ملخص
الجندي الذي تلقى وسام "فيكتوريا كروس" خسر قضية تشهير مدنية بعد أن تحقق القاضي من أن عدداً من المزاعم بالقتل التي ساقتها صحف ضده "صحيحة إلى حد كبير"
أصدر أحد القضاة الأستراليين حكماً بأن الجندي بن روبرتس سميث الحائز أكبر عدد من الأوسمة ما بين الجنود الأحياء، قد ارتكب فعلاً جرائم حرب - بما فيها جرائم قتل - وذلك أثناء عمله مع وحدة "الخدمة الجوية الخاصة" Special Air Service (SAS) الأسترالية في أفغانستان.
ولدى النطق بالحكم في قضية تشهير تاريخية رفعها روبرتس سميث - الذي تلقى وسام "فيكتوريا كروس" Victoria Cross (أرفع وسام في نظام الشرف البريطاني) - على ثلاث صحف نشرت مقالات زعمت فيها أنه قتل سجناء لم يتم الكشف عن أسمائهم، قال قاضي "المحكمة الفيدرالية" أنطوني بيسانكو إن أربعة من ستة ادعاءات بالقتل، كانت صحيحة إلى حد كبير. ويشكل قرار القاضي نهاية مثيرة للذهول لقضية تمكنت من كشف الستار عن السرية المحيطة بتلك الوحدة القتالية النخبوية.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وقال القاضي بيسانكو: "في ضوء استنتاجاتي، يتعين رفض كل إجراء (يتعلق بالتشهير)".
أما المزاعم المتعلقة بارتكاب الجندي جرائم قتل، والتي أكد القاضي بيسانكو أنه ثبتت صحتها إلى حد كبير، فتضمنت ما يأتي:
• قتل مزارع مقيد اليدين كان بن روبرتس سميث قد ركله من أعلى جرف، قبل أن يأمر بإطلاق النار عليه.
• إصابة مقاتل 10 مرات في الأقل بالرصاص في ظهره، قبل أخذ ساقه الاصطناعية تذكاراً ليستخدمها أفراد القوة في وقت لاحق وعاءً لتناول الشراب.
• التدبير لجريمتي قتل أو الموافقة عليهما من جانب روبرتس سميث، في إطار تدريب جنود مبتدئين أو اختبار قدراتهم.
وهذه المحاكمة المدنية هي الأولى التي بتت فيها محكمة في تهم بارتكاب قوات أسترالية جرائم حرب. وتتطلب المحاكم المدنية الأسترالية حداً أدنى لإثبات اتهامات من هذا القبيل، مقارنة بالمحاكم الجنائية. ونفى روبرتس سميث البالغ من العمر 44 سنة، جميع المزاعم التي سيقت ضده، ولم يتم في المقابل توجيه أي اتهام إليه، كما أنه لم يكن حاضراً في المحكمة أثناء صدور الحكم.
وكان ينظر إلى بن روبرتس سميث على أنه بطل قومي، بسبب ما قام به خلال ست جولات من القتال في أفغانستان ما بين عام 2006 وعام 2012. وبعد خروجه من الخدمة في وقت لاحق، أصبح متحدثاً عاماً شهيراً ومديراً تنفيذياً إعلاميا. وقد تم تكريم مساهماته من خلال تعليق صورته داخل مبنى "النصب التذكاري للحرب الأسترالية" Australian War Memorial.
وتمثل أعلى تكريم له بمنحه وسام "فيكتوريا كروس" تقديراً لنجاحه في هجوم شنه على مخبأ لمدفع رشاش، خلال مواجهة قتالية دارت في منطقة تيزاك في ولاية قندهار الأفغانية، في عام 2010. ويعزى الفضل إلى روبرتس سميث في الإجهاز على مقاتلين كانا يفتحان النار من مدفع رشاش، ومتمرد كان على وشك إطلاق قذيفة صاروخية على مجموعته. ولا توجد مزاعم بارتكابه جرائم حرب في تلك المعركة.
وكانت مقالات نشرتها صحف هي: "ذا سيدني مورنينغ هيرالد" The Sydney Morning Herald و"ذا إيج" The Age، و"ذا كانبرا تايمز" The Canberra Times منذ عام 2018، قد زعمت أن بعض سلوكيات الجندي الأسترالي السابق تجاوزت حدود الاشتباك العسكري المقبول. ورفع روبرتس سميث دعوى قضائية على الصحف الثلاث لتصويره على أنه شخص "انتهك القواعد الأخلاقية والقانونية للاشتباك العسكري". ووصف التقارير الإخبارية بأنها كاذبة، لأنها استندت على مزاعم جنود فاشلين شعروا بالغيرة من التكريم الذي حصل عليه. وطالب بتعويضات غير محددة.
وحاولت الصحف الثلاث الدفاع عن تقاريرها من خلال إثبات صحة الادعاءات، وقدمت جنوداً آخرين وعسكريين سابقين للشهادة أمام المحكمة، ليؤكد هؤلاء صحة المزاعم.
وعلى رغم نجاح الصحف في الاستراتيجية القانونية التي اتبعتها إلى حد كبير، فقد خلص القاضي بيسانكو إلى أنها لم تتمكن من إثبات اتهامين آخرين لروبرتس سميث بالقتل، وادعاءات بأنه اعتدى على امرأة كان على علاقة بها. وأشار القاضي إلى أن المزاعم غير المثبتة لن تلحق الضرر بسمعة المحارب السابق.
وتم تقدير كلفة هذه المحاكمة بأكثر من 25 مليون دولار أسترالي (16.5 مليون دولار أميركي) كرسوم قانونية. وشهدت 110 أيام من تقديم الأدلة، والاستماع لـ41 شاهداً، وتدوين أكثر من 6 آلاف صفحة في سجل المحكمة.
آرثر موزس محامي بن روبرتس سميث قال للصحافيين: "سننظر في الحكم المطول الذي أصدره حضرة القاضي، وندرس المسائل المتعلقة بالاستئناف".
أما جيمس شيسيل مدير تحرير النشر لدى شركة "ناين إنترتينمانت كو. ليمتد" Nine Entertainment Co Ltd المالكة للصحف، فرأى أن قرار المحكمة "برأ كثيراً من الأشخاص في غرف الأخبار وفي منظمتنا، الذين دعموا هذه الصحافة المهمة التي تخدم المصلحة العامة".
وقال تشيسيل خارج المحكمة: "إن الحكم برأ في المقابل الجنود الشجعان في وحدة "الخدمة الجوية الخاصة" الذين خدموا بلادهم بامتياز، ثم تحلوا بالشجاعة لقول الحقيقة في ما حدث".
مارتن هاميلتون سميث رئيس "جمعية الخدمة الجوية الخاصة الأسترالية" Australian Special Air Service Association، وصف الحكم الصادر في قضية التشهير بأنه "يوم مخيب للآمال للغاية" بالنسبة إلى فوج النخبة.
وكان تقرير وضعه المفتش العام لقوات الدفاع الأسترالية في عام 2020 حول سلوك الوحدات الأسترالية الخاصة في أفغانستان، قد توصل إلى معلومات "موثوق في صحتها"، تفيد بأن القوات الأسترالية هناك، ربما قتلت 39 مدنياً وسجيناً أفغانياً على نحو غير قانوني.
ورأى هاميلتون سميث أنه إذا تمت محاكمة المحاربين القدامى بتهمة ارتكاب جرائم حرب، فيجب توجيه الاتهام إليهم من دون أي تأخير. واعتبر أن "الطريقة الوحيدة التي يمكن بها الوصول إلى الحقيقة الفعلية تقضي بإحضارهم إلى محكمة جنائية، حيث يمكن أن يقدم كل طرف دفوعه، ويجرى إثبات الحقائق بما لا يدع مجالاً للشك".
ساهمت وكالتا "رويترز" و"أسوشيتد برس" في إعداد محتوى هذا التقرير
© The Independent