Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

معاناة نساء من آثار استخدام الستيرويد الموضعي

تحدث هذه الحالات بعد الاستخدام المتكرر للكريمات وأقراص الستيرويد التي تصفها عادة "الخدمات الصحية الوطنية" في المملكة المتحدة

تركت ريانون كينيدي تشابمان تعاني من الألم بعد ظهور طفح جلدي أحمر في جميع أنحاء جسدها (ريانون كينيدي تشابمان)

ملخص

"لم أعد أرغب في العيش": هذه هي حال النساء المتألمات من استخدام الستيرويد.

لا يمكن وصف مطلع سن الـ20 من حياة ريانون كينيدي تشابمان، بأنها أفضل سنوات حياتها، فقد كانت بشرتها مغطاة بجروح وتقرحات مفتوحة، وبجلد جاف، وكانت في حيرة تامة من أمرها من أجل فهم سبب استمرار تدهور حالتها، على رغم جهودها لاتباع النصائح الطبية وتناول الستيرويد الموصوفة لها من الأطباء.

هذه المرأة بدأت في عام 2020 تعاني من طفح جلدي أحمر، مما مهد الطريق لسنوات تالية طغت عليها زيارات متكررة للمستشفى، ومواعيد مع أطباء الأمراض الجلدية، وحمامات مطولة في محاولة للتخفيف من الحكاك المستمر في جلدها.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وبعدما استخدمت كريمات الستيرويد وأقراص الفم منذ أن كانت طفلة تعاني من الأكزيما، لم يكن لديها قلق كبير في شأن تناول الدواء عندما تم وصفه لها مرة أخرى لعلاج بقع صغيرة من الأكزيما.

وتقول: "لقد نجح بشكل موقت، وبعد ذلك تضاءلت فعاليته. عمد الطبيب العام بعد ذلك إلى وصف جرعة أقوى، واستمر الأمر على هذا النمط عدة أشهر. جربت أربع جرعات مختلفة من الدواء، وفي كل مرة كان يعمل لفترة قصيرة من الوقت. وعندما أتوقف عن استخدامه، كان الطفح يعود بشكل أكثر حدة".

وتضيف ريانون: "حار الطبيب العام في أمري ولم يكن يعرف ماذا يفعل في شأن علاجي، لكنه نصحني بمواصلة استخدام الستيرويد لأنني كنت أعاني من أكزيما حادة".

لم تكن المرأة تدرك أنها كانت تعاني في الحقيقة من اضطراب "انسحاب الستيرويد الموضعي" Topical Steroid Withdrawal (TSW) (الذي يسمى أيضاً حرق الجلد الأحمر، والتهاب الجلد الستيرويدي)، وهي حالة جلدية نادرة، ناجمة عن الاستخدام المتكرر لكريمات الستيرويد والتوقف عنها.

وتصنف "الجمعية الوطنية للأكزيما" National Eczema Society "انسحاب الستيرويد الموضعي" على أنه "تفاعلات حادة" يمكن أن تحدث عندما يتم التوقف عن استخدام الستيرويد الموضعية المتوسطة أو عالية الفعالية، بعد استعمالها لفترة طويلة، بحيث يعاني المرضى من أعراض أسوأ من حالتهم الأصلية.

وتتنوع الآثار الجانبية المذكورة ما بين حب الشباب، والتهاب الجلد حول الفم، والاحمرار، وتورم الغدد، والأكزيما الشديدة.

وتوضح "الجمعية الوطنية للأكزيما" في بيان مشترك مع "الجمعية البريطانية لأطباء الجلد"، أن "الآثار الضارة يمكن أن تنجم عن الاستعمال اليومي لـ"الكورتيكوستيرويدات الموضعية عالية القوة" High-Strength Topical Corticosteroids (TCS) لفترة طويلة من الزمن (عادة أكثر من 12 شهرا).

ويضيف البيان أن "تعبيري "متلازمة الجلد الأحمر" Red Skin Syndrome، و"إدمان الستيرويد الموضعي" Topical Steroid Addiction، يستخدمان لوصف عدد من الحالات الطبية المختلفة التي يمكن أن تنجم عن الاستخدام المفرط لـ’الكورتيكوستيرويدات الموضعية عالية القوة’".

لكن بالنسبة إلى المرضى الذي يعانون هذا الاضطراب كالسيدة ريانون كينيدي تشابمان، فإن "انسحاب الستيرويد الموضعي" لا يمثل مشكلة جلدية بسيطة، أو "مجرد القليل من الإكزيما".

وتقول في هذا الإطار: "لا توجد كلمات مناسبة لوصف وضعي، لكن حاولي أن تتخيلي حكة عميقة للغاية إلى درجة أنها تصل إلى عظامك، وليالي لا تحصى من الأرق تمضينها في ذرف الدموع، وملاءات سرير مغطاة برقائق البشرة، والنز والدم، وتورم الوجه، وحريق لاهب في الذراعين والساقين".

وتتابع وصفها لتلك الحالة: "يترافق ذلك مع كثير من تساقط الشعر، إلى درجة أنك تشعرين بأنك مكشوفة الرأس، إضافة إلى فقدان الوزن بشكل غير صحي. أخيراً وليس آخراً، يبدأ الاكتئاب بالتسلل إليك، فقد تدهورت صحتي العاطفية بشكل كبير، وانهارت علاقاتي، بحيث لم أعد أتعرف على الشخص الذي أراه قبالتي في المرآة. ووصل الوضع نقطة لم أعد أرغب بمواصلة العيش".

وعلى رغم الألم والانزعاج اللذين تسببهما هذه الحالة، فإن المعلومات عنها هي شبه نادرة، وغالباً ما يتجاهلها الأطباء العامون وأطباء الجلد، باعتبارها مجرد مشكلة "يتم تشخيصها والتعامل معها ذاتياً".

وفي محاولة لزيادة الوعي بها، شاركت السيدة هولي بروم في تأسيس مجموعة داعمة للمصابين بـ"انسحاب الستيرويد الموضعي"، تدعى "سكراتش ذات" Scratch That، التي تعمل كمركز موارد عبر الإنترنت، يهدف إلى تشجيع الأفراد المصابين بهذا المرض على مشاركة تجاربهم الشخصية.

وفي عودة إلى المراحل الأولى، فقد بدأت ريانون في مطلع العشرينيات من عمرها تعاني من طفح جلدي شديد أثناء استعمال كريمات الستيرويد. تلك المواد جعلتها بالكاد قادرة على التجول في منزلها، ما اضطرها إلى العودة للعيش مع والديها لمدة شهرين.

وتقول في وصف حالتها: "أصبت بالمرض من رأسي حتى أخمص قدمي. وفي كل ليلة، كنت أقوم بتغطية نفسي بضمادات، وأجد صعوبة في الخروج من السرير. وبعد يوم أو نحو ذلك، من استعمال كريم الستيرويد خفيف التركيبة، تقشرت بشرة ظهري كلها في ليلة واحدة".

قامت ريانون -بعدما قرأت معلومات عن اضطراب "انسحاب الستيرويد الموضعي" في أحد الكتب- بالتواصل مع أفراد آخرين عبر الإنترنت، وقررت إنشاء منصة تفاعلية للمرضى الذين يعانون حالة كحالتها، لتشجيعهم على مشاركة تجربتهم، وتعزيز التعاون مع المجتمع العلمي والصحي.

وتوضح في هذا الإطار أنه "غالباً ما يشعر مرضى "انسحاب الستيرويد الموضعي"، بأنهم مسؤولون عن حالتهم. فالأطباء يقولون غالباً إن الاستخدام السليم للعلاج، لن يسبب الإصابة بـ"انسحاب الستيرويد الموضعي". ومع ذلك، فهم الذين يصفون الدواء. ولا توجد في الواقع تعليمات واضحة لاستخدام الستيرويد الموضعية.

وكان تقرير نشرته في عام 2021 "وكالة تنظيم استخدام الأدوية ومنتجات الرعاية الصحية" Medicines and Healthcare Products Regulatory Agency (MHRA)، قدم إرشادات حول أخطار "انسحاب الستيرويد الموضعي"، وتم اعتماده الآن مصدراً مرجعياً للمرضى الذين يستخدمون كريمات الستيرويد الموضعية الموصوفة لهم.

وبات في مستطاع المرضى الآن أيضاً الإبلاغ عن التفاعلات لديهم تجاه الستيرويد الموضعية، من خلال "مخطط البطاقة الصفراء" Yellow Card Scheme الذي وضعته "وكالة تنظيم استخدام الأدوية ومنتجات الرعاية الصحية" (نظام لجمع المعلومات عن التفاعلات الدوائية الضارة المشتبه فيها)، في وقت دعت فيه المؤسسات الخيرية للأكزيما إلى إجراء مزيد من الأبحاث حول أسباب هذا الاضطراب الجلدي وآثاره على المدى الطويل.

أندرو بروكتور الرئيس التنفيذي لـ"الجمعية الوطنية للأكزيما"، دعا الهيئة المنظمة للأدوية في المملكة المتحدة، إلى تقديم وصف أكثر وضوحاً حول قوة تركيز الستيرويد الموضعية وفعاليتها، وذلك لدعم الاستخدام الآمن والفعال لها من جانب الأفراد. وقال إن "هذا التغيير يجب أن يحدث، ويتعين أن يدعمه كل من المرضى والهيئات المتخصصة في مجال الرعاية الصحية".

في وقت أن عيادة خاصة واحدة في مدينة وينشستر تقدم علاجاً لحالات "انسحاب الستيرويد الموضعي"، إلا أن قوائم الانتظار معلقة في الوقت الراهن، بسبب التدفق الهائل للمرضى. ونتيجة لذلك، يلجأ بعض المرضى إلى السفر إلى الخارج بحثاً عن حل.

من بين هؤلاء إيفي غاتريدج، التي تحاول جمع ستة آلاف جنيه استرليني (7,560 دولاراً أميركياً) لدعم علاجها، باستخدام "بلازما الغلاف الجوي البارد" Cold Atmospheric Plasma Therapy (CAPT) في تايلاند، بعد معاناتها أعواماً من العذاب بسبب حالتها الجلدية المنهكة.

هذا العلاج الذي يعرف باسم "بلازما الغلاف الجوي البارد" -ويستخدم عادة لعلاج الجروح المزمنة- أثبت نسبة نجاح عالية بشكل ملحوظ، لأنه يعزز معدل تكاثر الخلايا لتسهيل تعافي الجلد المتهيج.

وقالت إيفي: "لقد قلب هذا العلاج حياتي تماماً رأساً على عقب، وكان له تأثير كبير على كل جزء من حياتي ومسيرتي المهنية وعلاقاتي".

وتضيف: "قبله كان التأثير العقلي هائلاً كذلك التأثير الجسدي. لم أتمكن من الخروج من منزلي، واضطررت إلى تعليق مسيرتي المهنية (كممثلة). من ثم، بدأ العيش كإنسان عادي بالنسبة إليّ يزداد صعوبة يوماً بعد آخر".

وتابعت قائلة، "لقد ترك هذا المرض بصماته على كل جانب من جوانب حياتي، وسلبني هويتي. وقد رافقه الألم والقلق لأنك لا تعلمين إلى متى ستدوم تلك النوبات. لا يمكنك سوى الأمل في كل لحظة بأن يختفي الألم وأن تتحسن الأمور، لكن الأمر كان صعباً للغاية".

بدأت السيدة غاتريدج استخدام كريم الستيرويد لأول مرة في سن الـ17، بعد معاناتها من بقع خفيفة من الأكزيما. وقد وصف لها كريم ستيرويد خفيف في البداية، أدى إلى اختفاء تلك البقع، لكنها ما لبثت أن عادت إلى الظهور في غضون بضعة أسابيع على نحو أقوى، وأخذت تنتشر في جسمها، واستمرت على هذا النحو لمدة ستة أعوام.

وتعلق بالقول: "تعين على الأطباء وصف ستيرويد أقوى كل مرة، حتى لم يعد أي منها يعمل، لا بل أصبحت خارجة نطاق السيطرة تماماً".

لكن السيدة غاتريدج اكتشفت لاحقاً من خلال أبحاثها الخاصة، أنها كانت تعاني من اضطراب "انسحاب الستيرويد الموضعي". وعلى رغم تجربتها العلاج بالضوء، ومثبطات المناعة، وحتى استخدام حليب الماعز المتعفن، في محاولة لتخفيف الأعراض، فقد لجأت إلى استكشاف خيارات علاجية أخرى في الخارج.

ومع ذلك، بالنسبة إلى السيدة كينيدي تشابمان، هناك الآن بصيص من الأمل وهي تحتفل بمرور 15 شهراً على اعتمادها على أدوية الستيرويد. بدأت بشرتها في التحسن، وتقوم في الوقت الراهن بجمع الأموال لتسلق جبل كيليمانجارو في مارس (آذار) المقبل، لدعم جمعية "إتسان" ITSAN، وهي مؤسسة خيرية مقرها الولايات المتحدة، مخصصة لمساعدة المرضى المصابين بـ"انسحاب الستيرويد الموضعي".

وفي هذا الإطار، تقول: "بالنسبة إلي، فإن الأمر يتعلق بزيادة الوعي بهذه الحالة المرضية، وليس تخويف الناس من استخدام الستيرويد التي أنقذت حياتي عندما كنت طفلة مصابة بالربو. إنما يتعين توعية الأفراد بأن هذا المرض قد يكون أحد الأعراض التي يعانون منها، إذا تمت إساءة استخدام الستيرويد".

وفي تعليق على ما تقدم، نصح متحدث باسم هيئة "الخدمات الصحية الوطنية" (أن أتش أس) NHS أي شخص يعاني من آثار جانبية من الستيرويد الموضعية، بالإبلاغ عنها عبر "نظام البطاقة الصفراء".

© The Independent

اقرأ المزيد

المزيد من صحة