Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

25 يوليو تاريخ اقترن بجملة تحولات سياسية في تونس

حوله الرئيس قيس سعيد إلى موعد مع التأسيس لمسار جديد

أنهت تونس في عام 1957 حكم البايات ودخلت مرحلة الجمهورية (أ ف ب)

اقترن تاريخ الـ25 من يوليو (تموز) في تونس بجملة من التحولات السياسية والأمنية، كما مثل هذا الموعد منعرجاً حاسماً في تاريخ تونس المعاصر، لذلك لم يكن موعداً عادياً ولن يكون كذلك، فهو اليوم الذي قطعت فيه تونس مع حكم البايات عام 1957، عندما عقد المجلس القومي التأسيسي جلسة خارجة عن المألوف في قاعة العرش في قصر باردو لاختيار نظام حكم الدولة التونسية المستقلة حديثاً في الـ20 من مارس (آذار) 1956.

هذا التاريخ الذي طالما استثمر بشكل رمزي، ينطوي على دلالات ارتبطت بمشاريع دستورية، شكلت الهاجس الأكبر على مدى أكثر من نصف قرن من الزمن.

تونس تدخل مرحلة الجمهورية

ولم يكن الـ25 من يوليو 1957 تاريخاً مسقطاً، بل سبقه عديد القرارات التي مثلت تحولاً في المشهد السياسي آنذاك في تونس. ففي الـ31 من مايو (أيار) 1956، صدر "أمر علي" يقضي بإلغاء جميع امتيازات أفراد الأسرة الحسينية، وإلغاء الاحتفال بعيد العرش وجميع الإشارات إلى الملكية، كما صدرت في الـ13 من أغسطس (أب) 1956 مجلة الأحوال الشخصية، ثم في مارس (آذار) 1957 منحت التونسيات حق التصويت والترشح للانتخابات، وكانت بالتالي الإطاحة بالحكم الملكي (الأمين باي) نتيجة طبيعية للمسار الذي انتهجته تونس منذ 1955.

ويذكر أن الحكم الحسيني استمر لأكثر من قرنين ونصف قرن، فكانت لحظة الـ25 من يوليو 1957 مفصلية في تاريخ تونس، إذ دخلت بعده البلاد مرحلة جديدة بإقامة النظام الجمهوري. واقترن هذا التاريخ بجملة من الأحداث، ففي الـ25 من يوليو 1988 حصر الدستور في صيغته المعدلة عدد الولايات الرئاسية في ثلاث كحد أقصى ملغياً بذلك الرئاسة مدى الحياة، وارتبط عام 2013 بتاريخ اغتيال النائب في المجلس الوطني التأسيسي محمد البراهمي أمام منزله، لتتسارع الأحداث بعد ذلك مباشرة بإعلان تعليق أعمال المجلس التأسيسي، والدعوة إلى "اعتصام الرحيل" في ساحة باردو، للمطالبة بحل المجلس وإسقاط حكومة علي العريض.

وشهد يوم الـ25 من يوليو 2019 وفاة أول رئيس جمهورية منتخب بصفة مباشرة من الشعب بعد 2011، وهو الرئيس الراحل الباجي قائد السبسي، ثم إعلان حال الشغور في الرئاسة، ليتولى رئيس البرلمان وقتها محمد الناصر رئاسة البلاد بصفة موقتة، ويخلفه الرئيس قيس سعيد الذي وصل إلى قرطاج في الـ23 من أكتوبر (تشرين الأول) عام 2019 بعد فوزه في الانتخابات الرئاسية .

وفي الـ25 من يوليو 2021 طالب مئات من المتظاهرين والمتظاهرات في باردو بحل مجلس نواب الشعب بعد تنامي الصراعات السياسية داخله، مما تسبب في تعطل أعماله تحت رئاسة رئيس "حركة النهضة" راشد الغنوشي.

المنعرج السياسي

وبقي يوم الـ25 من يوليو التاريخ المنعرج في الذاكرة الجماعية للشعب التونسي، وحوله الرئيس قيس سعيد إلى موعد مع التأسيس لمسار جديد اختاره لتونس، إذ قرر في الـ25 من يوليو 2021 اتخاذ التدابير الاستثنائية وحل البرلمان وإقالة حكومة المشيشي، كما اختار أن يتزامن إحياء ذكرى عيد الجمهورية عام 2022، ليستفتي التونسيون على الدستور الجديد وسط جدل سياسي بين رافض ومؤيد ومقاطع لهذا الاستفتاء.

وتستوفي لحظة الـ25 من يوليو هذا العام 2023 السنتين من مسار جديد دشنته تونس، فهل تعززت قيم الجمهورية أم انتكست؟

تراوح الإجابة عن هذا السؤال بين النفي والتأكيد، بالنظر إلى حال الانقسام الذي يشق المشهد السياسي في تونس. فالداعمون للمسار الجديد يعتبرون القيم الجمهورية تعززت وازدهرت، بينما يرى معارضو المسار أن الانتكاسة بادية للعيان بسبب ما يعتبرونه "انقلاباً على الشرعية الدستورية".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

إنقاذ الدولة من التفكك

ويؤكد المتحدث الرسمي باسم التيار الشعبي في تصريح لـ"اندبندنت عربية" أن "مسار الـ25 من يوليو 2021 أنقذ الدولة التونسية بعد أن كانت مهددة بالتفكك"، ويعتبر الإجراءات الاستثنائية التي اتخذها رئيس الجمهورية يوم الـ25 من يوليو 2021، "إنقاذاً للدولة من خلال إعادة بناء المنظومة السياسية، كما خلصت تلك القرارات الدولة من ازدواجية السلطة، وصراع النفوذ وتنازع الصلاحيات".

ويضيف النابتي أن "تونس اليوم تعيش وضعاً مختلفاً يتسم بوضوح السلطة التنفيذية وبإرساء السلطة التشريعية"، داعياً إلى "تعزيز النظام السياسي، وضمان مزيد من التوازن بين السلطات".

ولا ينكر المتحدث الرسمي باسم التيار الشعبي، أن "لحظة الـ25 من يوليو 2021 رافقتها صعوبات كبرى على الصعيدين الاقتصادي والاجتماعي، بعد سنوات حكم المنظومة السابقة، وبسبب الأوضاع الدولية غير الثابتة والحرب الروسية - الأوكرانية".

ويشدد النابتي على أن "التحدي اليوم، هو رسم حلم مشترك وبناء أسس دولة وطنية في أفق قريب، وحل جذري للأزمات من أجل استقرار سياسي واقتصادي مطلوب".

انقلاب على المكتسبات

في المقابل يصف أستاذ القانون العام في الجامعة التونسية شاكر الحوكي ما حصل يوم الـ25 من يوليو 2021، بـ"الانقلاب على جميع المكتسبات البورقيبية وعلى قيم الجمهورية لعام 1957"، لافتاً إلى "تراجع قيم الجمهورية من خلال انهيار المؤسسات التي يرى أنها كانت أكثر متانة وأكثر معقولية مما هي عليه اليوم".

ويقر الحوكي بأن "فترة حكم الحبيب بورقيبة ثم زين العابدين بن علي كانت تتسم بالتسلط، ولم تترك مجالاً لإرساء نظام ديمقراطي، إلا أنه كان هناك حد أدنى من احترام المؤسسات ومنطق الدولة، واليوم نتجه نحو نظام شعبوي تسلطي، وهو منعرج في تاريخ تونس كانت له أسبابه إلا أنه لن يستمر طويلاً"، على حد تعبيره.

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير