Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

حان وقت فتح الملفات الملكية السرية وكشف حقيقة الأمير أندرو

لم يحق لهاري أن يكتب عن أدق تفاصيل الحياة الملكية وأكثرها حميمية، فيما أنا، كمؤرخ، ممنوع حتى عام 2065 من الاطلاع على أية وثيقة تخص شقيق الملك؟ حان الوقت لتغيير هذه القواعد السخيفة

رُفض طلب مقدم إلى وزارة الدفاع للحصول على ملف بشأن تدريب الأمير أندرو على القفز المظلي في عام 1978، وذلك لأسباب تتعلق بإنفاذ القانون والأمن القومي ومبادئ السلامة العامة (أ ف ب).

ملخص

بموجب قانون حرية المعلومات، لا يجوز إتاحة الأوراق الملكية البريطانية للرأي العام إلا بعد مرور 105 أعوام على ولادة الشخص المعني بها

الوثائق والمستندات هي شريان حياة المؤرخين والأدوات التي نعول عليها لبناء تصور واقعي للماضي وأحداثه. لدى معظم المؤرخين وكتاب السير الذاتية، عدد لا يحصى من المصادر التي يمكنهم الاستفادة منها، بدءاً بوثائق الأرشيفات العامة والمجموعات الخاصة وصولاً إلى الكتب والمقابلات. أما مؤرخو الشؤون الملكية، فلا يوجد أمامهم سوى بيانات ضئيلة تقتصر في أحيان كثيرة على مقتطفات صحافية غير دقيقة وإحاطات من "مصادر" في الأوساط الملكية.

يعزى سبب هذا الشح إلى ثقافة السرية والإذعان المرتبط بعدم التشكيك بكل ما يتعلق بشؤون البلاط الملكي. تصوروا أن أفراد العائلة المالكة جميعهم مستثنون من قانون حرية المعلومات، والأرشيف الملكي يخلو من مستودع معلوماتي عام لكأنه مطعم من دون قائمة طعام، وكل ورقة تودع في الأرشيف الوطني تخضع لسلسلة من الاستثناءات، وكل موظف ينضم لهذه المؤسسة مجبر على توقيع اتفاق الالتزام بالسرية.

عدا عن ذلك، فإن الكتابة عن العائلة المالكة تخضع لنظام لوبي يضم صحافيين مفضلين يتغذون على فتات الإشاعات وأحاديث القيل والقال وكتاباً منصاعين يكافأون بالعمل في منظمات غير حكومية مستقلة، وتتجاهل لا بل وتهمش من يتجرأ على التغريد خارج هذا "الترتيب المريح".

وعلى رغم حال العبثية المتمثلة في نشر السير الذاتية المصرحة سراً أو علناً للشخصيات الملكية، وظهور أفراد من العائلة المالكة في برامج دردشة أميركية للحديث عن الحياة الملكية، وتحقيق الأمير هاري مكاسب تجارية بكشفه عن الجوانب الأكثر حميمية للحياة الملكية قبل أشهر قليلة، وتبادل الأسر الملكية بشكل مستمر المعلومات ضد بعضها بعضاً، لا يزال المؤرخون أمثالي غير قادرين على الاطلاع على الملفات التي يبلغ عمرها 100 عام. وهذه الحالة إن دلت على شيء، فإنما تدل على أن بلادنا ليست ديمقراطية ناضجة، بل "جمهورية موز" (وجمهورية الموز هو مصطلح ساخر يطلق للانتقاص من دولة غير مستقرة سياسياً أو اقتصادياً).

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

فبموجب قانون حرية المعلومات، لا يجوز إتاحة الأوراق الملكية للرأي العام إلا بعد مرور 105 أعوام على ولادة الشخص المعني بها. وهذه إساءة بالغة للتاريخ، كونها تؤخر وصول المؤرخين إلى الملفات الخاصة بالملكة إليزابيث الثانية، حتى قبل اعتلائها العرش، لغاية 2031 وتلك الخاصة بدوق يورك، الذي أكتب سيرة حياته، لغاية عام 2065.

وهذا التقييد، أو بالأحرى هذا التأخير، مزعج لأنه ينطبق على دور الدوق كمبعوث تجاري للمملكة المتحدة - وهو المنصب العام الذي دفع ثمنه المكلفون ولا تزال أسئلة عديدة حوله، من قبيل "من شارك في الوفود المرافقة للأمير أندرو لتعزيز التجارة البريطانية؟" من دون إجابة.

تقول الإشاعات إن ديفيد رولاند ونجله جوناثان، اللذان يفترض أنهما سددا بعض ديون دوقة يورك، شاركا في بعض هذه الزيارات الرسمية، من ضمنها المنتدى الاقتصادي العالمي حول الشرق الأوسط في شرم الشيخ عام 2008. لكن هذه الإشاعات تبقى مجرد كلام بما أن وزارتي الخارجية والتجارة الدولية تأبيان "التعرف" على أي ملفات تتعلق بالزيارات التي تمت في عهد دوق يورك.

وإذا ما تعرضتا لضغوط مراجعات داخلية وتدخل مفوض المعلومات، اكتفتا بالكشف عن تفاصيل بعض زيارات المصانع، واستمرتا في الاختباء خلف سلسلة من استثناءات حرية المعلومات، لاسيما القسم 37: التواصل مع صاحب(ـة) الجلالة. كما أنه عندما تقدمت بطلب إلى وزارة الدفاع للحصول على ملف غير ذي أهمية كبرى في شأن تدريب الأمير أندرو على القفز بالمظلة عام 1978، قوبل بالرفض لأسباب تتعلق بإنفاذ القانون والأمن القومي واتباع مبادئ السلامة العامة.

وسبق وواجهت مثل هذه المشكلة أثناء كتابتي لسيرة كل من اللورد ماونتباتن ودوق وندسور. فالأوراق المتعلقة باغتيال مونتباتن منذ ما يزيد على 40 عاماً لا تزال إلى اليوم غير متاحة بحجة أن "التحقيقات في شأنه لا تزال مفتوحة"، مع العلم أن صانع القنبلة التي أودت باللورد دين ومكث وراء القضبان لحين إطلاق سراحه بموجب "اتفاق الجمعة العظيمة" عام 1998.

وإبان العام الماضي، التمست الاطلاع على ملف حماية أصدرته الشرطة عام 1932 بخصوص أمير ويلز آنذاك. ومع أن الأرشيف الوطني يزخر منذ 20 عاماً، بعشرات الملفات من هذا النوع وكلها يحتوي على معلومات مفيدة عن تحركات الأمير، إلا أن أياً منها لا يدلي بمعلومة سرية واحدة. فاليوم وبعد مرور 90 عاماً، ترفض شرطة العاصمة الكشف عن الملف على اعتبار أنه قد يهدد السلامة الحالية للعائلة المالكة ويعرضها للخطر.

ووسط تأييد مكتب مفوض المعلومات لهذا القرار، ارتأيت رفع المسألة إلى المحكمة. وهناك، سألني أحد القضاة عما إذا كنت سأقدم لهم نماذج عن ملفات حماية أخرى من تلك الفترة. وعندما سعيت إلى القيام بذلك، اكتشفت أن الملفات الـ20 التي أبرزتها في طلبي - التي كانت متاحة للرأي العام لأكثر من 20 عاماً وترددت على لسان عدد كبير من المؤرخين –سحبت بشكل غامض من الأرشيف الوطني.

ولكن كما قال النائب السابق نورمان بيكر عن الأرشيف الملكي في كتابه "وماذا تفعل؟ ما لا تريدك العائلة المالكة أن تعرفه" (And What Do You Do? What the Royal Family Don’t Want You to Know): "ليس هناك داع لإبقاء هذه المعلومات طي السرية. وإن كان العذر الطبيعي المعطى هو الحفاظ على كرامة العرش، فإن كرامة العرش في عدم تصرف أفراد العائلة المالكة بطريقة غير لائقة".

ومع بداية عهد ملكي جديد، أعتقد أن الوقت حان لزيادة الشفافية في ما يتعلق بالسجلات الملكية، بخاصة مستندات الأرشيف الملكي. وباتت الحاجة ضرورية إلى إجراء تحقيقات برلمانية في عجز السلطات العامة الحالية عن الالتزام بتشريعات حرية المعلومات، وفي طليعتها مكتب مجلس الوزراء، ولحث الجهة المنظمة لحقوق المعلومات على اتخاذ إجراءات أكثر صرامة في حق أية سلطة عامة تنتهك القانون.

إذا أردنا لتاريخنا أن يكتب بدقة وبصورة صحيحة، علينا أن نطلع على أغلبية السجلات ولا نكتفي بتلك التي تود لنا الدوائر الحكومية أو الأسر الملكية الاطلاع عليها.

© The Independent

المزيد من تقارير