Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

انتهى الاستعمار الفرنسي وبقي "الفرنك الأفريقي" فما قصته؟

فرضته باريس في 14 دولة قبل لتضمن التبعية الاقتصادية وسيناريو الاستغناء "صعب"

تعتبر منطقة الفرنك الأفريقي من أقدم الاتحادات النقدية في العالم وأضعفها (أ ف ب)

ملخص

"الفرنك الأفريقي" قصة عملة وضعتها فرنسا في مستعمراتها الأفريقية السابقة، وبعد توجه باريس إلى اليورو أبقت على العملة نفسها بينما تشهد المنطقة تحولات جديدة وانقلابات قد تهدد عرشها.

تعود قصة "الفرنك الأفريقي" إلى مرحلة التحرر من الاستعمار الفرنسي في أربعينيات وخمسينيات القرن الماضي، حين فرضت فرنسا على 14 دولة أفريقية استخدام عملة موحدة وهي "الفرنك" أسوة بالفرنك الفرنسي الذي تتعامل به باريس وقتها.

وعلى رغم استقلالها رسمياً عن فرنسا وإسبانيا والبرتغال فلم تتخلص تلك الدول من التبعية المالية والاقتصادية التي فرضت عليها، إذ حافظت فرنسا على نفوذها في المنطقة، من خلال اتفاقيات في مجالات عدة منها الاقتصادية والمالية.

أقدم الاتحادات النقدية وأضعفها

فما قصة "الفرنك الأفريقي" أو ما يسمى الجماعة المالية للفرنك الأفريقي؟ وهل ستواصل دول غرب ووسط أفريقيا التعامل به، أم ستغير وجهتها نحو عملات أخرى؟

"الفرنك الأفريقي" هو اسم العملة الموحدة لـــــ14 دولة أفريقية أعضاء في منطقة الفرنك الأفريقي التي تضم 12 دولة كانت مستعمرات فرنسية، إضافة إلى غينيا بيساو التي كانت مستعمرة برتغالية، وغينيا الاستوائية التي كانت مستعمرة إسبانية، وتضم المنطقة مجموعتين نقديتين وهما "الفرنك الوسط أفريقي" ويستخدم في كل من الكاميرون والكونغو وغينيا الاستوائية والغابون وجمهورية أفريقيا الوسطى وتشاد، أما "الفرنك الغرب أفريقي" فيستخدم في بنين وبوركينا فاسو وكوت ديفوار وغينيا بيساو ومالي والنيجر والسنغال وتوغو.

وتعتبر منطقة الفرنك الأفريقي من أقدم الاتحادات النقدية في العالم، إذ يناهز عمرها سبعة عقود، إلا أنها الأضعف، بالنظر إلى المؤشرات التنموية والاقتصادية والاجتماعية لتلك الدول التي تعاني عدم الاستقرار السياسي والصراعات المسلحة وتنامي الجماعات التكفيرية والانفصالية، علاوة على نزوع الآلاف من سكانها إلى الهجرة السرية نحو أوروبا بحثاً عن موارد الرزق والعيش الكريم، على رغم ثرواتها الطبيعية الكبيرة.

الدينار التونسي

وإثر موجة الاستقلال التي شملت دولاً أفريقية في ستينيات القرن الماضي، توجهت دول عدة إلى رسم سياسات نقدية وطنية للتخلص من التبعية المالية لفرنسا، على غرار تونس التي "تعد من أوائل الدول الأفريقية التي وضعت عملة وطنية وهو الدينار، ثم تلتها الجزائر والمغرب، بينما بقيت الدول الأفريقية الأخرى مرتبطة بالفرنك الفرنسي"، بحسب ما أكده لـ"اندبندنت عربية"، محمد الأزهر الغربي، أستاذ التاريخ الاقتصادي في الجامعة التونسية.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ويضيف الغربي "المفارقة أن فرنسا غيرت عملتها ولم تعد الفرنك، بل أصبحت تتعامل باليورو، إلا أن الفرنك الأفريقي بقي متداولاً في هذه الدول"، وهو ما اعتبره "قمة الاستعمار والتبعية المالية والاقتصادية".

ويضيف أستاذ التاريخ الاقتصادي أن ما يحدث اليوم في العالم هو "ثورة نقدية من العملات الإلكترونية، وأيضاً الثورة النقدية في منطقة غرب ووسط أفريقيا، علاوة على أن النظام العالمي النقدي بصدد إعادة التشكل بسبب التغيرات الدولية الطارئة".

ويشير الغربي إلى أن "الحرب الأوكرانية الروسية دفعت عديد العملات إلى الواجهة، على غرار العملة الروسية والصينية"، لافتاً إلى "التوجه نحو عملة عالمية جديدة".

حرب نقدية

ويرجح أستاذ التاريخ الاقتصادي أن دول غرب ووسط أفريقيا قد تغير عملاتها وتتوجه إلى روسيا المهيمن الجديد في المنطقة، معتبراً ما يحدث في العالم اليوم "حرباً نقدية وحرب عملات، من أجل إنشاء نظام مالي عالمي جديد، أي نظام ما بعد العولمة".

ويخلص الغربي إلى اعتبار أن قدر الدول الأفريقية أن تتنقل من "استعمار فرنسي" إلى آخر روسي أو صيني، داعياً إياها إلى أن "تتحكم في ثرواتها، وتضع عملة وطنية وتستكمل سيادتها من أجل وضع أسس الدولة الوطنية".

في الأثناء، ينصح خبراء المال بربط الفرنك الأفريقي بسلة عملات كالدولار والين الياباني واتباع آلية السوق في تحديد قيمة الصرف، لتحقيق أقصى درجات المرونة بما ينعكس إيجاباً على المبادلات التجارية الخارجية لصالح دول المنطقة الأفريقية.

قوته من فرنسا

وبينما تواجه فرنسا موجة سخط عاتية في منطقة غرب ووسط أفريقيا، عبرت عنها الانقلابات والأحداث الأمنية التي شهدتها أخيراً بعض بلدان هذه المنطقة، وآخرها انقلاب النيجر، وما نتج منه من إيقاف تصدير اليورانيوم، علاوة على رغبة شعبية في فك الارتباط بالمستعمر السابق، وفتح المجال أمام علاقات اقتصادية وشراكات جديدة مع كل من روسيا والصين والهند، وهم المنافسون الجدد لفرنسا في القارة السمراء الغنية بالثروات، يرى الأكاديمي والباحث في المجال الاقتصادي آرام بالحاج في تصريح خاص أنه "يصعب على دول منطقة الفرنك الأفريقي التخلص من تبعية عملاتها إلى فرنسا لأنها عملات هشة قد تفقد قوتها التي تستمدها من اليورو"، مشيراً إلى أن "هذه العملة تستمد قوتها أيضاً من قوة المعسكر الغربي، إذ إن الفرنك الأفريقي له مقبولية في أوروبا لأسباب تاريخية تربطه بفرنسا".

ويستبعد الباحث في الاقتصاد سيناريو استغناء هذه الدول عن "الفرنك الأفريقي" لأن "العملات الأخرى الروسية أو الصينية غير قابلة للتحويل، بالتالي لا يمكن لدول غرب ووسط أفريقيا أن تتخلى عن عملة سهلة التحويل وقابلة للتعامل في الأسواق القريبة وتتجه إلى عملات يصعب تحويلها واعتمادها".

ويرجح بالحاج إمكانية "انفتاح هذه الدول الأفريقية على التعامل مع مجموعات اقتصادية ومالية جديدة، مثل روسيا أو الصين، شرط توفر شروط ومقومات تضمن فاعلية هذا التعامل".

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير