ملخص
التضخم يرهق الأسر التركية ويتجاوز مستوى 85 في المئة في 2022 ومكاسب الدولار تتجاوز 347 في المئة في 5 سنوات
سريعاً، تصدرت الليرة التركية قائمة المتضررين من إعلان فوز الرئيس رجب طيب أردوغان في جولة إعادة الانتخابات الرئاسية في تركيا. وفي التعاملات الأخيرة، سجلت العملة التركية مستويات منخفضة جديدة مقابل الدولار الأميركي الذي قفز إلى مستوى 20.05 ليرة.
على صعيد خسائر الليرة ومنذ بدء الولاية السابقة للرئيس التركي، فقدت العملة التركية أكثر من 77.6 في المئة من قيمتها مقابل نظيرتها الأميركية، إذ قفز سعر صرف الدولار من مستوى 4.48 ليرة في يونيو (حزيران) من عام 2018، إلى نحو 20.05 ليرة في الوقت الحالي، لتصل مكاسب الورقة الأميركية الخضراء إلى أكثر من 347.5 في المئة خلال السنوات الخمس الأخيرة، بمتوسط مكاسب سنوية تقدر نسبتها 69.5 في المئة.
وقبل أيام، ارتفعت نسبة متداولي المشتقات المالية الذين يتوقعون تراجع سعر صرف الليرة التركية إلى 29 ليرة لكل دولار من المستويات الحالية عند 20 ليرة، إلى 53 في المئة مقارنة بنحو 36 في المئة كانوا يتوقعون صعودها إلى هذا المستوى بعد الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية في تركيا.
تضخم مرتفع وفجوة تمويل واسعة
وتسببت سياسات خفض أسعار الفائدة التي انتهجها الرئيس التركي وفرضها على البنك المركزي، في العديد من الأزمات، وتصدر التضخم المرتفع قائمة الأزمات العنيفة التي واجهت الأتراك. وأرهقت الخسائر العنيفة التي طاردت الليرة، الأسر التركية بعدما سجل التضخم مستوى يتجاوز 85 في المئة خلال أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.
فيما يبرر البنك المركزي التركي عدم قدرته على خفض أسعار الفائدة والتخلي عن دورة التشديد النقدي، بأن احتياطياته تعرضت أيضاً لضغوط بسبب الاضطرار إلى تمويل الجزء الأكبر من عجز الحساب الجاري لتركيا، بعدما وصل إلى مستوى قياسي بلغ نحو 10 مليارات دولار في يناير (كانون الثاني) الماضي. وقبل أيام، قال محللون في "مورغان ستانلي"، إن "الضغط المستمر على إجمالي الاحتياطيات منذ بداية العام، في ظل استقرار الليرة، لا يوفر مساحة كبيرة لظروف مالية ملائمة".
في الوقت نفسه، يشعر بعض المستثمرين بالقلق من أنه إذا تعافت السوق مرة أخرى، قد تلجأ السلطات إلى المزيد من ضوابط رأس المال الصارمة، وهو ما نفته الحكومة التركية أكثر من مرة، وأكدت أنها لا تدرسه بينما تسعى لسد فجوة التمويل الخارجي البالغة 230 مليار دولار أو 25 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي.
خلال السنوات الماضية، اعتمدت الحكومة التركية على الأسواق الدولية للإقراض بالليرة لدرجة أن بيانات بنك إنجلترا المركزي تظهر أن التداول في المراكز الرئيسية مثل لندن تقلص إلى أقل من 10 مليارات دولار يومياً في المتوسط من 56 مليار دولار في عام 2018. وتسبب الخلل المتزايد في سوق الصرف والخسائر العنيفة التي تواجه الليرة التركية مقابل الدولار الأميركي، إلى انحسار التفاؤل الذي جلب في السابق العديد من الاستثمارات الأجنبية إلى تركيا.
