ملخص
الحكومة المصرية تبرر زيادة أسعار السلع بضمان توفيرها للمواطنين ومكاسب الدولار مقابل الجنيه تتجاوز 96 في المئة في 13 شهراً
خلال أسبوع واحد فقط، أصدرت الحكومة المصرية قرارات برفع أسعار بعض السلع الاستراتيجية الموجودة في قائمة السلع المدعمة، كما قررت رفع أسعار السولار، وهو ما يشير إلى موجة تضخم جديدة ستواجه المصريين خلال الفترة المقبلة.
البيانات الرسمية تشير إلى ارتفاع الرقم القياسي العام لأسعار المستهلكين (التضخم) لإجمالي الجمهورية، خلال مارس (آذار) الماضي، بنسبة 3.2 في المئة على أساس شهري مقارنة بشهر فبراير (شباط) السابق، وسجل 166.5 نقطة، كما ارتفع معدل التضخم السنوي لإجمالي الجمهورية إلى مستوى 33.9 في المئة مقابل 12.1 في المئة للشهر نفسه من العام السابق 2022، وأرجع الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء في مصر ارتفاع التضخم على أساس شهري خلال مارس مقارنة بفبراير السابق إلى ارتفاع قسم الطعام والمشروبات بنسبة 5.3 في المئة، بسبب زيادة أسعار مجموعات الحبوب والخبز بنسبة 6.5 في المئة، ومجموعة اللحوم والدواجن بنسبة خمسة في المئة، ومجموعة الأسماك والمأكولات البحرية بنسبة 4.9 في المئة، فيما أظهرت بيانات من البنك المركزي المصري أن التضخم الأساسي في مصر سجل مستوى 39.5 في المئة في مارس من 40.26 في المئة خلال فبراير الماضي.
وتعاني مصر من ارتفاع في أسعار السلع والخدمات نتيجة زيادة سعر صرف الدولار، فيما تعتمد بشكل كبير على الاستيراد لتوفير الحاجات الأساسية، كما سمح البنك المركزي المصري بخفض سعر الجنيه مقابل الدولار، ووصل سعر صرف الدولار إلى 32 جنيهاً، في يناير (كانون الثاني)، قبل أن تستقر العملة الأميركية عند مستوى أقل بقليل عن 31 جنيهاً مقابل نحو 15.77 جنيه في الربع الأول من العام الماضي، وعلى مدار الـ13 شهراً الأخيرة، بلغت مكاسب الدولار الأميركي مقابل الجنيه المصري أكثر من 96 في المئة.
رفع أسعار بعض السلع الاستراتيجية
ونهاية الأسبوع الماضي، أعلنت وزارة التموين والتجارة الداخلية، أنها تعتزم البدء في رفع أسعار بعض السلع الأساسية تدريجاً بعد موافقة مجلس الوزراء خلال الفترة المقبلة وذلك لضمان استمرار إتاحتها ووصولها للمواطنين. وقال وزير التموين المصري علي المصيلحي، إن الوزارة تعاقدت على 50 ألف طن رز أبيض هندي لطرحه للمواطنين بأسعار مخفضة. ولفت إلى وجود خلل بين أسعار السلع المدعمة والحرة، الأمر الذي يخلق مشكلة في توفيرها بالسوق منوهاً بأن أسعار السلع الأساسية لم تتحرك، منذ ديسمبر (كانون الأول) الماضي، مؤكداً حفاظ الدولة على حق المواطن على رغم ارتفاع الأسعار.
وفي ما يتعلق بالكارت الذكي لصرف الخبز لغير المستحقين للدعم، كشف المصيلحي أن المشروع قائم وعملية تأمين البيانات جارية وسيتم خلال الفترة المقبلة بدء التطبيق على أرض الواقع، مشيراً إلى أن سعر رغيف الخبز سيتم تحديده بحسب سعر الكلفة، وفي ما يتعلق بإضافة المواليد، أكد أنه لا يوجد إضافة المواليد إلا للفئات الأكثر احتياجاً، التي تتضمن معاش تكافل وكرامة ومعاش الضمان الاجتماعي والأرامل والمطلقات وأبناء الشهداء.
وصباح الخميس، قررت لجنة التسعير التلقائي للمنتجات البترولية زيادة سعر السولار بمقدار جنيه واحد (0.032 دولار) لليتر ليصبح سعر البيع في السوق المحلية 8.25 جنيه (0.26 دولار) لليتر، وذلك اعتباراً من صباح الخميس، كما قررت اللجنة تثبيت أسعار البنزين بأنواعه عند 8.75 جنيه (0.28 دولار) لليتر البنزين 80، و10.25 جنيه (0.33 دولار) لليتر البنزين 92، و11.50 جنيه (0.37 دولار) لليتر البنزين 95، وكذلك تثبيت سعر بيع طن المازوت لغير استخدامات الكهرباء والصناعات الغذائية عند ستة آلاف جنيه (194 دولاراً) للطن.
