Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الإيزيديون يخشون العودة إلى سنجار بعد 10 سنوات على مذبحة "داعش"

لا تزال المنطقة مدمرة إلى حد كبير والخدمات وإمدادات الكهرباء والمياه رديئة

بلدة سنجار في شمال العراق (رويترز)

ملخص

تعاني سنجار غياب أية صورة من صور التنمية، فيما لا يزال أكثر من 200 ألف إيزيدي في كردستان يعيش عديد منهم في مخيمات متهالكة.

كان فهد قاسم في الـ11 من عمره حينما أسره مسلحو تنظيم "داعش" في هجوم على الإيزيديين في منطقة سنجار بشمال العراق في أغسطس (آب) 2014.

كان الهجوم بداية لما أصبحت حملة ممنهجة لقتل واسترقاق واغتصاب آلاف الإيزيديين، مما أصاب العالم بصدمة وأدى إلى تشريد معظم أفراد هذه الأقلية الدينية البالغ قوامها 550 ألف نسمة. وأسر الآلاف وقتلوا في الهجوم الأول الذي انطلق مع الساعات الأولى من صباح الثالث من أغسطس.

ويعتقد أن كثيرين آخرين لاقوا حتفهم في الأسر. وفر الناجون إلى سفوح جبل سنجار، إذ ظل بعضهم لأسابيع بسبب حصار ضربه تنظيم "داعش".

وكان هجوم التنظيم المتطرف على الإيزيديين، وهم أقلية دينية قديمة تسكن شرق سوريا وشمال غربي العراق وتستمد معتقداتها من الزرادشتية والمانوية واليهودية والمسيحية والإسلام، في إطار جهوده لإقامة دولته.

وفي مرحلة ما، سيطر التنظيم على ثلث العراق وسوريا قبل أن تدحره قوات مدعومة من الولايات المتحدة وفصائل تدعمها إيران وينهار عام 2019.

العودة "مستحيلة"

ويعيش قاسم، وهو الآن في الـ21 من عمره، في شقة صغيرة على أطراف مخيم للاجئين في منطقة كردستان العراق بعيداً من مسقط رأسه. وتدرب وهو طفل على أن يكون جندياً وخاض معارك ضارية قبل تحريره مع انهيار التنظيم في الباغوز بسوريا عام 2019، لكنه كان قد فقد النصف الأسفل من ساقه في غارة جوية للقوات التي تقودها الولايات المتحدة. وقال "أنا أفضل أن أخرج من العراق"، موضحاً أنه ينتظر أنباء عن طلب تأشيرة إلى دولة غربية. وأضاف "بعد التعب الذي عشناه من المستحيل أن نبقى في مكان حدث فيه كل ما رأيناه عام 2014"، موضحاً أن أولئك الذين يعودون يقولون إنهم يخشون أن يحدث لهم الشيء نفسه الذي حدث عام 2014 مرة أخرى.

ويشارك كثر قاسم شعور الإحجام عن العودة نفسه. وبعد 10 سنوات على ما وصفته عديد من الحكومات ووكالات الأمم المتحدة بأنه إبادة جماعية، لا تزال منطقة سنجار مدمرة إلى حد كبير.

والمدينة القديمة في سنجار عبارة عن أكوام من الحجارة الرمادية والبنية، كما تحولت أماكن مثل قرية كوجو، إذ قتل المئات، إلى مدن أشباح متهدمة.

ويزيد من صعوبة العودة محدودية الخدمات وإمدادات الكهرباء والمياه الرديئة وشكوى السكان من التعويضات الحكومية غير الكافية لإعادة الإعمار.

 

صراع على السلطة

يزيد الوضع الأمني ​​من تعقيد الأمور، إذ بقيت مجموعة من الجماعات المسلحة التي قاتلت لتحرير سنجار في هذه الزاوية الاستراتيجية من العراق وتتمتع بالسلطة الفعلية على الأرض.

وذلك على رغم اتفاق سنجار لعام 2020 التي دعت مثل هذه الجماعات إلى المغادرة وإلى تعيين رئيس بلدية وتشكيل قوة شرطة من السكان المحليين.

وتشن تركيا ضربات متكررة بطائرات مسيرة على مسلحين متحالفين مع حزب العمال الكردستاني المحظور. وسقط قتلى من المدنيين في هذه الهجمات مما يعزز الشعور بعدم الأمان.

وتدافع آختين انتقام (25 سنة)، وهي قائدة في وحدات حماية سنجار التابعة لحزب العمال الكردستاني وهي إحدى الفصائل المسلحة في المنطقة، عن استمرار وجودهم هناك. وقالت، "نحن نسيطر على هذه المنطقة ونحن مسؤولون عن حماية سنجار من كل الهجمات الخارجية".

وفي حديثها من غرفة مزينة بصور زملائها الذين قتلوا، وعددهم يزيد على 150، شككت آختين في اتفاق سنجار. وقالت، "سنقاتل بكل قوتنا ضد كل من يحاول تنفيذ هذه الخطة. لن تنجح أبداً".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

جهود حكومية

ومع استمرار الجمود، تعاني سنجار غياب أية صورة من صور التنمية. وتتلقى الأسر العائدة مبلغ ثلاثة آلاف دولار تقريباً من الحكومة يدفع لمرة واحدة.

فيما لا يزال أكثر من 200 ألف إيزيدي في كردستان يعيش عديد منهم في مخيمات متهالكة. وتسعى الحكومة العراقية إلى تفكيك هذه المخيمات، وتصر على أن الوقت قد حان لعودة الناس إلى ديارهم.

وقال مستشار رئيس الوزراء العراقي لشؤون الإيزيديين خلف سنجاري "لا يمكنك إلقاء اللوم على الناس لفقدان الأمل. حجم الضرر والنزوح كبير للغاية وعلى مدار سنين لم يحدث شيء يذكر لمعالجته". وأوضح سنجاري، وهو إيزيدي، أن الحكومة مهتمة حقاً بتطوير سنجار.

وتخطط الحكومة لإنفاق مئات الملايين من الدولارات، بما في ذلك الموازنات التي لم تنفق منذ عام 2014، على التطوير والبنية التحتية، بما يشمل دفع التعويضات وبناء مستشفيين جديدين وجامعة وربط سنجار بشبكة المياه في البلاد للمرة الأولى. وأضاف سنجاري، "هناك أمل في إعادة الحياة".

عودة البعض

ومع ذلك فإن وجود ما يقدر بنحو 50 ألف عنصر من تنظيم "داعش" وعائلاتهم عبر الحدود في سوريا في مراكز احتجاز ومخيمات يثير المخاوف من أن يعيد التاريخ نفسه. كما أن مساعي بعض المشرعين العراقيين لإقرار قانون عفو ​​عام يمكن أن يؤدي لإطلاق سراح عديد من السجناء المنتمين لـ"داعش" من السجون العراقية يغذي هذه المخاوف.

وتوقفت مساعي الإيزيديين لتحقيق العدالة، إذ أنهت الحكومة هذا العام مهمة للأمم المتحدة سعت إلى المساعدة في تقديم عناصر التنظيم للمحاكمة بتهم ارتكاب جرائم دولية، مشيرة إلى عدم وجود تعاون بينها وبين البعثة. وعلى رغم التحديات، اختار بعض الإيزيديين العودة. فقرر فرهاد بركات علي، وهو ناشط وصحافي إيزيدي نزح بسبب "داعش"، العودة قبل سنوات عدة.

وقال من منزله في مدينة سنجار في ظل حر خانق ناجم عن انقطاع التيار الكهربائي، "لا أشجع الكل على العودة إلى سنجار، ولكنني لا أشجعهم أيضاً على البقاء في مخيمات النازحين". وأضاف "العيش في مسقط رأسك هو أمر يمكن للناس أن يفخروا به".

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير