Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

إستراتيجية "حماس" حائرة بين مركزية القيادة وشورى الحركة

لم يصدر عنها خطاب في ذكرى "7 أكتوبر" وسط اختفاء السنوار وظهور الحية ومشعل وأبو عبيدة بكلمات مختلفة المضمون

يعاني الفلسطينيون بسبب تنفيذ "حماس" عملية "طوفان الأقصى" (أ ف ب)

ملخص

في إسرائيل يعتقدون أن السنوار المختفي عن الظهور قد يكون ميتاً في غارة أو هجوم بري للجيش على قطاع غزة، ولكن هذا الظن الذي تروجه وسائل الإعلام العبرية فقط لم يتبناه الجيش الإسرائيلي الذي يتوعد السنوار بالقتل.

في ذكرى مرور عام على هجوم السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023، لم تجد "حماس" زعيماً لها يخرج لإحياء المناسبة التي يحتفي بها الفصيل ويعتبرها أكبر إنجازاته، وإنما بدت الحركة مشتتة بين قياداتها وكل واحد منهم يخرج للإعلام ممجداً لعملية "طوفان الأقصى".

وفي المناسبات الرسمية للفصائل الفلسطينية عادة ما يخرج رئيس المكتب السياسي لأي حزب باعتباره أكبر مسؤول في التنظيم ليخاطب الفلسطينيين ووسائل الإعلام، وهذا شبه بروتوكول تتبعه حركة "حماس" كذلك.

لكن في الذكرى السنوية لعملية "طوفان الأقصى" تغير هذا البروتوكول ولم يطل رئيس المكتب السياسي لحركة "حماس" وإنما ظهرت قيادات أخرى تحتفي بالهجوم على البلدات الإسرائيلية، فهل يعني هذا أن الحركة تتبع أسلوب القيادة الجماعية، أم أن "حماس" تعاني تشتتاً بسبب الاغتيالات الإسرائيلية التي طاولت قيادات الصف الأول منها؟

أين السنوار؟

بعد اغتيال رئيس المكتب السياسي لـ "حماس" إسماعيل هنية في العاصمة الإيرانية طهران، عيّن مجلس الشورى في الحركة يحيى السنوار زعيماً جديداً يشغل منصب رئيس المكتب السياسي، وهو أعلى منصب قيادي في الحركة ويتمتع بصلاحيات كبيرة.

لكن السنوار اختفى عن الظهور منذ السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023، ولم يظهر على العلن نهائياً منذ عام، ولكنه خرج برسالة مصورة قصيرة للغاية بعد هجوم عناصره على البلدات الإسرائيلية القريبة من غزة، وبارك خلالها العملية العسكرية الجريئة ليختفي بعد ذلك.

وحتى بعد تعيين السنوار رئيساً لـ "حماس" لم يخرج في رسالة يوضح فيها خطته، وظل المراقبون السياسيون ينتظرون زعيم الحركة الجديد يظهر في ذكرى أحداث السابع من أكتوبر، لكنه لم يطل لا مباشرة ولا في رسالة مصورة لمناسبة مرور عام على "حرب النهضة"، وفقاً للتسمية الإسرائيلية الجديدة.

وفي إسرائيل يعتقدون أن السنوار المختفي عن الظهور قد يكون ميتاً في غارة أو هجوم بري للجيش على قطاع غزة، ولكن هذا الظن الذي تروجه وسائل الإعلام العبرية فقط، لم يتبناه الجيش الإسرائيلي الذي يتوعد السنوار بالقتل.

عدم ظهور السنوار المنقطع عن الاتصال والتواصل مع باقي قيادات حركة "حماس" في ذكرى مرور عام على هجوم السابع من أكتوبر 2023، أثار تساؤلات حول مصيره إذا كان حياً أو أن اختفاءه لأسباب أمنية، لكن هذا ليس التساؤل المهمة، وإنما السؤال الذي يطرح نفسه لماذا لم تخرج "حماس" في خطاب مركزي وموحد.

ثابت العمور، وهو أستاذ علوم سياسية له دراسات بحثية في شؤون الفصائل الفلسطينية وبخاصة في تكوين وتفكير حركة "حماس"، يقول إن "هناك تحولاً في هيكلية الفصيل، فقد كانت 'حماس' تتميز في خطاب مركزي شديد المركزية ولكنها اليوم تعاني التشتت الواضح".

وأجرى العمور دراسة موسعة عن آلية الخطاب في حركة "حماس" عام 2007 وخلالها جمع مقابلات من 25 قائداً، مضيفاً أن "الإجابات تكون متطابقة وموحدة، لكن 'حماس' اليوم تغيرت كثيراً، والملاحظ الآن أن هناك تخبطاً في الخطاب إما بسبب الاغتيالات الإسرائيلية التي طاولت قيادات الصف الأول، أو بسبب غياب منهجية ورؤية الحركة وعدم امتلاكها خطة ومساراً واضحين".

ظهور الحية

وحول غياب السنوار عن مناسبة مرور عام على هجوم السابع من أكتوبر 2023، يوضح العمور أن الأمر ربما يكون لأسباب أمنية أو لأنه لا يجيد الخطاب السياسي ولا يستطيع محادثة الجمهور، وربما لأن "حماس" مشتتة ولا قيادة مركزية لها.

ولمرور عام على هجوم السابع من أكتوبر 2023، أطل عضو المكتب السياسي لـ "حماس" خليل الحية في خطاب متلفز يحتفي بهجوم عناصر الحركة على إسرائيل، ويذكر بأن طوفان الأقصى أعاد القضية الفلسطينية لصدارة الاهتمام العالمي.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ويبدو أن "حماس" اختارت الحية للظهور أمام العالم ممثلاً لها لأنه على علاقة جيدة بيحيى السنوار، ولأن الأخير أوكله مهمة قيادة الحركة نيابة عنه وكان يحظى بثقة هنية والسنوار، وكان الوجه الدبلوماسي للحركة لفترة طويلة.

مشعل وأبو عبيدة

ولم تكتف "حماس" بخطاب الحية بل خرج أيضاً خالد مشعل الذي يشغل منصب رئيس "حماس" في الخارج ليخاطب الفلسطينيين ويحييهم على صمودهم ويذكر محاسن وإنجازات "طوفان الأقصى"، مما جعل العمور يؤكد أن "حماس" لا تملك خريطة طريقة تحدد فيها مسارها.

وكذلك ظهر أبو عبيدة، وهو المتحدث العسكري باسم الحركة وكتائبها، وكان له خطاب إعلامي مختلف حول ما أورده خليل الحية وخالد مشعل، مما دفع أستاذ العلوم السياسية يجزم بأن "حماس" مشتتة في خطابها العام وليس لديها رؤية.

الاغتيالات أضعفت "حماس"

ويرجع العمور السبب في ضعف خطاب "حماس" إلى الاغتيالات الإسرائيلية التي طاولت شخصيات ذات كاريزما كبيرة، ويلفت إلى أنه كان الأجدر أن تكتفي الحركة في كلمة مركزية أو بيان مكتوب تخفي من خلاله تشتت الحركة وضعف خطابها وغياب رؤيتها.

ويشير العمو إلى الملاحظ أن الخطاب بات ركيكاً، وقد يوحي بوجود فجوات في الحركة، ويستدل على ذلك بأن خليل الحية له خطاب مختلف عن حديث أبو عبيدة له، ويتناقض مع خطاب خالد مشعل ولا صلة له في تصريحات حسام بدران، لافتاً إلى أن كل قيادي في "حماس" له خطاب، وهذا يعني ألا إجابات من الحركة حول مجريات الحرب.

قيادة جماعية

وقد لا يُفهم الأمر كما يفسره أستاذ العلوم السياسية ثابت العمور، لأن "حماس" حركة شورى، أي تتشاور في كل التفاصيل وتعتمد على مكتب سياسي لإدارتها وليس على قائد واحد، وقد يوحي تنوع الخطابات بأنها تعتمد على مبدأ القيادة الجماعية.

لكن العمور ينفي ذلك ويقول "لا ليست قيادة جماعية لأنها ليست على خطاب واحد أو سياسة واحدة، أفرزت الحرب والاغتيالات حالاً من الإرباك لدى الفصائل الفلسطينية وبخاصة 'حماس'، ولم يعد هناك حضور لمجلس الشورى والمكتب السياسي غائب، وبحسب الملاحظ أن الحركة لم تعد تتمتع بقيادة جماعية وإنما في ازدواجية وتضارب وبعد وتشتت، وهناك تآكل في القيادات سواء من طريق القتل والاغتيالات أو غياب الحاضنة الشعبية".

"حماس": نحن حركة ديمقراطية وتشاورية

وبينما ترى القراءات السياسية أن واقع "حماس" ضعيف بسبب وضع إسرائيل القضاء على الحركة ضمن أهدافها، فإن للحركة رسمياً رأي آخر.

ويقول القيادي في "حماس" رأفت ناصيف إن "عملية صنع القرار والخطاب لدى حركة الحركة تتسم بالسرية، ولكن عادة ما يتم اتخاذها بصفة عامة، وفقاً لمبدأ التشاور وبما لا يخالف الخط العام لتعليمات المكتب السياسي.

ويضيف، "الخطاب الإستراتيجي في الحركة يصدر بناء على مشورة عامة في مواقع الحركة، و'حماس' حركة ديمقراطية متماسكة، ولا يمكن لمستوى واحد في الحركة أن يملي رأيه على الآخرين، فكل قرار يجب أن يمر من خلال مستويات صنع القرار اللازمة قبل أن يصبح سياسة".

ويوضح المتحدث أن "حماس" منذ القدم تتمتع في قيادة جماعية وتتميز في خطاب موحد، لكن ما حدث في ذكرى مرور عام على هجوم السابع من أكتوبر 2023 فُهم من الباحثين السياسيين بصورة خاطئة، مؤكداً أن خطاب "حماس" موحد وواحد.

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير