ملخص
وزارتا السياحة والداخلية تفاعلتا مع ما تعرضت له السائحة الأميركية من احتيال نشرت تفاصيله في مواقع التواصل وتوقيف المرشد والتحقيق معه.
عادت قضية الاحتيال على السائحين في المغرب إلى واجهة النقاش المجتمعي بعد واقعة الاحتيال الأخيرة التي تعرضت لها سائحة أميركية قبل أيام قليلة بمدينة فاس المغربية، إذ اشترت زربية عادية (نوع من فرش الأرضيات) بثمن باهظ، على اعتبار أنها تاريخية.
ويتبع مرشدون سياحيون غير نظاميين أو تجار أو سائقو سيارات أجرة أساليب مختلفة وطريفة بهدف النصب والاحتيال على عدد من السياح الأجانب الوافدين على البلاد، في الوقت الذي تواجه فيه وزارة السياحة المغربية هذه الآفة بصرامة وحزم.
زربية غير عادية
وفتحت السائحة الأميركية جرحاً جديداً في خاصرة السياحة المغربية بعد أن نشرت في موقع سياحي عالمي قصتها مع النصب الذي تعرضت له بمدينة فاس، داعية إلى عدم التعامل مع هذا النوع من المرشدين السياحيين.
وفطنت السائحة الأميركية متأخرة إلى أنها تعرضت لخداع كبير من طرف مرشد سياحي بعد أن حثها على شراء زربية عادية وبسيطة بمبلغ 200 ألف درهم (20 ألف دولار)، بينما هي لا تساوي في الواقع سوى سعر زهيد.
وتفاعلت وزارة السياحة المغربية بمعية وزارة الداخلية مع ما تعرضت له السائحة الأميركية التي أثارت ضجة في المواقع السياحية بعد واقعة الاحتيال التي وقعت في فخاخها، فتم توقيف هذا المرشد السياحي والتحقيق معه في شأن ما حصل.
واشتكى سائح فرنسي أيضاً قبل فترة قصيرة من وقوعه ضحية احتيال بعد أن دفع مقابل طاجين (طبق مغربي) بمدينة فاس العتيقة مبلغ 2000 درهم (200 دولار)، وهو مبلغ كبير لا يناسب أسعار الطاجين المتداولة في المطاعم، كما أنه اقتنى معطفاً جلدياً بسعر خمسة آلاف درهم (500 دولار)، قبل أن يفطن السائح الأجنبي إلى أن السترة الجلدية لا تستحق كل ذلك الثمن الباهظ.
سلهام النبي؟
ومن صور وأساليب النصب السياحي الأخرى التي تم تداولها في المغرب، ونشرت تفاصيلها وسائل الإعلام المغربية، استغلال سذاجة بعض السياح الأجانب ورغبتهم في حيازة أي شيء أثري ذي نفحة تاريخية، الشيء الذي يعرضهم للنصب السياحي.
وهناك قصة مشهورة في هذا السياق حصلت منذ سنوات في ساحة جامع الفنا بمدينة مراكش، تتعلق بسلهام قديم (لباس تقليدي أمازيغي مغربي ويسمى أيضاً البرنص أو البرنوص) باعه تاجر لمجموعة من السياح البريطانيين، على أساس أنه سلهام كان يلبسه النبي محمد عليه الصلاة والسلام، فصدق السياح كلام البائع المحتال، ومنحوه مبلغاً مالياً ضخماً، قبل أن يدركوا ما تعرضوا له من احتيال كبير بعد عودتهم إلى بلادهم وتأكدهم من كون السلهام لباساً عادياً ولا علاقة له بالنبي.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
الشيء نفسه حدث أكثر من مرة عندما يبيع تاجر أو حتى مرشد سياحي غير مرخص له بمزاولة المهنة، أثاثاً أو زربية أو وسادة على أنها أشياء تاريخية تعود إلى مئات السنوات، فيعتقد السائح أنه سيمتلك كنزاً تاريخياً ليكتشف أنه وقع ضحية نصب واحتيال.
