Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

حدود الانتهاك الإلكتروني...  جدل تونسي حول كاميرات المراقبة

مخاوف من استخداماتها الضارة ومراقبون: تقلص أعداد الجرائم وآجال التقاضي

كاميرات المراقبة الموجهة إلى الشارع ممنوعة قانوناً في تونس ولا يرخص لها إلا في حالات استثنائية (أ ف ب)

ملخص

تنتشر كاميرات المراقبة في شوارع تونس وتسجل تحركات المارة لكن خلافاً يدور حول كونها تحد من الجرائم أم تنتهك الحرية الشخصية

تغيب الإحصاءات الدقيقة لعدد كاميرات المراقبة المركزة في شوارع تونس من قبل السلطات الأمنية، وفي المحيط الخارجي للمنازل أو داخل المحال التجارية، ما يدفع البعض لاعتبارها انتهاكاً للمعطيات الشخصية.

وتختلف النظرة لانتشار الكاميرات في كل الزوايا، بين من يراها وسيلة مراقبة مستمرة تساعد في استتباب الأمن والحد من الجريمة، بمختلف أشكالها كالسرقة والمضايقات والسطو المسلح "البراكاجات"، وبين من يرى أنها تمثل انتهاكاً صارخاً للمعطيات الشخصية التي يضمنها ويحميها القانون التونسي.

مردودية أمنية عالية

علي الزرمديني، العقيد المتقاعد من الحرس الوطني التونسي الباحث المتخصص في الشأن الأمني، قال لـ"اندبندنت عربية"، إن "من شأن جميع الوسائل الإلكترونية الحديثة أن تساعد في الحد من الجريمة، بخاصة أن من ينوي ارتكاب فعل إجرامي عندما يدرك أن المكان مجهز بكاميرات مراقبة، يتراجع، بالتالي تتقلص الجريمة، كما تساعد في كشف الجناة من خلال التصوير المسترسل لتحركات الناس في تلك المنطقة".

ويلفت الزرمديني إلى "أهمية الكاميرات في الجانب الوقائي لأنها تسهم في الوقاية من الجريمة والحد منها ولو جزئياً"، مضيفاً أنها تساعد في اختصار آجال التقاضي من خلال سرعة توفر الأدلة على السرقات والعنف عبر تحليل البيانات التي تسجلها.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

واعتبر أن "كاميرات المراقبة في الشوارع، التي تركزها السلطات الأمنية، المتصلة بشكل مباشر بقاعة العمليات المركزية في وزارة الداخلية، تلعب دوراً كبيراً في المراقبة والمتابعة الحينية لأنها ترصد كل التحركات المشبوهة ويتم تسجيلها، وتوفر تغطية أمنية كاملة لعديد المناطق، ما يعني توجيه دورية أمنية قريبة للتدخل بشكل عاجل لمحاصرة عملية إجرامية والقبض على مرتكبها"، وعلى رغم تكلفتها المالية الكبيرة إلا أنها تتمتع بمردودية وفاعلية عالية.

ولا يرى علي الزرمديني في تركيز كاميرات المراقبة "انتهاكا للمعطيات الشخصية، بل الحديث عن انتهاكات لحقوق الأشخاص ومعطياتهم الشخصية أمر مبالغ فيه"، لافتاً إلى أن "الضابطة العدلية من حقها قانوناً التعامل مع المعطيات الشخصية، ويخولها القانون في حالات التلبس تفتيش المحلات والأشخاص لغاية أمنية بحتة وكذلك المحال التجارية".

لا تحد من الجريمة

في المقابل، يستبعد شوقي قداس، رئيس الهيئة الوطنية لحماية المعطيات الشخصية، وهي هيئة عمومية تونسية مكلفة حماية المعطيات الشخصية، في تصريح خاص، أن تحد كاميرات المراقبة من الجريمة، لأن المجرمين باتوا يتحايلون عليها بارتداء الأقنعة، وتفادي مناطق تغطيتها".

