Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

"طالبان" تستعد لإرسال انتحاريين لقتال إيران بسبب المياه

طهران تطالب بـ "حقها" من نهر هلمند والحركة تؤكد ضرورة التفاوض بشأن الوضع في مواسم الجفاف

أعلن الإيرانيون و"طالبان" أن الاشتباكات بينهما تعود إلى قضايا هامشية لكن الواقع أن السبب عدم وصول حصة طهران من مياه نهر هلمند (أ ف ب)

ملخص

توقعت الأمم المتحدة أنه في النصف الثاني للقرن الـ21 ستكون غالبية الحروب في العالم على المياه

على رغم أن حركة "طالبان" لا يساورها قلق من احتمال خوض قتال داخل أفغانستان، لكن لا يبدو للجدل الذي تتسبب به في المنطقة نهاية، إذ تستعد الحركة لخوض مواجهات أكثر حدة وخطيرة مع جيرانها.

إحدى هذه الأزمات تكمن في الخلافات على المياه، وقد شهدنا، خلال الفترة الماضية، أزمة الجفاف وعدم وصول حصة إيران من مياه نهر هلمند، كما شهدنا قتالاً عنيفاً بين حرس الحدود الإيراني و"طالبان" في مايو (أيار) الماضي.

نهر هلمند

وأعلن الطرفان أن الاشتباكات كانت تعود إلى قضايا هامشية، لكن الواقع أن السبب كان عدم وصول حصة إيران من مياه نهر هلمند، وكانت "طالبان" قد أرسلت الآلاف من قواتها بمن فيهم انتحاريون إلى الحدود بين البلدين، وعلى رغم أن الاشتباكات انتهت سريعاً لكن يمكن أن تعود أي لحظة.

في الواقع انخفض منسوب مياه نهر هلمند خلال الفترة الماضية، بسبب التغيرات المناخية وارتفاع درجات الحرارة، وهذا الواقع أمام أعين الجميع وبالإمكان مشاهدة انخفاض مياه النهر ما ترك تأثيراً كبيراً في الاستقرار بالمنطقة.

خيارات

وذكرت شبكة "بلومبيرغ" أنه بعد عقدين من الحرب في أفغانستان يرى قادة "طالبان" أنهم المنتصرون في الحرب ويبحثون الآن عن خياراتهم في كيفية الرد على الموقف المتشدد لجارتهم إيران.

ويقول كبير مستشاري مجموعة الأزمات الدولية المعني بشؤون أفغانستان غریم سمیث، إن سبب انخفاض منسوب مياه نهر هلمند يعود إلى التغييرات المناخية وإن أفغانستان تشهد ارتفاعاً في درجة الحرارة، "وبعد هطول أمطار غزيرة يشهد البلد فترة جفاف مخيفة".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وتشير الإحصاءات إلى أنه منذ عام 1950، ارتفعت حرارة الطقس بنسبة 1.8 درجة في أفغانستان، وطبقاً لاتفاق عام 1973، تكون حصة إيران من النهر 820 مليون متر مكعب في السنوات التي تشهد هطولاً عادياً للأمطار، لكن إيران تقول حالياً إن "طالبان" تنتهك الاتفاقية وتمنع تدفق المياه بشكل متعمد، وقد ارتفعت حدة لهجة المسؤولين الإيرانيين خلال العامين الماضيين، لكن "طالبان" التي لم تتبن موقفاً متشدداً، لكنها تعد نفسها للحرب، وتشير التقارير إلى أن الحركة أوفدت قوات كبيرة إلى الحدود ومن ضمنها انتحاريون يرتدون سترات ناسفة، كما أنهم نقلوا دبابات وأسلحة ثقيلة تركها الأميركيون لهم إلى الحدود مع إيران.

مجالات للتأويل

يذكر أن اتفاقية نهر هلمند بين إيران وأفغانستان لم تحسم الأمور إزاءها بشكل واضح وهناك مجالات للتأويل، إذ يدفع أعضاء من "طالبان" إلى إعادة المفاوضات للحديث عن توزيع مياه النهر في مواسم الجفاف لتعديل نسبة المياه التي يجب أن تحصل عليها منه.

وقال عمر صمد كبير مستشاري "المجلس الأطلسي" في واشنطن لـ "بلومبيرغ" إن هناك مجالاً أمام الجانبين لطرح وجهات نظرهما بشأن النهر، "وفي حال رفض الطرفان حل القضية عبر الطرق الدبلوماسية، فالأمر غير منطقي ويؤدي إلى عدم استقرار في المنطقة، بخاصة أن الطرفين لا يتحملان تكاليف خوض اشتباكات بينهما، وتتوجه إلى إيران انتقادات كثيرة، إذ إنها لم تستثمر إدارة مصادر المياه في فترة الجفاف وليست لديها خطط في هذا المجال ما يجني نتائج سلبية كبيرة".

أزمة المياه

وكان ممثل سيستان وبلوشستان في مجلس الشورى الإيراني قد أكد أن أزمة المياه وصلت حداً في هذا الإقليم، حيث ستؤدي إلى مأساة إنسانية في حال عدم البحث عن مصدر للمياه.

وطبقاً لهذا التقرير، هاجر أكثر من 10 آلاف أسرة من مركز الإقليم بسبب الجفاف وشح المياه وقد واجهت أكثر من 300 مدينة في إيران أزمة مياه مع ارتفاع درجات الحرارة.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وتشير دراسات إلى أن المياه المتراكمة خلف السدود تتبخر باستمرار، وأن 97 في المئة من الإيرانيين سيتأثرون بأزمة الجفاف، وأكدت تقارير أكاديمية أن 20 مليوناً من سكان القرى المختلفة في أنحاء إيران هاجروا إلى المدن الكبيرة بسبب عدم توفير مياه الري لمزارعهم.

متأزم للغاية

كما أن الوضع في افغانستان متأزم للغاية، ونرى آثار الجفاف هناك يوماً بعد يوم، وذكر المكتب التنسيقي الدولي للمساعدات الإنسانية أن تأثير الجفاف في أفغانستان تضاعف عام 2022، ستة أضعاف مقارنة بعام 2020، وقد تأثر 64 في المئة من المواطنين الأفغان بأزمة الجفاف عام 2022، كما أن 30 إقليماً من مجموع 34 تواجه قلة المياه وترتفع بالتوازي نسبة المجاعة في البلد، حيث أعلنت الأمم المتحدة أنها بحاجة إلى 4.6 مليار دولار لتوفير الغذاء لـ 20 مليون شخص في أفغانستان، لكنها لم تحصل إلا على جزء قليل من هذا المبلغ.

التحديات الكثيرة

وعلى رغم التحديات الكثيرة أمام "طالبان" في إدارة شؤون حياة المواطنين في أفغانستان، فإن الحركة انتهجت أسلوباً حاداً لمعالجة أزمة المياه، إذ بعد أيام من التصريحات الشديدة للرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي، رد مساعد رئيس وزراء "طالبان" ملا برادر عليها من خلال زيارته سد "بخش آباد" غرب أفغانستان قرب الحدود مع إيران.

يذكر أن هذا السد من شأنه جلب مشكلات لإيران لأنه شيد أمام نهر يصب في بحيرة هامون (سيستان وبلوشستان)، وقد يخلق كارثة بيئية في حال عدم وصول المياه إلى هذه البحيرة الواقعة جنوب إيران.

كما تنتهج "طالبان" أسلوباً غير دبلوماسي مع جيرانها الشماليين أيضاً، إذ تعمل على رغم عجز الميزانية على مشروع قناة قوش تبة التي تروي الأراضي الشمالية من مياه نهر آموداريا، وتقول أوزباكستان إن هذه القناة تترك تأثيراً سلبياً في مصادر مياه النهر التي تستخدم لري الأراضي الزراعية في البلاد، ومن شأن هذه القناة أن تؤدي إلى موت بحيرة آرال التي كانت في فترة ما ضمن أكبر أربع بحيرات في العالم، لكن "طالبان" تستمر بمشروع بناء قناة قوش تبة غير مكترثة بالقلق الذي تثيره أوزباكستان.

وتوقعت الأمم المتحدة أنه، في النصف الثاني للقرن الـ21، ستكون غالبية الحروب في العالم على المياه، ويبدو أن هذا التوقع بدأ مبكراً وأن أفغانستان أشعلت الشرارة الأولى لمثل هذه الحروب.

 

عن "اندبندنت فارسية"

المزيد من تقارير