Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

معارضة شعبية مصرية تحتج على الغلاء وتعتزل السياسة

قبل أشهر كانت الأزمات المعيشية محتملة أما اليوم فقد صار للتكيف حدود وللتقشف نهاية ولم يعد التخلي ممكناً

يسن المصريون قواعد غير مسبوقة في باب المعارضة المؤيدة للنظام والباحثة عن مخارج لم يسلكها أحد (أ ف ب)

ملخص

المعارضة الشعبية في مصر لا تتطرق هذه الأيام إلى السياسة بل هي معارضة فطرية تنبش في الاقتصاد وتنقب في "غوغل" عن إجابة لسؤال: متى تنتهي الأزمة؟

بين جهود نسب الغلاء والبلاء واللحوم التي صارت أضغاث أحلام، والأجبان والدواجن والزيوت التي تحولت إلى ضرورات تبيح المحظورات إلى غضب السماء وذنوب العباد، ومحاولات النأي بالنفس عن التفكير في ما هو آت ولو كانت مصروفات مدرسية تدق الأبواب، ودروساً خصوصية من دون حجزها "الرقاب ومستقبل العيال"، وعام دراسي جديد يلوح في الأفق وليته يتأجل إلى الشهر التالي أو ما بعده، وجهاد النفس عبر وقفها عن لوم الآخرين ومنعها من تأنيب واضعي السياسات وتوبيخ محددي الأولويات، ورفع راية "الغلاء سببه الذنوب" حيث "ما أصابك من سيئة فمن نفسك".

ويسن المصريون قواعد غير مسبوقة في باب المعارضة المؤيدة للنظام والناقمة على الأوضاع والباحثة عن مخارج عبر طرق لم يسلكها أحد من قبل.

التكيف والتقشف والتخلي

وقبل أشهر كان الطريق ممهداً بالتكيف والتقشف والتخلي، واليوم صار الطريق أكثر وضوحاً، فللتكيف حدود قصوى والتقشف ليس أبدياً والتخلي له نهاية. وضرب المصريون على مدى سبع سنوات مثالاً لا يحتذى بالضرورة لكنه يحترم في كيفية التكيف واتباع قواعد التقشف ورفع راية التخلي، فمنذ عصر التعويم الأول في نوفمبر (تشرين الثاني) 2016 حين انخفض الجنيه المصري أمام الدولار الذي قفز سعره إلى 15.77 جنيه بدلاً من تسعة جنيهات، وحتى يناير (كانون الثاني) الماضي حين هوت العملة المحلية إلى 32 جنيهاً للدولار الواحد، والمصريون "يبرطمون" تارة ويمتعضون تارة ويسخرون من الوضع تارة ويتكيفون دائماً.

لكن دوام التكيف صعب، لا سيما مع تكرار ظهور الحواجز الجديدة، فكلما اجتازوا واحداً بنجاح ورضا وأمل يصدر قرار التعويم وينخفض الجنيه وتعلو الأسعار وتتفتق الأذهان عن حلول وتوافيق، وما إن يبدأوا في تنفس الصعداء حتى يلوح حاجز جديد في الأفق، فمن أحداث سياسية تصحيحية عاصفة عام 2013، إلى تفجير الطائرة الروسية عام 2015 وسقوطها في سيناء على يد "داعش" لتضرب السياحة المصرية في مقتل موقت، إلى تعويم يتلوه تعويم، إلى كورونا وما أدى إليه من إغلاق وأضرار، ثم حرب روسيا على أوكرانيا وما تسببت فيه من أزمات، والجدل الدائر حول أولويات البناء والتنمية، يخوض المصريون سباقات الحواجز من دون أن يلوح الحاجز الأخير.

أفق العام الدراسي

أفق العام الدراسي الجديد وكلفته الباهظة حتى في مدارس حكومية يقولون إنها مجانية، جعلت من ضرورات الدروس الخصوصية وحتميات الزي والحذاء والكتب الخارجية والمواصلات والسندوتشات وغيرها أضغاثاً مجانية.

مجانية السلع التموينية الأساس المتحولة إلى ثلاثة أرباع مدعمة ثم نصف مدعمة وأخيراً المتأرجحة بين ثلث وربع وثمن المدعمة على مدى 82 عاماً منذ عرف المصريون "بطاقة التموين" إبان الحرب العالمية الثانية، ثم تطور تخفيف حمولتها تارة وتكثيفها تارة أخرى بحسب أوضاع الاقتصاد ومصالح السياسة، هي الأخرى في مهب الريح.

 

 

رياح السلع التموينية المدعمة ضمن منظومة 23 بطاقة تموين يستفيد منها 64 مليون مصري ومصرية، ويحصل بموجبها كل مقيد على سلع في حدود 50 جنيهاً مصرياً (1،62 دولار) شهرياً تهب هذه الأيام بما لا يشتهي المستفيدون، فقد تم إيقاف صرف الرز ضمن قائمة الـ 27 سلعة المتاحة بعد أن حقق قفزات جعلت سعره يفوق قيمة الدعم المخصص لمحدودي الدخل، وهو ما يمثل عبئاً إضافياً في الوقت الخاطئ.

خطأ ما في الأفق

خطأ ما يلوح في أفق التحليل والتفسير، وهذا الخطأ لا يتعلق بما يثار عبر القنوات المناهضة للنظام المصري بنظام "يوم ويوم" منذ الإطاحة بحكم جماعة "الإخوان المسلمين" على مدى الأعوام الـ 10 الماضية، ولا يتعلق كذلك بالمقالات التحليلية الرصينة والأوراق البحثية العميقة التي تنشر على مواقع الإعلام الغربي ومراكز دراساته وأبحاثه السياسية والاقتصادية والتي لا تختلف كثيراً عن أثير القنوات المناهضة للنظام، باستثناء انتفاء الطابع الكيدي الانتقامي، وكلا المحتويين المنتقد والمنتقم يخطئ في فهم ما يدور في الشارع المصري من معارضة غير سياسية.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

والمعارضة الشعبية التي يسطر المصريون قواعدها هذه الأيام لا تتطرق إلى نظام حكم أو أيديولوجيا حاكمة أو حتى أطر حزبية وبرلمانية تمهد الطريق لانتخابات رئاسية مقبلة، فهي المعارضة التي تدور رحاها بحرص بالغ في الميكروباص طوال الطريق من محطة إلى أخرى، وعلى المقهى بحذر واضح من بعد المغرب بقليل وحتى بعد العشاء بكثير، وفي عربة مترو الإنفاق بجدية مخلوطة بسخرية لزوم التأمين، وعلى أثير الـ "سوشيال ميديا"، ولكن في غرفها المغلقة على أصحابها وفي حدائق قصور الساحل الشمالي الطيب منه والشرير، وكذلك على شواطئ اليوم الواحد العامة المتاحة للبسطاء.

لا تطرق إلى انتخابات

والحديث الدائر لا يتطرق كثيراً إلى الانتخابات الرئاسية المقبلة على رغم ما يعتريها من غرائب وما يكتنفها من غموض، ولا يخوض في أداء الوزراء وتقييم عمل الوزارات، وهي العادة المصرية الأصيلة القائمة على علم ومعرفة أو من دونهما، كما لا تتحدث الجموع الغفيرة عن "الحوار الوطني" وإن كان بديلاً للأحزاب كما أشيع أو قادراً على إيصال صوت الجماهير إلى من يهمه الأمر، أو توثيق مجريات الشارع لمن بيده القرار، أو كان فاعلاً في جمع الأطراف المتنازعة والقوى المتنافرة حول طاولة واحدة، ولا يعرج النقاش الشعبي كثيراً إلى أمور تصفها الغالبية بـ "المفروغ منها" مثل تغيير الرئيس أو البحث عن بديل، وأخرى باتت في حكم "الديون المعدومة" التي لا يرجى سدادها أو يتوقع جدولتها على الأقل لحين إشعار آخر، مثل عودة جماعة "الإخوان المسلمين" للعمل العلني أو إفساح المجال للتعددية الحزبية السياسية الحقيقية.

والمعارضة الشعبية، كما يتضح من تحليل المضمون السريع، تعي جيداً أن "الإخوان" لم يختفوا أو يتبخروا في الهواء، بل هم قابعون ينتظرون اللحظة المناسبة، وهي، أي المعارضة الشعبية، تعرف أيضاً أن البديل الذي ملأ فجوة "الناس بتوع ربنا" التي تركتها الإطاحة الشعبية بحكم الجماعة عام 2013 وفاض، هو الجماعات والجمعيات السلفية وذئابها المنفردة، تطوعاً أو تكليفاً، والذي ينتظر اللحظة الفارقة أيضاً لعل قضمة من كعكة السلطة التي ربما تعرف طريقها إليه.

الأوضاع الدولارية

المعارضة الشعبية الحالية فطرية وقد تكون غير منظمة، وربما لم تدرس في المدرسة قواعد العلوم السياسية أو تتخصص في الجامعة بشؤون الحكم والمعارضة والسلطة والديمقراطية والديكتاتورية والثيوقراطية، وربما لا تنخرط كثيراً في مسائل استقلال القضاء عن السلطة وعلاقة المؤسسات الدينية بالدولة وتعريفات الغالبية والأقلية والتعددية والتنمية والسلطوية والشفافية والشوفينية والمركزية والهيئات الانتخابية والحقوق الدستورية وغيرها من المفردات السياسية، لكنها تعارض بشدة وقوة أوضاعها الاقتصادية والاجتماعية الآنية، مستخدمة مفردات وتعبيرات لا يعاقب عليها القانون أو تعرض المتحدث بها للمساءلة أو المحاسبة.

 

 

حسبة بسيطة تعني أن راتب كل من حسن ووفاء يجف تماماً يوم "عشرة منه" في ظل الأوضاع الدولارية الحالية، وهذه الحسبة تنتهي مع نهاية سبتمبر (أيلول) الجاري على أحسن تقدير مع إضافة بنود سداد القسط الأول لمدارس الأبناء والحزمة المرتبطة ببدء العام الدراسي، فما أنفقه زوجان في صيف بلا مدرسة لا يقارن بميزان المدفوعات المتوقع في الخريف.

وبحسبة تصوير الكتب الخارجية، وهو البند الذي يستنفد ما لا يقل عن 1000 جنيه (32.36 دولار) للطالب الواحد في الفصل الدراسي الواحد (ناهيك عن كلفة المدرسة وثمن الدروس الخصوصية)، تعني أن التصوير خير من الشراء، ومثل هذه الحسابات الدائرة رحاها في كل بيت مصري سواء أكان يستعد لعام دارسي جديد أم لا، هي في حد ذاتها معارضة شعبية صاخبة، وجمع الرواتب ثم خصم بنود الصرف من إيجار وكهرباء وماء وغاز ومواصلات ووقود ودواء وغذاء إلى آخر القائمة، عملية حسابية خرقاء.

خرق المنطق

وخرق المنطق في مثل تلك الأوضاع يعتبر حملاً نفسياً واجتماعياً إضافياً لكثيرين، والمطالبة بمقاطعة المنتجات والبضائع التي ارتفعت أسعارها بشدة هي مطالبة بمقاطعة عملية الشراء برمتها، فكل المنتجات والسلع من الإبرة إلى الصاروخ تفاقمت أسعارها وتضخمت، وهي ماضية قدماً في طريقها.

طريق الأستاذ فهمي، وهو محاسب في شركة قطاع خاص وأب لولدين في المرحلتين الإعدادية والثانوية، إلى العمل يمر بسوق للخضراوات والدواجن، ويقول إن قدرته الشرائية تقلصت كثيراً منذ التعويم الأول عام 2016، لكن التقلص الأكبر حدث على مدى العام الماضي، مضيفاً "كنت أشتري دجاجتين وفواكه وخضراوات بنحو 500 جنيه مرة في الأسبوع حتى صيف العام الماضي، واليوم أشتري كيلوغراماً من الدجاج وقليلاً من الفاكهة وبعض الخضراوات أسبوعياً ولا تدوم الأسبوع كله".

معيار المواطن والإحصاءات

ومعيار الأستاذ فهمي وثيق الصلة بمؤشر بيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء الصادر نهاية يونيو (حزيران) الماضي، فبين يونيو 2022 و2023، ارتفعت أسعار الدواجن لأكثر من 92 في المئة، والأسماك بـ 84 في المئة، والألبان ومشتقاتها 67 في المئة، والحبوب والخبز 59 في المئة، والخضراوات 54 في المئة، والفواكه 36 في المئة، وقائمة الارتفاعات تطول، ولذلك فإن العلاقة المنطقية بين مقاطعة السلع التي يرتفع سعرها كثيراً لبعض الوقت أو كله، وبين الضغط على التجار لخفض الأسعار تنتفي، ويتساءل الأستاذ فهمي مستنكراً "أقاطع سلعة أو اثنتين أو ثلاث على سبيل الضغط، أما أن أقاطع كل السلع فهذا تجويع يخلو من المنطق".

والغريب أن منطق المعارضة هنا لا يتطرق إلى الرئيس والحكم والمطالبة بتغيير النظام، والأغرب أنه لا يتطرق كذلك إلى المطالبة بتغيير الوزير الفلاني حتى ينصلح حال الاقتصاد أو وقف العمل بالنظام العلاني لحين ضبط أسعار الأسواق، ولفترة ليست قليلة علت الأصوات خلف الأبواب المغلقة متسائلة باستنكار عن جدوى الاستمرار في المشاريع متناهية الكبر من مدن جديدة وطرق حديثة وجسور كثيرة ومراكز تجارية ومقاه ترفيهية في كل مكان، في ظل الأزمة الاقتصادية وقت أن كانت تلوح في الأفق.

