Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

ماذا تجني مصر من تأشيرة الـ700 دولار؟

مدتها 5 سنوات بـ"دخول متعدد" ومتخصصون يرون أن القرار يصب في صالح رجال الأعمال والمستثمرين وتباين الرؤى حول الكلفة

التأشيرة المصرية المستحدثة قد تنعش حركة السياحة الوافدة (رويترز)

ملخص

استهدفت الحكومة المصرية منح تسهيلات مغرية للأجانب من أجل توفير مزيد من العملة الأجنبية لمواجهة أزمة نقص الدولار، وعلاج آثار التضخم.

تسابق الحكومة المصرية الزمن لتنفيذ خطتها التي تستهدف الوصول إلى 30 مليون سائح بحلول عام 2028 وتحقيق معدل نمو سنوي متواصل يتراوح بين 25 و30 في المئة سنوياً، والتي ستسهم بدورها في جذب مزيد من العملة الصعبة ومواجهة أزمة شح الدولار التي يعانيها الاقتصاد المصري، وفي سبيل ذلك دفعت الحكومة خلال الآونة الماضية بحزمة من التيسيرات والقرارات التي من شأنها إنعاش القطاع السياحي لاستقطاب مزيد من الوفود وإنهاء التعقيدات البيروقراطية التي تعرقل حركته.

وقبل أيام أصدرت وزارة الداخلية المصرية قراراً وزارياً برفع رسوم تأشيرة دخول البلاد بقيمة 700 دولار، وتضمن نص قرار الوزارة رقم 1105 لعام 2023 تعديل بعض أحكام القرار الوزاري رقم 31 لعام 1960 في شأن التأشيرات، ونص القرار على أن "تأشيرة دخول متعددة السفرات صالحة لمدة خمس سنوات، تسمح لحاملها بالإقامة لمدة لا تجاوز 90 يوماً في السفرة الواحدة بقيمة 700 دولار أميركي شاملة رسم التأشيرة".

القرار سالف الذكر، الذي بدأ العمل به رسمياً في 19 يونيو (حزيران) من العام الحالي، أثار بدوره تساؤلات عدة، حول مدى تأثيره وانعكاسه على القطاع السياحي، وهل سينعش الحركة السياحية برمتها أم سيصب في صالح فئات بعينها، وما إذا كانت قيمة رسوم الـ700 دولار مرتفعة أم منخفضة مقارنة بالبلدان الأخرى التي تطبقها حالياً.

"اندبندنت عربية" تواصلت مع عدد من المتخصصين في الشأن السياحي لمعرفة تأثيرات القرار وتبعاته وانعكاساته في محاولة للإجابة عن تلك التساؤلات الملحة.

الرابحون من القرار

يقول عضو غرفة شركات السياحة محمد فاروق إن التأشيرة المستحدثة التي طرحتها الحكومة في شأن دخول الأجانب لمدة خمس سنوات ستنعش القطاع السياحي، لا سيما ما يرتبط بسياحة رجال الأعمال والمستثمرين ومنظمي المؤتمرات، لافتاً إلى أن "هؤلاء الشخصيات يتوافدون على مصر باستمرار إما من أجل العمل وما يرتبط بذلك من إتمام معاملات تجارية مستمرة أو بسبب مشروعات استثمارية أو شراكات اقتصادية أو لتنظيم مؤتمرات أو لعقد لقاءات مع مسؤولين بالدولة، وهو ما جعل هناك تفكيراً في منحهم تيسيرات لتسهيل حركة ذهابهم وإيابهم بدلاً من استخراج التأشيرة كلما أرادوا السفر".

ويضيف فاروق أن مصر أصبحت تشهد انفتاحاً واضحاً في منح التأشيرات أكثر من أي وقت مضى، ولم تعد الإجراءات معقدة، موضحاً أنه يوجد حالياً ثلاثة مسارات يمكن الحصول من خلالها على التأشيرات، أولها التأشيرة "أون لاين" وثانيها تأشيرات تمنح عند الوصول إلى المطار، وثالثها التأشيرة المستحدثة الجديدة لدخول الأجانب متعددة السفرات الصالحة لمدة خمس سنوات بقيمة 700 دولار، مضيفاً أن السائح الراغب في زيارة مصر من أجل نشاط ترفيهي دائماً ما يفضل الحصول على تأشيرة "أون لاين".

وفي مارس (آذار) الماضي كشفت وزارة السياحة والآثار عن أنه جرت الموافقة على منح سائحي الصين تأشيرة دخول اضطرارية لدى وصولهم إلى المطارات المصرية سواء كمجموعات أم أفراد، والموافقة على منح سياح دولة الهند تأشيرة دخول اضطرارية، شريطة أن يكونوا حاصلين على إقامة بدول الخليج أو تأشيرة الولايات المتحدة الأميركية أو بريطانيا أو دول الاتحاد الأوروبي "شنغن" أو تأشيرة أستراليا أو نيوزيلندا، مشيرة إلى الموافقة على منح تسهيلات لشركات السياحة المصرية لاستخراج تأشيرات دخول اضطرارية بالمنافذ المصرية لمجموعات السياح القادمين من دول المغرب العربي (المغرب والجزائر وتونس)، إضافة إلى إيران وإسرائيل، وذكرت أنه سيسمح للسائحين الإيرانيين فقط بزيارة مدن جنوب سيناء السياحية، كما جرت الموافقة على منح مواطني دولة تركيا تأشيرة دخول مصر بالمطارات المصرية بدلاً من الحصول عليها بالسفارة المصرية بتركيا.

وبالنسبة إلى السائحين العراقيين الأقل من 16 سنة والأكبر من 60 سنة، تصدر لهم تأشيرات إلكترونية لدخول مصر، وجرت الموافقة على منح تأشيرات دخول اضطرارية للسياح العراقيين فور وصولهم إلى المنافذ والمطارات المصرية، شريطة أن يكونوا حاصلين على تأشيرة دخول إلى أميركا وبريطانيا ودول الاتحاد الأوروبي.

تباين في أسعار التأشيرات

واستشهد فاروق بنماذج عدة للمقارنة بين قيمة تأشيرة الدخول في مصر ودول أخرى، موضحاً أن قيمة تأشيرة الدخول في مصر التي تمنح مرة واحدة ولمدة ثلاثة أشهر فقط تقدر بـ25 دولاراً، فيما تبلغ قيمة تأشيرة الدخول من المصريين إلى دبي والتي تمنح أيضاً لمرة واحدة ولمدة ثلاثة أشهر نحو 80 دولاراً، في حين أن التأشيرة التي تكون مدتها خمس سنوات تصل إلى 900 دولار، فيما تقدر قيمة تأشيرة دخول المصريين المسافرين إلى تركيا لمدة ثلاثة أشهر عبر (أون لاين) لمن هم أقل من 40 عاماً نحو 210 دولارات، ولمن هم فوق الـ40 سنة ما يعادل 25 دولاراً، وتبلغ قيمة تأشيرة الدخول إلى السعودية لمدة سنة نحو 440 ريالاً (117.31 دولار).

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وفي يونيو من عام 2019 أطلقت الحكومة المصرية بوابة التأشيرات الإلكترونية بالتعاون بين وزارة الخارجية وعدد من الوزارات، وتفعيل المرحلة الأولى من التأشيرة الإلكترونية، وشملت 46 جنسية ممن كان يسمح لهم بالحصول على تأشيرة اضطرارية بموانئ الوصول المصرية، وحرصت الحكومة على تيسير إجراءات إصدار التأشيرات بأنواعها المختلفة للزائرين الأجانب بهدف تشجيع حركة السياحة الوافدة إلى مصر، وكذلك تيسير إجراءات دخول رجال الأعمال للبلاد لزيادة حركة التجارة وتدفقات الاستثمار.

لصالح رجال الأعمال والمستثمرين

عضو مجلس الاتحاد المصري للغرف السياحية على غنيم يقول إن الحكومة المصرية تحاول بذل الجهود لجذب مزيد من السائحين، مشيراً إلى أن تلك التأشيرة المستحدثة لدخول الأجانب ستصب في صالح رجال الأعمال والمستثمرين الذين يتوافدون بصفة مستمرة، أكثر من السائحين الذين يرغبون في الزيارة من أجل نشاط ترفيهي لمرة واحدة سنوياً وبإمكانهم الحصول على فيزا الدخول التي تقدر قيمتها بنحو 25 دولاراً وهي متاحة لدول أوروبا وجنوب أميركا اللاتينية والحاصلين على تأشيرة "شنغن".

ونوه غنيم خلال حديثه لـ"اندبندنت عربية" بأن أغلب الدراسات المرتبطة بالنشاط السياحي أظهرت أن السائح يزور الدولة لمرة واحدة في العام بغرض نشاط ترفيهي، على خلاف المستثمر ورجل الأعمال الذي تربطه مصالح مشتركة وعلاقات عمل تستلزم حركة تنقل ذهاباً وإياباً.

وفي مارس الماضي استعرض وزير السياحة والآثار المصري أحمد عيسى نتائج إحدى دراسات السوق التي أثبتت أن هناك 272 مليون سائح محتمل في العالم راغبين في زيارة المقصد السياحي المصري، وهناك سائح من كل اثنين يرغب في الاستمتاع بتجربة ثقافية واحدة في الأقل خلال زيارته لمصر، وكذلك سائح من كل أربعة سائحين يفضلون الزيارة لمنتج السياحة الثقافية فقط.

