Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

أين تحدث أعمال الشغب في فرنسا ولماذا؟

إطلاق النار على مراهق عمره 17 سنة أثار الغضب في عدد من المدن

ملخص

تحرك غضب جماهيري واسع إثر إقدام شرطي فرنسي على قتل الشاب نائل. واندلعت احتجاجات شعبية تحولت إلى أعمال شغب تخللها نهب محال وإشعال نار في مؤسسات عامة وخاصة.

عانت فرنسا ليلة سادسة من العنف عقب عطلة أسبوع حافلة بالمشاعر المتوترة إذ تجمّع محزونون للمشاركة في جنازة المراهق الذي أدى مقتله على يد البوليس إلى إشعال اضطرابات واسعة في البلاد.

ووُرِيَ نائل مرزوق جدث الرحمة في ضاحية نانتير الباريسية التي شهدت مصرع المراهق البالغ من العمر 17 سنة على يد ضابط شرطة عند نقطة توقف مروري يوم الثلاثاء، ما أثار أياماً من الصدامات العنيفة.

واعتقل أكثر من 700 شخص في أنحاء البلاد كلها عقب الجنازة التي جرت يوم السبت، فيما أطلق البوليس الغاز المسيل للدموع وخاض معارك شوارع مع محتجين استمرت حتى ساعة متأخرة من الليل في مرسيليا. ووفق وزارة الداخلية، فقد اعتُقِل 78 شخصاً في أنحاء البلاد كلها يوم الأحد، ما يعتبر انخفاضاً حاداً عن عدد المعتقلين خلال الساعات الـ24 الماضية الذي فاق الـ3000 شخص.

ولاحقاً، أخبرت رئيسة الوزراء الفرنسية إليزابيث بورن صحافيين خلال زيارة لضاحية في باريس، أن "الأولوية تتمثل في ضمان الوحدة الوطنية والسبيل لتحقيق ذلك يتجسد باستعادة النظام".

 

ماذا حدث أثناء إطلاق النار؟

ووفق جهات ادعاء قانوني، فإن الشاب البالغ من العمر 17 سنة الذي عرف باسم نائل. م قاد سيارة صباح الثلاثاء حينما أمر بالتوقف بسبب خرقه قواعد المرور. وكان المراهق أصغر سناً من أن يحمل رخصة قيادة كاملة في فرنسا.

وذكرت الشرطة في بادئ الأمر أن أحد الضباط أطلق النار على المراهق لأنه قاد سيارته نحوه، لكن ذلك المسرد عن الحوادث سرعان ما تعارض مع مقطع فيديو جرى تداوله على وسائل التواصل الاجتماعي.

وبحسب ما ذكر المدعي العام في نانتير، الخميس الماضي، فإن إفادات لشهود ولقطات فيديو التقطتها كاميرات مراقبة ولقطات فيديو التقطها هواة وإفادات من عروض للشرطة، استعملت بهدف تجميع الجدول الزمني للحوادث بدءاً من صباح الثلاثاء.

وأكد باسكال براش أن شرطيين دراجين لاحظا سيارة من طراز "مرسيدس"، بسائق شاب وراكبين، تسير بسرعة في مسار مخصص للحافلات في الساعة 7:55 صباح الثلاثاء.

وحاولت الشرطة مرتين الإشارة إلى السيارة للتوقف والركن، لكن السائق استمر في القيادة، ثم طارد الشرطيان السيارة.

واضطرت المرسيدس إلى التوقف عند إشارة مرور، وعند هذه النقطة طلبت الشرطة من السائق إيقاف المحرك والخروج من السيارة.

وقد أفاد ضابطا الشرطة بأنهما سحبا سلاحيهما ووجهاهما نحو السائق بغية منعه من الإقلاع بالسيارة، ومع ذلك، انطلق السائق بالفعل بالسيارة، وعند هذه النقطة قرر ضابطا الشرطة إطلاق النار.

