ملخص
توقعت الحكومة الكويتية انخفاض الإيرادات النفطية بـ 19.5 في المئة إلى 56 مليار دولار.
لم تكد الكويت تعين وزيراً جديداً للمالية حتى بدأت الإشاعات تنتشر حول الملفات العالقة في الوزارة، وعلى رأسها فرض الضرائب.
واضطر الوزير فهد الجار الله إلى إصدار بيان صحافي يؤكد فيه أنه لا نية لدى الحكومة لزيادة الأعباء المعيشية على المواطنين بهدف زيادة الإيرادات غير النفطية، نافياً الإشاعات عن تطبيق ضريبة القيمة المضافة أو الضريبة الانتقائية كحل لتنويع الاقتصاد.
تنويع الاقتصاد
وتواجه الكويت معضلة في تنويع اقتصادها بعيداً من النفط كما تعمل الدول الخليجية الأخرى، وقد تأخرت في اعتماد الضريبة المضافة وضريبة الدخل إذ تواجه رفضاً شعبياً ينعكس في البرلمان الذي يجب أن يوافق على قوانين الضرائب لتصبح نافذة.
وشهدت البلاد رد فعل كبير بعد تسرب تقارير صحافية تفيد أن الحكومة تنوي تمرير قوانين إصلاحية مهمة وعلى رأسها تطبيق ضريبتي القيمة المضافة والانتقائية، إضافة إلى قانون الدين العام، إذ تبع ذلك عاصفة من تصريحات لبرلمانيين انتقدوا الخطوة ولوحوا باستخدام أدواتهم النيابية في مواجهة الوزير.
حسبة بسيطة
وتعاني الموازنة الكويتية عجزاً متواصلاً منذ عام 2014، ولم تشهد فائضاً سوى في الحساب الختامي للعام المالي 2022 - 2023، بينما تتوقع الحكومة العودة للعجز مرة أخرى وفق تقديراتها للسنة المالية الحالية.
وأحد أكبر أسباب العجز هو وجود مصاريف ضخمة على الرواتب وبرامج الدعم وخلوها من إيرادات الضرائب، فموازنة الكويت في صورتها الأولية بسيطة ولا تحمل تعقيدات، إذ إن 87 في المئة من إيرادات الدولة نفطية، وعلى الجانب الآخر تستحوذ الرواتب والدعم على أكثر من 80 في المئة من إجمال المصروفات، وتؤدي هذه المصاريف المرتفعة الثابتة إلى إحداث عجز في الموازنة مع انخفاض أسعار النفط وإيراداته، كما تكمن المشكلة الرئيسة في أن الرواتب تعاني تزايداً دائماً.
موازنة تتوقع عجزاً
ففي الموازنة التقديرية للعام المالي 2023 - 2024 الذي ينتهي في الـ 31 من مارس (آذار) 2024، توقعت الحكومة انخفاض الإيرادات النفطية 19.5 في المئة إلى 17 مليار دينار (56 مليار دولار) من إجمال الإيرادات المتوقعة والبالغة 19.5 مليار (63 مليار دولار).
وفي المقابل توقعت الموازنة زيادة الرواتب 13.3 في المئة إلى نحو 15 مليار دينار (49 مليار دولار)، علماً أن مصروفات الدعم تبلغ 6 مليارات دينار (19 مليار دولار) من إجمال مصروفات تقديرية عند 26.2 مليار دينار (85 مليار دولار).
وعلى هذا الأساس توقعت الموازنة عجزاً للسنة المالية الجارية بنحو 6.8 مليار دينار (نحو 22 مليار دولار) تعادل 13 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي.
أزمة سيولة
وتكمن مشكلة العجز التي تواجه الكويت في عدم وجود سيولة كافية لتغطية هذا العجز في صندوق الاحتياط العام، فهذا الصندوق مهمته الاحتفاظ بالسيولة خلال سنوات الفوائض المالية، وبسبب طول سنوات العجز فقد تم إفراغ نسبة كبيرة منه.
وكان بالإمكان الذهاب لسيناريو الاقتراض لتغطية العجز بدلاً من سحب الفوائض كما فعلت دول الخليج على سبيل المثال خلال السنوات الماضية عندما كانت الفوائد منخفضة بالأسواق، إلا أن الكويت أضاعت هذه الفرصة كما يتفق كثير من الاقتصاديين.
وكان السبب في اللجوء إلى الصندوق وعدم إصدار السندات هو انتهاء العمل بقانون الدين العام في أكتوبر (تشرين الأول) عام 2017، ومعارضة البرلمان تمرير قانون جديد للاستدانة الحكومية من الأسواق.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ولم يتبق في صندوق الاحتياط العام الذي تديره الهيئة العامة للاستثمار سوى 8.2 مليار دينار (26 مليار دولار) بنهاية السنة المالية 2021 - 2022 وفقاً لتقرير ديوان المحاسبة، وهو ما يكفي لسد عجز السنة المالية الحالية وحسب، وفق تقديرات الموازنة للعام المالي الحالي.
وعلى مدى الأعوام الماضية لم تتخذ خطوات إصلاحية في ظل نقص السيولة سوى وقف استقطاع 10 في المئة من الإيرادات لمصلحة صندوق احتياط الأجيال القادمة الذي يبلغ إجمال أصوله نحو 850 مليار دولار، بحسب تقديرات معهد صناديق الثروة السيادية، بغض النظر عن تحقيق عجز أو فائض.
الإنفاق الاستثماري
وفي ظل موازنة متخمة بالمصروفات المتزايدة وإيرادات تخضع لتذبذب أسعار النفط العالمية، تواجه الكويت مشكلة في تخصيص أموال كافية للإنفاق الاستثماري الراكد منذ أعوام طويلة، وقد تراجعت تقديرات الإنفاق الاستثماري الحكومي في الموازنة التقديرية للعام الحالي بأكثر من 15 في المئة إلى 2.5 مليار دينار (8 مليارات دولار).
وتحاول الكويت اليوم إطلاق صندوق سيادي أشير إليه في الخطة الحكومية للأعوام الأربعة خلال الفترة بين عامي 2023 و2027، إذ يتركز دور الصندوق في تمويل المشاريع التنموية من خارج الموازنة.
وتحاول الكويت من خلال الصندوق إعادة توجيه جزء من الأموال المستثمرة في الأسواق العالمية إلى السوق المحلية، لكن تاريخ الخطط في الكويت ينذر بصعوبات وتحديات كثيرة، وقد وصف وزير النفط الحالي سعد البراك "رؤية الكويت 2035" قبل أسابيع خلال إحدى جلسات مجلس الأمة لمناقشة الموازنة بأنها ساكنة ولم تتخذ أي من الحكومات السابقة منذ إطلاقها أية خطوات لتنفيذها.