أبدى الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش قلقه العميق اليوم السبت بشأن الاشتباكات العنيفة في مدينة عدن اليمنية وحض على وقف العمليات القتالية.
ودعا غوتيريش في بيان أطراف الصراع إلى "إجراء حوار شامل لحل خلافاتها ومعالجة المخاوف المشروعة لكل اليمنيين". وذكرت مصادر طبية الجمعة إن ما لا يقل عن ثمانية مدنيين قُتلوا في عدن، المقر المؤقت للحكومة اليمنية المعترف بها دولياً، وسط تجدد الاشتباكات بين الانفصاليين الجنوبيين والقوات الحكومية.
من جهة أخرى، أعلنت قناة المسيرة الناطقة بلسان جماعة الحوثي السبت نقلاً عن متحدث عسكري إن الجماعة نفذت هجومين على مطار أبها السعودي بطائرات مسيرة. وأضاف المتحدث إن الطائرات استهدفت محطة الوقود وبرج المراقبة بالمطار، إلا أنه لم يرد تأكيد لذلك من السلطات السعودية.
وكانت جماعة "أنصار الله" المتمردة (الحوثية) أعلنت الجمعة اغتيال مسؤول كبير من عائلة الحوثي، وذلك حسبما أوردت قناة المسيرة التلفزيونية التابعة للحركة.
ونقلت القناة بياناً لوزارة الداخلية التابعة للحوثيين أكد مقتل إبراهيم بدر الدين أمير الدين الحوثي، الذي بحسب وصفها "اغتالته أيادي الغدر والخيانة التابعة للعدوان الأميركي الإسرائيلي وأدواته".
ولم يتطرق معظم قادة الميليشيا إلى الحادثة، غير أن حسن زيد وزير الشباب في الحكومة غير المعترف بها والمقرب من عائلة الحوثي قال في منشور له على الفيسبوك إنه مُنع من نعي ابراهيم الحوثي والتعزية فيه، في إشارة إلى التكتم الشديد الذي تفرضه جماعة الحوثي على ملابسات عملية الاغتيال.
وألمح بيان الميليشيا الحوثية أن من نفذوا عملية الاغتيال لا يزالون طلقاء متوعداً بملاحقتهم.
وتضاربت الأنباء حول مقتل شقيق زعيم الحوثيين حيث أكدت وسائل إعلام تابعة للتحالف العربي قبل أيام مقتل شقيق زعيم الجماعة مع عدد من قيادات الحوثيين بغارة جوية في المنطقة الحدودية مع السعودية، إلا أن مصادر أمنية في صنعاء ذكرت اليوم انه وجد مقتولا في احدى الشقق في العاصمة اليمنية التي تسيطر عليها ميليشيات الحوثي.
وكان إبراهيم من أبرز قادة عملية اقتحام العاصمة صنعاء في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، حيث شارك بفاعلية وبشكل كبير في عملية الانقلاب على الشرعية واقتحام دار الرئاسة ومحاصرة الرئيس عبد ربه منصور هادي في منزله آنذاك.
يشار إلى أن هذه أول عملية غامضة تستهدف أحد أشقاء زعيم الجماعة الحوثية الذين يسيطرون على الأجهزة الأمنية كافة في صنعاء، ويحيطون تحركاتهم بالسرية التامة.
ومؤخراً اندلعت موجة من المواجهات بين أجنحة مختلفة تابعة لميليشيات الانقلاب راح ضحيتها عدد من القيادات الحوثية التي شاركت في اقتحام عمران وصنعاء وعدن.
وفي محافظة عمران أدت الصراعات الداخلية إلى مقتل القياديين مجاهد قشيرة الذي كان له دور في اقتحام مدينة عمران، ومحمد الشتيوي مدير جهاز الأمن السياسي فيها.
وفي محافظة إب وسط البلاد اندلعت مواجهات بين قوة تابعة لمدير أمن إب اللواء عبد الحافظ السقاف المعين من قبل الجماعة، وفصيل آخر على علاقة بالقيادي الحوثي محمد علي الحوثي رئيس ما يسمى باللجنة الثورية العليا، ما أدى إلى إقالة السقاف واعتقاله الذي تتكتم الجماعة حول مصيره.
ويعد مقتل إبراهيم الحوثي ضربة موجعة للجماعة، نظراً إلى أهميته الميدانية في معارك الانقلابيين، ولكونه يمثل واحداً من اقرب المقربين لزعيم الجماعة عبد الملك الحوثي.
التصعيد المستمر
الحوثيون، الذين يسيطرون على العاصمة صنعاء، كثّفوا في الأشهر الماضية هجماتهم على أهداف في السعودية، ورد التحالف باستهداف مواقع عسكرية تابعة للجماعة خصوصاً حول صنعاء.
ويهدد التصعيد في العنف اتفاقاً لوقف إطلاق النار رعته الأمم المتحدة ويشمل سحب القوات من مدينة الحديدة على ساحل البحر الأحمر، التي أصبحت محور المعارك في العام الماضي.
ويشهد اليمن منذ 2014 حرباً بين الحوثيين والقوّات الموالية للحكومة اليمنية المعترف بها دولياً. وفي مارس (آذار) 2015، قادت السعودية تحالفاً عسكرياً عربياً بطلب من الحكومة اليمنية لاستعادة الشرعية في البلاد.
وفي الوقت الذي أدى فيه النزاع إلى مقتل آلاف الأشخاص، تقدّر الأمم المتحدة أن هناك ما يقرب من 3.3 مليون نازح، فيما يحتاج 24.1 مليون شخص، أي أكثر من ثلثي السكان، إلى مساعدة عاجلة، بحسب المنظمة الأممية التي تصف الأزمة الإنسانية في اليمن بأنها الأسوأ في العالم حالياً.
ورغم هذه الظروف الإنسانية، أظهرت تقارير الأمم المتحدة الداخلية في عامي 2016 و2017 العديد من الحوادث التي اختطف فيها المتمردون الحوثيون شاحنات المساعدات التي تحمل الإمدادات الطبية، وتسليم الإمدادات لاحقاً لمقاتليهم على الخطوط الأمامية، او بيعها في الصيدليات التي تسيطر عليها.
وفي يونيو (حزيران) الماضي، أعلن ديفيد بيزلي، المدير التنفيذي لبرنامج الأغذية العالمي، خلال شهادة له بمجلس الأمن الدولي، أن المتمردين الحوثيين يتلاعبون بالمساعدات الغذائية على حساب الأطفال والنساء والرجال الذين هم في أمسّ الحاجة إليها، موضحاً أن برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة يتم منعه من إيصال المساعدات الغذائية إلى الأشخاص الأشدّ جوعاً في اليمن.