ملخص
السلطة الفلسطينية "ليست شركة لكي تعلن إفلاسها والدول لا تعلن إفلاسها"
لم يمض أسبوع على تحذير مسؤول أمني إسرائيلي من احتمال انهيار السلطة الفلسطينية، حتى سرب مسؤولون إسرائيليون تقارير نفاها الفلسطينيون بشدة عن دراسة الحكومة الفلسطينية إعلان إفلاسها بسبب أزمتها المالية، وتأتي هذه التصريحات في ظل صراع بين وزراء الحكومة الإسرائيلية حول جدوى وجود السلطة الفلسطينية ودعوات بين بعض وزرائها المتطرفين إلى حلها بدعوى "دعمها للإرهاب"، ما دفع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إلى حسم هذا الجدل باعتبار أن وجود السلطة الفلسطينية "مصلحة إسرائيلية"، وأن تل أبيب "لن تسمح بانهيارها ولا تريد لها ذلك". وأكد نتنياهو خلال رده على أسئلة لجنة برلمانية إسرائيلية أن تل أبيب "مستعدة لمساعدة السلطة الفلسطينية من الناحية الاقتصادية"، لكنه شدد على "رفضه التام قيام دولة فلسطينية مستقلة".
الدول لا تعلن إفلاسها
ونفى عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية وزير التنمية الاجتماعية أحمد مجدلاني وجود أي بحث فلسطيني لإعلان السلطة الفلسطينية إفلاسها، واصفاً التقارير الإسرائيلية في شأن ذلك بأنها "كاذبة وملفقة من وزراء في حكومة نتنياهو". وقال مجدلاني إن "تلك التقارير تعبر عن إفلاس حكومة نتنياهو السياسي" مشدداً على أن السلطة الفلسطينية "ليست شركة لكي تعلن إفلاسها والدول لا تعلن إفلاسها". وأشار إلى وجود رأيين في الحكومة الإسرائيلية حول مصير السلطة الفلسطينية، الأول يدعو إلى بقائها من دون أن يؤدي ذلك إلى تأسيس دولة مستقلة، والثاني يطالب بتقويضها وإنهائها، وأوضح أن "وزيري المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش والأمن القومي إيتمار بن غفير يتبنيان الرأي الثاني ويعملان على تطبيقه على الأرض".
التنسيق الأمني
لكن المؤسسة الأمنية الإسرائيلية، وعلى رأسها وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت، تسعى إلى الحفاظ على السلطة الفلسطينية من خلال استمرار التنسيق الأمني معها بهدف استعادة الهدوء في الضفة الغربية.
وقبيل عطلة عيد الأضحى، أجرى غالانت اتصالاً هاتفياً بأمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية حسين الشيخ، في خطوة هي الأولى من نوعها في ظل حكومة نتنياهو الجديدة، وبحث الجانبان آخر التطورات الأمنية بخاصة شمال الضفة الغربية والحاجة إلى العمل المشترك لـتهدئة الأوضاع. وشدد غالانت على أن الجيش الإسرائيلي سيعمل على "إحباط العمليات في جميع مناطق الضفة من دون قيود"، وذلك في ظل مطالبة فلسطينية لإسرائيل بالكف عن اقتحام المدن والقرى الفلسطينية.
"بؤر الإرهاب"
وفي حين دعا غالانت السلطة الفلسطينية إلى العمل ضد ما سماها "بؤر الإرهاب" في الضفة الغربية، شدد الشيخ على أن دور السلطة الفلسطينية هو "إنجاز المشروع الوطني الفلسطيني في الحرية والاستقلال وحماية الشعب الفلسطيني".
وتشهد الضفة الغربية تصاعداً حاداً في التوتر والعنف، وقتل الجيش الإسرائيلي أكثر من 180 فلسطينياً منذ بداية العام الحالي في ظل تصاعد الهجمات الفلسطينية ضد المستوطنين وقوات الجيش الإسرائيلي إذ قتل خلالها نحو 28 إسرائيلياً.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وحذر رئيس جهاز الأمن الإسرائيلي العام "الشاباك" رونين بار من "انهيار السلطة الفلسطينية بعد "فقدانها سيطرتها على العديد من المناطق شمال الضفة الغربية". وأشار خلال لقائه مسؤولين في الأمم المتحدة والإدارة الأميركية إلى أن هذا الوضع "يحتم على الجيش الإسرائيلي التحرك هناك"، مضيفاً أن "ضعف السلطة الفلسطينية وعدم قدرتها على السيطرة على شمالي الضفة الغربية يدفع الجيش الإسرائيلي إلى العمل بقوة أكبر تجاه هذه المناطق".