غابت السياسة

وحتى بعد أن تركت الأفق واقتربت وأصبحت واقعاً، لا تنشغل الغالبية كثيراً بتقييم أداء المسؤولين أو انتقاد أولويات البناء والتحديث، وهما وجهتا نظر تفسران النأي الشعبي عن وضع الحلول الشعبية البسيطة و"المحببة للنفس" لكبائر المشكلات، فبدلاً من نظريات تقسيم الأموال المليارية المنهوبة التي ذاع صيتها عقب أحداث عام 2011 التي أنهت حكم الرئيس الراحل محمد حسني مبارك، حيث تقسيم ما أشيع أنها مليارات مهربة خارج مصر على جموع المصريين وبالتالي حل مشكلاتهم، توقفت الجموع الحاشدة عن المقترحات وكذلك انتقاد فقه الأولويات.

 

 

وهناك جهة نظر تقول إن الترفع عن طرح الحلول وانتقاد سياسات الإنفاق يعود للانشغال الكلي والانغماس الذاتي في تفاصيل الحياة اليومية، لدرجة تجعل تخصيص وقت أو جهد لرؤية الصورة الكلية رفاهية غير متاحة، في حين ترجح وجهة النظر الأخرى أن هذا النأي سببه فهم عميق وهضم أكيد للواقع من دون رتوش، فقرارات المضي قدماً في المشاريع الكبرى سارية ولن تتوقف، ووسائل وسبل الخروج من الأزمة ليست متاحة للتداول الشعبي، وما يعلمه "أولو الأمر" لا يعلمه الناس بالضرورة.

الأمر لصاحب الأمر

كثيراً ما يردد المصريون في الأزمات عبارة "الأمر لك يا صاحب الأمر"، والأمر هنا ليس الرئيس أو الوزير أو المدير، ولكنه رب العباد الذي تؤمن الغالبية بأنه القادر الوحيد على إخراج البلاد من أزماتها الاقتصادية والمعيشية، سواء التي تسببت فيها عوامل خارجية مثل وباء كورونا أو حرب روسيا في أوكرانيا، وقبلهما أعوام القلاقل الأمنية والسياسية والعمليات الإرهابية، أو تلك التي يعتقد بعضهم أن السبب فيها محلي.

ومحلياً يقوم رجال الدين بمهمات واضحة ومباشرة وصريحة لاحتواء الغضب الشعبي على رغم تنزههم عن السياسة، ومواضيع خطبة الجمعة محددة سلفاً من قبل وزارة الأوقاف، فمن فضل الحمد في القرآن والسنة إلى قضاء حوائج الناس إلى الرضا ومنه إلى مكانة الأوطان وحمايتها والحفاظ عليها، وغيرها من المواضيع المهمة التي تساعد في تسكين الآلام الاقتصادية إلى مواضيع يتطرق إليها الدعاة والمشايخ في القنوات والمواقع الإعلامية، والرضا مدخله غض البصر عما في يد الغير وغيرها كثير من المهدئات والمسكنات التي تدق على أوتار سكينة الرضا وطمأنينة الأمل وتؤدة التفاؤل.

غيبيات "غوغل"

وما لا يعلمه بعضهم أن المصريين طرقوا هذا الباب قبل قرون، وهو باب مضمون، إذ تتوافر فيه أركان الاقتناع والإيمان والثقة، لكن الثقة في مؤسسات الإقراض وإعادة الهيكلة الاقتصادية لا ترقى إلى ثقة المصريين في أثر الدعاء وقدرته على رد القضاء، ويكتب المصريون على "غوغل" أسئلة كونية عميقة ترقى إلى درجة الغيبية مثل "متى تنتهي الأزمة الاقتصادية في مصر؟" لتظهر لهم إجابات دنيوية مزعجة.

وتقفز نتائج البحث متواترة، والبداية مع صفحة البنك الدولي متطرقة إلى مصر، ومقالة عن الصدمات الاقتصادية التي شهدتها البلاد خلال الفترة الأخيرة، وضرورة مواصلة "الإصلاحات" لمواجهة التحديات طويلة المدى، وهم يطالعون كلمة "إصلاحات" ليتحسسوا جيوبهم.

ويقترح "غوغل" صفحة مصر على موقع صندوق النقد الدولي، فتباغت الباحثين ورقة عن "سحب الديون في منطقة الشرق الأوسط"، وكيف أن "ارتفاع الديون في المنطقة وصل إلى مستويات عالية جداً في عدد من البلدان، وأن مصر والأردن وتونس تواجه أوضاعاً محفوفة بالأخطار، إذ يتعرض الاستقرار الاقتصادي لتأرجحات في ظل احتمالات حدوث أزمة ديون، وتأتي كلمة "ديون" بأثر يشبه "إصلاحات"، فيؤثر الباحثون السلامة النفسية ويعودون أدراجهم للمعارضة الشعبية حيث مناقشات الغلاء المستمر من دون هوادة، ومناكفات ميزان مدفوعات الرواتب المختل، واحتجاجات مطالبات العام الدراسي الجديد، وحيث لا سياسة ولا مقترحات ولا يحزنون.

اقرأ المزيد

المزيد من تحقيقات ومطولات