Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

روسيا والغرب... قتال بأوكرانيا وحرب ظل في أفريقيا

بعد انقلاب النيجر تسعى موسكو بقيادة بوتين ومرتزقة "فاغنر" إلى بسط نفوذها في منطقة الساحل

مسيرة دعا لها مناصرو الانقلاب في النيجر. كتب على اللافتة "فلتسقط فرنسا، وليحيا بوتين" (أ ب)

ملخص

روسيا تتحدى العالم على جبهتين: احتدام المعارك في أوكرانيا وحرب بالوكالة في أفريقيا.

بينما تتواصل وتيرة القتال العنيف في إطار الحرب الأوكرانية، مع ما يترتب عنها من ارتفاع في حصيلة الوفيات والدمار، يتفاقم خطر اندلاع حرب ظل بين روسيا والغرب على بعد 2500 ميل منها في أفريقيا.

فالانقلاب العسكري الذي شهدته النيجر وأطاح الرئيس المنتخب والحليف الرئيس للغرب، محمد بازوم، أوصل إلى السلطة مجلساً عسكرياً. وبذلك، ينضم البلد إلى ثلاث دول مجاورة يحكمها قادة عسكريون، لديهم جميعاً روابط واسعة بمجموعة "فاغنر" للمرتزقة.

وتتفاقم الأزمة يوماً بعد يوم، إذ احتدت نبرة المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا (إيكواس)، التكتل الإقليمي المؤلف من 15 دولة، التي لوحت باحتمال التدخل العسكري، مطالبة بإعادة بازوم إلى سدة الحكم وانسحاب القوات المتمردة إلى ثكناتها.

ومن جهته ناشد بازوم الولايات المتحدة مباشرة طالباً منها المساعدة. ووصف الرئيس المخلوع نفسه بـ"الرهينة"، مشدداً على أن منطقة الساحل بأكملها ستخضع بشكل أكبر للنفوذ الروسي، مقابل تهميش تأثير الغرب فيها، في حال السماح لعملية الاستيلاء غير المشروع على السلطة في بلاده بالاستمرار.

وفي كلامه العلني عن هذا الوضع للمرة الأولى، طالب الرئيس الأميركي جو بايدن بإطلاق سراح رئيس النيجر فوراً، قائلاً "في هذه اللحظة الحرجة، تقف الولايات المتحدة إلى جانب شعب النيجر، احتراماً لشراكتنا المستمرة منذ عقود والقائمة على القيم الديمقراطية المشتركة ودعم الحكم المدني".

وقد عمل بازوم على تعزيز العلاقات مع الغرب، المملكة المتحدة ضمناً. وكان من بين عدد قليل من الرؤساء الأفارقة الذين يحكمون دولاً من خارج الكومنولث، الذين حضروا مراسم تتويج الملك تشارلز الثالث في لندن في مايو (أيار). وفي مقابلة أجريتها معه عندها، شرح لي كيف أصبحت بلاده ركيزة للغرب في منطقة ابتليت بالتكفيريين ومرتزقة "فاغنر" وأنظمة عسكرية مضطربة.

ولفت قائلاً "نحن على دراية تامة بأخطار في منطقتنا: تحدث محاولات مستمرة لتقويض حكومتنا ومجتمعنا. بمساعدة شركائنا في الغرب، وعبر الاستثمار في التعليم، أنا واثق أننا قادرون على صون الديمقراطية في بلادنا، لكن الخطر موجود دائماً، سواء من جانب المتطرفين أو من جهة (فاغنر)".

في أعقاب الانقلاب، عقد ويزر الخارجية البريطاني جيمس كليفرلي اجتماعاً مع الرئيس النيجيري بولا تينوبو في لاغوس، صرح على أثره بأن "المملكة المتحدة ترحب بشدة بتحركات (إيكواس) التي لا شك في أنها تحركات حاسمة تنم عن التزام كبير بالديمقراطية".

تنتشر في نيجيريا فرق بريطانية موكلة بالتدريب وتقديم الاستشارات، تساعد في دعم العمليات ضد تنظيم "بوكو حرام" الإسلامي، فيما سحبت قوة نشرت في السابق إلى جانب الفرنسيين في مالي، في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي. وأعربت مصادر الدفاع عن عدم وجود مخططات حالية لإرسال القوات المسلحة البريطانية في مهمة إلى النيجر.  

يوم الخميس، ألغى قادة الانقلاب في النيجر اتفاق تعاون عسكرياً مع فرنسا ينص على وجود نحو 1500 عنصر في النيجر من أجل التصدي لحركة التمرد الإسلامية في المنطقة. نقلت بعض تلك القوات إلى البلاد من مالي وبوركينا فاسو، بعد استبدالها بعناصر "فاغنر" عقب تسلم النظام العسكري السلطة في البلدين.

لدى الولايات المتحدة بدورها وجود عسكري قوي في النيجر، حيث تنشر قرابة 1200 عنصر وتمتلك قاعدة للطائرات المسيرة كلف بناؤها 100 مليون دولار (78 مليون جنيه استرليني). بعد الانقلاب، صدرت أوامر بعدم مغادرة الجنود قاعدتهم في مدينة أغادير شمال البلاد. وقامت الولايات المتحدة، كما فرنسا والمملكة المتحدة وغيرها من دول الغرب، بعمليات إجلاء جزئية لطاقم سفاراتها ومواطنين من النيجر. وأشار البنتاغون إلى عدم وجود أي مخططات حالية لسحب القوات الأميركية في الوقت الراهن.

