Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

السباحة الطبقية عابرة للعصور

رافقت البشرية منذ فجر التاريخ، ونقشت صورها على صخور حضارات ما بين النهرين ومصر واليونان وروما وسريلانكا

السباحة علاج للجسد والنفس للكبار والصغار (بكسلز)

ملخص

منذ أقدم العصور السباحة في الأحواض الخاصة لعلية القوم وفي البحار والأنهار لعامة الشعب

نعيش أشهرنا التسعة الأولى في هذا الكوكب كأجنة، نتنفس وتتكون أعضاؤنا وتنبض قلوبنا محاطين بماء الأمومة الانسيابي، قبل أن نخرج إلى الهواء الفج، لنبدأ رحلة الحياة فيه. وتظل المياه التي تشكل أكثر من 70 في المئة من أجسامنا تتوق إلى محيط الرحم المائية، فنعوضها بما تيسر من غوص وسباحة في البحار والمحيطات والأنهار والجداول والسواقي وبرك السباحة، لنسترخي ونشعر بنوع من الانتماء.

قد يكون هذا دلالة على أن السباحة رافقت الإنسان منذ فجر التاريخ. وفي حين يصعب بحسب الأبحاث تحديد الأصول الدقيقة للسباحة، إلا أن الأدلة الأثرية تشير إلى أن السباحة كانت تمارس في مختلف الحضارات والثقافات عبر التاريخ. بعضها أرجعها إلى سباحة الإنسان القديم قبل أكثر من 100 ألف عام للترفيه والصيد وجمع المحار.

 

بركة السباحة الأولى

تطالعنا الأفلام التاريخية التي تستنبط حكايا الشعوب القديمة من الآثار التي خلفتها ببرك سباحة للملوك والأمراء والنبلاء وعلية القوم، في حين نجد عامة الشعب يغتسلون ويسبحون على ضفاف الأنهار وشواطئ البحار. فمتى أنشئ أول حوض سباحة؟ وهل كانت السباحة حكراً على الطبقات الثرية من الشعوب؟

يعد أول حوض سباحة مسجل في العالم هو "الحمام العظيم" الذي يعود لحضارة وادي السند، باكستان الحالية وشمال غربي الهند، بني في مدينة موهنجو دارو Mohenjo-Daro منذ نحو 2600 قبل الميلاد باستخدام الطوب، مع بطانة مقاومة للماء مصنوعة من البيتومين لمنع تسرب المياه، بطول 12 متراً، وعرض سبعة أمتار، وعمق نحو مترين ونصف المتر. يعتقد المؤرخون أنه كان يستخدم للاستحمام الطقسي، وكمنطقة استحمام عامة، أو للاحتفالات الدينية.

وتظهر الآثار أن عديداً من ثقافات السكان الأصليين في جميع أنحاء العالم كان لها تاريخ في السباحة واستخدام المسطحات المائية لأغراض مختلفة، مثل النقل وصيد الأسماك.

تشير الأدلة الأثرية بحسب موسوعة "بريتانيكا" إلى أن السباحة قد مورست منذ 2500 قبل الميلاد في مصر وفي الحضارات الآشورية واليونانية والرومانية، وغيرها.

وعلى رغم وجود آلهة للبحار في الحضارات التي نشأت على ضفافها مثل "بوسيدون" لدى الإغريق، و"نبتون" لدى الرومان و"يم" لدى الكنعانيين، فإن السباحة لم تكن تحظى باهتمام كبير، كون سكان الشواطئ كانوا يسبحون كما يمشون، ولم يلقوا بالاً أنهم يمارسون أمراً سيصبح بمرور الزمن رياضة لها أربابها وأبطالها.

السباحة عبر الزمن

كان للسباحة أهمية ثقافية ومجتمعية مختلفة في تاريخ الحضارة الإنسانية، واختلف مفهومها كنشاط رفيع المستوى عبر فترات زمنية ومجتمعات مختلفة. ففي الحضارات القديمة كانت السباحة ذات قيمة عالية وتعتبر مهارة أساسية. فاعتبرت في مصر القديمة مهارة قيمة لكل من الحياة اليومية والأغراض العسكرية. وتوجد أدلة على السباحة المصورة في الفن المصري يعود تاريخها إلى نحو 2500 قبل الميلاد. وتظهر بعض الكتابات الهيروغليفية أن الملوك والفقراء كانوا يسبحون في نهر النيل، ووجدت نقوش لمشاهد لعبور النهر سباحة أو على جلود الحيوانات المنفوخة.

وتشير التنقيبات على الآثار البابلية والآشورية إلى أنه قبل أكثر من ستة آلاف عام نقش أشخاص يسبحون، وتعد من أقدم الرسوم وأشهرها. واستعان الآشوريون بجلد الماعز لابتكار مجسم يطفو بهم في الأنهار سريعة الجريان.

 وضمن الإغريق السباحة في التربية البدنية والتدريب العسكري. وتظهر النقوش قبل خمسة آلاف عام ورسوم المعابد القديمة مشاهد للسباحة والغطس.

بينما في روما كانت السباحة شائعة كشكل من أشكال الاستجمام، وبنى الأباطرة في قصورهم حمامات سباحة ترفيهية حولها الحدائق وصالات الألعاب والرياضة، في حين بنيت مجمعات حمامات عامة كبيرة تسمى "ثيرما" حيث يتجمع عامة الناس للاستحمام والتواصل الاجتماعي.

وخلال القرن الأول قبل الميلاد، بنى غايوس مايسيناس، وهو دبلوماسي روماني ومستشار للإمبراطور الروماني أوغسطس، أول حمام سباحة مدفأ معروف.

