تتابع الأجهزة الأمنية الإسرائيلية الأبعاد المحتملة لعملية اغتيال مشهور زيدان الناشط في حزب الله، ما رفع مستوى التوتر العملاني والاستخباراتي في الجبهة الشمالية في الأيام الأخيرة.
وحمّلت إسرائيل الرئيس بشار الأسد وجيشه، مسؤولية استمرار نشاط عناصر حزب الله في الأراضي السورية، وما ادّعته من عمل مستشارين من الحزب في مواقع للجيش السوري على طول الحدود، إلى جانب استمرار تموضع إيران في مناطق قريبة من منطقة وقف إطلاق النار.
وألمحت مصادر عسكرية إسرائيلية إلى أن اغتيال الناشط في حزب الله، مشهور زيدان، وما أعقبه من قصف، بمثابة رسالة واضحة أن إسرائيل لن تقبل واقعاً يشكل فيه الجيش السوري مأوى لتموضع "إرهابي" ضدها. وأضافت المصادر "تسمح سوريا بتموضع حزب الله والميليشيات الشيعية، على الرغم من التفاهمات السابقة التي بموجبها لن يُسمح بدخول قوات إيران وحزب الله بعد عودة السوريين إلى الجولان غير المحتل".
وأعلنت جهات أمنية أن اغتيال زيدان، بمثابة إعلان عن إعادة خطة "ملف الجولان" - التي أعدتها قبل حوالى أربعة أشهر لمواجهة إيران وحزب الله في سوريا - إلى رأس الأجندتين العسكرية والأمنية لإسرائيل.
وتضع إسرائيل في مركز خطتها "ملف الجولان"، اغتيال شخصيات وناشطين، تعتبرهم نواة مركزية لتعزيز ما وصفته بالنشاط الإرهابي ضدها.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
زيدان الملف الدسم
وضعت الأجهزة الأمنية الإسرائيلية مشهور زيدان، في قائمة الأكثر خطراً على أمن إسرائيل في "ملف الجولان"، مدّعيةً أن في حوزتها ملفاً دسماً للرجل، جمعته من خلال مختلف الوسائل الاستخباراتية التي تستخدمها ما بعد الحدود.
وبحسب الإسرائيليين، كان زيدان ناشطاً في صفوف حزب الله، وسعى إلى إقامة بنى تحتية عسكرية على طول الحدود مع إسرائيل في الجولان السوري غير المحتل، وأنه كان مسؤولاً عن تجنيد متطوعين من القرى القريبة من الحدود مع إسرائيل لجمع معلومات استخباراتية عن تحركات الجيش الإسرائيلي في الشمال، واستخدام منازلهم لإخفاء عبوات ناسفة وأسلحة خفيفة ورشاشات وقذائف مضادة للدبابات، لاستعمالها في حال نشبت الحرب، إذا تطلّب الأمر ذلك.
في المقابل، تعتبر إسرائيل بلدة تل الحارة، التي تعرضت لأكثر من عملية قصف إسرائيلي، منطقة استراتيجية كونها تشرف على مدينة درعا وعلى القنيطرة وعلى الشارع الرئيس بين درعا ودمشق. وادّعت أن في البلدة ميليشيات مدعومة من قبل إيران. وبحسب تقديرات جهاز الأمن، فإن حزب الله زوّد عناصره في هذه المنطقة بصواريخ مضادة للدبابات.
مليار دولار في اليوم
في ظل التطورات السريعة على الحدود الشمالية وخشية تصعيد تشارك فيه إيران، دعت أصوات إسرائيلية إلى التوقف عن خطوات من شأنها إشعال المنطقة.
وحذر الخبير العسكري عاموس غلبواع، من أن يؤدي تصعيد الوضع إلى دمار إسرائيل، قائلاً "يملك حزب الله صواريخ وقذائف قادرة على الضرب بقوة "البطن الرخوة" لإسرائيل: مطار بن غوريون، المفاعل في ديمونا، محطة توليد الطاقة في الخضيرة، وزارة الأمن في تل أبيب، قواعد سلاح الجو، منشآت النووي والكثير غيرها".
والنقطة المهمة هي أن الحديث لا يدور عن تهديدات عابثة أو مبالغة من قبل الأمين العام لحزب الله، حسن نصر الله، إنما تهديدات تستند إلى مقدرة حقيقية لإلحاق دمار شديد بإسرائيل.
وأضاف غلبواع "على الرغم من تهديداته، يمتنع نصرالله عن إلزام نفسه برد عسكري ضد إسرائيل في سيناريو التدهور أو الحرب بين الولايات المتحدة وإيران. ويكتفي باستعراض مقدرات الدمار التي لديه وبالقول إنه يوجد ميزان ردع متبادل بين حزب الله وإسرائيل".
ويكمن القلق الإسرائيلي من غموض نوايا حزب الله وإيران والرد على العمليات الإسرائيلية الأخيرة في سوريا. وبحسب غلبواع، فإن غموض نصرالله نابع من غموض إيران سواء بالنسبة إلى خطواتها أو إجراءاتها وتعليماتها لمبعوثيها في المنطقة، حزب الله في لبنان، حماس والجهاد الإسلامي في قطاع غزة والحوثيين في اليمن وفي البحر الأحمر. إيران هي التي بنت مقدرة حزب الله، وهي التي تستثمر الجهود والأموال لتطوير هذه المقدرة، وعليه، ستستخدمها وتستغلّها بما يضمن مصلحتها.
وبحسب توقعات خبراء وأمنيين سابقين، فإنه في حال تدهور الأوضاع إلى الحرب، ستستخدم مقدرات حزب الله ضد الأهداف الاستراتيجية في إسرائيل وضد السكان المدنيين، في مقابل عدم مقدرة إسرائيل على الدفاع في وجه الكمية الكبيرة من الصواريخ والمقذوفات الصاروخية التي يملكها الحزب.
وفي هذا الجانب، تحذر مجموعة غير صغيرة من المهنيين والخبراء في إسرائيل من خطر التصعيد وتطرح معادلة بسيطة: كم سيكلف إسرائيل يوم قتال واحد؟
1300 صاروخ دفاعي، متوقع إطلاقها يومياً لمواجهة صواريخ حزب الله يكلف أكثر من مليار دولار.
بمثل هذا الطرح، يدعو خبراء وأمنيون متخذي القرار في إسرائيل إلى وقف العمليات داخل سوريا وعدم اتخاذ خطوات من شأنها إشعال المنطقة.