قال وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان آل سعود، خلال جلسة حوارية ضمن مؤتمر ميونيخ للأمن، إن إجماعاً بدأ يتشكل في العالم العربي على أنه لا جدوى من عزل سوريا، وأن الحوار مع دمشق مطلوب "في وقت ما" حتى تتسنى على الأقل معالجة المسائل الإنسانية، بما في ذلك عودة اللاجئين.
وتمثل التصريحات، التي أدلى بها الأمير في منتدى ميونيخ للأمن أمس السبت، تغيراً في السياسة التي تم تبنيها خلال السنوات الأولى للحرب الأهلية السورية المستمرة منذ ما يقرب من 12 عاماً، عندما دعمت دول عربية من بينها السعودية جماعات من المعارضة المسلحة قاتلت ضد الرئيس بشار الأسد.
وشدد الأمير فيصل بن فرحان على أن علاقة بلاده بالولايات المتحدة تراعي #المصالح_القومية للبلدين، وقال "نختلف مع #واشنطن في بعض القضايا، وهذا أمر معلن ومعروف"، لكنه في المقابل أشار إلى أن #الرياض تعمل مع واشنطن "في قضايا أمن واستقرار المنطقة"، معبراً عن قلقه لاستمرار الصراعات والانقسامات في العالم.
وتطرق الوزير السعودي، إلى علاقة الرياض بموسكو، خصوصاً تجاه الأزمة الأوكرانية وكيفية التوصل إلى حل، وقال "علاقتنا جيدة مع روسيا وهذا مفيد للجميع لإبقاء أبواب الحوار مفتوحة".
وقال الوزير "سمعنا من روسيا وأوكرانيا عن رغبة في التفاوض، لكن القضايا بينهما معقدة"، وأضاف "نواصل الحوار مع أوكرانيا وروسيا للتوصل لفرص الحل".
الشأن الإيراني
وفي السياق ذاته، تطرق الوزير إلى الشأن الإيراني، وقال "حذرنا سابقاً من مسيرات إيران وهي الآن تضرب في أوكرانيا"، وفي شأن الاتفاق النووي أضاف "نريد أن تكون لدول الخليج كلمة في ما يتعلق بالاتفاق النووي.
وأوضح "نريد العودة للاتفاق النووي، لكن بنظرة شمولية وبمشاركة خليجية"، مبيناً أن حصول دولة معادية على سلاح نووي يدفع الجميع للبحث بخياراته، وذكّر بأن نشر التسلح ليس مفيداً في المنطقة "نحن ندعم خلو الشرق الأوسط من الأسلحة النووية".
كما تناول الوزير السعودي في حديثه الشأن الفلسطيني، وقال "هناك تصعيد في الأراضي المحتلة وزيادة في المستوطنات، وهذا لن يجلب السلام".
وضع غير قابل للاستمرار
وقال الأمير فيصل "سترون أن إجماعاً يتزايد ليس فقط بين دول مجلس التعاون الخليجي، بل في العالم العربي على أن الوضع الراهن غير قابل للاستمرار".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وأضاف أنه في ظل غياب سبيل لتحقيق "الأهداف القصوى" من أجل حل سياسي، فإنه "بدأ يتشكل" نهج آخر لمعالجة مسألة اللاجئين السوريين في دول الجوار ومعاناة المدنيين، خصوصاً بعد الزلزال المدمر الذي ضرب سوريا وتركيا.
وقال الأمير فيصل "لذلك، ينبغي أن يمر ذلك عبر حوار مع حكومة دمشق في وقت ما بما يسمح على الأقل بتحقيق الأهداف الأكثر أهمية، خصوصاً في ما يتعلق بالزاوية الإنسانية وعودة اللاجئين وما إلى ذلك".
ولدى سؤاله عن تقارير تتحدث عن أنه قد يزور دمشق بعد أن زارها نظيراه الإماراتي والأردني بعد الزلزال، قال الأمير فيصل إنه لن يعلق على الإشاعات.
