ملخص
الحكومة اللبنانية تتجه إلى نقل التعامل مع سوريا من المستوى الأمني إلى السياسي في مسألة النازحين
تتجه حكومة تصريف الأعمال إلى رفع مستوى التعاطي والتنسيق مع سوريا في شأن ملف النازحين السوريين من المستوى الأمني البحت إلى الأمني السياسي المشترك، القرار اتخذ بعد اجتماع تشاوري وزاري موسع عقد الإثنين الثامن من مايو (أيار) الجاري في السراي الكبير، حيث مقر رئاسة الحكومة، شارك فيه وزير المهجرين عصام شرف الدين بعدما كان استبعد من الملف ليحل محله وزير الشؤون الاجتماعية، وعلمت "اندبندنت عربية" أن الحكومة من المرجح أن تجتمع في 22 مايو، والبند الأول على جدول أعمالها ملف النازحين السوريين، على أن يتخذ القرار بتكليف وزير الشؤون الاجتماعية هكتور حجار والمدير العام للأمن العام بالتكليف العميد الياس البيسري، مع احتمال توسيع الوفد، للتفاوض مع الحكومة السورية لتأمين عودة النازحين إلى بلادهم، وكشفت مصادر حكومية لـ"اندبندنت عربية" أنه في موازاة قرار التفاوض مع الحكومة السورية، تم الاتفاق على التواصل مع الدول العربية المشاركة في قمة الرياض في 19 من الشهر الجاري، للضغط على النظام السوري لإعادتهم إلى المناطق الآمنة، خصوصاً بعد عودة سوريا إلى مقعدها في الجامعة العربية، علماً بأن رئيس الحكومة نجيب ميقاتي الذي يترأس وفد لبنان إلى القمة العربية، قد يتولى شخصياً هذه المهمة مع القادة العرب، ولم يستبعد وزير الخارجية عبدالله بو حبيب أن يلتقي ميقاتي الرئيس السوري بشار الأسد على هامش القمة، وعلى أثر الحملات التي كانت شهدتها المناطق اللبنانية في الأسابيع الماضية احتجاجاً على وجود النازحين بعد تكاثر الجرائم وارتفاع عبئهم الاقتصادي والاجتماعي على لبنان، عقد اجتماع للوزراء المعنيين والقادة الأمنيين، ووضعت خطة خاصة بمعالجة ملف النازحين، تضمنت تسعة بنود أهمها ترحيل السجناء السوريين المحكومين بجرائم عدة والتسريع بمحاكمة الموقوفين وتسجيل الولادات والتمييز بين النازح العامل الذي يدخل إلى سوريا ويعود إلى لبنان وبين اللاجئ السياسي، والضغط على المجتمع الدولي لاستقبال أعداد أكبر، والتفاوض أخيراً مع الحكومة السورية عبر وساطة عربية وأوروبية لتنفيذ العودة.
لم يتردد رئيس الحكومة نجيب ميقاتي، المنقطع عن زيارة سوريا وقبله رؤساء حكومات، منذ اغتيال الرئيس رفيق الحريري عام 2005، وانسحاب الجيش السوري من لبنان، في إعلان استعداده لزيارة دمشق، عندما اقترح عدد من الوزراء في الاجتماع الوزاري الأخير التواصل المباشر مع الدولة السورية وضرورة تشكيل لجنة وزارية لهذا الغرض، ويكشف وزير الزراعة عباس الحاج حسن الذي كان حاضراً في الاجتماع، أن ميقاتي عندما سأله وزير العمل مصطفى بيرم إذا كان مستعداً للذهاب إلى دمشق، لم يمانع بالقيام بالزيارة إذا وجهت له دعوة وإذا كان الجانب السوري جدياً في إعادة مواطنيه.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
فبحسب الوزير الحاج حسن، المقرب من حركة "أمل"، الجو العام في لبنان لم يعد يمنع أحداً من الذهاب إلى سوريا"، لكن المهم بحسب رأيه أن يتحدث اللبنانيون لغة واحدة مع المجتمع الدولي في شأن ملف النازحين، فالواضح أن الجميع مأزوم والجميع يحتاج إلى مخارج، وهذه المخارج بحسب رأيه قد تبدأ بملف النازحين السوريين ولا تنتهي بالملفات الأخرى.
يوضح الوزير الحاج حسن، وهو أحد الوزراء الداعين إلى التواصل المباشر مع الدولة السورية، أن معظم اللبنانيين باتوا مقتنعين بضرورة عودة النازحين السوريين إلى بلادهم، خصوصاً بعد أن أصبحت معظم المناطق آمنة، وفي حديث لـ"اندبندنت عربية" أكد الحاج حسن أن العودة دونها عقبات أساسية أولها وضع آلية لتنفيذها في شقيها السياسي والأمني، كما على الحكومة اللبنانية أن تتحدث بالمباشر مع الحكومة السورية، وكشف الحاج حسن أن رئيس الحكومة أطلعهم خلال الاجتماع الوزاري الأخير أن هناك تواصلاً بين الأمن العام اللبناني وهيئات الأمم المتحدة لتزويد لبنان "داتا" بالأعداد الموجودة حالياً، معتبراً أن هذا الملف محكوم بعلاقة ثلاثية، بين لبنان والأمم المتحدة والجانب السوري، مضيفاً "أن الأزمة في لبنان خانقة، وملف الإخوة السوريين بات يشكل ضغطاً إضافياً". لكن ما الذي تغير الآن للرهان على نجاح أي تواصل مباشر مع الجانب السوري؟ بكثير من التفاؤل يجيب وزير الزراعة "أن الوقت قد حان للذهاب والحديث بالمباشر مع الجانب السوري، لأن المحاولات السابقة التي فشلت لم تكن في المكان أو الزمان أو في اللحظة السياسية المناسبة، ولم يكن الوقت قد حان".
معارضو الأسد: لا ثقة بنواياه
في مقلب المعارضة لنظام الأسد، ومن صفوف ما كان يعرف بقوى 14 آذار التي خاضت ثورة إخراج الجيش السوري من لبنان، لا يمانع النائب الاشتراكي هادي أبو الحسن التواصل المباشر مع الحكومة السورية معتبراً أنه من الطبيعي التواصل في ملف مشترك كهذا، لكن الثقة مفقودة بالأسد ونواياه. يرى أبو الحسن أن التعاطي مع ملف النازحين السوريين يجب أن يكون من منطلق وطني وكذلك من منطلق إنساني، مع الأخذ في الاعتبار مصلحة لبنان. "دعوتنا واضحة لتحديد المرجعية اللبنانية التي ستتابع هذا الملف من الألف إلى الياء" يقول أبو الحسن لـ "اندبندنت عربية"، مشترطاً أن يكون لديها خطة وبرنامج واضحين.
وعن تكليف الحكومة وزارة الشؤون الاجتماعية وكذلك الأمن العام، يعلق بالقول لا نريد أن نسمع بذلك بل نريد قراراً واضحاً، وأن لا يخرج كل يوم وزير معلناً أنه المعني الوحيد بالملف، فيما الدولة هي الجهة الوحيدة المسؤولة عن تحديد المرجعية الصالحة للتفاوض، ويشدد النائب الاشتراكي على وجوب الحصول على ضمانات بعودة آمنة للنازحين، معتبراً أن اللبنانيين لا يمكنهم لوحدهم الحصول على ضمانات من نظام الأسد، ما يستوجب إشراك المجتمع الدولي والدول العربية بأي مفاوضات، لأن لا ثقة بهذا النظام، والكلام مهم عشية القمة العربية كما يقول، ويؤكد أبو الحسن أن الأسد لا يريد عودة النازحين إلى بلادهم، "فهو لم يهجرهم ليرجعهم"، ويتخوف من أن يستخدم ملف النازحين ورقة لابتزاز الدول الضاغطة لتأمين عودة النازحين، مقابل شروط سياسية واقتصادية قد يفرضها لتنفيذ العودة.