ملخص
بينما لم تحدد وزارة الصحة المصرية هُوية المرض المنتشر في إحدى القرى بجنوب البلاد فإن الأعراض جميعها تشير إلى أنه "حمى الضنك"
بين عشية وضحاها، انقلبت الأوضاع داخل نجع سندل بقرية العليقات التابعة لمدينة قوص بمحافظة قنا (جنوب مصر)، عقب ظهور أعراض مرضية متشابهة لدى عديد من أهالي القرية، إذ أصيب كثيرون بارتفاع في درجة الحرارة، وآلام بالعظام، وحالة إعياء.
وبينما لم تحدد وزارة الصحة المصرية هُوية المرض حتى اللحظة الراهنة، فإنها تتابع الشكوى المتعلقة بظهور أعراض مرضية متشابهة لدى عدد من المواطنين بالقرية. موضحة، في بيان، أنها أرسلت فرقاً من الطب الوقائي، والعلاجي، والترصد الوبائي، لتقصي المعلومات حول الشكوى، ومؤكدة أنه جرى سحب عينات من المرضى وعينات بيئية.
أعراض متشابهة
وأرسلت الوزارة فرق مكافحة ناقلات الأمراض لفحص عينات من المياه وأماكن الصرف الصحي. لافتة إلى أن الأعراض لا تشكل نسقاً واحداً، وجميعها أعراض تتراوح بين الخفيفة والمتوسطة، ولا تستوجب الحجز في المستشفيات.
وأشارت الصحة المصرية إلى أن الأعراض المتشابهة تمثلت في ارتفاع درجة الحرارة، وآلام في العظام، وحالة إعياء، وتستمر من 3 إلى 5 أيام، وهي أعراض مشتركة بين كثير من الأمراض الشائعة مثل البرد والإنفلونزا، والنزلات المعوية والحمى، التي تنتشر الإصابة بها بالتزامن مع ارتفاع درجات حرارة الطقس، وتختفي مع الراحة ومخفضات الحرارة، وشرب السوائل، بحسب بيان الوزارة.
يقول حسن محمد علي، أحد المصابين، "قبل عيد الأضحى بيومين فاجأتني أعراض تتمثل في ارتفاع درجات الحرارة وآلام في القدمين وتكسير في عظام الجسم، إضافة إلى صداع وإحساس بالقيء والغثيان، وبعد خمسة أيام شفيت من تلك الأعراض، لكنها عاودتني بشدة خلال الساعات الماضية".
ويضيف حسن (42 سنة)، خلال حديثه إلى "اندبندنت عربية"، "أسرتي (3 أولاد وبنت) إضافة إلى زوجتي تعرضوا للإصابة بنفس الأعراض مثل كثيرين من أبناء القرية". مشيراً إلى أن مديرية الصحة بقنا أرسلت عربات متنقلة لمعرفة ملابسات المرض وأسباب تشابه تلك الأعراض بين أفراد القرية، وعلقوا محاليل للمصابين، ومنحوهم مسكنات للآلام، إضافة إلى أخذ عينات من المياه والصرف الصحي بالقرية لتحليلها.
وحول أعداد المصابين يقول حسن، "كبير للغاية والأعراض متشابهة بين الجميع، وحصلت الوزارة على عينات دم من أغلب الأهالي المصابين لتحليلها لمعرفة ما إذا كانت حمى أو عدوى من الناموس مثلما يقال في الأخبار المتداولة".
وفي السياق ذاته، قال مصدر مطلع داخل القرية، طلب عدم الإفصاح عن اسمه، "تشهد القرية توافداً مستمراً من المسؤولين والجهات المختصة لتفقد الأوضاع على أرض الواقع"، مؤكداً أن "الوضع تحت السيطرة والجهات المعنية تتعامل بجدية واهتمام بالغ مع الحدث".
هل هي حمى الضنك؟
من جانبه، أكد معتز محمود، النائب البرلماني عن محافظة قنا، في حديثه إلى "اندبندنت عربية"، أن المرض المنتشر بالقرية هو "حمّى الضنك الناتج من وجود تلوث في المياه"، موضحاً أنه "انتشر بسبب حالات وافدة من سفاجا والقصير، وينتقل من خلال الناموس، ويسبب أعراضاً تتنوّع ما بين تكسير في العظام وحرارة عالية".
وفي السياق ذاته، قالت بثينة مردان، متخصصة الحشرات الطبية والأستاذ بكلية العلوم جامعة عين شمس، إن الأعراض المنتشرة بين أهالي القرية "أقرب ما تكون لحمّى الضنك، وتنتقل عبر الناموس أو البعوض".
وكشفت مردان، خلال حديثها إلى "اندبندنت عربية"، أن مشروعاً بحثياً بعنوان stdf، منذ 6 أشهر، أجرته جامعة عين شمس ووزارة البحث العلمي ووزارة التعليم، توصل إلى ظهور حمى الضنك بشكل متزايد في الغردقة ومحافظة الأقصر، واكتشاف الحشرة الناقلة للمرض.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
من جانبه، قال عمرو قنديل، مساعد وزير الصحة لشؤون الطب الوقائي في تصريحات مقتضبة لـ "اندبندنت عربية"، إن أعراض الحالات المُصابة بالقرية من بسيطة إلى متوسطة، مؤكداً "لا توجد حالة دخلت المستشفى حتى الآن بسبب ذلك المرض وكلها تعالج داخل المنزل".
وفي تصريحات تلفزيونية على هامش زيارته لقرية العليقات، أكد مساعد وزير الصحة، أن تعداد المواطنين بالنجع يبلغ نحو 4200 نسمة، وجرى تقسيمه إلى مربعات، موضحاً "قسمنا كل مربع مجموعة من المنازل، وقمنا بزيارتها وسألنا عن التاريخ المرضي". مشيراً إلى أن 90 في المئة من الحالات تعاني ارتفاعاً في درجات الحرارة وقيء وإسهال، والأعراض تتشابه مع أمراض كثيرة مثل النزلات المعوية وأمراض الصيف والإنفلونزا.
وأضاف، أنه جرى الحصول على "عينات دم وعينات من المياه خلال الـ3 أشهر السابقة لفحصها في المعامل"، منوهاً إلى أن عدد الحالات يتراوح ما بين 100 إلى 200 حالة و99.9 في المئة من الحالات تحصل على علاج منزلي وليس في المستشفى باستثناء حالة واحدة دخلت مستشفى حميات قنا منذ 3 أسابيع وخرجت بعد تلقي العلاج اللازم.
وقال "وزارة الصحة مش هتخبي (لن تخفي) حاجة، وننتظر نتيجة المعامل، وسواء كانت حمى الضنك أو أنفلونزا لا بد أن نأخذ إجراءات ونعالج الحالات، وسيكون هناك 3 قوافل طبية لإمداد النجع بالمستلزمات الطبية اللازمة"، نافياً صدور أي قرارات أو تعليمات تتعلق بمنع خروج المواطنين من منازلهم أو تقييد تحركاتهم".
وفي أكتوبر (تشرين الأول) عام 2015، ظهرت حمى الضنك بمصر في ثلاث قرى تتبع مدينة ديروط بمحافظة أسيوط جنوب مصر. وعام 2017 ظهرت بمدينة القصير التي تقع بين حدود محافظتي قنا ومحافظة البحر الأحمر. وانتقلت "الضنك" من خلال بعوضة تسمى "الأيدس إيجبتاي" عن طريق اللدغ، التي تعيش في المياه الراكدة.