ملخص
تطرح استقالة دومينيك راب أسئلة حول منصب نائب رئيس الوزراء البريطاني وأهميته، شون أوغرايدي يحاول الإجابة عن أهم الأسئلة حول الموضوع
بعد قبوله استقالة دومينيك راب، قام رئيس الوزراء (البريطاني) بتعيين أوليفر داودين نائباً جديداً له. وسيحتفظ السيد داودين بدوريه (منصبيه) الآخرين كمستشار دوقية لانكستر وسكرتير مجلس الوزراء. على أن حليف سوناك هذا كان تولى رئاسة الحزب في فترة بوريس جونسون قبل تقديمه استقالته وإسهامه في سقوط الأخير. لقد حلّ راب الآن في مركز وقائع سياسية حتى الانتخابات المقبلة في أقل تقدير. ما طبيعة هذه الوظيفة؟ وماذا يخبرنا التاريخ عن الأشخاص الذين شغلوها؟
ما هي وظيفة نائب رئيس الوزراء؟
نائب رئيس الوزراء يقوم بما لا يستطيع رئيس الوزراء القيام به. هذه الوظيفة تولّي شخصاً معيناً الضلوع بالحالات والمهمات التي لا يستطيع رئيس الوزراء القيام بها أو لا يود ذلك، أو بالمهمات التي عليه إظهار مهارات أو خبرات معينة إزاءها. المثلان الجيدان في هذا السياق هما ويلي وايتلو مع مارغريت تاتشر في الثمانينيات، ومايكل هيسيلتاين مع جون ميجور في أواسط التسعينيات. فأسديت لكليهما مسؤوليات في مجالات واسعة من السياسات الحكومية، خصوصاً في القضايا الداخلية، وقدمت دعماً سياسياً إضافياً للزعيم كان ليكون في مأزق لولا ذلك. وكما قالت تاتشر مرة عمن شغل منصب نائبها: "كل رئيس وزراء يحتاج إلى ويلي [في إشارة إلى نائبها ويلي وايتلو]".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ما عدا حالتين استثنائيتين، لم يقم الذين تولوا المنصب بنشاط معاد أو بتهديد للرئيس الذي يتولون مهمات النيابة عنه. السير جيوفري هاو الذي تعرض للإذلال والابتزاز من قبل تاتشر لدرجة أن مستشارة الأخيرة الإعلامية سخرت من وظيفته كنائب لرئيسة الوزراء، استقال وكان له دور فاعل في سقوطها عام 1990. مثال آخر أقل شهرة هو جورج براون في الستينيات الذي تخيل بأنه قادر على القيام بعمل أفضل من هارولد ويلسون، فقام بمحاولة انقلابية داخلية فاترة قبل أن يتقاعد وينسحب إلى المقاعد النيابية الخلفية [لا يحتلون أي مناصب حكومية].
نائب رئيس الوزراء الجيد يتولى أيضاً الرد على الأسئلة الموجهة إلى رئيس الوزراء في غيابه – عادة في مواجهة نائب رئيس حزب المعارضة، مثل الحالات التي قام فيها السيد راب بمواجهة أنجيلا راينر من وقت لآخر – وهو يمثل بديلاً حاضراً عن الرئيس في حالة مرض تمنعه من القيام بوظيفته، مثلما فعل أنطوني إيدن مع تشرشل في الخمسينيات (ما عدا الحالة التي تعرض فيها إيدن نفسه للمرض). وعندما أدخل جونسون إلى المستشفى جراء إصابته بـ"كوفيد" عام 2020، كان على السيد راب، كسكرتير أول للدولة (لم يكن يحمل آنذاك صفة نائب رئيس الوزراء)، أن يحل مكان جونسون، غير أن الأخير لم يكن مستعداً للتخلي عن سلطاته، وظهرت بعض الصراعات بين الوحوش الكبيرة داخل حكومته.
التعيين الرسمي لنائب رئيس الوزراء يعفي القصر أيضاً من أي دور لتعيين خليفة لرئيس الحكومة، موقت أو ثابت، في حال وفاته خلال فترة رئاسته، لأن بوسع نائب رئيس الوزراء تولي زمام الأمور من دون تعطيل للسلطات.