خطوة إيجابية

في السياق ذاته، يرى مؤسس جمعية السياحة الثقافية هشام إدريس، خلال حديثه لـ"اندبندنت عربية"، أن تلك القرارات من شأنها أن تنعكس بشكل إيجابي في القطاع السياحي، لافتاً إلى أن ذلك القرار سيؤدي إلى توافد مزيد من السائحين، "فأي تحرك في التأشيرات يقابله حركة إيجابية في القطاع السياحي"، وهناك 78 دولة تدخل مصر بتأشيرة دخول، وستضيف القرارات الأخيرة مزيداً من التيسيرات التي من شأنها زيادة أعداد الوافدين.

وارتفعت إيرادات مصر من القطاع السياحي خلال الربع الأول من العام المالي الحالي بنسبة 43.5 في المئة على أساس سنوي، لتسجل نحو 4.1 مليار دولار في الفترة من يوليو (تموز) وحتى نهاية سبتمبر (أيلول) الماضيين، مقابل 2.8 مليار دولار قبل عام، وتشير بيانات البنك المركزي المصري إلى ارتفاع عدد السائحين الوافدين إلى مصر بنسبة 52.2 في المئة خلال الفترة نفسها، ليسجل نحو 3.4 مليون سائح.

ووفقاً لتصريحات لرئيس مجلس الوزراء المصري الدكتور مصطفى مدبولي في مارس الماضي، فإن قطاع السياحة سجل عائداً خلال العام الماضي كان الأعلى في تاريخ مصر، مشيراً إلى أن القطاع يستهدف خلال العام الحالي زيادة أعداد السائحين بنسبة 28 في المئة، بواقع 15 مليون سائح.

واستهدفت الحكومة المصرية منح تسهيلات مغرية للأجانب من أجل توفير مزيد من العملة الأجنبية، لمواجهة أزمة نقص الدولار، وعلاج آثار التضخم الأساسي السنوي الذي بلغ - وفقاً للبنك المركزي المصري - 40.3 في المئة في مايو (أيار) الماضي من 38.6 في المئة خلال شهر أبريل (نيسان) الماضي.

ويتفق مع الآراء السابقة عضو غرفة شركات السياحة مجدي صادق، موضحاً أن ذلك القرار سيسهم في تحفيز القطاعين السياحي والاستثماري معاً وإحداث طفرة واضحة بهما، منوهاً بأن الرسوم المقدرة كلفتها 700 دولار تعد الأرخص على الإطلاق مقارنة بباقي الدول الأخرى.

ويقول صادق "لا توجد رسوم أرخص كلفة من ذلك، ووفقاً للقرار من حق الشخص أن يقيم لمدة خمس سنوات داخل الدولة وفي كل مرة تكون مدة الزيارة 90 يوماً بـ700 دولار، وإذا سافر إلى أية دولة وعاد مرة أخرى تجدد المدة من جديد وهو ما سيفيد كثيراً من يترددون باستمرار على مصر".

رسوم باهظة

في المقابل يقول الرئيس السابق للجنة السياحة العربية بالاتحاد العام للغرف السياحية محمد ثروت إن هناك معضلات عدة في تلك القضية ترتبط بكيفية تطبيق القرار وآليات تنفيذه، مشيراً إلى أن هناك حالة من عدم وضوح الرؤية في ما يتعلق بتفاصيل القرار بسبب عدم الإعلان عن التفاصيل والمحددات الخاصة به بشكل كامل، منوهاً بأن بعض شركات السياحة ليس لديها معلومات كافية عن القرار.

ويرى ثروت أن 700 دولار باهظة الثمن ولا تناسب سوى شريحة رجال الأعمال والمستثمرين، مطالباً بضرورة أن يكون هناك رؤية ووضوح واستمرارية في تطبيق وتنفيذ القرارات حتى تصب في صالح القطاع السياحي.

فك التعقيدات الحكومية

بينما يقول الباحث الاقتصادي مصطفى بدره إن الدولة المصرية تحاول جاهدة فك وإنهاء الاشتباكات والتعقيدات الحكومية وزيادة التيسير على الوافدين للسياحة، مردفاً "أي خدمة تكون بمقابل وكلما تيسرت الخدمة ارتفعت كلفتها".

ويضيف أن التأشيرة المستحدثة لدخول الأجانب متعددة السفرات الهدف من ورائها التيسير والتسهيل على الوافدين على مصر باستمرار، إلى جانب جذب مزيد من العملة الصعبة، وتيسير حركة التنقل على الراغبين في زيارة الدولة من دون الاصطدام بأية تعقيدات حكومية تواجههم.

المزيد من تقارير