واخترقت رصاصة السائق عبر ذراعه وصدره، واصطدمت السيارة بشيء. وهرب أحد الراكبين. واستدعي رجال إطفاء إلى مكان الحادثة عند الساعة 8:21 صباحاً. وقدموا الإسعافات الأولية إلى السائق، لكن من دون طائل. وكذلك أورد الضابط الذي أطلق رصاصة واحدة أنه أراد منع السيارة من المغادرة لأنه كان يخشى أن تصدم السيارة شخصاً ما، بما في ذلك شخصه أو زميله، وفق السيد براش.

ويواجه ضابط الشرطة تهماً أولية بالقتل الطوعي بإطلاقه النار على نائل.

وبناءً على تحقيق أولي أوضح المدعي العام السيد براش أنه خلص إلى أن "شروط الاستخدام القانوني للسلاح لم تكن مستوفاة".

 

كيف بدأت أعمال الشغب؟

يتحدر نائل من أصل شمال أفريقي، وعزز الحادثة شكاوى قديمة لجماعات حقوقية تتمحور حول عنف الشرطة والعنصرية الممنهجة المنتشرة داخل وكالات إنفاذ القانون. وجاءت تلك الشكاوى من الضواحي المتنوعة إثنياً التي تحيط بالمدن الكبرى في فرنسا.

ولقي عديد من الأشخاص حتفهم، أو أصيبوا بجروح على أيدي عناصر في الشرطة الفرنسية في السنوات الأخيرة، مما دفع إلى المطالبة بمزيد من المساءلة. وشهدت فرنسا أيضاً احتجاجات ضد التنميط العرقي وغيره من أشكال الظلم في أعقاب مقتل الشاب الأميركي من أصل أفريقي جورج فلويد على أيدي شرطيين في ولاية مينيسوتا في عام 2020.

وتعد عملية القتل التي حصلت الثلاثاء ثالث حادثة قتل بإطلاق نار خلال توقف مروري في فرنسا حتى الآن منذ بداية عام 2023. وفي العام الماضي، سجلت 13 حادثة إطلاق نار من هذا النوع، وهو رقم قياسي، وفق ناطق باسم الشرطة الوطنية.

ووقعت ثلاث عمليات قتل من هذا النوع عام 2021 واثنتان عام 2020، وفق إحصاء لـ"رويترز"، يظهر أن غالبية الضحايا منذ عام 2017 كانوا من السود أو من أصل عربي.واندلعت الاشتباكات للمرة الأولى مساء الثلاثاء في ضاحية نانتير بباريس وجوارها، أي المكان الذي شهد مقتل نائل. وأضرمت النيران في صناديق للقمامة، وألقى بعض المحتجين مفرقعات على الشرطة. واستخدم الضباط الغاز المسيل للدموع في مواجهة الحشود. ونشرت الحكومة ألفي شرطي للحفاظ على النظام، الأربعاء، لكن العنف استؤنف بعد الغسق.

إلى أي مدى انتشرت أعمال الشغب؟

عانى شرطيون ورجال إطفاء في احتواء المحتجين وإطفاء عدد من الحرائق التي أضرمت خلال الليل، وألحقت أضراراً بمدارس أو مراكز للشرطة أو مقار بلدية أو مبانٍ عامة أخرى، وفق ناطق باسم الشرطة الوطنية.

وتفيد الشرطة الوطنية بوقوع حرائق أو مناوشات في مدن عدة، من تولوز في الجنوب إلى ليل في الشمال، على رغم أن محور التوترات لا يزال في نانتير وضواحٍ أخرى في باريس.

