Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

البيت الحمساوي يرتب أوراقه وهذه الأسماء المرشحة لخلافة هنية

سينحصر منصب رئيس المكتب السياسي للحركة بين خليل الحية وأسامة حمدان وزاهر جبارين ويحيى السنوار وموسى أبو مرزوق وخالد مشعل

من سيخلف إسماعيل هنية (اندبندنت عربية)

ملخص

قد يدفع استمرار سياسة الاغتيالات الإسرائيلية ضد قياديي "حماس" في الداخل والخارج، الحركة إلى التحول تدريجاً إلى العمل السري، لكنه لن يقضي عليها نظراً إلى ما تتمتع به من مكانة شعبية خاصة بعد أحداث السابع من أكتوبر.

عقب اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة "حماس" إسماعيل هنية، خرج إسرائيليون إلى الشوارع في عدد من المدن، وعلى نحو خاص في تل أبيب لتوزيع الحلوى ابتهاجاً باغتياله. فالحركة التي وجهت ضربة موجعة وقاسية إلى إسرائيل في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023 كانت منذ عقود ولا تزال بالنسبة إلى كثير منهم العدو اللدود، الذي أصبح يرسم تأثيراً كبيراً على الصراع الفلسطيني - الإسرائيلي.

وعلى رغم أن هنية الذي يعد أحد أبرز القادة في "حماس" صاحب دور محوري في مفاوضات التهدئة والجهود الساعية إلى وقف إطلاق النار مع إسرائيل، فإنه من غير المرجح وفقاً لكثير من التحليلات أن يؤثر اغتياله في الحركة وآلية اتخاذها القرارات الحاسمة خلال الفترة المقبلة، كيف لا و"حماس" معتادة على الغياب المفاجئ لقادتها جراء الاغتيالات الإسرائيلية، وتتميز بوفرة كوادرها وقياداتها، الذين تعمل على استبدالهم بسرعة كبيرة.

النشأة والتأسيس

خلال الانتفاضة الفلسطينية الأولى عام 1987، ومن رحم جماعة الإخوان المسلمين التي دخلت فلسطين في ثلاثينيات القرن الـ20، انطلقت حركة المقاومة الإسلامية واختصارها "حماس" على يد مؤسسها أحمد ياسين ورفاقه في قطاع غزة، وتمكن جهازها العسكري الذي عرف آنذاك باسم "المجاهدون الفلسطينيون" بقيادة صلاح شحادة، وجهازها الأمني "مجد - منظمة الجهاد والدعوة" بقيادة يحيى السنوار من تنفيذ بعض العمليات المسلحة، منها زرع العبوات الناسفة وإطلاق النار على دوريات الجيش الإسرائيلي.

 

 

إلا أنها تعرضت لضربات قاسية من إسرائيل بعد تأسيس جناحها العسكري الحالي المسمى "كتائب عز الدين القسام" عام 1990، إذ أبعد المئات من قادتها إلى لبنان، وتحديداً إلى منطقة مرج الزهور، إثر عملية خطف وقتل جندي إسرائيلي.

ومع تصاعد عملياتها المسلحة في الضفة الغربية وقطاع غزة واستهدافها عسكريين إسرائيليين، صنفت "حماس" جماعة إرهابية من قبل إسرائيل التي سعت بدورها إلى تصفية قيادتها واعتقال كوادرها سنوات طويلة.

عارضت الحركة اتفاقية أوسلو عام 1993 بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية تحت زعامة ياسر عرفات، وأعلنت استمرار عملياتها داخل إسرائيل، ورفضت في عام 1996 المشاركة في الانتخابات التشريعية والرئاسية في مناطق السلطة الفلسطينية، مبررة ذلك بأن السلطة التي شكلت بموجب أوسلو كانت تعمل تحت إشراف وقيود تلك الاتفاقية.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ومع اندلاع الانتفاضة الثانية في سبتمبر (أيلول) من عام 2000، انضمت "حماس" بقوة إلى المواجهات وشاركت في تنفيذ عمليات مؤثرة ضد إسرائيليين، من بينها هجمات تفجيرية في نتانيا وتل أبيب والخضيرة، مما أدى إلى مقتل وإصابة العشرات منهم.

وفي عام 2001 وبعد أن قادت "حماس" جهوداً هائلة لتعزيز قدراتها العسكرية والأمنية والاستخباراتية، نجحت في إطلاق أول صاروخ محلي الصنع بمدى يصل إلى أربعة كيلومترات، مما دفع إسرائيل إلى تكثيف سياسة الاغتيالات ضد قادتها ونجحت في تصفية غالبية المؤسسين للحركة، مثل الشيخ أحمد ياسين وعبدالعزيز الرنتيسي وإسماعيل أبو شنب وسعيد صيام وصلاح شحادة وإبراهيم المقادمة وجمال منصور وجمال سليم وغيرهم.

