Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

مسؤولون مغاربة يثيرون بلبلة لاستخدامهم لغة أجنبية في لقاءاتهم

"السيادة التي لا تتوقف عند حدود الاستقلال السياسي والاقتصادي بل تتعداها إلى الثقافة واللغة"

رئيس الوزراء المغربي عزيز أخنوش يترأس جلسة حكومية (وكالة الأنباء المغربية)

ملخص

انتقد #برلمانيون "تفضيل" #مسؤولين_مغاربة التحدث بـ #لغة_موليير أو حتى #لغة_شكسبير في اجتماعاتهم.

تجدد السجال حول استعمال عدد من المسؤولين الحكوميين في المغرب لغات أجنبية، خصوصاً الفرنسية، في مداخلاتهم خلال مهمات ولقاءات رسمية عوض التحدث باللغة العربية أو الأمازيغية، المنصوص عليهما كلغتين رسميتين في دستور عام 2011.

وانتقد برلمانيون وفاعلون مغاربة "تفضيل" كثر من المسؤولين المغاربة التحدث بـ"لغة موليير" أو حتى "لغة شكسبير" في اجتماعات ومهمات رسمية، على رغم وجود إمكانات الترجمة الفورية للضيوف والمسؤولين الأجانب، معتبرين ذلك "خرقاً لمقتضيات الدستور المغربي".

انتقادات واستدراك حكومي

واندلع الجدل قبل أيام خلت عند حديث رئيس الحكومة المغربية عزيز أخنوش باللغة الفرنسية لدى مناقشة مخطط حكومي يدعى "فرصة" إلى جانب وزراء آخرين، الأمر الذي جر عليه وابلاً من الانتقادات في شأن جدوى الحديث بالفرنسية، على رغم أن الدستور ينص على العربية والأمازيغية لغتين رسميتين للبلاد.

وينص الفصل الخامس من الدستور المغربي على أن "تظل العربية اللغة الرسمية للدولة. وتعمل الدولة على حمايتها وتطويرها، وتنمية استعمالها"، مردفاً أن "الأمازيغية أيضاً لغة رسمية للدولة، باعتبارها رصيداً مشتركاً لجميع المغاربة من دون استثناء. يحدد قانون تنظيمي مراحل تفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية، وكيفيات إدماجها في مجال التعليم، وفي مجالات الحياة العامة ذات الأولوية، وذلك لكي تتمكن من القيام مستقبلاً بوظيفتها، بصفتها لغة رسمية".

ووصلت القضية إلى مجلس النواب عندما وجه رئيس فريق "حزب الاستقلال" (المشارك في الحكومة) نور الدين مضيان سؤالاً إلى رئيس الحكومة في خصوص "عدم اعتماد المسؤولين المغاربة إحدى اللغتين الرسميتين للدولة، أثناء تناول الكلمة في مناسبة أدائهم لمهمات رسمية".

ووفق نص السؤال الكتابي، "مسؤولون مغاربة يعمدون خلال أداء مهمات رسمية باسم الدولة، إلى التحدث بلغة أجنبية، سواء داخل الوطن أو خارجه، على رغم وجود تقنية الترجمة الفورية في هذه المناسبات والمحافل"، مشدداً على أن هذا السلوك "خرق للمقتضيات الدستورية التي تقضي صراحة بوجود لغتين رسميتين للدولة فقط، هما العربية والأمازيغية".

وسجل البرلماني ذاته مفارقة في هذا الصدد، إذ يستعمل مسؤولون أجانب عندما يأتون إلى البلاد اللغة العربية عندما يتناولون الكلمة، بينما يستخدم مسؤولون مغاربة لغات أجنبية في مهمات رسمية، مما يحجم من ثقافة الأمة ولغاتها الرسمية الغنية ويتنافى مع مقتضيات الدوريات الحكومية المتتالية الداعية إلى استعمال اللغتين الرسميتين في المعاملات الإدارية".

في المقابل استدركت الحكومة ما حصل في شأن المقطع الذي أثار السجال عندما ظهر أخنوش متحدثاً بالفرنسية داخل اجتماع حكومي، فنشرت مقطعاً آخر يبدو فيه رئيس الحكومة متكلماً باللغة العربية.

كما أنه سبق لوزير الخارجية ناصر بوريطة رفض الكلام بالفرنسية بحضور وزير خارجية فرنسا كاثرين كولونا في ديسمبر (كانون الأول) الماضي خلال لقائهما في العاصمة الرباط وطلب منها رفع السماعة للاستماع إلى الترجمة.

فوضى لغوية

وفي السياق يرى رئيس الائتلاف الوطني من أجل اللغة العربية فؤاد بوعلي أن "التواصل باللغة الفرنسية، وليس الأجنبية بعمومها، من طرف مسؤولين حكوميين وصل إلى مستوى لا يمكن تبريره"، منتقداً عقد الجلسات الرسمية بين مسؤولين حكوميين مغاربة لمناقشة قضية تهم المغاربة تستخدم فيها لغة غريبة عنهم".

وشدد بوعلي في حديثه على أنه "لا يمكن القبول باستعمال مسؤولين حكوميين مغاربة لغة دولة تنافس بلادهم في مجالها الاستراتيجي وتحاربها علانية في مصالحها السياسية"، قبل أن يردف متسائلاً "كيف لمن يفكر ويتواصل بلغة الغير أن يدافع عنك ضد هذا الغير؟".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وتابع "هناك نوع من عدم وعي لدى المسؤولين بكيفية تدبير الشأن العام بأهمية استعمال اللغة الرسمية في السيادة الوطنية التي لا تتوقف عند حدود الاستقلال السياسي والاقتصادي، ومفردات القانون والحدود، بل إن المدخل الثقافي ـــ اللغوي هو التعبير الرمزي والفكري عن هذا الاستقلال".

واستطرد بوعلي أن "الفوضى اللغوية التي يتعين وضع حد لها من خلال سياسة لغوية وهوياتية واضحة المعالم تحفظ للغة الرسمية مكانتها التداولية والاعتبارية، تجد تمثيلها الأكبر في هذه الممارسات التي يقترفها أشخاص من المفروض أن يحموا الدستور ويحترموا تنفيذه، وأهم معالم ذلك الحرص على التمكين للغة الوطنية وحماية هوية المغاربة، لكن ما يحصل عكس ذلك بالمطلق".

وأكمل "يمكن الاستدلال بالدورات التدريبية في اللغة العربية التي يحرص الدبلوماسيون والسفراء الأجانب لدى المغرب على الاستفادة منها من أجل التعلم ومعرفة كيفية التواصل مع المغاربة"، مضيفاً أن "التعلم ممكن لمن كان تعليمه بلغة أجنبية، لكن المبادرة إلى هذه الخطوة تحتاج إلى قناعات قوية عند الحكومة".

ووفق بوعلي "تكفي مطالعة الصفحات الرسمية لرئاسة الحكومة في منصات التواصل الاجتماعي للتأكد من كون اللغة المستعملة هي الفرنسية أو اللهجة العامية، وهذا يعني أن المقصود هو تهميش اللغة العربية"، وفق تعبيره.

ميزة تنافسية

وفي المقابل يرى رئيس جمعية التعاون الأفريقي الصيني للتنمية ناصر بوشيبة في تصريح لـ"اندبندنت عربية" أنه من بين الميزات التنافسية للبلاد تمكن عديد من المسؤولين الحكوميين والاقتصاديين من الحديث باللغات الأجنبية.

وأوضح أن هذا التمكن من اللغات الأجنبية والحديث بها في مهام رسمية، خصوصاً عند اللقاء مع مسؤولين أجانب، يعد محط إعجاب عديد من الزوار وأعضاء البعثات الرسمية في تواصلهم مع الفاعلين المغاربة السياسيين والاقتصاديين والجمعويين أيضاً.

وتابع قائلاً "خلال استقبالي لعديد من المستثمرين والمسؤولين الصينيين، بالنظر إلى اختصاصي وعملي، فإن هؤلاء يعربون عن سعادتهم عندما أقدم لهم فرص الاستثمار في المغرب بلغتهم الصينية الأم، حيث يكون الفهم أكبر، بالتالي فرص التجاوب أكثر".

