ملخص
سيتعرض الرئيس الحالي للمجلس الأعلى للدولة الليبي محمد تكالة لضغط من قبل أعضاء المجلس يحول دون تمرير التعديلات التي أرسلها البرلمان الثلاثاء الماضي
أعلنت المتحدثة الإقليمية باسم الحكومة البريطانية لشؤون الشرق الأوسط وشمال أفريقيا روزي دياز أن بلادها ترفض "تشكيل حكومة انتقالية جديدة في ليبيا". وأوضحت دياز في تصريحات صحافية أن "تشكيل حكومة موقتة جديدة يهدد بإطالة الفترة الانتقالية من دون دفع البلاد نحو الانتخابات". وحثت القادة الليبيين على التوصل إلى "توافق ينهي المراحل الانتقالية في البلاد والوصول إلى عملية سياسية شاملة والعمل على تحقيق اتفاق سياسي في شأن قانون الانتخابات"، منوهة بأن بريطانيا تدعم الخطوات التي يقوم بها ممثل الأمين العام للأمم المتحدة في ليبيا عبدالله باتيلي.
لا بديل عن "6+6"
كذلك أوضحت المتحدثة الإقليمية باسم الحكومة البريطانية أنه "لا بديل عن مسار 6+6" (لجنة 6+6 تتكون من ستة أعضاء من مجلس الدولة وستة أعضاء من مجلس النواب)، وأن "الشعب الليبي يريد انتخابات تشريعية ورئاسية في أقرب الآجال"، موضحة أن "بريطانيا وشركاءها الدوليين سيعملون على تحقيق هذا الهدف في أسرع وقت ممكن".
وشددت الدبلوماسية البريطانية على محاسبة الذين يهددون الاستقرار أو يقوضون العملية السياسية في ليبيا، معتبرة أن "الاستقرار السياسي عبر خارطة الطريق التي قدمتها مجموعة 6+6، من شأنه أن يسهم في حل كثير من مشكلات ليبيا، بخاصة معضلة الهجرة غير النظامية في حوض البحر الأبيض المتوسط".
ملاحظات برلمانية
في المقابل، ينتظر مجلس النواب الذي يتخذ من الشرق الليبي مقراً له رد لجنة "6+6" المكلفة بإعداد القوانين الانتخابية على ملاحظاته بخصوص تلك القوانين حتى يتخذ قراره في شأن الانتخابات الرئاسية.
وأرسل مجلس النواب الثلاثاء الماضي ملاحظاته على قوانين الانتخابات إلى لجنة "6+6"، التي أصدرتها مطلع يونيو (حزيران) الماضي في مدينة بوزنيقة المغربية.
وركزت الملاحظات على تغيير طريقة إجراء الانتخابات الرئاسية، وإلغاء شرط اعتبار المرشح مستقيلاً بمجرد قبول ترشحه من المفوضية، وإلزام رئيس الحكومة المشرفة على الانتخابات الاستقالة من منصبه إذا أراد خوض الانتخابات الرئاسية.
وأكد النواب أن المرشح الذي يحمل جنسيتين لا يحرم من حق الترشح، ولكن يتعين عليه التنازل عن الجنسية الأجنبية خلال مدة محددة، وتحجب عنه النتيجة في حال فوزه إلى حين تقديمه التنازل. وأكد النواب في نص ملاحظاتهم على القوانين الانتخابية أنه "إذا لم يقدم المرشح الفائز ما يثبت تنازله عن الجنسية الأخرى يتم اعتبار المرشح الذي حل ثانياً في الترتيب فائزاً عوضاً عن الأول، مع احتمالية إعادة المنافسة بين المرشحين الحاصلين على الترتيبين الثاني والثالث".
وأوضح النواب أن "الحكومة التي ستشرف على إجراء الانتخابات لا يحق لرئيسها وأعضائها الترشح للانتخابات الرئاسية أو التشريعية"، مشيرين إلى أنه "في حال اعتبار الانتخابات الرئاسية كأنها لم تكن، يتم اختيار مجلس رئاسي جديد بالتوافق بين مجلس النواب والمجلس الأعلى للدولة". ونوه النواب بأن اشتراط موافقة جهات أخرى لإجراء الانتخابات إذا ما أعلنت المفوضية جاهزيتها، يُعد تعقيداً للإجراءات الإدارية وتعطيلاً لسير العمل.
وفي أواخر شهر يوليو (تموز) الماضي قال رئيس البعثة الأممية للدعم في ليبيا عبدالله باتيلي إن قوانين الانتخابات المنجزة من قبل لجنة القوانين الانتخابية (6+6) بشكلها الحالي "لن تمكن من الوصول إلى انتخابات ناجحة".
تعديل دستوري
وبرزت تخوفات ليبية في شأن مصير خارطة طريق الحكومة الجديدة التي سبق واتفق على تشكيلها البرلمان مع مجلس الدولة، بخاصة إثر خسارة خالد المشري منصبه كرئيس لمجلس الدولة، وتنصيب محمد تكالة بدلاً منه، وما تلا ذلك من تطورات يأتي في مقدمتها إرسال مجلس النواب ملاحظاته على قوانين الانتخابات إلى لجنة "6+6".
وقال الباحث السياسي حازم الرايس إن "تغيير مكتب الرئاسة بالمجلس الأعلى للدولة سيغير مسألة القوانين الانتخابية، بخاصة إثر إرسال مجلس النواب عدداً من الملاحظات إلى لجنة 6+6".
وأوضح الرايس أن "رئاسة المجلس الأعلى للدولة المتمثلة في محمد تكالة وعدد من الأعضاء المعارضين في السابق لتوجه المشري سيكون لهم رأي معارض لتوجهات النواب، باعتبار أن عدداً كبيراً من أعضاء مجلس الدولة كانوا مقاطعين للجلسات بسبب خالد المشري".
ولفت المتحدث ذاته إلى أن "الأعضاء الستة عن مجلس الدولة لن يمرروا هذه التعديلات بسهولة قبل أن يعودوا إلى المجلس، ففي السابق كان المشري يتحكم في قرارات الأعضاء التابعين لمجلس الدولة في لجنة 6+6 من دون العودة إلى المجلس في ما يتعلق بالملاحظات على القوانين الانتخابية".
وأشار الرايس إلى أن "الرئيس الحالي للمجلس الأعلى للدولة محمد تكالة سيتعرض لضغط من قبل أعضاء مجلس الدولة يحول دون تمرير التعديلات التي أرسلها البرلمان الثلاثاء الماضي إلى لجنة إعداد القوانين الانتخابية، مما سيضطر المجلس إلى الدخول في سلسلة جلسات سيتم وفقها تحديد إمكانية تضمين هذه التعديلات أو احتياجها إلى تعديل دستوري جديد".
عرقلة الخارطة
وفي ما يتعلق بخارطة الطريق التي تتضمن تشكيل حكومة جديدة التي سبق واتفق عليها المجلس الأعلى للدولة مع البرلمان، أشار الرايس إلى أن "رئاسة المجلس الأعلى للدولة الحالية لن تتماهى مع مجلس النواب كما كان يفعل المشري دفعاً منه لإجراء الانتخابات وإنهاء المراحل الانتقالية، حيث سيعود القرار إلى داخل أروقة مجلس الدولة"، موضحاً أن "الكتلة التي صوتت لكتالة هي نفسها الكتلة المعارضة لخالد المشري والتي أطاحته، بالتالي لن تمرر التعديلات التي سبق واتفق عليها رئيس البرلمان عقيلة صالح والمشري ولن تمرر بالتالي مسألة تشكيل حكومة جديدة".
أما في ما يتعلق بخارطة الطريق فأبرز المختص بالشأن الليبي أن "هذه الكتلة المعارضة للمشري هي معارضة لسياسات عقيلة صالح في مجلس النواب، وستعارض أي محاولة لتقويض العملية الانتخابية وستضغط على مكتب الرئاسة وستة أعضاء للجنة القوانين الانتخابية من مجلس الدولة حتى لا يمرروا القوانين أو التعديلات التي أحالها عقيلة صالح على لجنة 6+6 أخيراً".
وتابع الرايس أن "المجلس الأعلى للدولة لديه ثوابت بما يخص رفضه ترشح مزدوجي الجنسية والعسكريين، بخاصة أن التعديلات التي أحالها صالح على لجنة 6+6 تسمح للعسكريين بالعودة إلى عملهم في حال فشلهم في الانتخابات ولمزدوجي الجنسية بالترشح عندما تلغي الجولة الثانية من الانتخابات الرئاسية، والجولة الأولى أيضاً تسمح للجميع بالترشح حتى لمن يحمل جنسية أخرى، بالتالي فإن قرارات المجلس الأعلى للدولة ستعود إلى جميع الأعضاء وليس إلى الأعضاء الستة للجنة إعداد القوانين الانتخابية عن مجلس الدولة".
حرب أهلية
وحول استبدال حكومة جديدة بحكومة عبدالحميد الدبيبة، قال النائب إبراهيم الدرسي "أنا ضد تغيير الحكومة، البلاد تعيش في خصام جهوي وعسكري وفكري، والديمقراطية من الممكن أن تفرز فائزاً واحداً والبقية لهم قوات وداعمون، ومتمركزون في منطقة معينة، بالتالي فإن الانتخابات الرئاسية في هذه الظروف ستقود ليبيا نحو حرب أهلية". وأضاف أنه "حتى لو أجريت الانتخابات الرئاسية لن يستطيع (قائد الجيش الوطني المشير) خليفة حفتر أن يقوم بدعايته الانتخابية في المنطقة الغربية ولن يتكمن بالمقابل (رئيس حكومة الوحدة الوطنية) عبدالحميد الدبيبة من قيادة حملته الدعائية في المنطقة الشرقية"، معتبراً أن "انتخاب رئيس دولة في الظروف الحالية سيفرز حرباً أهلية".
وأوضح أن "عدم وجود رئيس للدولة لديه سلطات تنفيذية لإقرار القوانين والأوامر وتأمين الدولة وتمثيلها بالداخل والخارج سيكون خطوة عبثية، لذلك تم الاشتراط في ملاحظات البرلمان التي أحيلت على لجنة إعداد القوانين الانتخابية أنه في حال فشلت الانتخابات الرئاسية تعتبر العملية الانتخابية برمتها فاشلة".
وسبق وأعلنت لجنة "6+6" في 6 يونيو الماضي التوصل إلى اتفاق كامل وإصدار القوانين الانتخابية خلال بيان في مدينة بوزنيقة المغربية عقب احتضانها اجتماعات اللجنة على مدى أسبوعين.