ملخص
عاد كارلوس غصن للظهور مجدداً عبر إقامة دعوى قضائية ضد شركة "نيسان" اليابانية مطالباً بتعويض ضخم على خلفية سجنه وطرده من عمله.
بعد ثلاثة أعوام ونصف العام على هربه من اليابان، عادت قضية رئيس تحالف "رينو - نيسان - ميتسوبيشي" كارلوس غصن إلى الواجهة من جديد، إذ شن هجوماً قضائياً معاكساً باتجاه اليابان التي سبق وأن أصدرت بحقه مذكرة حمراء من خلال الـ "إنتربول"، عبر دعوى قضائية يطالب فيها شركة صناعة السيارات "نيسان" بتعويض ضخم يتجاوز مليار دولار، على خلفية سجنه في اليابان عام 2018 وطرده من عمله والإساءة إليه وتلفيق التهم ضده بعد نحو 19 عاماً في خدمة الشركة.
وكانت اليابان أوقفت غصن في نوفمبر (تشرين الثاني) 2018 بتهم خيانة الأمانة وإساءة استخدام أصول الشركة لتحقيق مكاسب شخصية، وانتهاك القوانين اليابانية والتهرب من الضرائب، إلا أنه ردد أنه بريء أكثر من مرة، فيما تلقى لبنان ثلاثة إخطارات من الـ "إنتربول" بناء على مذكرات توقيف صدرت بحق غصن في اليابان وفرنسا.
مديرون وشركات
وفي تفاصيل الدعوى المقدمة من غصن والتي اطلعت عليها "اندبندنت عربية" في مكتب وكيل غصن القانوني المحامي كارلوس أبو جودة والمسجلة في النيابة العامة التمييزية اللبنانية تحت رقم 1089/م/2023 بتاريخ الـ 18 من مايو (أيار) 2023.
تضمنت ادعاء على 12 شخصية أبرزها المدير التنفيذي ورئيس مجلس إدارة "نيسان" هيروتو شيكاوى، ونائب رئيس مجلس الإدارة هاري نادى، إضافة إلى ثلاث شركات هي "نيسان" و"فوينوس إنفستمنت ش. م. ل" و"ليثم أند واتكينز".
ووفق الوكيل القانوني فإن "إحدى الشركتين تابعة لـ ’نيسان‘ والثانية شركة ساعدتها في هذه القضية وهي شركة محاماة أميركية، فيها محامون وبعضهم من قسم التحقيقات شاركوا بالمؤامرة لتوريط غصن، وأيضاً بيّن المدعى عليهم أشخاص لبنانيون وأجانب كانوا موجودين في بيروت وعليهم إثباتات باقتحام منزله من دون وجه حق، وبعضهم الآخر جاء قبل ذلك للتحضير للكمين الذي أقاموه، وكانوا على اتصال بآخرين موجودين في اليابان".
وبحسب المعلومات فقد تبلغ معظم المدعى عليهم بالدعوى بمن فيهم شركة "نيسان" التي تبلغت الإثنين الـ 19 من يونيو (حزيران) الجاري، وبات عليهم المثول شخصياً أو عبر وكلائهم أمام القضاء اللبناني في الجلسة التي حددها المدعي العام التمييزي اللبناني في الـ 18 من سبتمبر (أيلول) المقبل.
لبنان يلاحق يابانيين
ويؤكد وكيل غصن القانوني أنه في حال تغيب المدعى عليهم عن حضور الجلسات من دون مبرر قانوني، فللمدعي العام اللبناني الحق باتخاذ الإجراءات القانونية المناسبة ومن ضمنها الادعاء عليهم وإصدار مذكرات حمراء عبر الـ "إنتربول" الدولي لملاحقتهم وتوقيفهم.
