ملخص
هل من فرص لنجاح جهود تشكيل قوة عسكرية مشتركة بين الشرق و#الغرب_الليبي كنواة أولية للذهاب إلى توحيد #المؤسسة_العسكرية؟
تشهد ليبيا في الفترة الحالية حراكاً محلياً ودولياً، بقيادة المبعوث الأممي عبدالله باثيلي، لتفعيل "نواة مشتركة" بين القطب العسكري الشرقي والآخر الغربي، وهو الحلم الذي تحطم بين أيدي جميع المبعوثين السابقين إلى ليبيا.
باثيلي دعا في إحاطته الأخيرة أمام مجلس الأمن الدولي، نهاية فبراير (شباط) الماضي، إلى ضرورة توحيد المؤسسة العسكرية في ليبيا، لما لها من أهمية في إنهاء الأزمة السياسية التي تتخبط فيها البلاد منذ عام 2011.
وقدم رئيس أركان القوات العسكرية التابعة لحكومة الوحدة الوطنية الفريق أول ركن محمد الحداد، لرئيس المجلس الرئاسي محمد المنفي الأحد الماضي، إحاطة عن أهم الخطوات لتكوين "قوة مشتركة" بين الشرق والغرب والجنوب لتكون نواة لتوحيد المؤسسة العسكرية في ليبيا، وفق الموقع الرسمي للمجلس الرئاسي.
خطوة النواة العسكرية المشتركة استحسنها بعضهم باعتبارها "ستهيئ الظروف الأمنية لإجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية"، وعارضها آخرون لأنها "ستصطدم بصعوبات عدة على الأرض، أبرزها انقسام المؤسسة العسكرية في الغرب الليبي على نفسها، وتعارضها مع مصالح الدول المتداخلة في المشهد السياسي بالبلاد".
جهود سابقة
وسبق أن اجتمع باثيلي بعدد من قادة الوحدات العسكرية والأمنية من القطب الغربي والقطب الشرقي، بحضور اللجنة العسكرية المشتركة (5+5)، يوم السابع من فبراير (شباط) الماضي بالعاصمة التونسية، بهدف توفير بيئة آمنة لإجراء انتخابات حرة خلال العام الحالي، وفق ما نقله الموقع الرسمي لبعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا.
من جهته تابع رئيس المجلس الرئاسي محمد المنفي، في فبراير الماضي، مع عضوي اللجنة العسكرية المشتركة اللواء الفيتوري غريبيل (عن المؤسسة العسكرية بالشرق الليبي) واللواء رضوان الغراري (المؤسسة العسكرية في الغرب)، جهود اللجنة العسكرية المشتركة (5+5) واجتماعاتها من أجل توحيد المؤسسة العسكرية.
وعلى رغم توالي الاجتماعات العسكرية المشتركة يبقى الـ11 من ديسمبر (كانون الأول) عام 2021 تاريخاً شاهداً على أول اجتماع عسكري بين المعسكرين الغربي والشرقي في مدينة سرت (وسط) منذ اندلاع ثورة الـ17 من فبراير (شباط) عام 2011.
طريق شاقة
بخصوص إمكانية الذهاب نحو تكوين نواة عسكرية مشتركة لحماية الانتخابات وتأمين الحدود الجنوبية، لتكون لبنة لتوحيد المؤسسة العسكرية في مرحلة تالية، قال المحلل السياسي إبراهيم لاصيفر لـ"اندبندنت عربية"، إنه "لا توجد فرص على الأرض لنجاح توحيد المؤسسة العسكرية بين الغرب والشرق إذا لم يسبقها توحيد للسلطة التنفيذية".
وأشار لاصفير إلى أن "الانقسام السياسي سينسف أية مبادرة للذهاب نحو توحيد المؤسسة العسكرية والأمنية المنقسمة هي الأخرى على نفسها، فعناصر القطب العسكري الغربي منقسمين بين حكومة عبدالحميد الدبيبة وحكومة فتحي باشاغا".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ووصف المسؤول الحزبي الطريق نحو تكوين نواة مشتركة لتوحيد المؤسسة العسكرية بـ"الوعرة والشاقة وغير المعبدة، بخاصة في ظل تدويل الأزمة الليبية وتحكم دول بعينها في المشهد الليبي عن طريق حلفاء لها، سواء من القطب العسكري الغربي أو الآخر الشرقي".
وأوضح لاصيفر أن "خطوة تكوين نواة مشتركة لتوحيد الجيش الليبي ستصطدم بوجود القوات الأجنبية والمرتزقة على التراب الليبي، التي ستقاوم للبقاء تنفيذاً لأهدافها التوسعية بعد أن فشلت مجموعة (5+5) العسكرية في العمل على إخراجها تطبيقاً لما نص عليه اتفاق جنيف في أكتوبر (تشرين الأول) 2020".
وطالب البعثة الأممية بـ"حل جميع الحكومات، والانكباب على تكوين حكومة واحدة قوية قادرة على بسط نفوذها على كامل التراب الليبي، وفي الوقت نفسه تنطوي تحتها القوات العسكرية والشرطية بمختلف تركيباتها، لتهيئة الظروف لعملية انتخابية ديمقراطية".
