يترقّب مجتمع الأعمال المصري اجتماع لجنة السياسات النقدية بالبنك المركزي المصري في 22 أغسطس (آب) الحالي، وسط توقعات قوية تصبّ في مصلحة خفض أسعار الفائدة بعد تثبيتها لنحو 6 أشهر على مدار ثلاثة اجتماعات للجنة السياسة النقدية بالبنك المركزي، حيث تم تثبيت سعري عائد الإيداع والإقراض لليلة واحدة، وسعر العملية الرئيسة، عند مستوى 15.75٪ و16.75٪ و16.25٪ على الترتيب، وكذلك الإبقاء على سعر الائتمان والخصم عند مستوى 16.25٪. بينما كان آخر خفض في أسعار الفائدة بقيمة 100 نقطة أساس في فبراير (شباط) 2019.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
الأجواء متاحة بعد امتصاص الموجة التضخمية
التوقعات التي رجّحت تثبيت أسعار الفائدة في الاجتماع الأخير للجنة السياسة النقدية التابعة للبنك المركزي المصري ليلة الخميس 11 يوليو (تموز) الماضي كانت لها أسبابها، وكذلك فإن التوقعات بخفض أسعار الفائدة في الاجتماع المرتقب ليلة الخميس 22 أغسطس (آب) المقبل لها وجاهتها.
قال محمد ماهر، خبير بأسواق المال، لـ"اندبندنت عربية"، إن الأجواء متاحة تماما لخفض أسعار الفائدة، خصوصا مع امتصاص السوق لزيادة أسعار المحروقات التي اتخذت في يوليو (تموز) الماضي، مضيفا أن موجة خفض أسعار الفائدة تسود قرارات بنوك مركزية عدة حول العالم، وعلى رأسها المجلس الاحتياطي الفيدرالي الأميركي، الذي خفّض أسعار الفائدة بمقدار ربع نقطة مئوية نهاية شهر يوليو (تموز)، للمرة الأولى منذ عام 2008، وتلاه خفض البنوك المركزية بالسعودية والإمارات ودول خليجية أخرى أسعار الفائدة، وسبقتها دول آسيوية في هذا القرار.
دول خليجية تسير على النهج الأميركي
الأربعاء الماضي 31 يوليو (تموز)، خفّضت مؤسسة النقد العربي السعودي (البنك المركزي) أسعار الفائدة الرئيسة للحفاظ على الاستقرار النقدي في أعقاب قرار المجلس الاحتياطي الفيدرالي الأميركي (المركزي)، وهو القرار نفسه الذي اتخذه في اليوم ذاته مصرف الإمارات المركزي، بخفض أسعار فائدة إعادة الشراء (الريبو) بمقدار 25 نقطة أساس، بدءا من أول أغسطس (آب)، كما خفّض سعر الفائدة على شهادات الإيداع بمقدار 25 نقطة أساس، وعلى نفس النهج قرر مصرف البحرين المركزي، خفض سعر الفائدة الأساسي على ودائع الأسبوع الواحد بواقع 25 نقطة أساس، من 2.75%، إلى 2.50%.
وتوقع محمد أبو باشا، نائب رئيس قسم البحوث بالمجموعة المالية "هيرميس"، إقدام البنك المركزي المصري على خفض أسعار الفائدة بشكل شبه مؤكد، قائلا إن "كل التوقعات تصبّ في مصلحة خفض أسعار الفائدة خلال الفترة المقبلة".
وأضاف أبو باشا إننا في انتظار بيانات التضخم الخاصة بشهر يوليو (تموز) الحالي، ومن المتوقع صدورها خلال الأسبوع الحالي، والتي ستبين متوسط التضخم خلال الشهر الماضي، بخاصة بعد قرار زيادة أسعار المحروقات، مشيرا إلى أن غالبية خبراء أسواق المال يتوقعون خفض أسعار الفائدة عاجلا في الاجتماع المقبل للجنة السياسة النقدية بالبنك المركزي، أو آجلا في شهر سبتمبر (أيلول) المقبل على أقصى تقدير.
ووفقا لبيانات البنك المركزي المصري، بلغ معدل التضخم السنوي العام في شهر يونيو (حزيران) الماضي أدنى مستوى منذ أكثر من ثلاثة أعوام ليسجل 9.4% بالمدن المصرية.
قرار الخفض آتٍ لا محالة
وقال مصدر مسؤول بالبنك المركزي المصري، رفض ذكر اسمه، إن "الاتجاه العالمي لمعظم الدول يتكاتف على خفض الفائدة مع انخفاض معدل التضخم المتتالي تحت تأثير السياسة النقدية التقليدية التي استهدفت التضخم في الفترة الماضية، ومع الانخفاض الملحوظ في أسعار السلع الغذائية نتيجة انخفاض الدولار من ناحية وانخفاض القوة الشرائية الملحوظ من ناحية أخرى"، موضحا أن "تلك القراءات والعوامل والمؤشرات تقود البنك المركزي المصري في اجتماعه المقبل في 22 أغسطس (آب) إلى السير في نفس الاتجاه للسيطرة على معدل التضخم، علاوة على تحفيز الاقتصاد ودعم وتنشيط الأسواق نحو الاستثمار بدلا من الادّخار، قرار الخفض آت لا محالة".
وأكد بنك الاستثمار بلتون على توقعاته السابقة باتجاه البنك المركزي المصري إلى خفض أسعار الفائدة بنحو 100 نقطة أساس في الربع الثالث من عام 2019.
وأوضح "بلتون"، في مذكرة بحثية، أن توقعاته ترجع إلى أن ميزة تغيير سنة الأساس وارتفاع قيمة الجنيه تدعمان القراءات المنخفضة للتضخم حتى نهاية العام، في حين توقع أن تساعد قراءة التضخم المنخفضة في يونيو (حزيران) الماضي على الحدّ من الآثار التضخمية المتوقعة، ليصل متوسط قراءة التضخم في النصف الثاني من 2019 إلى 9%، مما يأتي ضمن نطاق مستهدف المركزي عند 9% (+/-3%) بحلول الربع الرابع من 2020.
مذكرة بحثية أخرى أصدرتها شركة" إتش سي" لتداول الأوراق المالية والاستثمار تسير في ركب التوقعات التي تميل إلى خفض أسعار الفائدة، حيث أكدت أن تحسين الظروف الاقتصادية والتراجع المتوقع لمعدلات التضخم مع تلاشي الأثر الكامل لخفض دعم الوقود ينبغي أن يمنح البنك المركزي المساحة الكافية لبدء دورة سريعة من التيسير النقدي.
وقالت المذكرة إننا "نتوقع الآن أن يسارع البنك المركزي في مخطط خفض أسعار الفائدة، مع احتمالية لخفض أسعار الفائدة بنحو 100- 200 نقطة أساس خلال النصف الثاني من 2019 قبل أن يخفضها بنحو 200- 300 نقطة أساس أخرى في عام 2020، لتلغي بذلك كل الزيادة في أسعار الفائدة التي تلت تعويم الجنيه والتي بلغت 700 نقطة أساس".
وأضافت المذكرة أنه "وفقا لأرقامنا، فإن ذلك قد يعني تراجع صافي هامش الفائدة في البنوك التي تشملها التغطية البحثية إلى 4.5%- 5.0% بحلول 2024، بدلا من 5.5%- 6.9% خلال 2018- 2017".
وكشفت "إتش سي" أن استطلاعا أجراه عدد من البنوك أظهر أن الشركات الخاصة تنتظر خفض أسعار الفائدة بنحو 300- 400 نقطة أساس حتى تستأنف الاقتراض لتمويل الإنفاق الرأسمالي.
معيار جديد يحدد متوسط سعر الفائدة بين البنوك
في سياق مواز، أطلق البنك المركزي المصري، الخميس الأول من أغسطس (آب) الماضي، معيارا جديدا لأسعار الفائدة خالية المخاطر لدعم تطوير أسواق المال المصرية لتكون أكثر كفاءة.
المعيار الجديد، والذي يعرف اختصارا بـ"CONIA"، يعكس أسعار الفائدة على المعاملات بين البنوك، والتي تكون خالية من المخاطر تقريبا، نظرا لأن آجالها قصيرة للغاية، ويمثل متوسط سعر الفائدة بين البنوك العاملة في القاهرة.
المعيار الجديد تم إعداده من خلال مجموعة اتصال سوق المال المصرية، والتي تضم البنك المركزي والبنوك المحلية بالتعاون مع البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية، وفقا لبيان أصدره البنك الأوروبي.
وأشار بيان "البنك الأوروبي" إلى أن المعيار الجديد يهدف إلى المساعدة على تطوير مجموعة أوسع من المنتجات للمشاركين في القطاع المالي وتحسين مرونة الأسواق المالية والاقتصاد بشكل عام.
"البنك الأوروبي"، بحسب ما جاء في البيان، أشاد بما حققه البنك المركزي المصري من تقدم ملحوظ لتعزيز نظامه المالي وتعميق أسواق رأس المال، مؤكدا أهمية خطوة إطلاق المعيار الجديد والتي ستزيد من كفاءة تحسين السوق، إذ تتماشى مع الاتجاه الدولي نحو تطوير معدلات فائدة خالية من المخاطر. وأوضح البنك أن المعيار الجديد هو انعكاس لأسعار الفائدة على المعاملات بين البنوك والتي تكون خالية من المخاطر تقريبا بسبب فترات ربحها القصيرة للغاية.
وقال رامي أبو النجا، وكيل محافظ البنك المركزي المصري لقطاع أسواق النقد والعلاقات الخارجية، إن إدخال المعيار الجديد يمثل إنجازا مهما لدعم إصلاح سوق المال وتوافقه مع رؤية إدارة البنك المركزي.
في المقابل قال أكسيل فان اندورفين، أمين صندوق البنك الأوروبي للإنشاء والتعمير، إن الآلية تعد إسهاما مهما في تطوير أسواق المال المصرية، مشيرا إلى أنه تم بالفعل وضع أسعار مماثلة خالية من المخاطر للعملات الرئيسة في دول أخرى، في مقدمتها إنجلترا.
وحول المعيار الجديد "CONIA"، قال وائل النحاس، خبير أسواق المال، إن تطبيق المعيار في مصر يعد خطوة جديدة في طريق الإصلاح المالي والنقدي، تعمل على تعميق أسواق النقد ورأس المال بمصر، كما تمهّد الطريق لدخول منتجات المشتقات المالية على الجنيه المصري للسوق مع تطور ونمو ونضج السوق.
وأضاف النحاس أن المعيار يهدف إلى الاسترشاد به فيما بعد في تسعير الإقراض، والعائد على سندات الشركات، مع نمو وتنشيط أسواق النقد والمال، مشيرا إلى أن معيار CONIA يساعد في خلق مؤشر معبر بصورة أكثر واقعية عن وضع السوق، بما يعكس مجرياته بشكل أسرع نظراً لحساسية تفاعلها مع كل ما يجري.