قداس أكد أن "تركيز كاميرات المراقبة الموجهة إلى الشارع ممنوعة قانونا في تونس، ولا يرخص فيها إلا في حالات استثنائية، ولأسباب أمنية بعد الحصول على ترخيص من السلطات"، معتبراً أن "القاعدة تفرض أن كل شخص له الحق في مراقبة الفضاء الذي هو في ملكه الخاص، أما الفضاءات العامة فلا يمكن تركيز كاميرات المراقبة فيها بشكل فردي، ووحدها السلطات الأمنية وأجهزة الدولة، من تملك الحق في تركيز كاميرات المراقبة في الشوارع".

وأضاف أن "الكاميرات التي تركز في محيط المنازل الخاصة، والمحال تخضع لشروط، وهي ألا توجه إلى الشارع لتصوير المارة أو الجيران، وتتدخل الهيئة عند تقديم شكاية لإلزام صاحب الكاميرا بضرورة توجيهها إلى محيط محله السكني دون سواه".

ويشدد على أن تركيز كاميرات المراقبة يكلف تونس أموالاً طائلة في المتابعة والصيانة ومعالجة المعطيات وتحليلها، كما أنها عملياً لم تسهم في الحد من الجريمة، مستشهداً بالدولة الأكثر تغطية بكاميرات المراقبة في الكيلومتر المربع الواحد في العالم وهي إنجلترا وعلى رغم ذلك لم تحد من تفشي الجرائم".

أسرار على الإنترنت

من جهة أخرى، يقر رئيس الهيئة الوطنية لحماية المعطيات الشخصية، بأن "تطور التكنولوجيا وضع معطياتنا الشخصية في متناول كل من هب ودب"ّ، لافتاً إلى ظاهرة نشر كل ما يتعلق بالحياة الخاصة لمستخدمي المنصات الاجتماعية بشكل تلقائي وإرادي، موضحاً أن المعطيات الشخصية هي قبل كل شيء ثقافة مواطنية وهي للأسف غير موجودة في تونس وفي الدول العربية والأفريقية عموماً".

وبينما تشكو الدول العربية ضعفاً في التشبع بثقافة حماية المعطيات الشخصية ترسخت هذه الثقافة منذ عقود في الدول الأوروبية التي تفطنت إلى أهمية حماية المعطيات الشخصية وباتت سلوكاً لمواطنيها.

وتؤكد الهيئة عدم معارضتها لتركيز كاميرات مراقبة في الشوارع لأسباب أمنية، إلا أنها تشدد على ضرورة الإفصاح عن مكان تلك الكاميرات والتنبيه إلى وجودها للمواطنين، لأن ذلك من صميم حماية المعطيات الشخصية.

ذر الرماد في العيون

ما بين هذا وذاك، يرى شوقي قداس أن تونس وضعت قانوناً لحماية المعطيات الشخصية منذ 2004، لكنه كان نوعاً من "ذر الرماد في العيون"، حيث لم تكن السلطة وقتها ترغب فعلياً في حماية المعطيات الشخصية، بل اضطرت إلى ذلك إلزامياً قبل تنظيم قمة مجتمع المعلومات في 2005.

وأوضح أن "أغلب التونسيين لا يدركون دور هيئة حماية المعطيات الشخصية كمؤسسة ضامنة وحامية لتلك المعطيات"، داعياً في الوقت ذاته التونسيين إلى "احترام معطياتهم الشخصية وعدم نشرها للعموم على وسائل التواصل الاجتماعي".

ولفت إلى أن "انتهاك المعطيات الشخصية بات يهدد سيادة الدول، من خلال التأثير في الرأي العام وتوجيهه، باستخدام قاعدة البيانات الخاصة بالناخبين، وهو ما حدث في عديد من الدول حيث تتحكم شركات عملاقة في ملايين البيانات الخاصة بالمعطيات الشخصية لمستخدمي الإنترنت والمنصات الاجتماعية".

يذكر أن وزارة الداخلية التونسية سبق وأعلنت أنها ركزت 1680 كاميرا مراقبة في شوارع المحافظات الكبرى على مرحلتين، بهدف الحد من الجريمة بمختلف أنواعها بخاصة منها الإرهابية.

اقرأ المزيد

المزيد من العالم العربي