ملخص
يعتقد مراقبون بأن كثيراً من الأردنيين يخلطون ما بين #خطاب_الكراهية وحرية التعبير، الأمر الذي جعل #أروقة_المحاكم تحفل بمئات القضايا
يتسبب حجم الإشاعات والمعلومات المضللة، فضلاً عن تنامي خطاب الكراهية في الأردن، بإرهاق أجهزة الدولة على نحو دفع الحكومة إلى إطلاق مواقع إلكترونية ومراصد خاصة لتقصي حجم الظاهرة وتبعاتها على المجتمع والسلم الأهلي.
تعرف السلطات الأردنية الإشاعات والمعلومات المضللة بأنها تلك المعلومات غير الصحيحة المرتبطة بشأن عام أو مصالح أردنية التي يتم تداولها على وسائل التواصل الاجتماعي، بحيث فاق عددها خلال جائحة كورونا 500 إشاعة.
وفي حين تنأى السلطات بنفسها عن هذه المعضلة، يحمل مراقبون الحكومة مسؤولية ما يحدث بسبب غياب الرواية الرسمية والشفافية، مما يجعل منصات التواصل بيئة خصبة للإشاعات، بخاصة في أوقات الأزمات والطوارئ.
مرصد الكراهية
من بين المبادرات اللافتة التي أطلقت في هذا السياق مركز لرصد ومتابعة خطاب الكراهية والمعلومات المضللة والإشاعات، تحديداً عبر وسائل التواصل، إذ إن وزير الاتصال الحكومي فيصل الشبول يشير إلى ما يمكن تسميته "الانفلات" على هذه المنصات، داعياً إلى مشروع قانون عربي لمنع خطاب الكراهية.
يدلل الشبول على مخاوفه بالإشارة إلى أن جرائم القدح والذم والتحقير تحتل المرتبة الأولى في الشكاوى والدعاوى المقدمة إلى الأجهزة المتخصصة في الأردن، وهي تمثل ما يقارب ثلثي الجرائم المرتكبة عبر وسائل التواصل الاجتماعي، تليها جرائم التهديد والقضايا المنافية للحياء والاحتيال، موضحاً أن خصوصية الأطفال والنساء هي الأكثر استهدافاً.
يلفت أستاذ القانون بكلية الحقوق في الجامعة الأردنية ليث نصراوين إلى ما تضمنه القانون الأردني من عقوبات واضحة لجريمة خطاب الكراهية رغم حداثتها، وذلك في المادة 20 من قانون الإعلام المرئي والمسموع التي تنص على عدم بث ما يخدش الحياء العام، أو يحض على الكراهية والإرهاب وتعاقب المخالفين بالحبس مدة لا تقل عن ثلاثة أشهر ولا تزيد على سنة.
لكن القانون يشمل أيضاً إثارة النعرات المذهبية أو العنصرية أو الحض على النزاع بين الطوائف، وهو ما لوحظ بكثرة خلال الأعوام الخمسة الأخيرة بعد الانتشار الكبير لخدمة الإنترنت والإقبال على منصات التواصل.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
يعتقد مراقبون بأن كثيراً من الأردنيين يخلطون ما بين خطاب الكراهية وحرية التعبير، الأمر الذي جعل أروقة المحاكم تحفل بمئات القضايا من هذا النوع بعدما أتاحت شبكة الإنترنت الحق لكل شخص في التعبير عن آرائه.
ويرصد كثيرون انتشار خطاب الكراهية في الأردن في الأحداث والفعاليات الجماهيرية، بخاصة بين أكبر الفرق الأردنية لكرة القدم، الأمر الذي دفع الأجهزة الأمنية إلى إقامة كثير من المباريات من دون جمهور.
من بين هؤلاء الصحافي وليد حسني الذي يؤكد أن خطاب الكراهية في الأردن ظل خافتاً تماماً ولا يكاد يظهر في الصحافة اليومية، بخلاف ما يتم بثه في الصحافة الإلكترونية، بخاصة في تعليقات القراء.
ويعتبر حسني أن الاستقرار السياسي في الأردن ووعي الصحافيين والإعلاميين أنقذ الصحافة اليومية من الوقوع في منزلق بث خطابات الكراهية، مما جعلها في المرتبة الأخيرة من بين الصحف اليومية العربية التي جرى رصدها والمتهمة بنشر خطابات الكراهية.
550 إشاعة في عام
وفقاً لمرصد مصداقية الإعلام الأردني (أكيد) فإن عدد الإشاعات والمعلومات المضللة خلال عام 2021 بلغ 550 إشاعة أرهقت الدولة في التعامل معها وتعلق معظمها بالأمور الصحية بعد جائحة كورونا. وحازت وسائل التواصل الاجتماعي حصة الأسد في تداول هذه الإشاعات، تليها وسائل الإعلام، وكانت الإشاعات التي تتعلق بالوضع الاقتصادي للبلاد أبرز ما جرى تداوله بعد الشأن الصحي، تليها الإشاعات الأمنية والسياسية والاجتماعية.
الجهات الأمنية نفت إشاعات عدة خلال عام 2021 من بينها انتشار مقاطع مصورة لم يتم تصويرها في الأردن، كما ترددت إشاعات سياسية عدة أحرجت عمان.
وارتبط عدد كبير من الإشاعات بالأزمات المحلية كأزمة انقطاع الكهرباء عن البلاد وإطلاق مشروع الباص السريع وغيرها، ورغم زيادة هذه الإشاعات فإنها تبقى ضمن المعدلات المعتادة عالمياً رغم تحولها، وفق مراقبين، إلى أيديولوجيا ثقافية واجتماعية.
في السياق، يرى متخصصون أن نشر التربية الإعلامية والمعلوماتية ودمج مفاهيمها في المناهج التعليمية بالمدارس والجامعات كفيلان بمحاربة الإشاعات والمعلومات المضللة، كما أن إتاحة المعلومات العامة للمواطنين من خلال ضمان حق الحصول عليها، فضلاً عن تعزيز دور الصحافة الجيدة والأخلاقية قد تأتي بثمار إيجابية.