Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

أول مناظرة رئاسية مباشرة في لبنان

تشارك بها مجموعة مرشحين للرئاسة عبر نقاش واحد ومباشر سيبث من خلال قنوات تلفزيونية عدة

مظاهرة على طريق قصر بعبدا في لبنان عام 2019 فيما يستمر الفراغ الرئاسي منذ أكثر من سنتين (ا ف ب)

ملخص

يترقب لبنان جلسة انتخاب رئيس للجمهورية في التاسع من يناير (كانون الثاني) الجاري، وفي السياق برزت مبادرة لم يعتدها الوطن العربي وبالتحديد لبنان وتتعلق بالانتخابات الرئاسية، وهي مناظرة رئاسية مباشرة ستظهر خلالها مجموعة مرشحين في نقاش واحد ومباشر على الهواء، وعبر قنوات تلفزيونية عدة.

إن وضعنا الملف الأمني والخروق الإسرائيلية جانباً فلا صوت يعلو في لبنان فوق صوت العد العكسي لجلسة التاسع من يناير (كانون الثاني) الجاري الرئاسية لأسباب عدة، فهي أول جلسة تعقد بعد عام ونصف العام من آخر جلسة انتخاب شهدها البرلمان اللبناني، كما أنها تأتي بعد انتهاء الحرب الثالثة بين إسرائيل و"حزب الله" باتفاق وقف إطلاق نار وقّع نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، على رغم أن الأرض تقول ما هو مختلف، فالخروق الإسرائيلية لم تتوقف والانسحاب الإسرائيلي لم يتم، فيما الحزب بدوره لم يخل مواقعه جنوب نهر الليطاني.

وتضاف إلى التطورات السابقة ما شهدته سوريا من تحول جذري غير متوقع تمثل في سقوط نظام بشار الأسد بعد حكم لآل الأسد دام أكثر من 50 عاماً، وهذا التغيير انعكس مباشرة على الداخل اللبناني وبخاصة على حلفاء النظام السوري السابق في بيروت، مما أضعف موقعهم وقوتهم.

كل هذه الأسباب مجتمعة وغيرها تجعل من جلسة التاسع من يناير الجاري محطة مفصلية، فيما بورصة المرشحين تختلف على مدار الساعة مع ترشح شخصيات عدة للسباق، إنما تبقى الأسماء الأكثر حظوطاً للوصول إلى قصر بعبدا بعيدة من الترشح العلني، ولعل أبرزها قائد الجيش العماد جوزيف عون.

وعلى رغم أن نتيجة الجلسة غير مضمونة حتى الساعة فإن معظم المحللين يقرون بصعوبة خروج الدخان الأبيض من هذه الجلسة، إذ لا يمتلك أحد المرشحين 86 صوتاً للفوز بالدورة الأولى، ولا حتى 65 صوتاً للفوز بالدورة الثانية، إلا إذا أخرجت أرانب جديدة خلال الجلسة كانت مخبأة في جعبة بعضهم ومنهم رئيس البرلمان نبيه بري.

الأولى لبنانياً والثانية عربياً

وعلى وقع كل ما سبق برزت مبادرة لم يعتدها الوطن العربي وبالتحديد لبنان، تتعلق بالانتخابات الرئاسية، وهي مناظرة رئاسية مباشرة ستظهر خلالها مجموعة مرشحين في نقاش واحد ومباشر على الهواء وعبر قنوات تلفزيونية عدة، أما تاريخ هذه المناظرة فسيكون في السادس من يناير الجاري، أي قبل الجلسة بثلاثة أيام.

تبرز هذه الخطوة التي تحمل شعار "لبنان يقرر" وسيقوم بإدارتها الإعلامي زافين قيومجيان، باعتبار أنها أول مناظرة رئاسية تحصل في لبنان والثانية عربياً بعد تونس عام 2019، ويكشف مدير مبادرة "مناظرة" في لبنان بول أبي إسحاق في حديث إلى "اندبندنت عربية" أن الفكرة تبلورت قبل أعوام في تونس بعدما ترسخ بصورة كبيرة الفراغ بين الشعب والمسؤولين الذين يتولون مناصب عليا، وقال "في لبنان نحن نعلم أن الرئيس ينتخب عبر البرلمان والشعب اللبناني لا يمتلك صلاحيات بالانتخاب، ولكن هذا لا يعني أن المرشحين لا يجب أن يقفوا أمام الشعب اللبناني، ونحن اليوم لن نؤثر بصورة مباشرة في انتخاب الرئيس المقبل، ولكن التأثير سيظهر في المدى البعيد لدى الشعب اللبناني و القرارات السياسية التي ستتخذ داخلياً". 

يؤكد أبي إسحاق أن "الدعوة أرسلت بالفعل إلى كل المرشحين الذين طرحت أسماؤهم، إن كانوا أعلنوا ترشحهم مباشرة وبصورة شخصية، أم أن قوى سياسية وأحزاباً تسعى إلى ترشيحهم، ولعل أبرزهم إبراهيم كنعان وزياد بارود و سليمان فرنجية وسمير جعجع وفريد هيكل الخازن وألفرد رياشي، إنما عدد قليل أكد مشاركته وهو أربعة مرشحين".

حضور جمهور منوع

وخلال المناظرة سيجيب المشاركون عن مجموعة أسئلة موحدة في وقت موحد أيضاً، كما سيحضر جمهور منوع وسيطرح بدوره أسئلة على المرشحين، ويضيف مدير المبادرة أن بث المناظرة لن يقتصر على قناة إعلامية لبنانية واحدة، بل سيحصل على غالبية القنوات الإعلامية المحلية لضمان الشفافية وعدم الانحياز إلى مرشح دون سواه، انطلاقاً من واقع أن غالبية المؤسسات الإعلامية في لبنان مسيّسة ومحسوبة على طرف دون سواه.

وتأتي هذه الخطوة التي تعتبر أساساً في الدول الديمقراطية الكبرى للتعرف إلى المرشحين لقيادة البلاد لأعوام مقبلة، في بلد عاش ويعيش صعوبات ومطبات سياسية وأمنية متلاحقة، ولم يعرف ممارسة ديمقراطية سليمة في العمل السياسي خلال العقود الماضية، فيما انتخاب رئيس البلاد يجري عبر البرلمان المؤلف من 128 نائباً، وحال الوضع اليوم تقول إنه لا قدرة لدى أية كتلة أو كتل نيابية مجتمعة على إيصال مرشح، مما أدى إلى فراغ رئاسي منذ أكثر من عامين

وفي السياق يقول إسحاق "صحيح أن الرئيس يختاره النواب ولكن هذا لا يعني أن وقوف المرشحين أمام الشعب والرأي العام وطرح أفكارهم وتوجهاتهم في القضايا الأساس والكبرى ليس مهماً، بل على العكس هو بداية مسار إصلاحي في العملية الديمقراطية لبنانياً، وخلق تواصل مباشر بين الشعب ورئيسه المحتمل، بخاصة أن جمهوراً منوعاً من كل الأحزاب والأطياف سيحضر المناظرة، وسيحق له طرح الأسئلة على المرشحين".

مراحل متعددة وبث مباشر

ويتضمن هذا الحدث الإعلامي مجموعة مراحل أبرزها الأسئلة المباشرة وحق الرد والخطاب الختامي لكل مرشح، فيما سيكون وقت كل مرشح متساوياً مع الآخرين، وستنقل المناظرة مباشرة على الهواء ولن تكون مسجلة مسبقاً.

يبدأ الإعلامي زافين قيومجيان حديثه عن المناظرة بالقول "أنا محظوظ بأن أكون جزءاً من هذا الفريق، وهذا حدث تاريخي في لبنان"، معتبراً أن المناظرة هي فعل ديمقراطي وتمرين على الديمقراطية وأمر إيجابي.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ويكشف في حديث إلى "اندبندنت عربية" أنه لن يكون جزءاً من الإعداد ووضع الأسئلة، لأنه في أسس المناظرة لا يجب أن يكون للمذيع عداء مع أحد وعلى مسافة واحدة من الجميع، مضيفاً "عملي محدود جداً ويشبه الآلة التي تحرص على توزيع الوقت بصورة متساوية، والحرص على ألا أعطي طرفاً مساحة أكبر من غيره، أو أظهر وكأنني مع أحد ضد آخر، ولكن في الوقت نفسه يجب أن تحصل تدخلات في لحظات معينة، فدوري أساس ولكن يجب ألا يظهر، وهنا صعوبة هذه المهمة".

