ملخص
مبادرات للتخفيف من معاناة السودانيين الفارين إلى مصر
تسببت الحرب التي اندلعت بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع في 15 أبريل (نيسان)، في أوضاع مأسوية لسكان العاصمة الخرطوم، حيث كبدتهم خسائر في الأرواح، إذ تخطى عدد الضحايا 750، فضلاً عن خسائر اقتصادية كبيرة، ناهيك بالأوضاع النفسية والإنسانية القاسية التي لحقت بالجميع، سواء داخل البلاد أم خارجها.
احتدام الصراع دفع مليون شخص للنزوح إلى ولايات السودان المختلفة، و300 ألف فروا خارج البلاد، منهم 150 ألفاً فضلوا الهرب إلى مصر كونها الأقرب والأكثر ترحيباً بهم، حيث سهلت الحكومة المصرية إجراءات دخول السودانيين، بخاصة الأطفال والنساء بواسطة وثائق سفر بدلاً من الجوازات، مع السماح بدخول الرجال ما فوق 50 سنة من دون الحصول على تأشيرة.
كما قابل الهلال الأحمر جموع السودانيين الهاربين من الحرب في المعابر المصرية بترحاب كبير مع توفير كافة أنواع الأدوية والعلاجات اللازمة.
جمعيات طوعية
الآلاف الذين لجأوا إلى مصر هم في غالبيتهم من الفئة المقتدرة مادياً، إذ قاموا بتوفير سكن خاص بهم هناك، حيث تراوحت أسعار الشقة المفروشة بين 500 و1000 دولار في الشهر، فضلاً عن مقدرتهم عن توفير الحاجات المعيشية.
لكن في المقابل، هناك من تفاجأ من هؤلاء الهاربين بصعوبة الأوضاع في مصر من ناحيتي السكن والمعيشة، ولم يستطيعوا الحصول على السكن المناسب بسبب ارتفاع أسعاره بصورة تفوق مقدرتهم، مما دفع عدداً من الجمعيات الطوعية إلى التحرك لحل هذه المشكلة من خلال توفير السكن الملائم للتخفيف من معاناة هؤلاء الفارين من جحيم الحرب في بلادهم.
تقول الناشطة في مجال العمل الطوعي ساجدة محمد، إن "البعض استغل حاجة الفارين من السودان لسكن جيد وفي مناطق حيوية برفع الأسعار بصورة جنونية، حيث زادت أسعار الشقق السكنية من 200 إلى 1000 دولار، وهذه الزيادة تفاجأ بها القادمون فور وصولهم، مما اضطر بعضهم إلى السفر لمحافظات مجاورة كالإسكندرية والمنصورة وغيرها لانخفاض أسعار الإيجارات، بينما استقر البعض في محافظة أسوان بدلاً عن مواصلة الرحلة إلى القاهرة".
أضافت "استشعرنا كعاملين في المجال الطوعي بضرورة المساهمة في إيجاد حل لهذه المشكلة، فقمنا بالاتصال بأصحاب الشقق السكنية واتفقنا معهم بأن يلتزموا بتثبيت الأسعار وعدم رفعها مع التزام المؤجر بدفع الأجرة بانتظام، ومن جانبنا وفرنا ثمن شقق لسيدات قادمات إلى مصر من دون أسرهن، حيث نستضيفهن مجاناً لمدة شهر إلى حين تمكنهن من تدبر أوضاعهن".
وعن الوضع العام للسودانيين في مصر، قالت ساجدة "أوضاعهم مؤلمة جداً ومحبطة في الوقت نفسه، بخاصة أن الوضع في السودان ما زال قاتماً، وأن معظم هؤلاء الفارين إلى القاهرة جاءوا إليها لفترة محددة، وفي حال استمرت الأزمة في البلاد سنشهد حوجة آلاف الأسر للمساعدة، لذلك يجب أن يتكافل الجميع قبل حدوث هذه الإشكالية حتى نكون مستعدين لأي مشكلات في المستقبل".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وظائف ومشاريع
في هذه الأثناء، بادرت عشرات الشركات والمؤسسات الخاصة بتخصيص وظائف للسودانيين القادمين للقاهرة فترة الحرب، فيما اتجه أصحاب المشاريع الخاصة في السودان ومعظمهم من السيدات، إلى مباشرة أعمالهم داخل مصر لتوفير حاجتهم، لا سيما في مجال الهدايا والكوافير ورسم الحناء والتجميل. في هذا السياق، تقول خبيرة التجميل السودانية هالة عاصم "بدأت مشروعي الخاص في السودان قبل اندلاع الحرب بفترة قصيرة، وعلى رغم أنني تركت كل معداتي هناك، رأيت أنه من الضروري مباشرة عملي في القاهرة حتى أتمكن من تغطية مصاريف الحياة اليومية، إضافة إلى الإيجار الشهري للسكن، فلا بد أن يستمر العمل، بخاصة أنه مصدر دخلي الوحيد".
مبادرات طبية
في المجال الطبي، أطلق عدد من الأطباء المصريين في مدينة أسوان مبادرة تتضمن الفحص المجاني لكل السودانيين الفارين، حيث يقوم الطبيب بزيارة المريض في منزله أو في أي مكان يوجد فيه، لا سيما كبار السن من دون أي مقابل مادي.
كما أطلقت مجموعة من الأطباء السودانيين الموجودين في القاهرة مبادرة طبية بالتعاون مع مراكز صحية، تشمل خصماً على كل أسعار الكشوفات والتحاليل الطبية وغيرها لأكثر من 50 في المئة، فضلاً عن تخفيض سعر الدواء بنسبة 10 في المئة.
وقال الاختصاصي في الجهاز التنفسي أكرم سالم، إن "هذه المبادرات الطبية ليست بغريبة على الأطباء السودانيين الذين ظلوا يعملون أثناء اندلاع الحرب غير آبهين بسلامة أرواحهم، ولم يتوقفوا إلا بعد اقتحام المستشفيات وتعرض بعضها للقصف".
وتابع "في ظل هذه الظروف القاسية، عمل معظم الأطباء لساعات طويلة من دون صرف مرتباتهم، لذلك من الطبيعي أن يشعروا بحوجة أبناء بلدهم الذين أجبرتهم ظروف الحرب للفرار إلى مصر مثقلين بالهموم والحاجة المادية بسبب ارتفاع كلفة الحياة اليومية".
الأمم المتحدة
المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين بذلت أيضاً جهوداً للتخفيف عن معاناة السودانيين الفارين إلى مصر، إذ قامت بتوزيع كميات من المساعدات الإغاثية الإنسانية مثل المياه ومستلزمات النظافة الشخصية والكراسي المتحركة والطعام والأقنعة والقفازات".