Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

من هو لوكاشينكو الذي أنقذ بوتين في اللحظة المناسبة؟

الرئيس البيلاروسي نجح في وقف تمرد "فاغنر" وعزز مكانته لدى الكرملين والعالم

ملخص

من خلال دوره في إقناع يفغيني بريغوجين بوقف تمرد "فاغنر" ضد موسكو ينضم الرئيس البيلاروسي ألكسندر لوكاشينكو إلى صفوف كبار الروس الذين يتنافسون للحصول على رضا فلاديمير بوتين.

عندما انقلب يفغيني بريغوجين زعيم جماعة "فاغنر" شبه العسكرية ضد حليفه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وذهب بقواته للسيطرة على بعض المناطق الروسية قبل أقل من أسبوعين، كان الرئيس البيلاروسي ألكسندر لوكاشينكو الشخص الذي استطاع إنهاء التمرد سريعاً متوسطاً بين الكرملين وبريغوجين الذي أنهى مسيرته العسكرية نحو موسكو ووافق على الانتقال إلى مينسك، مما وضع سريعاً نهاية لسيناريو فوضى محتملة في واحدة من القوى الدولية الكبرى.

ديكتاتور بنظر الأوروبيين

يصف الأوروبيون لوكاشينكو بأنه "آخر ديكتاتور في أوروبا" حيث يحكم بلاده منذ ما يقرب من29  عاماً عندما تم انتخابه رئيساً للبلاد بعد ثلاث سنوات فقط من استقلالها عن الاتحاد السوفياتي، وبدأ فترة رئاسته السادسة بعد الانتخابات الرئاسية البيلاروسية المثيرة للجدل في أغسطس (آب) 2020، وهي الانتخابات التي اعتبرتها الدول الغربية مزورة بعد أن خرج مئات الآلاف من البيلاروسيين إلى الشوارع للاحتجاج على محاولات لوكاشينكو للتمسك بالسلطة.

يدين لوكاشينكو ببقائه السياسي لبوتين، فوسط حالة اضطرابات التي عمت البلاد بعد انتخابات 2020، سارع الرئيس الروسي لإنقاذ حليفه عارضاً تزويده بالدعم العسكري، لذا فإن دعم لوكاشينكو للغزو الروسي لأوكرانيا جاء في إطار علاقة تحالف ومنفعة متبادلة للبقاء على أنظمتهم بالداخل، تلك الأنظمة التي يقول مراقبون غربيون إنها تتمسك بعديد من بقايا الحقبة السوفياتية من الرمزية الشيوعية والإرهاب السياسي حتى الاقتصاد الذي تسيطر عليه الدولة، وأيد لوكاشينكو نفسه محاولة انقلابية فاشلة ضد الزعيم السوفياتي التحرري السابق ميخائيل غورباتشوف في عام 1991، وانحاز إلى المتشددين الشيوعيين الذين روجوا أيضاً لنموذجه الاقتصادي.

علاقات متوترة

في عام 1999، ضم لوكاشينكو الذي خدم ضمن قوات الحدود السوفياتية في سبعينيات القرن الماضي، بيلاروس في اتحاد مع روسيا تحت اسم "دولة الاتحاد" وغالباً ما كان يتحدث عن وطنهما الأم المشترك مع تأكيد حماية سيادة بلاده.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

يرتبط الغرب بعلاقة متوترة مع رئيس بيلاروس منذ أن فرض الاتحاد الأوروبي عقوبات على بلاده لأول مرة احتجاجاً على تعديلاته للدستور التي تعزز قبضته على السلطة في عام 1996، وفي عام 2020 عندما سحق التظاهرات المؤيدة للديمقراطية، ردت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي بمزيد من العقوبات، التي تم تعزيزها بعد عام عندما أجبرت مينسك طائرة "ريان إير" على الهبوط في بيلاروس من أجل احتجاز ناشط مناهض للوكاشينكو على متنها، وبعد بضعة أشهر اتهم الاتحاد الأوروبي بيلاروس بتدبير حرب مختلطة من خلال جذب المهاجرين الأفارقة والشرق أوسطيين إلى حدودها مع بولندا ومساعدتهم على العبور داخل أوروبا.

وصف لوكاشينكو في إحدى البرقيات الدبلوماسية الأميركية التي نشرها موقع "ويكيليكس" بأنه "غريب الأطوار"، وخلال جائحة "كوفيد-19" أثار الجدل عندما نصح المواطنين بتجنب العدوى بالفيروس عن طريق شرب الفودكا وأخذ حمامات الساونا والعمل في الحقول المفتوحة، قائلاً "الجرار سيشفي الجميع".

وسيط مخلص

الدور الذي لعبه لوكاشينكو (68 سنة) في قمع تمرد بريغوجين وظهوره المتكرر بجانب بوتين منذ بدء حملته العسكرية على أوكرانيا، جعله محط أنظار العالم، فالحليف الأقرب إلى الرئيس الروسي كان يوصف قبلاً بعروسة ماريونيت تخضع لسيطرة بوتين. وتقول المحللة البيلاروسية لدى صندوق مارشال الألماني وهو مركز أبحاث أوروبي، مارينا رخلي "لم يكن أحد ليضع اسم لوكاشينكو في قائمة الأشخاص الذين يمكن أن يكونوا الوسيط في نزاع روسي، هذا أمر لا يصدق"، مشيرة إلى أن رئيس بيلاروس أصبح قادراً على تصوير نفسه على أنه ممثل مستقل يمكنه تسوية المشكلات على المستوى الإقليمي، "لكن الحقيقة هي أنه أصبح معتمداً تماماً على روسيا لدرجة أنني لا أستطيع إلا أن أعتقد أن بوتين طلب منه هذه الخدمة وأراده أن يفعل ذلك كحمامة السلام البيضاء".

في خطاب مطول، الثلاثاء الماضي، وصف لوكاشينكو، يفغيني بأنه "مندفع للغاية ووقح"، مشيراً إلى أن زعيم جماعة "فاغنر" وافق على التراجع عن التمرد بعد أن أخبره رئيس بيلاروس أن بوتين سيسحقه "مثل حشرة". وأشار إلى أن فلاديمير مستعد لقتل بريغوجين من دون التحدث له، قائلاً "لقد اقترحت ألا يتسرع بوتين في القيام بذلك، وأن أتحدث مع بريغوجين ومع قادته".

قدرة تفاوضية

يقول زميل مؤسسة كارنيغي للسلام الدولي في واشنطن، ماكسيم ساموروكوف، إنه من خلال حل أزمة داخلية روسية، ينضم الزعيم البيلاروسي إلى صفوف كبار الروس الذين يتنافسون للحصول على رضا بوتين بالقضاء على المشكلات المزعجة التي يمكن أن تصرف انتباه الرئيس عن مكائده الجيوسياسية عالية المخاطر.

ويضيف ساموروكوف أن الإعلان غير المتوقع عن تنحي بريغوجين مقابل عرض لوكاشينكو بالمرور الآمن إلى بيلاروس عزز أوراق الاعتماد الدبلوماسية للزعيم البيلاروسي، إذ إن تدخله في الوقت المناسب لم ينقذ روسيا من الانزلاق إلى حرب أهلية فحسب، بل أنقذ العالم بأسره أيضاً من اضطرابات لا يمكن التنبؤ بها في بلد تمثل واحدة من القوى النووية الرئيسة في العالم.

ومع ذلك، يستبعد ساموروكوف أن يغير ذلك شيئاً من موقع لوكاشينكو على الصعيد الدولي. ويقول "إذا كان (الرئيس البيلاروسي) يعتقد أن موسكو وكييف وواشنطن وبروكسل ستعيد تصنيفه الآن كشريك ووسيط قيم، فإنه سيصاب بخيبة أمل"، فعلى رغم أن لوكاشينكو ظهر بشكل بارز في الجهود السابقة لحل النزاع الروسي-الأوكراني حول دونباس في عام 2015، فإن الوضع في الوقت الحاضر مختلف تماماً. فالغرب لن يولي اهتماماً للمهارات التفاوضية للزعيم البيلاروسي، بالنظر إلى أنه سمح للقوات الروسية بدخول أوكرانيا عبر أراضيه وهو الآن يحرض موسكو على التصعيد النووي من خلال استضافة رؤوس حربية نووية روسية.

تبعية روسية

خلال الحرب الروسية على أوكرانيا، كان لوكاشينكو حليفاً مخلصاً لبوتين، مما سمح لروسيا بإطلاق الصواريخ على البلاد من الأراضي البيلاروسية، فبعد الإعلان عن السماح لروسيا بوضع أسلحة نووية في بيلاروس، خلص عديد من المراقبين إلى أن هذه علامة أخرى على أن بيلاروس أصبحت دولة "تابعة" لروسيا.

ويقول المراقبون، إن نجاح لوكاشينكو سيعزز بلا شك مكانته مع بوتين والتأثير داخل النظام والعلاقات داخل موسكو وما إلى ذلك، لكن كل هذه الأمور مهمة فقط داخل روسيا أو "العالم الروسي"، وليس على الصعيد الأوسع نحو أوروبا والعالم الغربي.

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير