ملخص
أكد وزير خارجية المغرب أن بلده "يتطلع إلى تنظيم القمة بداية الموسم السياسي المقبل"، في إشارة إلى موعد انطلاق الموسم التشريعي، فما دلالات تأجيلها؟
على أثر تأجيل قمة النقب الثانية للمرة الرابعة أشارت صحف إسرائيلية إلى أن دواعي تأجيل القمة التي كان مقرراً عقدها نهاية الشهر الجاري في المغرب مرتبطة هذه المرة بتزامنها مع عيد الأضحى، في حين أوضحت الرباط أن الأمر مرتبط بتطورات الصراع الإسرائيلي - الفلسطيني، بعد اعتداءات المستوطنين على قرى وبلدات فلسطينية عدة، مما أسفر عن مقتل سبعة فلسطينيين وإصابة العشرات، إضافة إلى حرق وتحطيم عدد من السيارات والمنازل.
وكانت القمة الأولى التي أقيمت في مدينة النقب مارس (آذار) 2022 شهدت مشاركة وزراء خارجية كل من الولايات المتحدة وإسرائيل ومصر والأردن والإمارات والبحرين والمغرب، وتم الاتفاق على جعلها قمة تنعقد بشكل سنوي.
دواعي التأجيل
قال وزير الخارجية المغربي ناصر بوريطة أمس الأول الجمعة "إن تأجيل القمة التي كان مرتقباً تنظيمها في المغرب جاء بسبب الأوضاع السياسية التي تشهدها المنطقة"، وهو أول تصريح رسمي مغربي بعد توالي الأخبار في الإعلام العبري عن تأجيل "قمة النقب 2" للمرة الرابعة.
وأوضح الوزير المغربي أن القمة "تحتاج إلى توافر شروط موضوعية كي تحقق أهدافها وبخاصة في ما يدعم الأمن والسلام بالمنطقة"، مضيفاً أنها "إطار للحوار السياسي الإقليمي والتعاون السياسي الذي يمكن أن يحمل حلولاً للوضع في الأراضي الفلسطينية، وأن يفضي إلى إيجابيات كثيرة".
وأكد بوريطة أن المغرب "ملتزم عقد اجتماعات النقب من أجل إحلال السلام والاستقرار في المنطقة"، مشيراً إلى أن بلده "يتطلع إلى تنظيم قمة النقب بداية الموسم السياسي المقبل"، في إشارة إلى موعد انطلاق الموسم التشريعي بالبلاد.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وأوضح الباحث في العلاقات الدولية هشام معتضد أن "أسباب تأجيل القمة مرتبطة أساساً بالأوضاع السياسية المتقلبة في إسرائيل من جهة، ورغبة كل من الرباط وواشنطن في تعديل رؤية القمة لتنسجم مع قيمها وتترجم روح ديناميكيتها السياسية".
أما الباحث محمد عطيف فيؤكد تمسك المغرب باستضافة قمة النقب الثانية، مشيراً إلى "غياب السياق السياسي لتحقيق النتائج المرجوة من هذه القمة حالياً، وذلك راجع إلى استمرار الاستفزازات الإسرائيلية ضد الشعب الفلسطيني، والمتمثلة في ممارسة الاستيطان والهجوم الأخير على مدينة جنين، الأمر الذي يؤكد رفض المملكة المغربية الدائم الممارسات الاستفزازية والأحادية الإسرائيلية التي تؤثر سلباً في تحقيق السلام".
من جهة أخرى أعلن وزير الخارجية المغربي استنكار بلاده للهجوم الإسرائيلي الأخير على مدينة جنين شمال الضفة الغربية، موضحاً أن المملكة تتابع بانشغال كبير التطورات المقلقة في الأراضي الفلسطينية، وتعلن تضامنها مع الشعب الفلسطيني، ورفضها قرار إسرائيل توسيع الاستيطان.