 

 

وفي العام التالي، الذي قررت فيه إسرائيل الانسحاب بصورة أحادية من قطاع غزة بموجب خطة أعلن عنها رئيس الوزراء الإسرائيلي آنذاك أرييل شارون، فازت "حماس" في انتخابات المجلس التشريعي الفلسطيني عام 2006 بغالبية كبيرة، إلا أن هذا الفوز الذي أقصت فيه حركة التحرير الوطني الفلسطيني "فتح" عن تصدر المشهد الفلسطيني لعقود طويلة، وشكلت حكومة برئاسة إسماعيل هنية، أثار ردود فعل متباينة. فرفضت الولايات المتحدة التي تعدها "منظمة إرهابية" والسلطة الفلسطينية مواصلة التعامل مع حكومة تديرها "حماس"، وطالبتاها بالتخلي عن السلاح والاعتراف بإسرائيل، مما أجج توتر العلاقات بين "حماس" و"فتح" وتصاعد المواجهات بينهما، مما أدى إلى انقلاب الأولى على السلطة الفلسطينية وانفرادها بالسيطرة على قطاع غزة، مما دفع إسرائيل عام 2007 إلى فرض حصار مشدد على القطاع ما زال مستمراً حتى اليوم.

ثقل تنظيمي

وفق صحيفة "نيويورك تايمز" كان هنية، الذي اغتيل في العاصمة الإيرانية طهران، الشخصية الأبرز التي تدير العلاقات الدولية لـ"حماس"، وأحد الوجوه الأكثر شهرة في الحركة على مستوى العالم، وبحسب ما يوضح محللون وخبراء لـ"اندبندنت عربية" لن تتأخر "حماس" كثيراً في اختيار الاسم الذي سيخلف هنية في منصب رئيس المكتب السياسي للحركة.

 

 

ويستندون في ذلك إلى قدرتها العالية في التعاطي مع سياسة الاغتيالات منذ نشأتها، فقد تم تنصيب الرنتيسي بعد 24 ساعة من اغتيال إسرائيل مؤسس الحركة أحمد ياسين عام 2004. وحسب النظام الأساس للحركة فإن أعضاء مجلس الشورى المركزي (أعلى هيئة تشريعية في الحركة)، الذي يضم نحو 50 عضواً، من بينهم أعضاء المكتب السياسي المركزي للحركة في كل من غزة والضفة الغربية والشتات، هم من ينتخبون الرئيس إلى جانب اللجنة التنفيذية (أعلى هيئة سياسية في الحركة) التي تتكون من 18 عضواً بواقع ستة أعضاء من كل إقليم.

كما أن النظام الأساس في "حماس" يفترض أن كل رئيس منطقة يعد نائباً لرئيس الحركة سياسياً، وعليه قد تتجه قيادة "حماس" وفقاً لمحللين، إلى الاختيار بين خالد مشعل رئيس حركة "حماس" في الخارج أو يحيى السنوار رئيس الحركة في قطاع غزة أو زاهر جبارين، الذي يتولى حالياً قيادة "حماس" في الضفة الغربية، لتولي منصب رئيس المكتب السياسي.

وعلى رغم صعوبة التنبؤ بمن قد يخلف هنية في الوقت الراهن يرجح كثر تكليف مشعل (67 سنة) لقيادة مرحلة موقتة، إلى حين انتهاء الحرب في غزة وإجراء الانتخابات التي تتم كل أربع سنوات، وتكون في المناطق التنظيمية، وكان آخرها عام 2021 حين نصب إسماعيل هنية رئيساً للحركة.

 

 

ويرى مراقبون أن قيادة مشعل للحركة في الخارج وثقله التنظيمي في رئاسة المكتب السياسي لـ"حماس" بين أعوام 1996 و2017 يعزز من فرص ترشيحه مجدداً خلفاً لهنية، فالسنوار المختفي عن الأنظار منذ بداية الحرب منشغل في إدارة المعركة عسكرياً داخل قطاع غزة، وجبارين يترأس مكتب الضفة خلفاً لصالح العاروري الذي اغتالته إسرائيل في مطلع يناير (كانون الثاني) من العام الحالي في بيروت.

كما أن مساعي "حماس" إلى أن يكون رئيسها موجوداً خارج المناطق الفلسطينية يلعب عاملاً مهماً في الاختيار، لتسهيل مهام تنقله ومشاركاته الخارجية في الزيارات التي تنظمها الحركة لعديد من الدول، والمشاركة في المؤتمرات أو الاجتماعات واللقاءات التي لها علاقة بالملف الفلسطيني، وعلاقات الحركة الخارجية، مما يرجح اختيار مشعل لهذا المنصب كونه يقيم في قطر منذ سنوات عدة.

نخبة سياسية

فيما يعد مشعل الأقرب إلى خلافة هنية في منصب رئيس المكتب السياسي لحركة "حماس"، ينافسه بقوة على هذا الدور كل من خليل الحية (64 سنة) نائب رئيس الحركة في قطاع غزة، وأسامة حمدان عضو في المكتب السياسي للحركة وممثلها في لبنان ومسؤول العلاقات الدولية فيها، وموسى أبو مرزوق، وهم من أبرز وأهم القادة المخضرمين لحركة "حماس" وأكثرهم تأثيراً.

والحية الذي ينحدر من غزة ويعيش في المنفى، يراه كثر مثل هنية متوازناً ومرناً وله علاقات دولية مهمة وعلاقات جيدة مع الجناح العسكري وكذلك مع إيران وتركيا و"حزب الله"، كما ترأس وفداً ذهب إلى سوريا في عام 2022 لتوطيد العلاقات.

في حين يلعب حمدان دوراً كبيراً في فترة الانتقال الحالية نظراً إلى علاقاته القوية في المنطقة بخاصة مع إيران الداعم الأول للحركة. وعلى رغم أن أبو مرزوق يعد أقل بروزاً مقارنة بالمرشحين الآخرين، فإنه يظل ضمن الشخصيات المحتملة لتولي قيادة "حماس" نظراً إلى دوره السابق في رئاسة الحركة بين 1992 و1996 إضافة إلى علاقاته المتنوعة.

 

 

ويرى آخرون أن القيادي زاهر جبارين، عضو المكتب السياسي ونائب رئيس حركة "حماس" في الضفة الغربية، من بين المرشحين الأوفر حظاً لقيادة موقتة إلى حين إجراء انتخابات لقيادة الحركة خلفاً لهنية، فهو إلى جانب أنه من مؤسسي جناح "حماس" العسكري ولعب دوراً بارزاً في تجنيد الطلبة الجامعيين في صفوفها، يتولى أيضاً مسؤولية ملف الأسرى في الحركة.

شعبية كبيرة

في المقابل، قد يدفع استمرار سياسة الاغتيالات الإسرائيلية ضد قياديي "حماس" في الداخل والخارج، الحركة إلى التحول تدريجاً إلى العمل السري، لكنه لن يقضي عليها نظراً إلى ما تتمتع به من مكانة شعبية بخاصة بعد أحداث السابع من أكتوبر 2023.

ويظهر استطلاع للرأي أجراه مركز العالم العربي للبحوث والتنمية (أوراد) في رام الله في مايو (أيار) الماضي، أن 55 في المئة من الفلسطينيين في الضفة والقطاع لديهم مشاعر "إيجابية" تجاه دور "حماس"، كما أظهرت النتائج أن أكثر من 70 في المئة من الفلسطينيين يعتقدون أن "حماس "على حق في هجماتها.

وفي الاستطلاع الذي أجراه المركز في يونيو (حزيران) الماضي، أيد 73 في المئة بالضفة الغربية قرار "حماس" بالهجوم، في حين أشار استطلاع آخر لمركز خليل الشقاقي الفلسطيني للبحوث السياسية والمسحية، في يونيو الماضي، إلى أن ما يقارب نصف سكان غزة (46 في المئة) يفضلون بقاء سيطرة "حماس" على غزة بعد الحرب.

وتجمع مراكز بحثية فلسطينية وعربية أن أحد التفسيرات لهذا الدعم والشعبية لـ"حماس" هو الإجماع الكبير من قبل الفلسطينيين على أن أحداث السابع من أكتوبر 2023 أحيت الاهتمام الدولي بالصراع الإسرائيلي - الفلسطيني، وأنه يمكن أن يؤدي إلى زيادة الاعتراف بالدولة الفلسطينية.

في المقابل، قالت المديرة المشاركة لحركة الأرض للجميع رولا حردال، في حديث مع صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية إنه "على رغم الدعم الكبير الذي ما زال سكان الضفة الغربية يظهرونه، فإن الأمر لا يعني أنهم يحبون (حماس)، بل هو العجز". وأضافت "تمثل (حماس) للفلسطينيين ما يحلمون به من الكرامة والتحرر وإنهاء الاحتلال، على النقيض من أولئك الذين ليس لديهم رؤية سياسية". وتشير إلى أن السبب الثاني هو الكراهية المطلقة للرئيس الفلسطيني محمود عباس والسلطة الفلسطينية.

وذكرت صحيفة "الغارديان" البريطانية في مايو الماضي أن هجمات المستوطنين الإسرائيليين واعتقال إسرائيل للفلسطينيين في الضفة الغربية يخلق مناخاً من الخوف وانعدام الثقة في حركة "فتح" الحاكمة، مما يسلط الضوء على عجزها عن حماية الفلسطينيين ويغذي شعبية "حماس".

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير