ملخص
جامعة الدول العربية اعتبرت القرار الإسرائيلي "بالغ الخطورة وانتهاكاً صارخاً للمواثيق والقوانين وقرارات الشرعية الدولية وإمعاناً في تحدي إرادة المجتمع وتقويضاً لأي أفق لفرص تحقيق السلام"
قال متحدث باسم الأمم المتحدة إن الأمين العام أنطونيو غوتيريش حث إسرائيل، أمس الإثنين، على وقف ما وصفها بقرارات مقلقة في شأن النشاط الاستيطاني بالضفة الغربية والعدول عنها.
وأضاف نائب المتحدث باسم الأمم المتحدة فرحان حق، في بيان، "الأمين العام يكرر أن المستوطنات هي انتهاك صارخ للقانون الدولي، إنها عقبة رئيسة أمام تحقيق حل على أساس دولتين قابل للاستمرار وسلام عادل ودائم وشامل".
وأشار إلى أن "توسيع هذه المستوطنات غير الشرعية إنما هو محرك رئيس للتوتر والعنف ويزيد الحاجات الإنسانية بشدة".
تواصل بناء المستوطنات
قال وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش، الإثنين، إن الحكومة ستواصل بناء المستوطنات ولن تقبل "الوعظ" من الدول الأخرى، ضارباً عرض الحائط بما أبدته الولايات المتحدة من مخاوف حيال بناء المستوطنات في الضفة الغربية.
وأضاف سموتريتش، الذي يملك بعض الصلاحيات في الضفة الغربية، خلال اجتماع لحزبه "هذه بلادنا، كلها". ونقل (راديو كان) عنه القول "هل يعتقد أحد أن إسرائيل ستدار كما لو كانت ولاية أميركية أخرى؟ لن أقبل الوعظ الأخلاقي من أي شخص".
وتعتبر معظم الدول المستوطنات التي أقيمت على أراضٍ سيطرت عليها إسرائيل في حرب عام 1967 غير قانونية، وظل التوسع في بنائها على مدى عقود ضمن أكثر القضايا الخلافية بين إسرائيل والفلسطينيين والمجتمع الدولي.
ويسعى القادة الفلسطينيون إلى إقامة دولة مستقلة في الضفة الغربية وقطاع غزة عاصمتها القدس الشرقية، ويقولون إن المستوطنات تقوض آمالهم في إقامة دولة قابلة للحياة.
وقالت حكومة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو المؤلفة من أحزاب دينية وقومية، أول من أمس الأحد، إنها تعتزم الموافقة على بناء 4560 وحدة سكنية جديدة في مناطق مختلفة من الضفة الغربية. وقالت وزارة الخارجية الأميركية إنها "منزعجة للغاية" من القرار.
وأضافت في بيان "تعارض الولايات المتحدة وفقاً لسياستها القائمة منذ وقت طويل مثل هذه الإجراءات الأحادية التي تجعل تحقيق حل الدولتين أكثر صعوبة وتشكل عقبة أمام السلام".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وقال المسؤول الفلسطيني البارز حسين الشيخ إن السلطة الفلسطينية التي تمارس حكماً ذاتياً محدوداً في الضفة الغربية لم تحضر اجتماعاً اقتصادياً مع إسرائيل كان مقرراً عقده الإثنين احتجاجاً على التوسع في بناء المستوطنات.
وحث مسؤول فلسطيني آخر، يدعى واصل أبو يوسف المجتمع الدولي على التحول من إصدار بيانات الشجب والإدانة إلى مقاطعة الحكومة الإسرائيلية، كما دعا الدول العربية إلى تعليق اتفاقيات العلاقات الدبلوماسية مع إسرائيل.
ومنذ توليه السلطة في يناير (كانون الثاني)، وافق ائتلاف نتنياهو على إنشاء أكثر من سبعة آلاف وحدة سكنية جديدة معظمها في عمق الضفة الغربية، كما عدل قانوناً لتمهيد الطريق أمام المستوطنين للعودة إلى أربع مستوطنات سبق إخلاؤها.
وتقول الأمم المتحدة إن نحو 700 ألف مستوطن يعيشون في 279 مستوطنة بأنحاء الضفة الغربية والقدس الشرقية، ارتفاعاً من 520 ألفاً في 2012.
وقال نتنياهو في مقابلة أجرتها معه "سكاي نيوز"، أخيراً، إن المستوطنات الإسرائيلية لا تشكل عقبة أمام السلام مع الفلسطينيين.
قلق دولي وعربي
عبر مبعوث الأمم المتحدة للسلام في الشرق الأوسط، الإثنين، عن قلقه من إجراء إسرائيل تغييرات جديدة في مستوطنات الضفة الغربية بهدف تسريع عملية البناء فيها.
وقال تور وينسلاند، في بيان، إنه "قلق للغاية إزاء قرار الحكومة الإسرائيلية بتغيير إجراءات التخطيط الاستيطاني المعمول بها منذ عام 1996، والتي من المتوقع أن تسرع التوسع الاستيطاني".
وقال مسؤول إسرائيلي لوكالة الصحافة الفرنسية، الأحد، إن الحكومة اتخذت قراراً بتقليص الإجراءات الإدارية في عملية منح تراخيص للمستوطنات".
وبحسب المسؤول، الذي فضل عدم الكشف عن هويته، فإن العملية التي كانت "تمر بأربع مراحل ستتقلص إلى مرحلتين" بعد هذا القرار.
وأكد وينسلاند أن "إقامة إسرائيل للمستوطنات في الأراضي الفلسطينية، بما في ذلك القدس الشرقية، ليس له أي شرعية قانونية ويمثل انتهاكاً صارخاً للقانون الدولي".
ويعيش في الضفة الغربية من دون القدس الشرقية نحو 2.9 مليون فلسطيني، إضافة إلى أكثر من نصف مليون مستوطن يهودي في مستوطنات تعد غير قانونية بموجب القانون الدولي.
كذلك، عبر الاتحاد الأوروبي عن "قلقه" أيضاً من خطط إسرائيل المعلنة والمتعلقة بالاستيطان. ودعا في بيان إسرائيل إلى "عدم المضي قدماً في ذلك"، واعتبر أن القرار يمثل "خطوات أحادية الجانب تتعارض مع الحاجة إلى ضمان الهدوء ونزع فتيل التوترات على الأرض".
وكانت وزارة الخارجية الفلسطينية قد دانت القرار الإسرائيلي، الأحد، واعتبرته "خطوة أحادية الجانب وغير قانونية". ووصفت الوزارة القرار بأنه "تصعيد خطر لاستكمال ضم الضفة الغربية"، مطالبة بـ"تحرك دولي وأميركي حقيقي وممارسة ضغط على الحكومة الإسرائيلية لثنيها" عن ذلك.
أما جامعة الدول العربية فاعتبرت أن القرار الإسرائيلي "بالغ الخطورة، وانتهاكاً صارخاً للمواثيق والقوانين وقرارات الشرعية الدولية وإمعاناً في تحدي إرادة المجتمع وتقويض أي أفق لفرص تحقيق السلام".
مقتل 5 فلسطينيين
من ناحية أخرى، قال الجيش الإسرائيلي ومسؤولون طبيون، الإثنين، إن قوات إسرائيلية مدعومة بطائرات هليكوبتر عسكرية قتلت خمسة فلسطينيين، بينهم قاصر، وأصابت أكثر من 90 آخرين، إذ أدت مداهمة في الضفة الغربية إلى اشتباك استمر لساعات مع مسلحين. وأضاف الجيش أن ثمانية جنود إسرائيليين أصيبوا بعد تعرضهم لإطلاق نار أثناء عملية في جنين للقبض على اثنين من الفلسطينيين يشتبه في تنفيذهما هجمات. وينتمي ثلاثة في الأقل من القتلى الفلسطينيين إلى حركة "الجهاد الإسلامي".
ومع توقف عملية السلام التي ترعاها الولايات المتحدة منذ ما يقرب من عقد، شهدت جنين ومناطق أخرى في شمال الضفة الغربية مداهمات إسرائيلية مكثفة على مدى أشهر وسط سلسلة هجمات شنها فلسطينيون في شوارع المدن الإسرائيلية.
ومع إطلاق مسلحين في البلدة النار بكثافة ووابلاً من العبوات الناسفة على القوات الإسرائيلية، قال الجيش إنه اضطر للقيام بمهمة لسحب المصابين وتعطل عدد من مركباته خلال القتال.
وقال متحدث باسم الجيش الإسرائيلي للصحافيين "لهذا السبب رأيتم أيضاً قواتنا في منطقة شائكة للغاية، واضطررنا إلى إحضار طائرة هليكوبتر".
وسلط الاستخدام غير المعتاد لطائرات هليكوبتر عسكرية في العملية الضوء على ضراوة القتال في جنين، حيث تتمتع جماعات مسلحة مثل حركة المقاومة الإسلامية (حماس) و"الجهاد الإسلامي" بوجود قوي منذ فترة طويلة في مخيم اللاجئين المجاور.
وقال بتسلئيل سموتريتش، رئيس أحد الأحزاب في ائتلاف رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو المؤلف من أحزاب دينية وقومية، إن الحكومة يتعين عليها تنفيذ عملية هجومية كبيرة "لاستعادة الردع" في جنين ونابلس ومناطق أخرى بالضفة الغربية. وأضاف "حان الوقت للتعامل معهم بقسوة".
وقالت وزارة الخارجية الفلسطينية إن العمليات الإسرائيلية في جنين "تصعيد خطير يجر المنطقة إلى مزيد من إراقة الدماء"، ودعت المجتمع الدولي إلى "التدخل الفوري والعاجل".
وأظهر مقطع فيديو، صوره أحد السكان، وحصلت عليه "رويترز"، انفجاراً يستهدف عربة مدرعة لنقل الجنود وسط دوي طلقات نارية. وأظهرت مقاطع أخرى طائرة هليكوبتر عسكرية تطلق صاروخاً وقنابل حرارية.
وقالت وسائل إعلام إسرائيلية إن استخدام طائرات الهليكوبتر العسكرية هو الأول منذ 20 عاماً في الضفة الغربية. ولم يرد الجيش الإسرائيلي بعد على سؤال عن آخر مرة استخدم فيها الطائرات هناك.
وقال متحدث باسم الجيش إن طائرة هليكوبتر من طراز "أباتشي" أطلقت النار في منطقة مفتوحة لصد مسلحين خلال نقل مصابين من المدرعة بعد استهدافها. وأضاف "نعلم بوقوع عدد كبير من الإصابات المباشرة بين الفلسطينيين".
وقال مسؤول في حركة "الجهاد الإسلامي" إن استخدام الطائرات من جانب الجيش الإسرائيلي سيدفع "مجاهدينا إلى استخدام وسائل سيتفاجأ بها العدو". وقال مسؤول في حركة "فتح" إن نشطاء من مدينتي نابلس وطولكرم المجاورتين وصلوا إلى جنين لدعم المقاتلين هناك.
"لا تنازل"
قالت وزارة الصحة الفلسطينية إن من بين القتلى قاصراً عمره 15 سنة يدعى أحمد صقر. وأعلنت "الجهاد الإسلامي" أن ثلاثة من القتلى من عناصرها. وقالت الوزارة إن 91 فلسطينياً آخرين أصيبوا، بينهم 23 في حالة حرجة.
وقال صحافيون فلسطينيون إن قوات إسرائيلية أطلقت عليهم النار خلال العملية على رغم من ارتدائهم سترات زرقاء تشير إلى أنهم صحافيون. وأظهر مقطع مصورين صحافيين وهم يختبئون على سطح أحد المنازل، وقال أحدهم إن قناصة إسرائيليين استهدفوهم.
وقال رئيس الهلال الأحمر في جنين محمود السعدي لـ"رويترز" إن فرقاً طبية تابعة للهلال الأحمر تعرضت لنيران إسرائيلية في أثناء نقل الجرحى، مما ألحق أضراراً بسيارتي إسعاف.
ونفى الجيش الإسرائيلي علمه بوقوع أي إطلاق نار على مسعفين أو صحافيين، مشيراً إلى أن الحادثة قيد المراجعة.
وقال في بيان "الجيش الإسرائيلي لا يطلق النار على أفراد غير ضالعين في أعمال عنف، ولا يستخدم الذخيرة الحية سوى بعد استنفاد جميع الخيارات الأخرى".
وإلى جانب "الجهاد الإسلامي"، قالت حركة "حماس" التي تحكم قطاع غزة إن عدداً من نشطائها شاركوا أيضاً في الاشتباكات.
وبحلول عصر أمس، قال الجيش الإسرائيلي إن جميع قواته غادرت المدينة، التي شهدت تنفيذ جنود إسرائيليين عملية كبيرة في يناير (كانون الثاني) أدت إلى مقتل تسعة فلسطينيين وتبادل إطلاق النار لفترة قصيرة عبر الحدود مع غزة.
وقال المنسق الخاص للأمم المتحدة لعملية السلام في الشرق الأوسط تور وينسلاند إن مثل هذا التصعيد الذي حدث في جنين يهدد بإحداث أزمة كبيرة في المنطقة، ودعا الجانبين للمشاركة من جديد في مسار سياسي. غير أن وزير الدفاع يوآف جالانت قال إن إسرائيل ستستخدم كل الوسائل التي تراها ضرورية.
وقالت وزارة الخارجية الفلسطينية إن الفلسطينيين "سيواصلون الدفاع عن أنفسهم"، حيث "تتعرض منازلهم للقصف وأراضيهم للسرقة وأطفالهم للقتل".
وفي حادثة أخرى، مساء أمس الاثنين، قالت وزارة الصحة الفلسطينية إن زكريا الزعول (20 سنة) قتل بعد أن أطلقت القوات الإسرائيلية النار على رأسه في بلدة حوسان قرب بيت لحم. وذكرت وكالة الأنباء الفلسطينية (وفا) أن فلسطينيين في الأقل أصيبا بجروح في اشتباكات مع قوات إسرائيلية في المنطقة. ولم يرد بعد بيان مع الجيش.
وفي وقت سابق من المساء، قال الجيش الإسرائيلي إن مهاجمين اثنين صدموا جنوداً بسيارتهم عند نقطة تفتيش في شمال الضفة الغربية. وأضاف الجيش في بيان أن الجنود أطلقوا النار على المشتبه بهما وأصابوهما، وأصيب جنديان في الحادثة.
وقالت وزارة الصحة الفلسطينية إن شخصين أصيبا برصاص القوات الإسرائيلية، أحدهما في حالة حرجة، وصلا لتلقي العلاج في أحد مستشفيات جنين.