Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

وثائقي "بانوراما" المتبجح قد يوهم بأنني أزيف اضطراب نقص الانتباه

هل نعتقد حقاً بأن الناس يحاولون تشخيص صعوبة التعلم هذه، الموصومة بالعار نسبياً، بغرض المتعة؟

"لاحظت أن كثيراً من أصدقائي عانوا مشاكلات مماثلة لكن لم يكن لدى ذويهم المال أو المعرفة لإرسالهم إلى مؤسسة تعليمية متخصصة" (رويترز)

ملخص

هل نعتقد حقاً بأن الناس يحاولون تشخيص صعوبة التعلم هذه المعروفة باضطراب نقص الانتباه، والموصومة بالعار نسبياً، بغرض المتعة؟ 

نظر تحقيق أخير عرضه برنامج "بانوراما" الذي تبثه "هيئة الإذاعة البريطانية" (بي بي سي) في تكاثر تشخيص اضطراب نقص الانتباه مع فرط النشاط لدى البالغين من عيادات خاصة. وملأ المراسل، بغرض تشخيص حالته، استبيانات حول عاداته اليومية وتاريخ طفولته، كما أجابت عائلته عن أسئلة حوله. كذلك دفع كثيراً من المال إلى عيادة خاصة.

خلال تدريبي كصحافي، قيل لي دائماً إن المرء بحاجة إلى مبرر جيد حقاً للشروع في قصص سرية. ففي القيام بذلك، أنتم، بعد كل شيء، تتخلون موقتاً عن جوهر الصحافة - أي الحقيقة الكاملة. لا أعتقد بأن تحقيق "بي بي سي" يملك هذا التبرير. لم يكن يحاسب السلطة أو يكشف عن فساد. يمكن القول إن أي شيء يحصل على مال عام هو لقمة سائغة، لكن هذه العيادات تقبض من جيوب الناس الخاصة، وكثر منهم ربما يكونون تواقين إلى العلاج بسبب غياب الوصول إلى خدمات هيئة الخدمات الصحية الوطنية.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

تماماً مثلما يكاد يكون مستحيلاً نطق عسر القراءة أمام من يعانونه ويكون عسر النطق كلمة قاسية لأولئك الذين يعانونه، تكون عملية فهم اضطراب نقص الانتباه مع فرط النشاط شاقة في شكل خاص لأولئك الذين يعانونها. المواعيد المنسية والمكالمات الهاتفية المفوتة والتشخيص المطول - هذا مثال رائع على كيفية تصميم العالم البيروقراطي الذي نعيش فيه خصيصاً لذوي الإدراك النمطي. إذا كانت العيادات الخاصة تجعل الحصول على تشخيص أسهل للأشخاص الذين يعانون، فلماذا لا نتبنى ذلك؟

كل واحدة من بطاقات تقريري تفيد بالشيء نفسه: يجاهد من أجل التركيز. كانت قدرتي على إنجاز الواجبات المنزلية غير موجودة، وعانيت مسائل سلوكية. ومع ذلك، على رغم ذهابي إلى مدرسة جيدة وحتى زيارة معالج تعليمي خاص، لم يجر تشخيصي باضطراب نقص الانتباه مع فرط النشاط حتى أصبحت بالغاً عام 2008، وفقط آنذاك لأنني عشت بالصدفة على بعد حوالى 30 ميلاً (50 كيلومتراً) من واحدة من العيادات الوحيدة في البلاد المتخصصة في اضطراب نقص الانتباه مع فرط النشاط لدى البالغين.

هل نعتقد حقاً بأن الناس يحاولون تشخيص صعوبة التعلم هذه، الموصومة بالعار نسبياً، بغرض المتعة؟ أو الحصول على العقاقير؟

رغم أن أساتذتي قالوا دائماً إنني كنت لامعاً، عانيت كثيراً مع التركيز. لقد حصلت على شهادة الثانوية العامة الخاصة بي من دون كثير من المشكلات، لكن عندما وصلت إلى مؤهلات المستوى المتقدم، لم أتمكن من التعامل معها، وفشلت في النهاية. ولم أصل إلى الجامعة إلا لأن المدرس النمساوي اللطيف رأى شغفي خلال مقابلة. تخرجت مع درجة من المقام الأول وماجستير ممولة بالكامل.

في حالتي كان الذهاب إلى الجامعة، حيث كان لدي مزيد من الاستقلالية والقدرة على اختيار ما كنت أفعله مع وقتي، كافياً لمساعدتي في تركيزي. تفوقت في المجالات التي عانيت فيها سابقاً، إذ انتقلت من أسفل الفصل إلى القمة.

لكن الدواء والتشخيص نفسه أديا بالتأكيد دوراً هنا. مجرد معرفة ما كانت بالضبط مشكلتي ساعد كثيراً في ثقتي بالنفس والفهم.

لذلك بالنسبة إلي، تعتبر فكرة أن الأشخاص المصابين باضطراب نقص الانتباه مع فرط النشاط يجري تشخيصهم في شكل مفرط أمراً مثيراً للضحك، ولاسيما بين النساء والفتيات اللاتي ليس من المحتمل أن يبدين اضطرابات. هناك رسم بياني مشهور حول كيفية ارتفاع عدد العسر في شكل كبير منذ أن توقف قمع الظاهرة لدى الأطفال في المدرسة، لم يتغير عدد الأشخاص الذين يستخدمون اليد اليسرى، لكن عدد الأشخاص الذين يتقبلون استخدام اليد اليسرى المتأصل لديهم زاد.

من المعقول تماماً أيضاً أن العالم الرقمي الكثيف بالمعلومات الذي نعيش فيه الآن يمكن أن تكون له آثار سلبية في تركيز الناس، مما ينشئ أعراضاً تشبه اضطراب نقص الانتباه مع فرط النشاط في الناس في وقت لاحق من الحياة، أو حتى يفاقم الأعراض التي ربما كان من الأسهل السيطرة عليها قبل "اقتصاد الانتباه" الذي نعيش فيه حالياً.

جرى تشخيصي في البداية باضطراب نقص الوعي المكاني، كثيراً ما يخلط بينه وبين اضطراب نقص الانتباه مع فرط النشاط خلال فترة المراهقة. هذا لم يفسر لماذا لم أتمكن من التركيز كما يفعل معظم الناس، منذ أن كنت طفلاً. ثم كنت أحبس نفسي عن قصد من دون أي حافز وأبدأ أحلام يقظة حول كون قلم الرصاص سفينة فضاء.

لاحظت في وقت لاحق أن كثيراً من أصدقائي عانوا مشاكلات مماثلة - جزئياً لأن الطيور ذات الانتباه القابل للتشتيت على أشكالها تقع - لكن لم يكن لدى والديهم المال أو المعرفة لإرسالهم إلى مؤسسة تعليمية متخصصة للحصول على تشخيص مكلف.

يمكن للأشخاص الذين يعانون اضطراب نقص الانتباه مع فرط النشاط أن يكونوا مبدعين في شكل رائع، وطريفين، ومتعاطفين للغاية. ومن المرجح أيضاً أن يدخلوا السجن، وأن يواجهوا صعوبات في حياتهم الأسرية والمهنية، وأن يموتوا انتحارا. الحياة يمكن أن تكون صعبة بالنسبة إلينا جميعاً، وأكثر من ذلك للأشخاص غير المنظمين في شكل مزمن وغير المهتمين.

"بانوراما" هو واحد من أفضل الأمثلة في المملكة المتحدة على الصحافة الاستقصائية القوية وله تاريخ عظيم الفخر. في رأيي لم يرق هذا التحقيق إلى هذا التاريخ. لم تكن مجرد قصة فاشلة - أنتجنا جميعاً قصصاً فاشلة - بل جعلت أيضاً الأمور أكثر صعوبة ووصماً بالعار للأشخاص الذين من المحتمل أنهم يعانون بالفعل.

كثيراً ما يسمع الأشخاص الذين يعانون صعوبات في التعلم ومشكلات في الصحة العقلية أنهم يختلقونها أكثر من اللازم. يجب أن نستمع إلى الخبراء والممارسين في هذا المجال - ونمولهم - بدلاً من إنتاج صحافة يكون، في رأيي، لها أثر في مزيد من وصم الأشخاص الضعفاء بالعار.

© The Independent

اقرأ المزيد

المزيد من منوعات