الحل السياسي
ورد الشيخ على كلام بار قائلاً إن "مشكلة الشعب الفلسطيني المركزية هي "بقاء الاحتلال ولا خيار إلا الحل السياسي الذي ينهي الاحتلال ويقيم الدولة الفلسطينية المستقلة".
ومن المقرر أن تجتمع القيادة الفلسطينية بعد عطلة عيد الأضحى لدراسة الأوضاع واتخاذ قرارات "رداً على العدوان الإسرائيلي وتصاعد الاستيطان"، في ظل ضغوط أميركية على الجانبين للامتناع عن الإجراءات الأحادية وفق الشيخ.
الاجتماع الخماسي
ويرفض الرئيس الفلسطيني محمود عباس المشاركة في الاجتماع الخماسي الثالث من نوعه الذي يضم إلى جانب السلطة الفلسطينية إسرائيل ومصر والأردن والولايات المتحدة، وكانت هذه الدول اجتمعت مرتين خلال الأشهر الماضية في محاولة لتهدئة الأوضاع وتقوية السلطة الفلسطينية، لكن من دون أن يؤدي الاجتماعان إلى إجراءات ملموسة على الأرض.
في الأثناء، رأى المتخصص في الشأن الإسرائيلي عصمت منصور أن تصريح نتنياهو بعدم السماح بانهيار السلطة الفلسطينية يهدف إلى "وضع خطوط حمراء لشركائه في الحكومة الإسرائيلية من اليمين في محاولة للجمهم". وتابع أن "هذه التصريحات تهدف إلى استرضاء الإدارة الأميركية والأوروبيين الذين يضغطون لتهدئة الأوضاع والحفاظ على السلطة الفلسطينية قوية"، وأوضح منصور أن نتنياهو في "ظل رفضه قيام دولة فلسطينية وعمله على منع ذلك، حريص على بقاء السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية، وحكم حركة حماس قطاع غزة باعتبار الأمر مصلحة استراتيجية لها". وأشار إلى أن "نتنياهو لن يتخذ أي خطوات تؤدي إلى انهيار السلطة الفلسطينية مثل ضم الضفة الغربية".
سيئ للغاية
واعتبر المحلل السياسي الإسرائيلي شلومو غانور أن الوضع الاقتصادي للسلطة الفلسطينية سيئ للغاية بسبب تدني حجم المساعدات الخارجية، مشيراً إلى أن تل أبيب تدعم بقاء السلطة الفلسطينية وعدم انهيارها باعتبار ذلك مصلحة لها واستجابة لضغوط أميركية وأوروبية. ورأى غانور أن وجود عناصر متطرفة في الحكومة الإسرائيلية، وتشتت الفلسطينيين وتنافسهم على السلطة يمنعان "إقامة دولة فلسطينية"، لذلك "فالمخرج هو منح الفلسطينيين حكماً ذاتياً واسعاً في الضفة الغربية على أن تحتفظ إسرائيل بسيطرتها الأمنية عليها"، وبحسب غانور أيضاً، فإن "السلام الاقتصادي" هو الحل بعد وصول اتفاقية "أوسلو" بعد 30 سنة إلى "نهاية الطريق"، مشيراً إلى أن "الحكم الذاتي هو السبيل الوحيد". وأشار إلى أن عمل عشرات آلاف الفلسطينيين في إسرائيل يسهم بشكل كبير في دعم الاقتصاد الفلسطيني.
وتقتطع إسرائيل نحو 800 مليون دولار منذ ثلاث سنوات من أموال المقاصة الفلسطينية التي تجبيها لصالح الفلسطينيين، وأدت هذه الخطوة، إضافة إلى تدني المساعدات الخارجية للسلطة الفلسطينية لأقل من 10 في المئة إلى عجزها عن دفع رواتب موظفيها كاملة منذ نحو سنتين، ولذلك، فإن الحكومة الفلسطينية أقرت موازنة طوارئ بقيمة 5.38 مليار دولار.