وبنيت أحواض السباحة في سريلانكا في القرن الرابع قبل الميلاد، وزينت بالأدراج المعلقة والأواني المزخرفة.

أما في العصور الوسطى فكان ينظر إلى السباحة في بعض الثقافات الأوروبية على أنها مهارة ضرورية، بخاصة للصيادين والبحارة، ولكن لم يتم تشجيع السباحة بشكل كبير، بل على العكس حيث أسهمت المعتقدات الدينية أو الثقافية في كبتها، إضافة إلى الخوف من انتشار العدوى والأوبئة، إلى أن استعادت السباحة بعض شعبيتها في عصر النهضة بخاصة بين الطبقات العليا، حيث بنيت حمامات السباحة والحمامات في ملاعب النبلاء والأرستقراطيين. إلى أن اتخذت في التاريخ الحديث منذ القرن التاسع عشر طابعاً تنافسياً، وأصبحت تعد رياضة رسمية، وباتت منتشرة على نطاق واسع كمهارة حياتية أساسية ونشاط ترفيهي شائع للأشخاص من جميع الخلفيات والطبقات.

 

طبقية السباحة

على رغم أن أحواض السباحة والحمامات الفاخرة كانت تحظى بشعبية لدى الأثرياء والنخبة الاجتماعية، فإن هناك أماكن أخرى أقل رفاهية كان يسمح للعامة بزيارتها واستخدامها. فيلجأون إلى الأنهار والبحيرات للسباحة والاستحمام، حيث كانت المياه العذبة والطبيعية متاحة للجميع وتستخدم كموارد للاسترخاء والنظافة الشخصية، إضافة إلى بعض الحمامات العامة التي كانت متاحة للجمهور بأجور معقولة أو حتى مجاناً، وتستخدم للنظافة الشخصية والاسترخاء واللقاءات الاجتماعية.

أحواض السباحة في المنازل

في عام 1896 بدأت الألعاب الأولمبية الحديثة بالانتشار وتضمنت سباقات السباحة، مما جعل حمامات السباحة أكثر شعبية وانتشاراً. وكانت حمامات السباحة شائعة في بريطانيا في منتصف القرن التاسع عشر. في وقت مبكر من عام 1837 ويعتقد أن نادي السباحة Maidstone في ميدستون هو أقدم نادي سباحة في بريطانيا، كما يعد أحد النوادي في فيلادلفيا بالولايات المتحدة الأميركية الذي شيد عام 1907 واحداً من أوائل حمامات السباحة الحديثة في العالم.

وأصبحت حمامات السباحة المنزلية شائعة في الولايات المتحدة بعد الحرب العالمية الثانية. وفي عام 1963 بلغ العدد 188 ألف حمام سباحة سكني في الأفنية الخلفية من هوليوود إلى ماين. وبعدها بسنوات أصبح المسبح المنزلي أو السكني مشهداً مألوفاً. ويوجد الآن في الولايات المتحدة الأميركية أكثر من 10.4 مليون حمام سباحة سكني وأكثر من 309 آلاف حمام سباحة عام.

وعلى رغم الانتشار، فقد ظهر في كل العصور التفاوت في الوصول إلى أحواض السباحة والحمامات، لأنه يعكس النمط الاجتماعي والاقتصادي، إذ كانت الطبقات الأعلى من المجتمع تستمتع بامتيازات أكثر بسبب ثروتها ومكانتها الاجتماعية. ولم يتغير الأمر كثيراً، فما زالت المنتجعات الفخمة التي تحتوي على أحواض سباحة فاخرة بعيدة من متناول الجميع، لكن هذا لم يمنع الناس من الاستمتاع بهذه الرياضة بكل الأشكال الممكنة من خلال استخدام الشواطئ المجانية وضفاف الأنهار، إذ يستحق كل الناس الاستمتاع والحصول على المزايا الصحية التي تقدمها السباحة.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

لصحة جسدية وعقلية

تعتبر السباحة إضافة إلى كونها نشاطاً ترفيهياً، يوفر وسيلة ممتعة للتهدئة في يوم حار، نشاطاً صحياً، على الصعيد الجسدي والنفسي يمكن الاستمرار فيه مدى الحياة لفوائده الجسدية والعقلية العديدة.

فبحسب موقعbetter health  الأسترالي تعتبر السباحة تمريناً رائعاً، بسبب الحاجة إلى تحريك الجسم بالكامل ضد مقاومة الماء. فهي تحافظ على معدل ضربات القلب، وتزيل بعض الضغط عن الجسم، وتبني القدرة على التحمل، وقوة العضلات، ولياقة القلب والأوعية الدموية، وتساعد في الحفاظ على وزن صحي، وقلب ورئتين سليمتين، وتوفر تمريناً شاملاً للجسم، حيث تستخدم جميع العضلات تقريباً أثناء السباحة، إضافة إلى تحسين المرونة.

أما من الناحية النفسية فخلصت دراسة بريطانية هذا العام إلى أن 55 في المئة من البريطانيين قالوا إن قضاء وقت بالقرب من المسطحات المائية يحسن مزاجهم، و41 في المئة يحسن صحتهم العقلية، و39 في المئة يهدئ قلقهم، و31 في المئة يساعدهم على الانفصال عن هموم الحياة، و27 في المئة يساعدهم على النوم بشكل أفضل، و16 في المئة يقولون إنه يحسن عملية اتخاذ القرار، و13 في المئة يقولون إنه يساعد في حياتهم الشخصية أو مشكلات العلاقات.

فلا توفروا فرصة في الاندماج في السباحة لتخفيف وطأة الطقس الحار والاستجمام والاستفادة من منافعها الصحية للكبار والصغار.

اقرأ المزيد

المزيد من تحقيقات ومطولات