ووفق الدعوى القضائية التي تتضمن أكثر من 60 صفحة، يتهم غصن المدعى عليهم بمجموعة من الانتهاكات القانونية وهي: "تأليف جمعية أشرار، واختلاق أدلة مادية على وقوع جرائم، والشهادة الكاذبة، وخرق حرمة المنزل، وسرقة مستندات وأجهزة، والتلاعب بنظام إلكتروني، وإفشاء أسرار، واعتراض رسائل إلكترونية، وإفشاء سرية الاستخبارات". وتشير الدعوى إلى أن تلك الجرائم والانتهاكات القانونية وقعت في لبنان واليابان وفرنسا والبرازيل وأميركا وهولندا.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
كذلك تتضمن الدعوى مطالبة بتعويضات مالية ناتجة من أضرار مباشرة وهي: "أجوره من شركة ’نيسان‘ عن ثماني سنوات بقيمة 160 مليون دولار، ومن شركة ’رينو‘ عن ثماني سنوات بقيمة 74.4 مليون دولار، ومن شركة ’ميتسوبيشي‘ عن ثماني سنوات بقيمة 17 مليون دولار، وأجور عن شركة NMBV عن ثماني سنوات بقيمة 54 مليون دولار، إضافة إلى 120 مليون دولار قيمة تقاعده من شركة "نيسان" و170 مليون دولار قيمة أسهم وحق حيازة أسهم إضافية، و30 مليون دولار نفقات قانونية، وكفالات بقيمة 15 مليون دولار، وكلفة علاقات إعلامية بقيمة خمسة ملايين دولار"، أي ما يعادل مجموعه 588 مليون دولار.
ويطالب غصن أيضاً شركة "نيسان" والسلطات اليابانية بضرر معنوي بقيمة 500 مليون دولار، وذلك نتيجة الأضرار المعنوية التي لحقت به، سواء لناحية تشويه سمعته أو الممارسات غير القانونية التي مورست عليه أثناء احتجازه في اليابان.
عدالة اليابان
وفي حديثه لـ "اندبندنت عربية"، اعتبر غصن أنه ضحية مؤامرة كبرى نسجها نافذون في شركة "نيسان" بالاشتراك مع القضاء الياباني، مؤكداً أنه يمتلك الأدلة الكافية لإثبات براءته من التهم المساقة ضده، مشيراً إلى أن "اليابانيين جردوه من كل شيء وصادروا كل الحواسيب التي كانت معه، كما أنهم دهموا منزله في لبنان من دون إذن قضائي ثم أطلعوا الفرنسيين على الملف وحرضوهم ضده".
وتوعد كل شخص شارك في ما وصفها بالمؤامرة ضده بدفع الثمن، متوقعاً انهيار شركة "نيسان" التي برأيه تخسر سنوياً نحو 4 مليارات دولار مقارنة بالنتائج التي حققتها الشركة إبان عهده، مرجحاً عدم قدرة القائمين على الشركة على إخراجها من المأزق.
وعن سبب انتظاره سنوات عدة قبل إقامة دعوى قضائية، أجاب بأنه عندما عاد للبنان بدأ بجمع الأدلة والوثائق التي لم تكن بحوزته حينها، كاشفاً عن صعوبات كبيرة واجهته للحصول على المستندات المطلوبة، وأن الملف كبير ويتضمن أسماء ومعطيات، معتبراً أن القضاء الياباني لا يحب الأجانب وأن توقيفه تم على اتهام واحد في شأن عدم تصريحه عن مبلغ لم يقبضه ولم يتقرر من مجلس الإدارة.
وأشار إلى أنه يثق بالقضاء اللبناني، موضحاً أنه لا يستطيع الذهاب إلى اليابان للادعاء هناك.
وأضاف، "أملي في القضاء الياباني ضعيف جداً، فاتجهت إلى القضاء اللبناني لأنه غير مسيس في قضيتي وليست لديه أية مصلحة، فأنا مواطن لبناني تعرض لمؤامرة، فليتم النظر فيها".
