هل ما زال اتحاد الصناعيين البريطانيين ذا صلة بالعمل السياسي الحديث؟

مع إقالة المدير العام توني دانكر، على إثر تحقيق جار في مزاعم تتعلق بسوء سلوك جنسي وسلوك غير لائق، يواجه اتحاد الصناعيين البريطانيين أكبر أزمة في تاريخه الممتد على 58 سنة. ويتسبب التحقيق في "توقف" في الاتصال الرسمي مع الإدارات الحكومية، وهذا مأزق خطر لمجموعة ضغط. وستحل محل السيد دانكر راين نيوتن -سميث، كبيرة الاقتصاديين السابقة في الاتحاد.

لماذا أقيل توني دانكر؟

هزت اتحاد الصناعيين البريطانيين مزاعم بوجود ثقافة سامة في مكان العمل منذ اتهام السيد دانكر الشهر الماضي بتقارب غير مرغوب فيه من موظفة. ووافق على التنحي خلال تحقيق داخلي أجرته شركة "فوكس ويليامز" القانونية.

منذ ذلك الحين، برزت مزاعم أخرى ضد موظفي الاتحاد، وفق صحيفة "ذا غارديان"، التي أوردت الشهر الماضي زعماً بوقوع اغتصاب خلال حفلة عقدت على متن قارب صيف 2019. ويسبق عديد من المزاعم الأكثر خطورة ولاية السيد دانكر كمدير عام.

وأفاد اتحاد الصناعيين البريطانيين الثلاثاء بأن الجزء الأول من التحقيق قد استكمل. وقال إن "توني دانكر فصل من منصبه بأثر فوري بعد التحقيق المستقل في شكاوى محددة من سوء سلوك في مكان العمل سيقت ضده". "يرغب مجلس الإدارة في أن يوضح أنه [السيد دانكر] ليس موضوع أي من المزاعم الأحدث الواردة في 'ذا غارديان'، لكنه [المجلس] قرر أن سلوكه لم يرتق إلى السلوك المتوقع من المدير العام". ولم ينشر التقرير الداخلي الذي أدى إلى إقالة السيد دانكر "بسبب السرية القانونية المستحقة للأطراف كلها".

وأعرب السيد دانكر عن "صدمته" من نتيجة التحقيق. "أدرك الدعاية المكثفة التي عاناها اتحاد الصناعيين البريطانيين بعد الكشف عن أحداث فظيعة وقعت قبل ولايتي في المنصب. شعرت بالصدمة عندما علمت بها للمرة الأولى الأسبوع الماضي. ومع ذلك، صدمت عندما علمت هذا الصباح بأنني فصلت من الاتحاد، بدلاً من دعوتي إلى طرح موقفي وفق ما جرى التأكيد عليه في الأصل. إن عديداً من المزاعم الموجهة ضدي مشوهة، لكنني أدرك أنني جعلت عدداً من الزملاء يشعرون بعدم الارتياح عن غير قصد، وأنا آسف حقاً لذلك".

هل سيحل رحيل السيد دانكر المشكلة؟

أفاد اتحاد الصناعيين البريطانيين الثلاثاء بأن ثلاثة موظفين آخرين أوقفوا عن العمل في انتظار مزيد من التحقيق. ونظراً إلى الطبيعة الخطرة للمزاعم الجديدة، سيتعين على السيدة نيوتن - سميث العمل بجد لاستعادة سمعة الهيئة.

وقال الاتحاد الثلاثاء "بينما تستمر التحقيقات، من الواضح لنا جميعاً أن هناك إخفاقات خطرة في كيفية تصرفنا كمنظمة". يجب أن نفعل ما هو أفضل، ويجب أن نكون أفضل. نعتذر لضحايا هذا الفشل التنظيمي، بما في ذلك أولئك الذين تأثروا بالاشمئزاز الذي شعرنا به جميعاً عند سماع قصصهم. لا ينبغي لأحد أن يشعر بعدم الأمان في مكان عمله".

كذلك ستطلق المجموعة مراجعة جذرية لثقافتها وحوكمتها وعملياتها، وتنشئ منصباً جديداً للمسؤول الأول عن الموظفين. وأضاف الاتحاد: "نود أن نشكر كل من كانت لديه الشجاعة للتحدث، من خلال قنوات داخلية أو خارجية، ونشجعهم على الاستمرار في القيام بذلك".