أرقى الممارسات الديمقراطية

ويرى زافين أن هذه المناظرة تمثل أرقى الممارسات الديمقراطية في بلد انتخاباته الرئاسية بعيدة تماماً من العملية الديمقراطية، ويتابع "نسعى من خلال هذه المناظرة إلى أن نترك تأثيراً في البرلمان و الجمهور، ولا بد من أن يقول المرشح للناس كيف سيتعامل مع الأمور والمحطات المقبلة".

"المناظرة سيف ذو حدين، ولا بد من أن تظهر آراء المرشحين وكيف يفكرون في قضايا معينة تطرح مباشرة على الهواء، وكيف سيتفاعل كل مرشح مع هذه القضايا، وفي المقابل فإن المشروع أفكار معدة مسبقاً وتشبه إلى حد كبير بعضها بعضاً"، يتابع زافين.

ورداً على سؤال حول تأثر مناظرة لبنان بما يحصل في مناظرات أميركا الرئاسية والتي تعد الأكثر مشاهدة في العالم، يجيب أن مناظرة الرئيس المنتخب دونالد ترمب وكمالا هاريس الأخيرة وقبلها ترمب والرئيس جو بايدن، لم تكن الوجه المثالي لكيف يجب أن تكون المناظرات، بل تحولت إلى استعراض وفقدت دورها في أن تكون مساحة للنقاش السياسي. 

تكافؤ المشاركة والمشاهدة

يقارب المتخصص في إدارة المعلومات وتكنولوجيا الإعلام دكتور عماد بشير هذه المناظرة بقوله، إن الحدث مهم وجيد بالنسبة إلى البنان، وهو يعزز القناعة بأن الرئيس هو لكل اللبنانيين الذين لديهم القدرة الآن على سماع آرائه ورؤيته للملفات الكبرى، كما أن هذه المناظرة ستكشف مدى معرفة المرشحين بالسياسة والاقتصاد والاجتماع والثقافة وإدارة البلاد، خصوصاً في هذه المرحلة الحرجة، والوضع الاستثنائي الذي له خصوصياته وصعوباته.

يعرف بشير المناظرات بصورة عامة بأنها شكل من أشكال التواصل والتسويق السياسي، لكنها ليست بمفردها قادرة على تغيير الرأي العام أو تعديل آراء الناس بصورة مستقلة، بل تأتي ضمن مجموعة من وسائل الاتصال وأدوات التسويق المختلفة، التي تؤثر كل واحدة منها بطريقة مختلفة على الجمهور، مع معرفة مسبقة في لبنان أن انتخاب الرئيس يتم عبر تصويت النواب في البرلمان، إنما هذا لا يقلل من أهمية المناظرة التي لا بد أن تدخل إلى الممارسات السياسية والتسويق السياسي في لبنان.

"المطلوب من المرشحين الاستعداد، فالوقت واحد بين المشاركين خلال المناظرة وكذلك الأسئلة، وهذه أمور من الجيد أن نعتاد عليها"، يقول المدير السابق لكلية الإعلام في الجامعة اللبنانية مشككاً بمشاركة من لديه حظوظ قوية بالوصول إلى قصر بعبدا في هذه المناظرة، ويضيف "زلات اللسان مكلفة وخصوصاً في المباشر الإعلامي".

ويختم بالتشديد على أنه كما هناك تكافؤ فرص بين المرشحين في لبنان، الذي له خصوصية معينة حيث الرأي العام منقسم، لا بد أن يكون هناك أيضاً تكافؤ فرص للمشاهدة، خصوصاً أن بعض المحطات مقاطعة من قبل جمهور معين وتشاهد من قبل جمهور آخر، لذلك من الأفضل أن تبث هذه المناظرة على التلفزيون العام، أي تلفزيون لبنان، أو على كل الشاشات بصورة مباشرة، حتى تكون فرصة المشاهدة متساوية أمام كل اللبنانيين.

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير