ملخص
كان تاكر كارلسون ودون ليمون نتاج سنوات ترمب - وغالباً ما احتلا عناوين الأخبار من خلال منح جماهيرهم وصفات سخية من السخط والغضب
في تداعيات مباشرة وغير مباشرة للتسوية التي أبرمتها شبكة "فوكس نيوز" الأميركية مع شركة "دومينيون لأنظمة الاقتراع" قام عملاقا الإعلام الأميركي "فوكس نيوز" و"سي أن أن" بوقف تعاونهما مع نجميهما على الشاشة تاكر كارلسون ودون ليمون.
ويقول جيم روتنبرغ في تقرير له في صحيفة "نيويورك تايمز"، إن تزامن الأمر لا يعني أبداً وجود شبه بين المقدمين، إذ "كانا على شبكات أخبار مختلفة جداً وقاما بأشياء مختلفة جداً".
ويعتبر روتنبرغ أن خروجهما المتزامن من عالم الأخبار على شاشات التلفزة "يمثل نهاية حقبة إعلامية تميزت بكونها - الأكثر شراسة وتحزباً منذ إطلاق ’سي أن أن’ خدمة الأخبار على مدار 24 ساعة منذ أكثر من 40 عاماً".
ولكن لا تجوز المقارنة بين المقدمين. غالباً ما كان كارلسون يقود تصنيفات البرامج الأكثر شعبية من خلال إثارة الصخب في قناة "فوكس نيوز" مع قصص القوميين البيض ونظريات المؤامرة الكاذبة، بينما أصبح ليمون معروفاً بتعليقاته المناهضة لدونالد ترمب التي لم تبلغ في تطرفها تصريحات كارلسون ولكنها بالكاد توافقت مع معايير "سي أن أن".
كان كارلسون وليمون نتاج سنوات ترمب - وغالباً ما احتلا عناوين الأخبار من خلال منح جماهيرهم وصفات سخية من السخط والغضب.
اليوم وبأشكال مختلفة، فإن الإطاحة بهما تمثل على الأقل تراجعاً موقتاً عن تجاوزات التغطية الإعلامية التي أنتجتها انتخابات ترمب ورئاسته وما بعدها.
ويقول ستيفن أف هايز، مؤسس موقع "ذي ديسباتش" The Dispatch المحافظ لـ"نيويورك تايمز"، "في كثير من القنوات الرئيسة، كان هناك سباق لإدانة ترمب والاحتفاء بمشكلاته. وفي ’فوكس’، في أوقات الذروة على وجه الخصوص، كان هناك جهد كبير للدفاع عنه وتضخيم أكاذيبه".
ويضيف هايز، الذي ترك وظيفته كمحلل في "فوكس" بسبب ترويج كارلسون لنظريات المؤامرة حول هجوم السادس من يناير على مبنى الكابيتول، بتفاؤل: "يمكننا الأمل أن يكون هذا إشارة إلى تغيير مؤسسي أوسع".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
بالطبع، تبقى هناك أسئلة حول خروجهما، ففي كلتا الحالتين كانت هناك عوامل أخرى غير الخط التحريري العام لقنوات التلفزة.
وتحول كارلسون إلى شخصية محرجة بعدما أظهرت المواد الوفيرة التي رافقت دعوى التشهير القضائية التي رفعتها شركة "دومينيون لأنظمة الاقتراع" ضد "فوكس نيوز"، التي انتهت، الأسبوع، الماضي بعد التوصل إلى تسوية تدفع "فوكس" بموجبها تعويضاً قدره 787.5 مليون دولار.
وأظهرت رسائل البريد الإلكتروني والرسائل النصية التي تداولت قبل المحاكمة أن كارلسون كان يسخر من ترمب حتى حين كان يقوم بالإشادة به في برنامجه.
أما الإطاحة بليمون، فجاءت بعد أن أدلى بتصريحات جنسانية وعمرية متحيزة في برنامج صباحي لشبكة "سي أن أن" مفاده بأن المرشحة الجمهورية للانتخابات الرئاسية نيكي هايلي لم تكن "في أوج عطائها" لأن المرأة، على حد تعبيره، "تكون في قمة العطاء في العشرينيات والثلاثينيات من عمرها وربما الأربعينيات من عمرها". كان البيان مهيناً للغاية بكل المقاييس، وهدد بخسارة شريحة كبيرة من المشاهدين. وعلى رغم اعتذار ليمون، قررت الشبكة التخلي عنه.
من جهتها، لطالما وقفت قناة "فوكس نيوز" وقادتها لاكلان وروبرت مردوخ إلى جانب كارلسون حين واجه إدانة واسعة لإطلاقه نظريات المؤامرة الكاذبة وبسبب عنصريته التي أكسبته محبة عديد من مؤيدي ترمب.
ويبدو أنهم فعلوا ذلك لسبب أساسي، المتابعات الكبيرة والإيرادات الكبيرة التي جاءت معها، حتى في الوقت الذي بدا فيه أن دعوى دومينيون تتجه إلى قاعة المحاكمة، تطرف كارلسون في سرديته حول سلمية هجوم السادس من يناير. لقد عنى هذا أن حجم المتابعة يحتل أولوية فوق كل شيء آخر لدى "فوكس".
بعد التسوية مع دومينيون، الأسبوع الماضي، تساءل كثيرون إن كان سيجعل هذا "فوكس نيوز" تتراجع عن بث هذا النوع من محتوى المؤامرة الزائف الجامح الذي منح دومينيون مثل هذه اليد القوية في المحكمة.
قد لا تعني النهاية المفاجئة لمسيرة كارلسون في "فوكس نيوز" تراجع الشبكة عن سياستها السابقة لكن إبعاده عن "فوكس" هو تراجع من تلقاء ذاته، وهو تراجع كبير جداً.
ويختم روتنبرغ بالتساؤل، إن كان خروج كارلسون وليمون يرمز إلى نهاية حقبة في عالم قوات الأخبار التي دأبت على مدار 40 عاماً ماضية تبحث عن زيادة عدد المشاهدين والمتابعات. وهل ستكون "سي أن أن" و"فوكس" قادرتين على مقاومة ما لدى ترمب من مفاجآت جديدة.