وأوضح المحلل السياسي أن "الحديث عن تكوين نواة عسكرية مشتركة جاء بضغط أميركي على القوات المسلحة العسكرية بشقيها الغربي والشرقي، واجتماع مدير الوكالة الأميركية للاستخبارات بكل من رئيس الحكومة الوطنية عبدالحميد الدبيبة، وقائد القوات المسلحة بالشرق الليبي خليفة حفتر، أبرز دليل على ذلك، وهو يهدف إلى تقويض الوجود الروسي الذي تسهر على تنفيذ مشروعه عناصر مرتزقة ’فاغنر‘ الروسية التي أصبحت تشكل عنصر تهديد للمصالح الأميركية في المنطقة، فللمرة الأولى يكون هناك تجمع روسي على الأراضي الليبية قريب جداً من القاعدة الأميركية في لامبادوزا الإيطالية".
نقطة مضيئة
من جهته شبه عضو مجلس النواب جبريل وحيدة مجهودات باثيلي بـ"نقطة ضوء في مسار الأزمة الليبية مقارنة ببقية المبعوثين الأمميين السابقين، لأنه فطن إلى أهمية حل الإشكالية العسكرية والأمنية وهي العقبة الأساس أمام إجراء انتخابات وطنية".
ونوه وحيدة لـ"اندبندنت عربية" بأنه "إذا ما توصل باثيلي إلى إقناع الأقطاب العسكرية بأهمية تشكيل نواة مشتركة في ما بينهم لحماية الانتخابات وقبول نتائجها، فسيكون قد قطع شوطاً كبيراً في اتجاه المضي قدماً بالبلد نحو مسار الانتقال الديمقراطي الذي ينتظره 2.5 مليون ليبي كانوا قد سجلوا في السجل الانتخابي للمشاركة في الانتخابات التي كان من المزمع إجراؤها في ديسمبر (كانون الأول) 2021".
وتابع عضو مجلس النواب أنه "إذا فشلت ليبيا في الوصول إلى حكومة موحدة، فستكون بحوزتها نواة عسكرية مشتركة تستند عليها لتهيئة الأرضية المناسبة لتوحيد السلطة التنفيذية التي ستشرف في مرحلة تالية على الانتخابات، وضمان تمويلها لوجيستياً باعتبار أن فشل المحاولات السابقة في الوصول إلى صناديق الاقتراع أثبتت أن مركز صنع القرار السياسي تتحكم فيه قوة السلاح وليس العامل التشريعي، فالمعضلة الحقيقية على الأرض هي هذه الأطراف العسكرية التي قد تتفق على كل شيء إلا على شروط الانتخابات والقبول بنتائجها، بحكم اختلاف أجندتها وأنصارها".
وتابع أن "المجموعات المسلحة في الشرق موحدة تحت قيادة واحدة (حفتر)، ولكنها في الغرب منقسمة إلى مجموعات وتشكيلات عدة، شق منها يدعم الجيش الليبي وحكومة باشاغا، وآخر يدعم الدبيبة".
ولم يخف وحيدة تخوفه من اتفاق الأطراف في ما بينها على استمرار الحال على ما هي عليه لتقاسم المصالح والنفوذ بينها بتحريك من بعض الدول الفاعلة في الملف الليبي".
وحول تأثير استمرار القرار الأممي بحظر تسليح ليبيا على عمل هذه النواة العسكرية المشتركة مستقبلاً، أكد عضو مجلس النواب أن "حظر التسلح لن يؤثر في طبيعة عملها، لأنها ستكون مكلفة حماية الانتخابات وتأمين تنقل المواطنين لمكاتب الاقتراع، وهي عملية لا تحتاج إلى أسلحة ثقيلة أو متطورة، فهذه المجموعات العسكرية جميعها لديه ترسانة من السلاح تسيطر بها على الأرض، ولن يكون لحظر السلاح أي تأثير في أدائها".
الدبلوماسي الليبي السابق خالد نجيم أكد أن "ليبيا عبارة عن رقعة جغرافية تتوفر بها جميع أنواع الأسلحة التي لم تعد الدول المتقدمة بحاجة إليها، ولعل آخر تقارير الأمم المتحدة التي تشير إلى وجود 29 مليون قطعة سلاح في ليبيا أبرز دليل على ذلك".
وشدد نجيم على أن "باثيلي يجب أن يلتزم الشروط الضرورية التي نص عليها اتفاق جنيف لضمان نجاح خطته في تكوين نواة مشتركة سترتكز عليها في ما بعد عملية توحيد المؤسسة العسكرية، وعلى رأسها دمج المجموعات المسلحة كأفراد بعد اجتيازها مرحلة التدريب المطلوبة لتأهيلهم كعسكريين وفق الشروط الأساسية، وهي الحال الصحية والجنائية واللياقة البدنية، وعدم ارتكاب جرائم حرب، علاوة على السن المناسبة لممارسة الخدمة العسكرية، والالتزام بأخلاقيات وقواعد العمل العسكري بعيداً من التجاذبات السياسية".