Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

مأزق أميركي مزدوج... تخبط استراتيجي و"حرب قبائل"

الصعود الصيني - الروسي وضع واشنطن في ورطة مزدوجة خارجياً وداخلياً

التوصيف الذي تطلقه النخبة على الصراع السياسي في أميركا هو أنه "حرب قبائل" خلف ترمب وبايدن (أ ف ب)

ملخص

تبدو أميركا في مأزق مزدوج خارجي وداخلي فالعالم الذي أدارت نظامه الدولي بعد الحرب العالمية الثانية والحرب الباردة تغير كثيراً ليس فقط بصعود الصين إلى القمة وعودة روسيا بل بصعود مجموعة قوى تتصرف كأنها قوى عظمى إقليمية.

في ثلاثينيات القرن العشرين، وصف المؤرخ البريطاني أرنولد توينبي أميركا بأنها "لاعب كسول بجزء من قوته غير المحدودة". وفي الأربعينيات وبعد انتهاء الحرب العالمية الثانية بقوة أميركية قال وزير خارجية الولايات المتحدة الأسبق دين أتشسون أيام الرئيس هاري ترومان "أميركا لا تستطيع أن تجلس في غرفة مع بندقية في الانتظار. عليها أن تخرج إلى العالم، تشكله، تردع بعض قادته، وتقوي قوى أخرى وتخلق أوضاع قوة في مآزق صعبة".

وهي خرجت إلى العالم أكثر من اللزوم. ولعبت به أكثر مما يحتمل وتحتمل هي، إلى حد أن روبرت كاغان من مؤسسة بروكنغر، المؤمن بضرورة الهيمنة، سأل "هل تستطيع أميركا الاستمرار في دفع ثمن الهيمنة؟".

اليوم تبدو أميركا في مأزق مزدوج خارجي وداخلي. العالم الذي أدارت نظامه الدولي بعد الحرب العالمية الثانية والحرب الباردة تغير كثيراً. لا فقط بصعود الصين إلى القمة وعودة روسيا الأوراسية بل أيضاً بصعود مجموعة من القوى الإقليمية التي تتصرف كأنها قوى عظمى إقليمية وتمارس "الاستقلالية" في القرار وتنويع العلاقات مع الكبار. وأميركا تغيرت في الداخل ديموغرافياً وثقافياً، بحيث فشلت سياسة "وعاء الصهر" بين المواطنين من إتنيات وقوميات متعددة، وازدادت العودة إلى التركيز على الخصوصيات.

والمأزق خطر في الحالين. تخبط استراتيجي في ممارسة "الصراع والتنافس والتعاون" مع الصين، بحيث صار أقصى الممكن في زيارة وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن إلى بكين بعد خمس سنوات هو التفاهم على قنوات مفتوحة للتواصل منعاً لسوء الفهم الذي يقود إلى كارثة. وإصرار على إلحاق "هزيمة استراتيجية" بروسيا في حرب أوكرانيا، ولكن من خلال الاعتماد على تسليح الجيش الأوكراني والعودة إلى سياسة الرئيس الأسبق باراك أوباما المسماة "القيادة من المقعد الخلفي".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وليس من الوارد، حتى بالقوة التي لا طرف يريد استخدامها، أن تنجح واشنطن في الحيلولة دون سعي الرئيس الصيني شي جينبينغ لصنع ما سمته إليزابيت إيكونومي من معهد هوفر في جامعة ستانفورد "تحولاً دراماتيكياً في النظام العالمي". ولا من السهل أن يؤدي الضغط الغربي عبر دور "الناتو" غير المباشر إلى تسليم الرئيس فلاديمير بوتين بالعجز على تحقيق انتصار ما، ولو من خلال تدمير أوكرانيا.

والواضح في الداخل هو العجز عن معالجة الظاهرة التي ركب موجتها الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب. ولا فرق سواء كان من البيت الأبيض أو خارجه على الطريق إليه بالترشح من جديد. ولا يبدل في الأمر كشف عدد من الفضائح الشخصية والجنسية وتوجيه سلسلة اتهامات في دعاوى أمام القضاء تتعلق بحيازة وثائق سرية يعاقب عليها القانون.

فكلما كثرت الاتهامات والفضائح ازدادت قدرة ترمب على أن يلعب دور الضحية، وتمسك به أنصاره أكثر فأكثر. شيء لا يصدق، لكنه واقع. حتى أعضاء الحزب الجمهوري الذين أعلنوا ترشيح أنفسهم لمنافسته على ترشيح الحزب للرئاسة، فإنهم يدافعون عنه ويعتبرون أن محاكمته "يوم أسود" في تاريخ أميركا.

والتوصيف الذي تطلقه النخبة على الصراع السياسي في أميركا هو أنه "حرب قبائل". الجمهوريون "قبيلة" خلف ترمب. الديمقراطيون "قبيلة" وراء الرئيس جو بايدن الذي أعلن الترشح لولاية ثانية، مع أنه تجاوز الـ80 من العمر، وبدت حركته بطيئة وذاكرته مشوشة. لا أحد يقول له "أفسح في المجال لقيادي شاب ما دام ترشيح نائبة الرئيس كامالا هاريس ليس وارداً عند الحزب الديمقراطي".

وهكذا صار التعاون بين الحزبين في الكونغرس مهمة شبه مستحيلة. و"تنامي العداء جعل من المستحيل تقريباً على القوى الكبرى أن تعمل معاً لمواجهة تحديات إقليمية ودولية حتى لو كان ذلك في مصالحهم كما يرى رئيس مجلس العلاقات الخارجية النافذ ريتشارد هاس". وهناك من يتكل على ما تفعله "الدولة العميقة" ومراكز القوى، بصرف النظر عمن يكون في البيت الأبيض، لكن الدولة العميقة هي المشكلة الأكبر بالنسبة إلى دول عدة في العالم.

المزيد من تحلیل