طائرات المساعدات
وأرسلت الرياض طائرات محملة بالمساعدات لمناطق منكوبة تسيطر عليها الحكومة السورية في إطار جهود الإغاثة من الزلزال بعد أن أرسلت مساعدات في البداية فقط لشمال غربي سوريا الخاضع لسيطرة المعارضة.
وبدا أن الأسد، الذي يتجنبه الغرب، يستمتع بفكرة تدفق الدعم من دول عربية وثقت العلاقات مع بلاده خلال السنوات القليلة الماضية، خصوصاً الإمارات التي تهدف لدعم النفوذ العربي في سوريا للتصدي للنفوذ الإيراني.
وتمكن الأسد من استعادة السيطرة على أغلب مناطق سوريا بدعم من روسيا وإيران وجماعات شيعية تدعمها طهران مثل "حزب الله" اللبناني.
وتضغط الإمارات من أجل إعادة التواصل مع دمشق على رغم اعتراض الولايات المتحدة التي تفرض عقوبات لا تزال تشكل عاملاً معقداً لمجريات الأمور في المشهد السوري.
هولندا وباكستان والنمسا
وكان الوزير السعودي عقد عدداً من لقاءات العمل مع وزراء خارجية كل من هولندا وباكستان والنمسا، كما شملت اللقاءات رئيس مستشارية ولاية بافاريا في ألمانيا، والمدير التنفيذي لشركة "BMW"، (كل على حدة)، على هامش أعمال مؤتمر ميونيخ للأمن 2023.
وطبقاً لوكالة الأنباء السعودية، ناقش الأمير فيصل بن فرحان مع نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية الهولندي فوبكه هويكسترا، أوجه العلاقات بين البلدين في عديد من مجالات التعاون المشترك، وسبل دعمها وتعزيزها بما يخدم مصالح البلدين.
كما تناولا وجهات النظر حيال الأزمة (الروسية- الأوكرانية)، والجهود الدولية الرامية لحل الأزمة سياسياً بما يحقق الأمن والسلم الدوليين، إضافة إلى مناقشة عدد من القضايا والمستجدات على الساحتين الإقليمية والدولية.
كما التقى الأمير فيصل بن فرحان نظيره الباكستاني بيلاوال بوتو زرداري، واستعرض الجانبان العلاقات السعودية- الباكستانية الوطيدة وسبل دعمها وتعزيزها بما يخدم المصالح المشتركة، إضافة إلى مناقشة أبرز الموضوعات المطروحة في مؤتمر ميونيخ للأمن 2023، وأهمية تعزيز العمل متعدد الأطراف بما يحقق الأمن والسلم الدوليين.
في حين بحث الوزير السعودي لدى لقائه، وزير الشؤون الخارجية والأوروبية في النمسا السيد ألكساندر شيلينبيرغ، علاقات البلدين وسبل دعمها وتعزيزها بما يخدم المصالح المشتركة، إضافة إلى مناقشة أوجه تكثيف التنسيق الثنائي تجاه عديد من القضايا التي تهم البلدين، وجهود إرساء دعائم الأمن والسلم الدوليين التي يبذلها البلدان الصديقان، إلى جانب مناقشة أبرز الموضوعات المطروحة في مؤتمر ميونيخ للأمن 2023.
وفي السياق ذاته، التقى الأمير فيصل بن فرحان، وزير الدولة رئيس مستشارية ولاية بافاريا في ألمانيا الاتحادية فلوريان هيرمان، وناقش الجانبان سبل تعزيز العلاقات المتينة بين المملكة وألمانيا ودعمها في مختلف مجالات التعاون والتنسيق المشترك، إضافة إلى مناقشة عديد من القضايا والمستجدات على الساحتين الإقليمية والدولية.