ولفت إلى أنه في حال عدم تمكن لبنان من تطبيق الحكم فعندها سيحاول في بلد ثان، قائلاً "ليس بإمكان أية شركة كبيرة أن تتهرب من تطبيق قرار قضائي، والتعاون الدولي يفرض ذلك".
تحقيق فرنسي
ومنذ أيام استجوب القضاء اللبناني غصن في بيروت بعد أن تسلم استنابة قضائية فرنسية للمطالبة بفتح تحقيق موسع في "قضية المليون دولار أميركي التي تتهم وزيرة العدل الفرنسية السابقة رشيدة داتي بأنها تلقتها من كارلوس غصن".
وتنفيذاً للاستنابة القضائية الفرنسية جرى استجواب غصن الإثنين، 19 يونيو الجاري، في قصر العدل ببيروت، وتحددت الجلسة بعد أن أصدر القضاء الفرنسي مذكرة توقيف دولية جديدة بحقه على خلفية اتهامه بتقديم مبلغ مليون دولار لرشيدة داتي عندما كانت عضواً في البرلمان الأوروبي، أي منذ نحو 10 سنوات تقريباً، على اعتبار أن الغاية من تقديم هذا المبلغ قد تكون للحصول على "منافع سياسية".
إلا أن غصن اعتبر أن الكلام عن رشاوى دفعها لوزيرة العدل الفرنسية السابقة "مسخرة"، وقال إنه "عندما كنت رئيساً تنفيذياً لشركة ’رينو‘ الفرنسية تم تعيينها سفيرة للشركة لدى الدول العربية كونها كانت تتحدث اللغة العربية، وذلك قبل أن تصبح وزيرة للعدل، لكن للأسف تم تلفيق تهمة الرشى بحجة أنها كانت تؤمن لي علاقات مع البرلمان الأوروبي كونها كانت نائبة فيه، وهذا أيضاً مجاف للحقيقة".
الهرب الكبير
وبالعودة للوراء وتحديداً في الـ 28 من ديسمبر (كانون الأول) عام 2019 حين عادت قصة هربه من اليابان للتداول، روى غصن أنه دخل صندوق لآلة موسيقية في الساعة الـ 10:30 في تلك الليلة، فيما كان من المقرر أن تقلع طائرته في الساعة الـ 11:00 مساء بتوقيت طوكيو.
وقال حينها، "كانت الخطة هي إخفاء وجهي ولذا يجب أن أختبئ في مكان ما، وكانت الطريقة الوحيدة أن أكون داخل صندوق أو داخل حقيبة أمتعة حتى لا يستطيع أحد رؤيتي، ولا يمكن لأحد التعرف عليّ، ويكتب للخطة النجاح".
وأضاف أن فكرة استخدام صندوق كبير يحتوي على آلات موسيقية "كانت أكثر منطقية، خصوصاً أنه في ذلك الوقت كانت اليابان تنظم كثيراً من الحفلات الموسيقية"، وكانت الخطة أن يبدو كل شيء عادياً ثم يتغير فجأة، إذ يقوم بالمشي أو ممارسة الرياضة والتسوق قبل بدء خطة الهرب.
ومن طوكيو سافر حينها بالقطار السريع إلى أوساكا حيث كانت طائرة خاصة تنتظره في مطار محلي للمغادرة، ونقل من الفندق إلى المطار بواسطة رجلين، الأب والابن مايكل وبيتر تايلور، اللذين كانا ينتحلان صفة موسيقيين.
وأقلعت الطائرة الخاصة في الوقت المحدد باتجاه تركيا حيث بدل الطائرة قبل أن يهبط في بيروت.
وبسبب عدم وجود اتفاق تسليم مجرمين بين لبنان واليابان فقد سمح لغصن بالبقاء، على رغم أن الولايات المتحدة سلمت مواطنيها الأميركيين، مايكل تيلور وابنه بيتر، منذ ذلك الوقت إلى اليابان، وهما يواجهان عقوبة السجن ثلاث سنوات بتهمة مساعدة غصن في الهرب.