادي مملوك للدولة، إلى استثمار 24 مليار دولار في ست دول عربية. وجاء في بيان للصندوق أنه سيؤسس شركات في العراق والأردن والبحرين وسلطنة عمان والسودان، لضخ استثمارات في قطاعات تتراوح بين البنية التحتية والرعاية الصحية إلى التمويل والغذاء.
وقد دشن الصندوق هذه العملية في أغسطس (آب) من خلال إنشاء شركة استثمارية في مصر، حيث أنفق بالفعل 1.3 مليار دولار لشراء حصص في أربع شركات.
أكثر من 85 مليار دولار أميركي
وتظهر الأرقام المنشورة على موقع "منصة المساعدات" الحكومي السعودي أن السعودية قدمت أكثر من 85 مليار دولار أميركي على شكل مساعدات لأكثر من 167 دولة حول العالم، الجزء الأكبر منها كان على شكل مساعدات تنموية.
واحتل اليمن المرتبة الأولى في إجمالي مبالغ المساعدات برقم يفوق 20 مليار دولار، وتلته مصر بنحو 14 ملياراً، وباكستان وسوريا بسبعة مليارات، ثم فلسطين بنحو خمسة مليارات ولبنان بـملياري دولار أميركي.
وذكرت وسائل إعلام سعودية رسمية في وقت سابق أن السعودية قد تعزز استثماراتها في باكستان التي تعاني ضائقة مالية إلى 10 مليارات دولار، إضافة إلى أنها ستزيد سقف الودائع في البنك المركزي الباكستاني إلى خمسة مليارات دولار.
وتقود الرياض الاستثمارات الخليجية بمصر، ففي يونيو (حزيران) 2022 أعلنت عن اتفاقات بقيمة 7.7 مليار دولار مع مصر، بما في ذلك بناء محطة طاقة بقيمة 1.5 مليار دولار. وقالت إنها تعتزم قيادة استثمارات بقيمة 30 مليار دولار لمساعدة حليف قديم يواجه ضعف العملة المحلية ونقص العملة الأجنبية.
وفي إطار السياسة الخليجية الجديدة لتوظيف الأموال بعوائد، تعهدت قطر في مارس (آذار) 2022 ضخ خمسة مليارات دولار في صورة استثمارات بمصر، في حين أبرم "القابضة ADQ"، أحد صناديق أبوظبي السيادية، في وقت سابق، صفقة بنحو ملياري دولار لشراء حصص في شركات مصرية مملوكة للدولة مدرجة في البورصة.