على صعيد آخر، لوح المتظاهرون بأعلام روسية وحرقوا الأعلام الفرنسية فيما حاولوا إحراق السفارة الفرنسية في العاصمة النيجرية نيامي، وطلبوا المساعدة من موسكو في أعقاب الانقلاب.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ومن جانبه، اتهم مؤسس "فاغنر" يفغيني بريغوجين الذي يبدو أنه نجا في الوقت الراهن من تبعات محاولة الانقلاب التي نفذتها جماعته ضد فلاديمير بوتين، "القوات الاستعمارية (الغربية) السابقة" بإشعال فتيل الأزمة الأمنية في النيجر وغيرها من البلدان التي كانت مستعمرات سابقة لها. وهذا ما خلق "حباً لفاغنر"، بحسب تعبيره، لأن "الآلاف من مقاتلي (فاغنر) قادرون على فرض النظام وتدمير الإرهابيين وعدم السماح لهم بالمساس بشعوب هذه البلدان".

وقد ظهر بريغوجين في اجتماع قمة روسي - أفريقي عقد في سانت بطرسبورغ الأسبوع الماضي، بعد أن أعتقد أنه نفي إلى بيلاروس بموجب اتفاق أبرمه رئيس البلاد ألكساندر لوكاشينكو مع الكرملين، بعد توسطه لمحاولة إنهاء تمرد "فاغنر". ويبدو أن الوضع على حاله بالنسبة إلى الأعمال المربحة التي تقودها الجماعة في أفريقيا بدعم من موسكو.

أعلن قادة النظامين العسكريين في بوركينا فاسو ومالي خلال الاجتماع أنهم سيعتبرون أي تدخل عسكري خارجي في النيجر اعتداء عليهم.

وقالوا في بيان "إن أي تدخل عسكري ضد النيجر هو بمثابة إعلان حرب على بوركينا فاسو ومالي"، فيما حذر رئيس النظام في غينيا من أن "أي تدخل عسكري سيؤدي إلى كارثة إنسانية قد تمتد تداعياتها إلى خارج حدود النيجر".

وفي هذه الأثناء، اندلعت بعض الاضطرابات في السنغال التي وضعت حكومتها قواتها المسلحة تحت تصرف "إيكواس" في حال تطلب الأمر شن عملية ضد النيجر. وفيما اندلعت التظاهرات بشكل رئيسي تنديداً باعتقال زعيم المعارضة عثمان سوكو، يزعم المسؤولون أن ما يحفزها هو المعلومات الكاذبة وتدخل المنظمات الأجنبية.

ويلفت مسؤولون غربيون إلى حملات مشابهة ضد حكومات أخرى في الساحل. وزعم منشور ملفق انتشر على وسائل التواصل الاجتماعي بأن بازوم واجه انقلاباً أثناء زيارته لإيمانويل ماكرون في باريس، فيما قال آخر إن الفرنسيين سلحوا مجموعة متشددة قتلت 17 عنصراً من القوات المسلحة في النيجر خلال الفترة نفسها تقريباً.

وتبين أن مصدر هذين المنشورين هو مشروع لاختا، وهو "مزرعة ترولز" أو متصيدين مهمتهم التعليق أو الإدلاء بآراء على المواقع الإلكترونية للتأثير بالرأي العام. وتفرض الولايات المتحدة عقوبات على هذا المشروع، الذي يموله بريغوجين، منذ عام 2018.

ومن جهته يتبنى الجنرال عبدالرحمن تياني، رئيس النظام الجديد في النيجر، موقف تحد، إذ يقول إنه من شأن "(التدخل الأجنبي) أن يوحد شعب النيجر برمته لهزيمة من يريدون تكبيد شعوبنا الكادحة معاناة لا توصف وزعزعة بلادنا".

في المقابل، يتحدث مسؤولون أمنيون في الغرب عن وجود شعور قوي بضرورة التحرك.

وبحسب تعبير أحد هؤلاء "عدنا إلى أيام الحرب الباردة ونظرية الدومينو. رأينا كيف وقع عدد كبير من هذه القطع في أيدي الروس، في ظل عدم التحرك من أجل التصدي لهذه الانقلابات العسكرية. هناك دعم كبير لعكس هذا التوجه في النيجر. سيترك أمر التدابير الميدانية لـ(إيكواس)، لكنها ستحظى بدعم أميركي وأوروبي كبير".

ساد هذا الجو في البلدان المجاورة كذلك. ففي السنغال، قالت وزيرة الخارجية عيساتا تال سال "وقعت انقلابات كثيرة جداً في هذه المنطقة… تؤمن السنغال بأنه من الضروري وضع حد لهذه الانقلابات". وأضافت أنه في حال تدخل "(إيكواس) ستذهب القوات السنغالية إلى هناك".

وفي أعقاب اجتماع دفاعي عقدته "إيكواس" صرح الجنرال كريستوفر موسى رئيس أركان الجيش النيجيري بقوله "لن تكون مهمة إعادة فرض الديمقراطية في النيجر بالأمر السهل، لكننا مستعدون لها، وسنتدخل فور تلقينا الأمر بذلك".

© The Independent

اقرأ المزيد

المزيد من تحلیل