وقال الوزير "المغرب يرفض دائماً التصرفات الاستفزازية والأحادية التي تؤثر سلباً في فرص السلام وتقوض جهود تحقيقه"، مضيفاً أن "المملكة مؤمنة دائماً بالحوار وخلق الفرص المناسبة للتفاوض من أجل التوصل إلى دولتين تعيشان جنباً إلى جنب، وقيام دولة فلسطين على حدود 67 وعاصمتها القدس الشرقية".
من جانبه اعتبر رئيس "المرصد المغربي لمناهضة التطبيع" أحمد ويحمان، أن استضافة المغرب القمة هو نتيجة لإملاء اللوبي الصهيوني في الولايات المتحدة، مشيراً إلى رفض الشعب المغربي استضافة تلك القمة كونه يعتبر القضية الفلسطينية قضية وطنية.
تطلعات القمة
يوضح محللون أن الهدف من تلك القمة مرتبط بتحقيق التنمية والسلم بالمنطقة، إضافة إلى تقريب وجهات نظر الأطراف المشاركة، إذ أشار الباحث هشام معتضد إلى أن المبادرات المنتظرة من القمة تتعلق أساساً بتنزيل الرؤية المشتركة للدول بخصوص ملفات التنمية الإقليمية والدفاع المشترك والسلام.
ويضيف الباحث أن القمة تعتبر مناسبة لتقريب وجهات النظر بين الأطراف المشاركة من أجل توحيد الرؤى لمواجهة التحديات المشتركة، وكسب مختلف الرهانات في المنطقة، بخاصة تلك المرتبطة بالدفع بعجلة التنمية الاجتماعية والسوسيو- اقتصادية إلى مستويات تستجيب لتطلعات الشعوب.
وأوضح أن العراقيل السياسية ومدى التزام المواقف المتفق عليها من طرف بعض الدول المشاركة في القمة تأتي على رأس العوامل التي تسهم في تعطيل الديناميكية الفعالة التي يطمح إليها الراغبون في إنجاح هذا المشروع السياسي والاستراتيجي.
وتابع أن قمة النقب تعتبر آلية استراتيجية جد حيوية لمختلف المكونات في المنطقة وكذا للفاعلين الدوليين من أجل المساهمة في استتباب الأمن السياسي والاستقرار الشعبي بالمنطقة والحد من المواجهات القائمة والمحتملة، مشيراً إلى أن "الفكر السياسي للدول المعنية بالقمة سيواجه امتحاناً سياسياً ودبلوماسياً على جميع المستويات، لذلك فالانطواء السياسي والانزواء الدبلوماسي للدول الأعضاء من منطلق الحسابات الضيقة لن يسهم في تطبيق مقتضيات قمم النقب".
ويخلص الباحث إلى أن تلك القمم ستكون بمثابة قناطر فكرية للبحث عن بناء أرضية مشتركة للعمل الإقليمي من منطلق السعي إلى تحقيق أهداف استراتيجية تقي المنطقة الدخول في ارتدادات سياسية ومواجهات عسكرية.
من جهته يؤكد الباحث محمد عطيف أن القمة "ستشكل محطة للحوار وتخفيف التوتر، ومن خلالها يحاول المغرب أن يقرب بين وجهات نظر أطراف النزاع لإيجاد حل لهذا التوتر الذي طال أمده، وخلق جو مناسب للتفاوض بغية التوصل إلى حل الدولتين، وقيام دولة فلسطين على حدود 67 وعاصمتها القدس الشرقية".
وأوضح أن من أهم المواضيع التي يمكن مناقشتها في منتدى النقب الأمن الغذائي والمائي نتيجة التحولات التي شهدها العالم في هذا المجال بسبب الحرب الروسية - الأوكرانية والتغيرات المناخية، فضلاً عن تعزيز الأمن الإقليمي بما يكفل حقوق الفلسطينيين باعتبارهم جزءاً لا يتجزأ من منطقة الشرق الأوسط.