واسترسل "من أجل تقوية هذه الميزة التنافسية يتعين على الحكومة أن تضاعف مجهوداتها في ما يخص تعليم اللغات الأجنبية والانفتاح بشكل أكبر على اللغات الأكثر تداولاً في العالم، وعلى رأسها الإنجليزية والصينية والروسية والإسبانية".

وجهان إيجابي وسلبي

من جهته يقول أستاذ العلوم السياسية والقانون الدستوري الحبيب أستاتي زين الدين إنها "ليست المرة الأولى التي يتحدث فيها مسؤولون حكوميون بغير اللغة الرسمية للدولة التي يمثلونها أمام ضيوف أجانب في المغرب أو خارجه، بل حتى في اجتماعات رسمية داخل الإدارة التي يشرفون عليها أو بقية الإدارات والمؤسسات في حال اجتماع متعدد الأطراف".

وأفاد أستاتي بأنه "بصرف النظر عن إتقان هؤلاء المسؤولين الحكوميين لأكثر من لغة واحدة، وهو من دون شك أمر مطلوب ومحمود في ظل تحولات مجتمع المعرفة، لكن لا يمكن إنكار أن لهذا الأمر وجهين أحدهما إيجابي والآخر سلبي".

ويشرح المحلل ذاته بأن الجانب الإيجابي يتمثل بحكم الوظيفة في إمكانية التواصل مع غير الناطقين باللغة العربية خصوصاً في القضايا الوطنية للتعبير عن التقارب والانفتاح والرغبة في تعزيز الشراكة، وأيضاً في حال عدم توافر تقنية الترجمة الفورية، علماً أن اللقاءات والاجتماعات الرسمية في المناسبات الدولية وما يرتبط بها من بروتوكولات تفرض استعانة المسؤول بمترجم لتسهيل التواصل".

أما الوجه السلبي، وفق أستاتي، فيتجلى في "الاعتقاد أن التحدث باللغة التي يجيدها الضيف يكسبه الاحترام والاعتراف بالكفاءة، بينما الحال يفيد بأن الطرف الثاني ربما ينظر إلى ذلك من جانب مغاير تماماً".

لا علاقة للكفاءة باللغة

وبسط الأستاذ الجامعي نقطتين أساسيتين في هذا النقاش، الأولى أن الكفاءة والذكاء التواصلي لا يختزلان في التحدث بالفرنسية أو الإنجليزية أو غيرهما من اللغات الأخرى، بل يرتبطان أساساً بأداء المهمة المنوطة بتفانٍ وإخلاص للوطن وثوابته الجامعة، وفي احترام تام لهويته وخصوصيته.

واستطرد "تقلد المسؤولية يلزم الوزراء أكثر من غيرهم بحكم موقعهم وجسامة مهمتهم، تمثيل هوية الدولة والتحدث بلغتها في المقام الأول، تجسيداً للدستور في فصله الخامس.

والثانية، تبعاً للمحلل، أن "التقاليد والأعراف الدبلوماسية العريقة تفصل إلى حد ما بين المعارف والمهارات والقناعات الشخصية، وتحمل مسؤولية الشأن العام وما تقتضيه من حس وطني رفيع. فالسفراء، بحكم مهمتهم، يجدر بهم تملك لغة البلد الذي عينوا فيه، مع الحرص على التمثيل الأمثل لمصالح دولتهم العليا وثقافتها ولغتها ليستحق بالفعل لقب ’سفير‘".

الأمر نفسه، يورد استاتي، ينطبق على المسؤول الحكومي، لكنه غير ملزم بمناسبة وغيرها استعمال لغة ما لينال الرضا أو التقدير، فمن المسلمات في المسؤولية الوزارية أن يتقيد المسؤول الحكومي بما يفرضه المنصب من تجرد وتعقل ينسجمان مع الاختصاص ورهان المصلحة العامة.

اقرأ المزيد

المزيد من متابعات