وعبأت حكومة ماكرون حوالي 40 ألف شرطي في أنحاء فرنسا، الخميس، حينما اعتقل 875 شخصاً. وكذلك نشرت 5 آلاف شرطي إضافي ليلة الجمعة، بالترافق مع اعتقال ما يربو على 1300 شخصاً، ما يعتبر الرقم الأعلى للاعتقالات في ليلة واحدة حتى الآن. وقد سجلت ليلة السبت أنها الخامسة على التوالي في أعمال العنف التي تشهدها البلاد، وشهدت اعتقال ما يزيد على 700 شخصاً. وكذلك انتشر حوالي 45 ألف شرطي في الشوارع، مع وحدات نخبة متخصصة وعربات مصفحة وطائرات هيلوكبتر، بهدف تعزيز قواتها في المدن الفرنسية الثلاثة  الكبرى، باريس وليون ومارسيليا. في المقابل، بدت أعمال الشغب أقل كثافة، فيما نسب وزير الداخلية جيرالد دارمانان ذلك الانخفاض بأنه نجم من "التصرف الحازم لقوات الأمن".  

وأحيت الاضطرابات الأخيرة ذكرى أعمال الشغب التي وقعت عام 2005 وهزت فرنسا لمدة ثلاثة أسابيع وأجبرت الرئيس الفرنسي آنذاك جاك شيراك على إعلان حالة الطوارئ.

واندلعت موجة العنف تلك في ضاحية "كليشي سو بوا" بباريس وانتشرت في أنحاء البلاد بعد وفاة شابين صعقاً بالكهرباء في محطة كهرباء فرعية أثناء اختبائهما من الشرطة.

وبعد 10 سنوات، برأت المحاكم ضابطين معنيين بتلك الحادثة.

 

كيف ردت الحكومة؟

عقد الرئيس إيمانويل ماكرون اجتماع أزمة مع وزراء كبار في شأن حادثة إطلاق النار، صباح الجمعة، فكان الاجتماع الثاني من نوعه خلال يومين.

ولم تصل الحكومة الفرنسية حتى الآن إلى حد إعلان حالة الطوارئ، وهو إجراء اتخذ لإخماد أسابيع من أعمال الشغب في أنحاء فرنسا التي أعقبت وفاة الفتيين الفارين من الشرطة بطريق الخطأ عام 2005.

وقد لاحظ السيد دارمانان أن وزارة الداخلية أصدرت تعليمات بإغلاق خدمات الحافلات والترامات العامة كلها قبل غروب الجمعة.

وأفادت الوزارة بأن السيد دارمانان أصدر تعليمات إلى المحافظين الإقليميين الخاضعين لقيادته بإغلاق خدمات الحافلات والترامات في الساعة التاسعة مساءً بالتوقيت المحلي، قبل أن يحل الظلام في كل مكان في أنحاء فرنسا كلها. وقبل ذلك، أعلنت منطقة باريس بالفعل عن إغلاق مماثل بغية حماية عاملي النقل والركاب. وألغيت حفلات موسيقية في "ستاد دو فرانس" للمغنية وكاتبة الأغاني مايلين فارمر، كان من المقرر عقدها ليلتي الجمعة والسبت.

وفي مدينة مرسيليا الجنوبية، ثاني أكبر مدن فرنسا، حظرت السلطات تظاهرات عامة كانت مقررة، الجمعة، وشجعت المطاعم على إغلاق مناطق تناول الطعام في الهواء الطلق مبكراً. وأفادت السلطات أيضاً بأن وسائل النقل العام كلها ستتوقف عند الساعة السابعة مساءً.

واستكمالاً، أمر السيد دارمانان بحظر بيع المفرقعات القوية التي أطلقها مثيرو الشغب على ضباط الشرطة والمباني، وحظر حملها. وكذلك منع دارمانان بيع عبوات البنزين والأحماض والمواد الكيماوية الأخرى والسوائل القابلة للاشتعال.

ويوم السبت، حذر ديبون- موريتي من أن الشباب الذين يشاركون النداءات الداعية إلى العنف على "سناب شات" أو تطبيقات اخرى، قد يواجهون المحاكمة. وقد أنحى ماكرون باللائمة على وسائط التواصل الاجتماعي في إشعال فتيل أعمال العنف في بلاده.

© The Independent

المزيد من دوليات