Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

"البرنوس"... سيّد ألبسة الجزائريين

ارتبط شيوعه بلباس المناهضين للاحتلال وبات ارتداءه مقتصراً على المناسبات والأعراس

البرنوس الجزائري البني (مواقع التواصل)

ملخص

الحضور الكبير لـ"البرنوس" أثناء مقاومة الاحتلال الفرنسي منحه انتشاراً وشعبية ورمزية بين الجزائرين... فإلى أي مدى وصل هذا اللباس الآن؟

يواصل التطور الجور على تقاليد وتراث الشعوب ومقومات المجتمعات وهو ما ينطبق على "البرنوس"، اللباس الذي ارتبط بهوية الجزائر، إذ لم يعد يظهر إلا في مناسبات محدودة بعدما كان شائعاً يرتديه الرجال والنساء وحتى الرؤساء والزعماء والوزراء.

مسيرة البرنوس

ويعد "البرنوس" أحد رموز الثقافة الشعبية في الجزائر على رغم أنه معروف أيضاً في تونس وليبيا، فيما يختلف في المغرب حيث يسمى السلهام".

ولعل من أسباب اعتزاز الجزائريين بهذه القطعة القماشية، حضوره الكبير في المقاومة الشعبية ضد الاحتلال الفرنسي، وتأتي صور مؤسس الدولة الحديثة الأمير عبدالقادر وهو يرتدي "البرنوس" التي تبقى راسخة في الذاكرة، وكذلك شيوخ المقاومة بوعمامة والمقراني والحداد لتكشف عن رمزية وقدسية هذا اللباس، كما للنساء حظ من "البرنوس"، إذ كانت الثائرة لالة فاطمة نسومر واحدة من اللواتي اشتهرن بارتدائه.

وتحول "البرنوس" إلى أداة ثقافية لمقاومة المحتل الفرنسي، فكان زعيم الحركة الوطنية مصالي الحاج يرتديه في كل مناسبة، بل لا تمكن رؤيته من دون ارتدائه، كما ارتداه الأئمة والمشايخ، ومنهم رئيس جمعية العلماء المسلمين عبدالحميد بن باديس ونائبه البشير الإبراهيمي.

علاوة على ذلك، كان لـ"البرنوس" دور في الثورة الجزائرية، فالثوار يرتدونه في المدن لإخفاء الأسلحة والمؤن، وفي الجبال من أجل مقاومة البرد، كما لبسه قادة وزعماء الجزائر منذ استقلال البلاد، بل ما زال يهدى إلى الشخصيات المرموقة التي يستضيفونها.

سيد الألبسة

وتذكر كتب التاريخ أن "البرنوس" يعتبر سيد الألبسة الرجالية، إذ إن جل الجزائريين كانوا يرتدونه، كما أنه رافق حياتهم منذ صغرهم، فيرتديه الطفل منذ بلوغه سنتين من عمره، بحسب ما ورد في كتاب "الأخلاق والعادات والمؤسسات عند الأهالي في الجزائر".

وذكر عبدالرحمن بن خلدون في كتابه "ديوان المبتدأ والخبر في تاريخ العرب والبربر" هذا اللباس التقليدي، فقال إن "حدود بلاد البربر تبتدئ حيث الرجال يرتدون ’البرنوس‘، وتنتهي حيث الناس لا يأكلون الكسكسي (طعام شعبي من الطحين)".

 

 

على رغم ذكره في كتب تاريخية عدة، إلا أن أصوله لا تزال غير معروفة، وتبقى الرواية المتعارف عليها تلك التي تنسب بداياته إلى عهد مملكتي "الماسيل" و"الماسيسي" إبان فترة الاحتلال الروماني لشمال أفريقيا في القرن الأول قبل الميلاد، بحسب الباحثة الجزائرية فايزة رياش.

محدودية الظهور

و"البرنوس" هو لباس من قطعة واحدة تغطي الجسم من الكتفين حتى القدمين، به قلنسوة تغطي الرأس، ولا أكمام له، يكون مفتوحاً من الأسفل إلى أعلى الصدر، فيبدو مرتديه وكأن له جناحين، وبعد أن كان شائعاً بات محدود الظهور في الوقت الحالي.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

متخصص علم النفس بوجمعة وردالي قال إن "العولمة وتطور اللباس من العوامل التي أثرت بشكل كبير في تراجع اهتمام الشباب بتراثهم"، مشيراً إلى السبب التكنولوجي الذي أسهم في جذب الجيل الحالي نحو الموضة وإهمال التقاليد التي تعبر عن أصول الأمم والمجتمعات والشعوب.

وتابع أن الحكومة تتحمل جزءاً كبيراً من اختفاء بعض المقومات التراثية بعدما تجاهلت إحياءها، بل لجأت إلى التغاضي عنها في بعض الأحيان بسبب ضعف الثقافة والمستوى التعليمي للمسؤولين.

وأضاف أنه في بعض الفترات السابقة خلت المدن من كل ما يرمز إلى تراث البلاد وثقافتها وتاريخها، و"البرنوس" أحد الضحايا، لا سيما بعد سيطرة مظاهر التحضر على المشهد العام، مشدداً على ضرورة إعادة الاعتبار للموروث الثقافي في ظل الغزو التكنولوجي الذي بات يهدد بمحو تاريخ الشعوب.

أنواع وأسعار

وتتعدد أنواع "البرنوس" في الجزائر من حيث التسمية ونوعية القماش، إذ يعرف بـ "أفرنوس" في منطقة القبائل و"أعلاو" عند الشاوية، ويكون لونه أبيض ومصنوعاً من الصوف، فيما ينتشر في بعض مناطق شرق البلاد اللباس البني المصنوع من الصوف أيضاً، وأما في الغرب وعدد من الجهات الداخلية، فيكثر فيها اللونان البني والأسود للباس المصنوع في الغالب من وبر الجمال والصوف.

 

 

ينسج "البرنوس" عبر مراحل، تبدأ بجز الصوف أو وبر الإبل في عامه الأول أو ما يعرف بـ"المخلول"، أو من وبر الماعز أو البقر، ثم غسلها وتنقيتها وتجفيفها تحت أشعة الشمس، ثم يُكشط بآلة يدوية تسمى "القرداش" حتى لا يبقى كومة واحدة، ثم تصنع منه خيوط صغيرة تدخل إلى المنسج اليدوي وهناك تبدأ عملية النسج.

يتراوح سعر "البرنوس" النسائي بين 140 دولاراً و300 دولار بحسب الشكل ونوعية القماش والمنطقة، بينما يتعدى الرجالي في بعض الأحيان 2500 دولار.

رمزية ومناسبات

لم يعد "البرنوس" ذلك اللباس اليومي بل أصبح ظهوره يقتصر على المناسبات، ومع أنه رمز للشهامة والشموخ، إلا أن الرجل بات يرتديه أبيض يوم زفافه وفي الشتاء لمقاومته البرد، لكن بالألوان الأخرى مثل الأسود والبني.

وترتديه المرأة أبيض يغطي رأسها لحظة خروجها من بيت والدها وهي عروس متجهة إلى بيت زوجها، سواء فوق الفستان الأبيض أو العصري، ويوضع على الكتفين مطرزاً من الجوانب سواء بالخيط أو بالرسم.

اقرأ المزيد

المزيد من منوعات