ونشرت صحف مغربية منذ فترة قصة السائح الأجنبي الذي اشترى بدوره زرابي قديمة بيعت له على أنها زرابي تعود ملكيتها الأصلية إلى القائد التاريخي طارق بن زياد فاتح الأندلس، فلم تمر فترة حتى اكتشف الحيلة التي انطلت عليه.
أساليب الاحتيال
ويسرد أحمد حاجي، مرشد سياحي مرخص له، بعض أساليب الاحتيال السياحي التي ترتكز على خداع السائح الأجنبي، خصوصاً في ما يتعلق بما هو تاريخي وتراثي، وكل ما يتعلق بالبازارات والأشياء القديمة والعتيقة التي تجذب السياح كثيراً.
وأوضح المرشد السياحي أن هناك محتالين يترصدون خطوات السائح الأجنبي الذي يختار التجول في أسواق المدينة وحواريها، ليحاول إقناعه بوجود أثاث أو زرابي أو ملابس أو كراسي قديمة وتاريخية امتلكها فلان أو فلان من الشخصيات التاريخية الإسلامية على وجه الخصوص.
وأردف المتحدث ذاته بأنه "للأسف تنطلي الحيلة أو الاحتيال على السائح الأجنبي الذي لا يكلف نفسه السؤال أو التأكد من قيمة ما اشتراه بثمن غال، حتى يذهب إلى بلده، أو يعود متأخراً إما إلى المرشد المزيف الذي لا يجد السائح الضحية له أثراً، أو إلى محل البائع الذي عادة ما ينكر أنه باع له شيئاً من قبل".
وأكمل المتحدث أنه "بحكم تجربتي في هذا المجال سمعت عن عدد من المحتالين، مرشدين غير نظاميين وباعة وتجار، يأخذون زربية عادية بثمن زهيد، ويتم سكب زيت الزيتون عليها، وتترك تحت أشعة الشمس بضعة أيام، ثم تغسل وتجف لتصبح مثل زربية أثرية، فيتم بيعها بثمن باهظ وتنطلي الحيلة على السائح الأجنبي الذي يبحث عن كل ما هو أثري وتاريخي مبهر".
الأمر نفسه يقع بالنسبة إلى الأواني الخزفية والنحاسية التي يتم بيعها للسائح الأجنبي على أنها أوان أثرية قديمة، بينما هي فقط أوان عادية تعرضت لتحسينات وترميمات ببعض المواد التي تظهرها كأنها أوان تعود إلى أزمان ساحقة.
مراقبة السلطات
ولمواجهة ظاهرة الاحتيال السياحي، تباشر السلطات مراقبة المرشدين السياحيين والتجار الذين يتخصصون في بيع "البازارات" داخل المدن العتيقة على وجه الخصوص، لكونها تجلب إليها السياح الأجانب بشكل أكبر.
يقول في هذا الصدد صلاح الدين عطاش، فاعل سياحي بمدينة أغادير، إن السلطات تؤدي دورها وفق المستطاع لمراقبة المرشدين السياحيين، إذ تمنح بطاقات مهنية لهذه الفئة المعترف بها قانونياً، وتسحبها منهم في حالة الإخلال بمقتضيات المهنة وشرفها.
وتابع المتحدث بأنه في حالة المرشدين السياحيين غير النظاميين الذين يشتغلون في هذه المهنة من دون رخصة قانونية فإنهم يتعرضون عند ضبطهم للتوقيف بتهمة انتحال صفة منظمة من طرف القانون.
وشدد الفاعل السياحي على أن "قصص الاحتيال على السياح الأجانب تؤثر سلباً في القطاع السياحي بالمغرب، خصوصاً أنه بالكاد يعرف انتعاشة بعد الأزمة التي تعرض لها القطاع إبان إغلاقات جائحة كورونا"، لافتاً إلى أن هذه الحالات تظل استثنائية ولكنها تنتشر بسرعة بسبب مواقع التواصل، لكن الأصل والقاعدة هو التعامل مع السائح الأجنبي على أنه ضيف يستحق الترحيب والمعاملة الجيدة وضمان حقوقه وأمنه السياحي حتى يعود من جديد إلى بلاده، أو يروج بنفسه للمنتج السياحي المغربي.