متى ابتكر هذا المنصب؟
يختلف المؤرخون في هذا الأمر لأن المنصب ضبابي التعريف وغالباً غير رسمي. معظم المؤرخون يوافقون على أن التعيين الرسمي الأول الذي استخدم التسمية الموجودة (التي لا تتضمن راتباً، ولا مقراً فخرياً- خاصاً أو سلطات محددة) لم يحصل قبل عام 1995 مع تعيين هيسيلتاين من قبل السيد جون ميجور (وكان لهيسيلتاين منصب آخر هو السكرتير الأول للحكومة، ومكتب بمساحة ملعب كرة مضرب وضع فيه لمزيد من الأبهة). منذ ذلك الحين صار هناك رسمياً نائب لرئيس الوزراء، مع استثناء فترة رئاسة غوردن براون حين قام بيتر مانديلسون بتغطية هذا الدور عملياً حين كان السكرتير الأول للحكومة، بدل هارييت هارمان، نائبة رئيس حزب العمال.
لكن على نحو أقل رسمية يمكن القول إن كليمنت آتلي كان أول نائب رئيس للوزراء خلال حكومة تشرشل الائتلافية إبان الحرب، وهو اهتم بشؤون الجبهة الداخلية. وشكلت تلك التجربة قاعدة ممتازة لتأطير سياسات حقبة ما بعد الحرب، كما ساعدت على الأرجح في جعل آتلي رئيس وزراء أسطورياً من ناحية فاعليته ابتداء من عام 1945. كان على آتلي أن يلعب دور نائب رئيس وزراء للإسهام عملياً في إنجاح عمل الائتلاف (الحكومي). ولذلك السبب الجوهري ذاته غدا نك كليغ أول ليبرالي ديمقراطي يشغل منصب نائب رئيس وزراء في حكومة ديفيد كاميرون الائتلافية (2010 – 2015).
ما هي المواصفات التي تجعل من المرء نائب رئيس وزراء جيداً؟
الولاء للرئيس، عدم تبنيه أي طموحات شخصية خاصة، علاقته الودية والسلسة مع رئيس الوزراء (الأمر الذي كان بالتأكيد سيبدو صعباً على سوناك وراب لو أن الأخير بقي في المنصب)، وتأمينه التوازن، في المبدأ، عبر قدومه من جناح آخر من أجنحة الحزب (غير جناح الرئيس). لهذا مثل نقابي الطبقة العمالية، جون بريسكوت، شريكاً ممتازاً لـتوني بلير الوسطي، وتلميذ المدرسة الرسمية وابن الطبقة الوسطى العليا، إذ إن تعاونهما الثنائي طوال عقد، من 1997 إلى 2007، شكل الشراكة الأطول مدة بين رئيس وزراء ونائبه، ووضع معياراً (لهذه المهمات) ويضع المعيار إلى يومنا هذا.
لكن مع الاحترام للذين شغلوا المنصب في الحقبة الأحدث، من العدل القول إن أمثال داودين وراب وثيريزا كوفي وديفيد ليدينغتون وداميان غرين لا يتسمون بذاك الثقل الذي اتسم به في زمانهم كل من آتلي وإيدن وراب باتلر ووايتلو وهيسيلتاين وبريسكوت.
هل يمكن الاستغناء عن نائب رئيس الوزراء؟
أجل، إن كان هناك خليفة تلقائي ومحسوم يمكنه تولي السلطة من دون اعتراض الحكومة، أو الحزب عموماً. بالنسبة إلى حزب العمال الأمر أسهل لأن لديهم نائباً لرئيس الحزب يصبح تلقائياً زعيم الحزب موقتاً حتى إجراء انتخابات. لكن بالنسبة إلى حزب المحافظين ليس ثمة تدبير واضح في هذا السياق قبل إجراء انتخابات قانونية لمنصب نائب رئيس (أو نائب زعيم) حزب المحافظين.
ما الخطوة التالية لـداودين؟
لأنه شخصية شابة نسبياً (44 سنة) والأصغر بين الذين تولوا المنصب، ينبغي أن يساعده صعوده الآن في مسيرته المهنية، سواء في الحكومة أو في المعارضة. وإن نجح في مساعدة المحافظين في الفوز بالانتخابات المقبلة، فسيحظى حتى بأهمية أكبر في إدارة سوناك الثانية.
© The Independent