Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

وقائع التتويج... تقاليد متوارثة ومستحدثة

توجب على منظمي الاحتفال الموازنة بين التقاليد المتأصلة ومراعاة متغيرات العصر وأزمة تكاليف المعيشة الراهنة

ملخص

توجب على منظمي الاحتفال بالتتويج الموازنة بين التقاليد المتأصلة ومراعاة متغيرات العصر وأزمة تكاليف المعيشة الراهنة

مع اقتراب الموعد المقرر لتتويج تشارلز الملك الثاني والستين على العرش البريطاني في السادس من مايو (أيار)، تنتشر التكهنات حول هذه المناسبة شديدة الأهمية، بخاصة أن البلاد لم تشهد احتفالاً مماثلاً منذ سبعين عاماً.

وفي ظل المتغيرات الكثيرة التي مر بها العالم بأكمله خلال هذه الفترة وتبدل النظرة تجاه النظام الملكي بشكل عام وازدياد المعارضين له، كان العنوان العريض لتتويج الملك تشارلز هو أنه سيكون على نطاق أضيق وأقل تكلفة وأخف بهرجة وأكثر صداقة للبيئة، لكنه يحافظ على الروح التاريخية لهذا التقليد البريطاني الضارب في العراقة، إذ أقيم أول حفل تتويج مسجل عام 1066 لتنصيب ويليام الفاتح.

نستعرض هنا مجموعة من الحقائق التي لا يعرفها كثيرون عن هذه المناسبة البريطانية المنتظرة:

أربعون تتويجا

* سيقام الاحتفال الرمزي في كاتدرائية وستمنستر بلندن، التي ستشهد للمرة الأربعين تنصيب العاهل البريطاني بين جدرانها، حيث تقام فيها المراسم منذ قرون عدة، وتخضع الكاتدرائية التي بنيت بين 1042 و1052 لتغيير كامل مؤقت في توزيع قاعاتها الداخلية وباحاتها الخارجية ومفروشاتها وزيادة مقاعدها لاستيعاب الضيوف الإضافيين الذين تجاوز عددهم في حفل تتويج الملكة إليزابيث ثمانية آلاف شخص بينما تم تقليص عدد المدعوين هذه السنة إلى ألفي ضيف.

* من ضمن الطقوس الأساسية، قيام كبير أساقفة كانتنبري بالمسح على رأس العاهل الجديد باستخدام زيت مقدس، يتم هذا الجزء في سرية تامة وبعيداً من حضور العامة، لكن ما نعرفه هو أنه تم تركيب زيت جديد خال من أي مشتقات حيوانية مثل المسك والعنبر مناسب أكثر للتوجهات السائدة في القرن الحادي والعشرين.

هذه المرة الثانية التي يتم فيها تركيب زيت مقدس جديد، إذ صنع زيت خصيصاً لتتويج الملكة إليزابيث بعدما تعرض الزيت المتوارث للتلف بسبب تفجير خلال الحرب العالمية الثانية أصاب المكان الذي كان يحتفظ به قرب كاتدرائية وستمنستر، لكن الملعقة المصنوعة من الذهب والفضة التي صنعت في القرن الثاني عشر لتحريك الزيت المقدس واستخدامه في هذه المناسبة نجت من أهوال الحربين العالميتين وسيستعان بها الأسبوع المقبل.

إضافة إلى خطر التدمير، تعرضت تحف ذات أهمية كبيرة في الاحتفال للاستيلاء والسرقة بشكل متكرر، مثل سرقة ’حجر القدر’ الذي يرمز إلى النظام الملكي الاسكتلندي وكان يستخدم لقرون في تنصيب الملوك الاسكتلنديين قبل أن يستولي عليه الملك إدوارد الأول عام 1296.

ودمج الحجر في كرسي التتويج، وأثار الخلاف حول ملكيته كثيراً من الجدل حول المكان الذي يجب أن يوجد فيه. في يوم عيد الميلاد عام 1950، قامت مجموعة من الطلاب الاسكتلنديين بسرقة الحجر، ولم يتم استرداده إلا بعد ثلاثة أشهر. في عام 1996، أعيد الحجر رسمياً إلى اسكتلندا على أساس أنه ستتم استعارته لفترات قصيرة ليستخدم في كاتدرائية وستمنستر أثناء مراسم التتويج المستقبلية.

خاتم زواج إنجلترا

* هناك خاتم تتويج خاص، يعرف باسم "خاتم زواج إنجلترا" صنع عام 1831 لتتويج الملك ويليام الرابع وتم ارتداؤه في كل التتويجات منذ ذلك الحين باستثناء الاحتفال بوصول الملكة فيكتوريا إلى العرش، إذ صنع لها خاتم بديل نظراً لصغر أصابعها الشديد وعدم التمكن من تعديله ليلائم يدها.

* على رغم أن تشارلز تولى رسمياً مهامه الملكية منذ وفاة والدته في سبتمبر (أيول) السنة الماضية، إلا أن تتويجه يأتي بعد ثمانية أشهر وهذا ليس أمراً استثنائياً، إذ كان الفاصل بين تولي والدته مهامها وحفل تنصيبها الرسمي ملكة 16 شهراً، هذا إلى جانب الاستغناء عن الاحتفالية تماماً ثلاث مرات في عهد كل من: إدوارد الخامس الذي حبسه عمه ريتشارد الثالث هو وشقيقة الأصغر  في برج لندن قبل الاحتفال، ليدي جين غراي التي حكمت تسعة أيام فقط قبل سجنها وإعدامها بتهمة الخيانة العظمى، وإدوارد الثامن الذي تنازل عن العرش بعد علاقة غرامية فاضحة.

* في حين أن برج لندن بات يعرف منذ حوادث الاعتقال التي تعرض لها أولياء عهد عدة بالسجن والبرج المحصن، إلا أنه كان جزءاً أساسياً من مراسم التتويج في القرون الوسطى، إذ كان الملوك الجدد يقضون بضع ليال في البرج قبل تتويجهم للتحضير للاحتفال.

* تشارلز، الذي يعد أكبر عاهل يتوج قبل ميلاده الرابع والسبعين ببضعة أشهر، هو الملك الوحيد الذي حضر احتفال تتويج وسيقام له حفل خاص به، والشخص الوحيد الذي شاهد ملكاً آخر يتجول في عربة ’غولد ستيت’ الأيقونية الذهبية التي صممها ويليام تشيمبرز عام 1762 وتستخدم في كل احتفالات التتويج منذ تنصيب الملك ويليام الرابع، وسيركب فيها تشارلز نفسه ضمن مسيرة التتويج.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

إطلالة الشرفة

* في عام 1902، بدأ اتباع تقليد ظهور العاهل الجديد من شرفة قصر باكنغهام بصحبة أعضاء آخرين يتم اختيارهم بعناية من العائلة المالكة للإعلان عن نهاية احتفال التتويج.

* من التقاليد المتبعة أيضاً منح ميداليات خاصة تحمل اسم ’ميدالية التتويج’ تكريماً للجهود الاستثنائية لأشخاص من العائلة المالكة ومسؤولين حكوميين وأفراد في الجيش والقوات البحرية والجوية والشرطة. إلى الآن لم يعلن عن عدد الميداليات التي ستمنح خلال تتويج الملك تشارلز الثالث، لكن نظراً إلى إصراره على تقليص النفقات، من المتوقع أنها ستكون أقل بكثير من الـ120 ألف ميدالية التي وزعت خلال تتويج والدته.

* كثيرة هي الانتقادات التي تتحدث عن المصاريف الهائلة التي تبذل على احتفالات التتويج، بخاصة تلك التي حظيت بها الملكة إليزابيث الثانية، إذ تعادل تكلفة تتويجها 46 مليون جينه استرليني في يومنا هذا. لكن الفضل يعود إلى هذه المناسبة التي كانت أول حدث عالمي يبث على الهواء مباشرة، وشاهدها 27 مليون بريطاني من أصل 36 مليون مواطن، في إلهام مسابقة الـ "يوروفيجن" الموسيقية.

بعد عرض التتويج على شاشات التلفزيون في جميع أنحاء أوروبا بفضل شبكات البث الجديدة، ألهم نجاح هذا البث التجريبي ولادة شبكة "يوروفيجن" التلفزيونية التي أدت في النهاية إلى ولادة مسابقة الأغنية الأوروبية التي ما زالت مستمرة حتى يومنا هذا.

* منذ أول تتويج مسجل، يتولى رئيس أساقفة كانتربري مراسم الخدمة، ولأول مرة في عام 1953 كان هناك حضور لممثل عن كنسية أخرى هي كنيسة اسكتلندا "الكيرك". هذه المرة أعلن قصر باكنغهام أن تتويج الملك تشارلز سيشهد حضور مجموعة متعددة الأديان تتكون من شخصيات مسيحية ومسلمة ويهودية وهندوسية وبوذية، ومع أن الملك سيؤدي اليمين لكنيسة إنجلترا عند تتويجه، لكنه أكد أنه يريد رئاسة بريطانيا تحترم جميع الأديان.

* من أجل الاحتفال، يتم ابتكار طبق طعام يوزع على الضيوف ويطرح في المطاعم ومتاجر الأطعمة. كانت وصفة ’دجاج التتويج’ التي ألهمها تتويج الملكة إليزابيث عبارة عن دجاج بصلصة كريمية وتوابل الكاري الهندية. أما الملك تشارلز والملكة كاميلا فاختارا طبق ’كيش التتويج’ المناسب للنباتيين وهو عبارة عن فطيرة تحتوي على السبانخ والفول الأخضر.

* على رغم كل الجهد الذي يبذل في التخطيط لمناسبة بحجم التتويج، إلا أن بعض الاحتفالات كانت سيئة للغاية، وأطلق على تتويج الملكة فيكتوريا "آخر التتويجات الفاشلة" حين سارت أمور كثيرة على نحو خاطئ لدرجة أن لجنة خاصة من المؤرخين كلفت وضع خطة أكثر صرامة ليتبعها الملوك في المستقبل.

تضمنت العثرات في ذلك اليوم اضطرار رئيس الأساقفة إلى إدخال خاتم التتويج الذي صنع خصيصاً للملكة فكتوريا بالقوة وبطريقة مؤلمة في إصبعها لأن المصمم اعتقد خطأ أنها ستلبسه في خنصرها وليس في البنصر وصنعه بمقاس صغير جداً، وسقوط أحد أعضاء مجلس اللوردات المسنين على السلالم، وإعلان الأسقف نهاية الحفل في الوقت الخاطئ.

اليوم لا يتوجب على منظمي مراسم التتويج اتخاذ كل الإجراءات اللازمة لضمان سير المناسبة بسلام فحسب، بل ينبغي عليهم الموازنة بين التقاليد المتأصلة ومتطلبات العصر المتغيرة وعدم الانتقاص من أبهة هذه المناسبة، ولكن مراعاة أزمة تكاليف المعيشة التي يعيشها البريطانيون حالياً، على أمل أن تكون النتيجة النهائية فعالية تمنح الملك فرصة استمداد القوة من الماضي ورسم صورة لمستقبل الملكية.

المزيد من تقارير