كما التقى أيضاً المدير التنفيذي لشركة "BMW" أوليفر زيبس، وتطرق الحديث لأهمية الأمن والاستقرار في دعم أهداف التنمية المستدامة وازدهار الشعوب، كما تطرق الجانبان إلى النمو الاقتصادي المتسارع الذي تشهده المملكة في ضوء "رؤية 2030"، وما تحمله من فرص ضخمة للمستثمرين المحليين والأجانب في عديد من المجالات.
الناتج المحلي السعودي في 2022
وقال وزير الخارجية السعودي إن اقتصاد بلاده كان الأسرع نمواً في العالم خلال عام 2022، وللمرة الأولى تجاوز الناتج المحلي الإجمالي تريليون دولار.
وأضاف اليوم الأحد في جلسة حوارية على هامش مؤتمر ميونيخ للأمن 2023 أن السعودية، وهي صاحبة أكبر اقتصاد عربي، تتوقع في الأعوام الخمسة المقبلة أن تستمر في النمو بمعدلات مماثلة، وذلك سيؤثر في جيرانها وسيكون له تأثير إيجابي كبير ويسهم في تجاوز التحديات الكبرى.
وشارك عشرات رؤساء الدول والحكومات في مؤتمر ميونيخ للأمن الذي انطلقت أعماله أول من أمس الجمعة ويستمر ثلاثة أيام. وهيمنت حرب أوكرانيا التي تدخل عامها الثاني بعد أيام على محادثات القادة، كما تمت مناقشة أزمة الطاقة والأخطار التي تواجه الاقتصاد العالمي.
وأشار وزير الخارجية السعودي إلى أن هناك تحديات عدة في المنطقة، لكن التحدي الأكبر هو أن الجغرافيا السياسية تخرج عن مسار هذا الزخم الإيجابي للغاية، إذا كان الصراع الإقليمي قائماً على مفاهيم "عفا عليها الزمن" مثل محاولة النفوذ أو صراعات أخرى لا طائل من ورائها، وذلك له تأثير في الجغرافيا السياسية.
تأثير كبير في الاقتصاد العالمي
وتابع "نرى بالفعل تأثيراً كبيراً في النشاط الاقتصادي العالمي بسبب تباطؤ الاقتصاد الصيني الذي سيؤدي بعد ذلك إلى إخراج جداول أعمالنا عن مسارها عندما تكون أكثر النقاط هشاشة".
وأردف، "لذلك يمكنني القول إننا في السعودية نحقق نجاحاً كبيراً، لكننا حقاً في مرحلة تحول في النقطة التي نحتاج فيها إلى الاستمرار في المسار الصحيح لتحقيق الأرقام. لقد حققنا بالفعل معظم أهداف عام 2030، ولكن من أجل ترسيخها نحتاج إلى مواصلة التنفيذ، وأكبر خطر على ذلك هو التباطؤ الاقتصادي العالمي، لذلك هذا هو الشغل الشاغل لدي... الدافع الأساسي للمصلحة الوطنية هو رحلتنا التنموية".
كانت بيانات الهيئة العامة للإحصاء في السعودية كشفت عن نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي بنسبة 8.7 في المئة مقارنة بالعام السابق 2021.
ويعود ذلك لنمو الأنشطة النفطية بمعدل 15.4 في المئة، فيما حققت الأنشطة غير النفطية معدل نمو قدره 5.4 في المئة، إضافة إلى نمو أنشطة الخدمات الحكومية بمقدار 2.2 في المئة.
وأظهرت البيانات نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي في السعودية بنسبة 5.4 في المئة في الربع الرابع من عام 2022، مقارنة بالفترة نفسها من عام 2021.
نمو الأنشطة غير النفطية
وأوضحت الهيئة أن هذا النمو يرجع إلى الارتفاع الذي حققته الأنشطة غير النفطية بنسبة 6.2 في المئة، إضافة إلى الزيادة التي حققتها الأنشطة النفطية بمقدار 6.1 في المئة، كما سجلت أنشطة الخدمات الحكومية صعوداً قدره 1.8 في المئة.