ما وظيفة اتحاد الصناعيين البريطانيين؟

هو اتحاد لهيئات تجارية ومهنية وصناعية تمثل بدورها شركات من الأحجام كلها، وتغطي كل شيء من الشركات المصنعة للسيارات والمحاسبين إلى المزارعين والبنائين. يقول اتحاد الصناعيين البريطانيين: "نحن نتحدث باسم حوالى 190 ألف شركة توظف ما يقرب من 7 ملايين شخص. وهذا يمثل ثلث العاملين في القطاع الخاص".

يتمتع أعضاء اتحاد الصناعيين البريطانيين بحرية الضغط في شأن مخاوف تخصهم، لكن في المسائل الأوسع، مثل بريكست والاتفاقات التجارية والموازنات الحكومية، يتركون كثيراً من الجهد السياسي إلى الاتحاد نفسه. ويجري الاتحاد بحوثاً واستطلاعات.

قبل عقود، عندما كانت بريطانيا تدار بحسب نموذج أكثر تشاركية، شكل كثير من السياسات الاقتصادية من خلال محادثات ثلاثية بين اتحاد الصناعيين البريطانيين، ومؤتمر الاتحادات المهنية، والحكومات. ومن أوائل الستينيات حتى وصول ثاتشر إلى الحكم عام 1979، كانت مستهدفات النمو الاقتصادي والاستثمار والتدريب والتخطيط والأجور والأرباح تناقش، وأحياناً تحدد على هذا النحو. وبعد الركود في أوائل الثمانينيات، وجد اتحاد الصناعيين البريطانيين نفسه علناً في حال حرب مع الحكومة، وفي وقت لاحق، أدت العودة إلى النمو، والإصلاحات النقابية، والتخفيضات الضريبية، والخصخصة، ومشروع السوق الموحدة للاتحاد الأوروبي إلى علاقات أكثر دفئاً. وكانت حكومات حزب المحافظين وحزب العمال الجديد قبل بريكست ملتزمة بـ"بيئة صديقة للأعمال".

ومنذ هذه الذروة التشاركية، تتقلص تدريجاً أهمية اتحاد الصناعيين البريطانيين ومؤتمر الاتحادات المهنية. وفي حال اتحاد الصناعيين البريطانيين، تسارع هذا التقلص في شكل كبير بعد بريكست، مع مشاركة عديد من أعضائه بعمق في التجارة الأوروبية، كان مؤيداً للاتحاد الأوروبي بنشاط، لكن عندما ضاعت الحجة، ضاع كذلك بعض النفوذ. واشتهر بوريس جونسون بصياحه بعبارة "اللعنة على الأعمال" عند الاعتراض على اتفاقه الخاص ببريكست. وتحسنت العلاقات في عهد تيريزا ماي وفي ظل "استراتيجيتها الصناعية" – النسخة المحدثة من التشاركية القديمة – لكن يبدو أن هذه المقاربة قد قلصت، إلى جانب سياسات أخرى مدفوعة بشعارات مثل "تحقيق المساواة" و"إعادة البناء في شكل أفضل".

هل لا يزال اتحاد الصناعيين البريطانيين ذا صلة؟

ليس بقدر ما كان، لكن وصول حكومة عمالية مع موقف بناء أكثر إزاء الاتحاد الأوروبي وبرنامج طموح للاستثمار الأخضر قد يحسن الأمور. ومن المفارقات أن حزب العمال، وهو رسمياً حزب القوى العاملة المنظمة، كان أكثر ميلاً من حزب المحافظين إلى الاستماع إلى اتحاد الصناعيين البريطانيين في الآونة الأخيرة.

ماذا بعد؟

مثل "هيئة الإذاعة البريطانية" (بي بي سي) والجامعات، أنشئ اتحاد الصناعيين البريطانيين من خلال الميثاق الملكي، وفي نهاية المطاف يعد وجوده مسألة من مسائل المجلس الخاص والحكومة. وسواء استمر في شكله الحالي أو أعيد تشكيله بطريقة ما باسم جديد ووفق ميثاق جديد، ستكون هناك حاجة إلى نوع من مجموعة ضغط تمثل الشركات الكبرى لتعرض الحجج على الحكومة خدمة لمصالح القطاع المشروعة. ولا تملك غرف التجارة البريطانية، واتحاد الشركات الصغيرة، وهيئة التصنيع في المملكة المتحدة (سابقاً اتحاد أصحاب العمل الهندسي) الثقل نفسه في مسائل مثل بريكست، وقانون العمل، وضريبة الشركات. سيكون هناك "صوت للشركات" بطريقة أو بأخرى، أما ما إذا كانت الحكومة تستمع فهذا أمر آخر.