ملخص
ثمة أوجه شبه بين الراحل اليوم جيمي كارتر ودونالد ترمب. فكل منهما بلغ سدة الرئاسة الأميركية من خارج عالم نخبها.
عهد جيمي كارتر كان بالغ الاضطراب. ففي ولايته الأولى والأخيرة شهدت الولايات المتحدة أزمة تلو الأخرى في الثمانينيات: أزمة شح موارد الطاقة، واصطفاف السيارات أمام محطات الوقود، تضخم ثقيل وارتفاع معدلات الفائدة، وصول شيوعيين إلى الحكم في نيكاراغوا وغزو السوفيات أفغانستان في 1979 واحتلال طلاب إيرانيين السفارة الأميركية في طهران في 1979- 1980. ولكنه على الساحة الخارجية، سعى إلى عمليات سلام أبرزها في الدول العربية، وبرز دوره في القضاء على نظام الأبارتايد في جنوب أفريقيا.
وهو ولد في 1924 في أسرة من المزارعين بولاية جورجيا على أعتاب الأزمة الاقتصادية الكبرى. وهو أول رئيس أميركي دعا إلى الاحتكام إلى حقوق الإنسان وترجيح كفتها على كفة الأمن القومي، وقاطع ألعاب أولمبية نظمت بموسكو في 1980. وعلى خلاف رونالد ريغان الذي كان وراء حرب الفضاء وإطاحة الاتحاد السوفياتي (حرب الفضاء وحرب النفط)، وقع كارتر على اتفاقية "سالت 2" لمراقبة الحد من التسلح النووي وتقليص الأسلحة الاستراتيجية. وأشرف كارتر على انتقال بلاده من عهد الصناعات الثقيلة إلى اقتصاد الخدمات والتكنولوجيا وتكبد صعوبات هذه المرحلة الاقتصادية الانتقالية فخسر السباق الانتخابي إلى ولاية ثانية.
وهو كان يدير مزرعة فستق بجورجيا قبل فوزه المفاجئ بالانتخابات الرئاسية 1976. وقبل بلوغه سدة الرئاسة كانت السياسة الأميركية تلفظ كل من هو قادم من خارج رحاها. ولكن هذا "الدخيل" على عالم السياسة الأميركية عبّد الطريق أمام وصول رونالد ريغان من عالم السينما وبعدها بعقود دونالد ترمب من عالم التلفزيون.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ولكن شتان بين "الدخيل" كارتر وترمب. فالأول يرى أن "عظمة" أميركا تقتضي لعب دور ريادي "جامع وعام" في الخارج، والثاني يدعو إلى قطع الجسور مع العالم وانتهاج سياسة عدوانية ترجح كفة مصالح أميركا ويرفع لواء "لنجعل أميركا عظيمة من جديد". فاليوم يدور كلام دونالد ترمب على "استعادة" قناة بنما وضم كندا إلى الولايات المتحدة، بينما كارتر أعاد مقاليد قناة بنما إلى أهلها، وأسهم في حل نزاعات داخلية في أميركا اللاتينية في بوليفيا وجمهورية الدومينيكان. وهو سعى إلى مد جسور وساطة دبلوماسية بين أميركا وكوبا في 2002، عام فوزه بجائزة نوبل للسلام.
لكن على خلاف ترمب، قبل ترشح كارتر إلى الرئاسة كان حاكم جورجيا. فعلى رغم أنه لا ينتمي إلى الفئات السياسية والنخب السياسية، إلا أنه سار على خطى أسلافه من الرؤساء ممن شغلوا مناصب عليا في الدولة (مجلس النواب أو الشيوخ). وأوجه الشبه مع ترمب قليلة وكثيرة في آن، فهو على خلاف الثري ترمب، ديمقراطي قادم من أسرة متواضعة حمل شعلة الإنجيليين إلى الساحة السياسية. ودافع كارتر عن حقوق الأقليات و"الملونين" وسعى إلى دمج الأقليات في الحكومة الأميركية، في وقت يدين ترمب مثل هذه السياسة الاجتماعية ويصفها بأنها من بنات تيار اليقظة woke.