رفع تعرفة الركوب والتنقل في مصر
وعلى خلفية قرار رفع أسعار السولار، سارعت بعض محافظات الجمهورية إلى رفع تعرفة الركوب والتنقل، وقررت محافظة القاهرة تعديل تعريفة ركوب السرفيس والنقل العام والأقاليم، وتراوحت الزيادة في تعريفة السرفيس بين 50 قرشاً (0.016 دولار) لمعظم الخطوط، ولم تتجاوز جنيهاً واحداً للخطوط الطويلة التي تصل لأكثر من 40 كيلومتراً، كما زادت تعرفة أتوبيسات هيئة النقل العام بمقدار 50 قرشاً (0.016 دولار) لأغلب الخطوط، وجنيه واحد لبعض الخطوط المميزة، التي تخدم المناطق البعيدة، كذلك تم تعديل تعريفة الركوب بمواقف الأقاليم بما لا يجاوز 10 في المئة.
وعقد محافظ الجيزة أحمد راشد اجتماعاً لبحث الإجراءات المتخذة عقب قرار لجنة التسعير التلقائي للمنتجات البترولية بزيادة أسعار السولار، ووجه المحافظ بتشكيل لجنة لتحديد أسعار تعريفة الركوب الجديدة لسيارات الأجرة بالخطوط الداخلية والخارجية بما يتناسب مع الزيادة المقررة، كما وجه رئيس جهاز السرفيس بالإعلان عن التعرفة الجديدة وتعليقها في المواقف كلها، ووضع الملصق الخاص بسيارات السرفيس والنقل الجماعي والمتضمن خط السير والأجرة المقررة وفقاً للزيادات الجديدة لضمان عدم قيام قائدي السيارات بزيادة تعرفة الركوب بصورة منفردة أو تقسيم خطوط السير.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
كما قررت محافظة القليوبية تعديل التعريفة الجديدة والمقررة لركوب سيارات الأجرة والسرفيس بدائرة المحافظة، وألزمت المحافظة السائقين وأصحاب المركبات والسيارات بالتعريفة الجديدة مع تكليف مديري إدارة المرور ومدير مباحث المرور ومدير المواقف بتكثيف الحملات على سيارات ومركبات نقل الركاب بمختلف مواقف المحافظة والميادين المختلفة.
وفي مطروح، تقرر تحريك تعريفة الركوب الحالية لسيارات النقل الجماعي والسرفيس بنسبة 10 في المئة، سواء لخطوط السرفيس الداخلي أو الربط مع المحافظات والأقاليم، مع انتظام سير العمل داخل جميع المواقف على مستوى مراكز ومدن محافظة مطروح.
"غولدمان ساكس": مصر تواجه خيارات صعبة
وفي مذكرة بحثية حديثة، كان بنك "غولدمان ساكس" قد كشف عن أن مصر تواجه "خياراً صعباً"، إذ إن تسريع وتيرة الإصلاحات الاقتصادية أو مواجهة مزيد من التعديل المؤلم في شكل انخفاض في قيمة العملة المحلية وتقليص الواردات قد تؤدي إلى زيادة التضخم وعرقلة النمو.
أما الخطر الرئيس بحسب "غولدمان ساكس"، فيتمثل في أن تدخل مصر في حلقة مفرغة من انخفاض العملة والتضخم، ويمكن أن يؤثر ذلك على قدرة البلاد على خدمة ديونها الخارجية، ما يضر بثقة المستثمرين، ويضغط على النمو، إذ يؤدي نقص الواردات وارتفاع الأسعار إلى تدمير الطلب في الاقتصاد المحلي.
وكان محافظ البنك المركزي المصري حسن عبدالله قد أكد أن البنك المركزي لم ولن يتردد في استخدام السياسة النقدية للوصول إلى هدفه للتضخم. وأوضح في تصريحات على هامش اجتماعات الربيع للبنك الدولي وصندوق النقد الدولي أن ارتفاع أسعار الفائدة لا يمكن أن يفعل شيئاً يذكر لاحتواء التضخم المدفوع بشكل رئيس بقضايا الإمدادات. وتابع "لن نتردد في فعل مزيد لكننا بحاجة إلى توخي الحذر الشديد، وسعر الفائدة ليس الأداة الوحيدة". وأشار إلى أن جزءاً كبيراً من التضخم لدينا مستورد وكثير منه بسبب مشكلات الإمداد. وقال "ليس فقط أسعار التوريد، ولكن مشكلات العرض بما في ذلك التراكم الذي نتج عن بعض اللوائح السابقة، وهذا في حد ذاته لا ولن تتم معالجته من خلال أسعار الفائدة، ما تم إنجازه اليوم ضخم للغاية ونحن مستعدون لعمل مزيد، ومع ذلك، يجب النظر إلى المسألة برمتها، وليس السياسة النقدية فقط".
ويستهدف البنك المركزي المصري تضخماً بنسبة سبعة في المئة بزيادة أو نقصان نقطتين مئويتين بحلول الربع الرابع من العام المقبل، لكن وفق البيانات الرسمية، فقد ارتفعت أسعار المستهلكين بنسبة سنوية بلغت 32.7 في المئة، خلال شهر مارس الماضي، وهي الأعلى منذ نحو ست سنوات.