وقبل أيام، نقلت وكالة "رويترز"، عن مصادر مطلعة بالحكومة التركية، أن هناك خلافاً يدور بشأن ما إذا كان يجب التمسك بالاستراتيجية الاقتصادية الحالية التي تعطي الأولوية لأسعار الفائدة المنخفضة أم التحول إلى سياسات تقليدية بدرجة أكبر بعد الانتخابات؟. وقلصت الإدارة الصارمة لليرة من انخفاضها إلى ما يزيد قليلاً على اثنين في المئة منذ الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية قبل أسبوعين.
وأشارت الوكالة، إلى ارتفاع تكلفة تأمين ديون تركيا ضد التخلف عن السداد بنسبة 40 في المئة، وهبطت السندات الدولية بما تراوح بين 10 إلى 15 في المئة، وسجلت مقاييس التقلبات الرئيسية في سوق العملات الأجنبية على مدى عام واحد مقبل أو يزيد مستويات قياسية مرتفعة.
موجات من خفض التصنيف الائتماني
الشهر الماضي، ومع استمرار الضغوط التي تواجه الاقتصاد التركي، خفضت مؤسسة "أس أند بي غلوبال ريتينغز" للتصنيف الائتماني، نظرتها المستقبلية للتصنيف الائتماني السيادي لتركيا من مستقرة إلى "سلبية"، مشيرة إلى سلسلة من التحديات، بما في ذلك تكاليف التعافي من الزلازل، والتضخم الذي خرج عن السيطرة.
وأكدت المؤسسة تصنيف تركيا عند درجة "B"، مما يضعها على قدم المساواة مع مصر وكينيا، وأوضحت، أنه "على رغم انخفاض عجز موازنة الحكومة المركزية في العام الماضي، فإن مخاطر القطاع العام الأخرى آخذة في الزيادة". وأوضحت، أن عمليات إعادة الإعمار في أعقاب سلسلة من الزلازل التي ضربت جنوب شرقي البلاد في فبراير (شباط) الماضي، وأسفر عن مقتل نحو 50 ألف شخص، تحتاج إلى تمويل داخلي وخارجي يصل إلى 12 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وخفض البنك المركزي التركي سعر الفائدة الأساسي إلى 8.5 في المئة خلال اجتماع فبراير الماضي، على رغم أن التضخم السنوي يدور حول مستوى 55 في المئة، مقارنة بهدف البنك المركزي التركي البالغ نحو خمسة في المئة. وأشارت الوكالة، إلى أن الليرة التركية فقدت نحو ربع قيمتها مقابل الدولار الأميركي خلال العام الماضي، وهو ثاني أكبر انخفاض بعد الأرجنتين من بين 23 عملة رئيسية تتابعها وكالة "بلومبيرغ".
وذكرت الوكالة، أن "التضخم المنفلت يزيد من تعقيد التحليل المالي والاقتصادي والنقدي لتركيا". وأشارت، إلى مخاوف تتعلق بالتزام البنك المركزي ووزارة الخزانة بتعويض المودعين عن أي خسائر مرتبطة بتغير سعر الصرف على المدخرات المرتبطة بالعملة الأجنبية. وقالت، إن هذه المدخرات تعادل نحو 9.3 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي.
كانت آخر مرة خفضت فيها "أس أند بي غلوبال ريتينغز" تصنيفها الائتماني لتركيا في سبتمبر (أيلول) من العام الماضي، مشيرة إلى مخاوف بشأن السياسة النقدية التيسيرية للغاية في البلاد. فيما تعرض التصنيف الائتماني لتركيا للتخفيض من جانب الوكالتين الرئيسيتين الأخريين في الأشهر التسعة الماضية، إذ خفضت وكالة "موديز" تصنيف البلاد في أغسطس إلى "B3"، مشيرة إلى مخاطر ميزان المدفوعات، في حين خفضت وكالة "فيتش" للتصنيف الائتماني تصنيف الديون السيادية لتركيا إلى "B" في يوليو (تموز) الماضي بسبب مخاوف ارتفاع التضخم.